مدينة بوميروي غير تقليدية وصغيرة

يتميز الطريق رقم 21 في واشنطن، بوجود البراري الذهبية الطويلة من القمح، التي تمتد على جانبي الطريق، وتقع في الجهة المقابلة للجبال الأروغوانية البعيدة، إضافة إلى مزارع مهجورة على بعد أمتار هزيلة الهيكل، تركها أصحابها روحلوا عنها إلى كاليفورنيا أو سياتل.

وهناك بعض المدن لم تعد مأهولة ولا تدب فيها الحياة، لكن مدينة بوميروي التي تقع في الجنوب الشرقي من الولاية لا يزال بها بريق من الأمل، حيث توجد مكتبة كبيرة، يقسم مالكها جون أن الأمور ستتغير، وبشأن البحث عن مدينة غير تقليدية صغيرة في أميركا تتمتع بالمتاجر الصاخبة والمقاهي ومدينة بها كثير من الشباب والعاطفة المشتركة في الخارج، إضافة إلى المكتبات الودية مثل مكتبة السيد جون.

وأضاف جون "بالنسبة لي كانت هذه المدن موجودة عندما كانت أميركا في أفضل حالاتها، إنها الحلم الأميركي الجديد ويبدو من المناسب أنني أفعل ذلك وسط معركة انتخابية شرسة بين رؤيتين مختلفتين جدًا من أميركا، ويقسم بوميروي تتجه نحو تحقيق النجاح ولكن بعد إلقاء نظرة حول المدينة يمكنني رؤية أنه لم يفز احد في المعركة بعد وربما يمكنني أن أطلق هذا على بوميروي". أما فيما يخص المدن غير التقليدية البديلة في أميركا فلقد قضيت العام الماضي أجمع قائمة للأماكن المحتملة، وبعدها اكتشفت مادة غنية للنقاش عبر الإنترنت فزادت قائمتي بشكل غير منتظم لتغطي كل ولاية في الاتحاد، ولكن الأماكن البارزة كانت في المنطقة الشمالية الغربية حيث شمال كاليفورنيا وأوريغون وايداهو وواشنطن، وكانت المنطقة مثيرة بشكل واضح بالنسبة للناس الذين أرادوا المزيد من الحياة، يمكنهم شراؤه من وول مارت، ورسمت خطوط على أطلس الطريق وخفضت من المدن الموجودة في القائمة مثل بورتلاند وسياتل فهما كبيرتان ومعروفتان، وتوجهت إلى سان فرانسيسكو على متن طائرة وذهبت في اتجاه الشمال على الطريق 101.

وتابع "كانت أول ليلة قطعتها تبعد عن بينيو إن وعلى مقربة من غاربرفيلي على أعتاب مدينة تتميز بالخشب الأحمر وفي صباح اليوم التالي تنوات فطوري في وود روز كافيه، وقررت أن جميع المدن تحتاج لمثله فهو مكان صغير لتناول الطعام للحطابين، وسألت شخص بجواري "لكن لماذا؟" حيث كان يجلس الكثير من الشباب يعزفون الغيتار عند محطة الوقود، ولوحة من الكرتون مكتوب عليها "أعمل حديقة مطلوبة" وكما أخبرني الرجل "هذا نوع خاص من أعمال الحديقة يريدونه" وهو يغمز بعينه، وأوضح أن غاربرفيلي هي عاصمة ثقافة الماريغوانا في كاليفورنيا معلقًا "البستنة هنا بمثابة جنة لمدخني المخدرات".

وواصل "لم تكن الأعشاب من بين قائمتي لمتطلبات المدينة الفاضلة الجديدة بل مكتبة لائقة وهي مكان مفضل يمكنك أن تظل فيه لساعات مع دليل جيد لمدن الأشباح الأميركية فـأنا أحبها وبعد كل شيء فهي الظلال خلف هذه الأماكن المتجدده ، وتمتلك غاربرفيلي مثل هذه المكتبة (تايجر ليلي بوكس) لكن الجاذبية الحقيقية للمدينة تكمن في الشمال، إضافة لما يعرف بجادة العمالقة.
والوجود الفعلي الطاغي لغابات الخشب الأحمر، يعدّ أمرًا مثيرًا للصدمة فتخيل أنك تشق طريقك بين مليون بيج بينز تقف على بعد أقدام، وفي شمال غاربر فيلي توجد كنيسة قاتمة عميقة من الأشجار بينها طريق سريع، وبعدها ذهبت إلى أوريكا وهي مدينة ساحلية معروفة بمأكولاتها البحرية والطراز المعماري الفيكتوري، وأقمت في كارتر هاوس إن وهو واحد من أقدم وأروع المباني.

وأوريكا المهجورة منذ ذلك الحين لكنها لاتزال تتمتع بالحواف الملونة، التي تعود بذاكرتك إلى الماضي، وفي حانة سبيك إيزي وفي ذلك الماس سمعت حكايات عن رؤية ذو القدم الكبيرة والأشجار الوحشية وحصلت أوريكا على علامة كبيرة من بين المدن الموجودة في القائمة فقد كانت منافس. وبعدها توجه جون إلى الشمال مرة أخرى وتوقف على الطريق الساحلي الضيق الذي ينخفض وينحني على طول المنحدرات حيث الإطلالات الخلابة على الساحل، حتى وصل إلى ترينيداد وهي بلدة ساحلية صغيرة ومن دون شك فهي قاعدة جيدة لاستكشاف هذا الجزء من ساحل المحيط الهادي، وعبرت إلى ولاية أوريغون على الطريق السريع رقم 199 وهو واحد من بين 120 شارع جانبي يتمتع بمناظر خلابة في الولايات المتحدة.

وكان هدفه في تلك الليلة هو بيت الشجرة وهو كيف جانكشن حيث المبيت والإفطار ولكن الوصول لهذا المكان بعد حلول الظلام حيث توقف الجي بي إس والهاتف أيضًا لسبب غير مفهوم، فتوجهت لحطة وقود ووجدت نفسي أعرف التوجيهات من عملاء لهم وشم تحت العين على هيئة دمعة واحدة وتبدو علامة من قاتل ولا أزال أتذكرها وأشعر وكأنني تجولت في فيلم "كوين براذرز" وبعد 4 ساعات استكشفت كل الطرق غير الآهلة لأميال وأخيرًا ذهبت إلى تري هاوس بارادايس (غرفة لفردين مقابل 350 دولار) وعرفت الطريق  بواسطة كشاف كهربي وهو ما أثبت أنه مغارة فاخرة.

واستطرد جون حديثه "استيقظت عند الفجر على صوت انزلاق لأرى ثلاثة غزلان يطاردون بعضهم البعض حول قاعدة الشجرة، وكان يتم طهي الإفطار في أسفل البيت الرئيسي للمالك فيل وأخبرني "جئت إلى هنا من جنوب كاليفورنيا قبل 38 عامًا" وأضاف "نشأنا على ركوب الأمواج والتسلق والصيد ولكن اشتد الزحام بعد ذلك ولن أعود مرة أخرى"، وكان فيل وزوجته جودي قد شيدا هذا المعزل المثالي بعد وصولهما ومن بعدها قررا عدم إطلاق النار على أي شيء بأرضهم ما جعلها سرعان ما تحولت لملاذ للحياة البرية والطيور.

وأردف "بعدها قدت من خلال منحنيات كبيرة متجهًا إلى ولاية إيداهو، ووقفت لفترة طويلة متعجبًا من منظر الجبال فلقد أحببت ستانلي وهو عبارة عن جبل عميق على شكل أسنان المنشار "ساوتوث" وخاصة فندق فندق ساوتوث (يبدأ سعر الغرفة من 70 دولار) لكن ستانلي تعاني من قسوة الشتاء وحتى في الشتاء كانت الليالي في غاية الصقيع، وقطعت بعدها الطريق إلى الشمال الغربي استمتع في الينابيع الساخنة سنبيم و كيرخام الموجودة على جانب الطريق، وبعدها مررت بهيلز كانيون لأصل إلى جوزيف وهي أحد أكثر المدن تنافسًا في ولاية أوريغون على لقب المدينة غير التقليدية البديلة، وقد أعادت المدينة تجديد نفسها باعتبارها مدينة الفنون مع تخصصها في صب البرونز، وبتجولي حولها لاحظت وجود فرن كبير للبيتزا ومن هنا فالمكتبات ومقهى ريد هورس والبيتزا جميعها تعد علاجًا حقيقيًا كما رأيت غزلان تتمشى برفق عبر المروج ومركز للزوار ودي للغاية وأخبروني "ارتفاع جيد أكثر من هوريكان جريك" وأضافوا "يقول الأهالي أن هناك كابينة من الذهب موجودة في الأعلى ولا تزال هناك ولم ينقل أحد شيئًا".

واختتم حديثه "كانت محطتي التالية في بيلينجهام بالقرب من الحدود الكندية فلقد عبرت الولايات المتحدة لكنني لا زلت لا أجد الكمال التام حتى الآن وبينما أنا في طريقي كانت توجد ملصقات للمرشح الرئاسي ترامب ولا يوجد شيء لهيلاري كلينتون، أما المكان الذي أقمت فيه  "تري فيروج نايت إن"  (غرفة لفردين مقابل 100 دولار) وكان لدي شعور صحيح فقد كانت جميع البيرة ممتازة وكذلك التايكون، ومع ذلك فقد كانت بيلينجهام مكان كبيرًا ليحصل على هذا اللقب،

وفي اليوم التالي عاودت أدراجي عائدًا إلى الجنوب عبر الجسر إلى أناكورتس على جزيرة فيدالجو، والحقيقية أن أناكورتس لم تكن من بين قائمتي لكنني أحببت الاسم فقط  بمجرد رؤيته، وأي مدينة يكون لديها سفن كبيرة على الشاطئ لا يمكن أن تكون سيئة بالإضافة أن لديهم مكتبات ومقاهي وبيانو مجاني على نواصي الشوراع  أما أكثر ما يميز أناركوس هو عندما رأيت أعدادًا كبيرة من دلافين الأوكرا في الخليج، وبدأ الوقت ينفد ولم يكن أمامي سوى وجهة واحدة متبقية لذا ذهبت إلى الغرب إلى شبه الجزيرة الأوليمبية. ومكثت في بورت تاونسند ونزلت من القارب ومشيت حول المدينة حيث وجدت المقاهي والحانات والمكتبات والمعمار الهندسي العظيم بالإضافة إلى المحيط والجبال، كل المقومات كانت موجودة في هذه المدينة لكن لم يعد لدي وقت فمعاد عودتي في اليوم التالي.  

وكان أوسكار وايلد الذي يعرف كل شيء عن القصائد الرعوية المفقودة، أعلن أن الناس الذين وجدوا الجنة دائما ما كانوا يفعلون الشئ ذاته "يبحرون". وفي آخر صباح له تجول وصولًا إلى بورت تاونسند حيث ساحة عمل مشغولة مع مقهي كبير، وهو بلو موس وجلس بجوار جدار وشاهد نبض الحياة في المكان من خلال رجال ونساء يعدون السفن من أجل الرحلة الكبيرة المقبلة.