بلديَّة شطايبي السِّياحيَّة في عنابة الجزائريَّة

تقع بلدية شطايبي في قلب عنابة الجزائرية، وسط طبيعة عذراء، يحتضنها البحر، والغابات الخضراء الممتدة عبر سلسلة الإيدوغ، تتوفر على إمكانات سياحية هائلة، أهلَّت المنطقة؛ لأن تكون أرقى واجهة سياحية في العالم.
وعانت في السنوات الأخيرة كثيرًا من همجية الإرهاب، وهي الآن منطقة غارقة في صمت وعزلة منقطعة عن العالم الخارجي، ومُتخلِّفة اقتصاديًّا واجتماعيًّا وثقافيًّا بعشرات السنين.
والشطايبي عبارة عن منطقة معزولة عن عنابة، وللوصول إليها لابد من قطع أكثر من 65 كيلومترًا، عبر بلديتي؛ برحال، والتريعات، أما غربًا فتحدَّها بلدية المرسى في محافظة سكيكدة، وشرقًا مناطق سرايدي، ووادي العنب.
وأول الصعوبات التي واجهناها خلال زيارتنا لتلك الرقعة السياحية، هو انعدام وسائل النقل من وإلى شطايبي، واضطررنا بعد انتظار أكثر من 3 ساعات إلى الاستنجاد بحافلة صغيرة، واقتربنا من صاحبها الذي طلب سعرًا مرتفعًا.
وبعد وصولنا عرفنا سبب ذلك، فالطريق المؤدي بدأت تظهر فيه "مطبات" خطيرة، وسط تضاريس وعرة، وغابات كثيفة، في اتجاه قرى العزلة، والصقع، والزاوية، وعند وصولك إلى بلدية شطايبي، تدرك مباشرة أنها منطقة زراعية، بسبب الأراضي والحقول المحيطة بها، بالإضافة إلى قطعان الماشية والأبقار المنتشرة هنا وهناك، ويبقى هذان النشاطان مصدر الرزق الوحيد لسكان المنطقة.
وتزخر مدينة شطايبي بمعالم سياحية عدة، منها؛ رأس الصيد، التي تبعد بحوالي ميلين عن شاطئ عين الرومان، وهي عبارة عن تمثال صخري نحتته أمواج البحر، ومع مرور الزمن تشكَّل في هيئة "رأس أسد"، تقابله في الجهة الغربية صخور جبلية من الغرانيت، نحتتها أمواج البحر، فخرجت في شكل 7 مغارات صغيرة، مرتبطة ببعضها البعض، حيث تزورها الطيور المهاجرة في الشتاء والصيف.
أما في أعالي الجبال، تقابلك جزيرة "قلقميس"، وهو المكان الذي رافق تاريخ المدينة، وأصبح اليوم مقصدًا لآلاف السياح الأجانب، وغير بعيد عن تلك اللوحات الأثرية جزيرة كهف عُمر، التي لا تبعد إلا بعض الأميال عن شاطئ الرمال الذهبية، في تلك الجزيرة التي ينتقل إليها أهالي شطايبي، بواسطة قارب تقليدي من أجل الالتقاء بالأصحاب والجيران، حيث يقيمون حفلات الزواج التي تستمر حتى الصبح، وتتشكَّل لوحة فنية تنفرد بجمال ساحر تتعانق فيه نسمات البحر التي تداعب في سحر أخّاذ أشجار الجوز والسرو، حيث توفر الدفء للقوارب الراسية.
ويُعد باطن أرض شطايبي ثروة غنية، يخفي كنزًا سياحيًّا، ولوحة مظلمة تضيئها أضواء البواخر الآتية ليلًا إلى الميناء، كما تمتد على مقربة من خليج "تقرن"، وهو عبارة عن خليج جمعت فيه الحصى والحجارة الصغيرة، وكذلك سيدي عكاشة، وهي الزاوية العتيقة المضاءة باللؤلؤة الساطعة المحاطة ببساتين النخيل، وغابات التوت، والتي لا تزال مركز إشعاع ديني ومحجًا يقصده عشرات ومئات العائلات للتبرك به، وتحاط بها مباني طوبية، تحتفظ بطابعها العمراني، صنعت أسقفها بسعف النخيل، والقش، وتوفر جوًّا باردًا، ينعش العائلات التي تقطن في تلك السكنات صيفًا".
يذكر أن منطقة الخليج الغربي في شطايبي، تنفرد بأجمل المواقع، حيث يتمتع الأهالي بمنظر طلوع الشمس وغروبها من الموقع ذاته، وعليه فأكَّدت منظمة "اليونسكو" على "الاعتناء بذلك المنتجع السياحي، والارتقاء به إلى المرتبة الأولى عالميًّا، فشطايبي تكمل اللوحة الزيتية التي رسمت بتمازج كل الألوان والمواقع الأثرية على الأرض".
ولكن رغم تلك المقومات الطبيعية الهائلة يبقى التهميش والإهمال يطال تلك المنطقة التي تغنّى بها الشاعر العراقي ذو النون لأطرقجي، حيث قال؛ شطايبي شطر في السيف ذهبي..من جنتك ينمو في أعماق الشجر، ويقصد الشاعر، أن شطايبي أروع الشواطئ في الجزائر، ولكن في الواقع تحتاج إلى برامج تنموية تنهض بالسياحة الجبلية.
ويقصد تلك المنطقة السياحية ذات الطابع الزراعي والرعوي الآلاف من الزوار والسياح الأجانب، لاسيما وأن منطقة شطايبي تحتضن زاوية سيدي عكاشة التي يحتفل بها سنويًّا أهالي المنطقة، حيث تتحول إلى محج حقيقي لأهل الذِّكر والقرآن، مما يزيدها حركية ونشاطًا واسعًا.