أعمال شغب وحرق بعض المقار الحكومية في الأردن
أعمال شغب وحرق بعض المقار الحكومية في الأردن
عمان ـ أسامة الرنتيسي
اندلعت أعمال شغب وحرق بعض المقار الحكومية جنوب الأردن، الخميس، احتجاجًا على نتائج الانتخابات التشريعية، التي أظهرت مؤشراتها الأولية اكتساح "الوسطيين والمعتدلين البرلمان الجديد"، وفيما ردت قوات الأمن بإطلاق الغاز المسيل للدموع في مواجهة المعترضين، قُتِل مواطن ابتهاجًا بفوز مرشحه
. وفي حين اعترض مرشحون على ما وصفوه بـ"التجاوزات الخطيرة"، أكد "إسلاميون" وعدد من الحراكات الشبابيّة والشعبيّة، على "تنظيم مسيرة إلى مجلس النواب، تحت عنوان "جمعة إسقاط مجلس النواب السابع عشر".
وحسب مصادر مطلعة، فإن "المحتجين أحرقوا جزءًا من مديرية الزراعة، وسيارة تابعة لها، وكذلك الطابق الأول من مبنى مديرية التربية والتعليم، ومدرسة الإسكان للبنين في المحافظة، بينما ردت قوات الأمن الأردنية بإطلاق الغاز المسيل للدموع".
وأصيب العديد من الأشخاص، بينهم رجال أمن، بجروح في أعمال الشغب وقعت إثر ظهور النتائج الأولية للانتخابات في لواء المزار الجنوبي، جنوب العاصمة عمان، فيما قالت مصادر أمنية إنها "استخدمت الغاز المسيل للدموع للسيطرة على المحتجين على نتائج الانتخابات في منطقة فقوع في محافظة الكرك".
في السياق ذاته، علِقَت مئات السيارات على مثلث المحمدية الواقع على الطريق الصحراوي، القريب من محافظة معان، على خلفية إحراق شبان محتجين على نتائج الانتخابات الإطارات وقذفوها في الشارع العام، وأغلقوا الطريقين المتجهين من والى العقبة، فيما أطلقوا الأعيرة النارية في الهواء، لتخويف المارين.
واحتج مرشحون على ما اعتبروه تجاوزات، خاصة في الدائرة الأولى في محافظة البلقاء، مدينة السلط (20 كم غرب العاصمة). وأكد المرشح على المقعد المسيحي في الدائرة وليد جريسات، أن هناك "تجاوزات خطيرة جرت في الدائرة، منها اختفاء صندوقين للانتخاب و3 كشوف تحمل أسماء ناخبين، إلى جانب محضر ضبط؛ الأمر الذي تسبب في تأخير إعلان النتائج حتى ظهر الخميس".
وقال جريسات لـ "العرب اليوم"، إن "الهيئة رفضت تحرير بهذه الحالات التي حصلت لصندوق يحمل الرقم 137، والموجود في مدرسة (لاتين الفحيص)، وصندوق آخر برقم 157، وموجود في إحدى مدارس بلدة عيرا القريبة من السلط"، مؤكدًا أن "هذه تجاوزات لا يمكن السكوت عليها، والانتخابات في هذه الدائرة لم تكن نزيهة". وأعاد جريسات مطالبته، بـ"إعادة فرز الصناديق، لوجود بعض الأشخاص داخل غرف الاقتراع يتطوعون بالاختيار للناخبين".
وانضم إلى هذه المطالب أيضًا المرشح المهندس جهاد القماز الخريسات، الذي أكد "وجود أخطاء في عملية الفرز، وتجاوزات أثناء انقطاع التيار الكهربائي، وتأخر وصول الصناديق إلى مراكز الفرز لمدة زادت عن 6 ساعات، إلى جانب انقطاع الانترنت عن بعض المراكز الواقعة في بعض القرى والبلدات المجاورة للسلط". ورأى جريسات، أن "انتخابات السلط لا يوجد فيها شيء من النزاهة، وفيها العديد من الثغرات".
وفيما أقر نائب رئيس "لجنة الانتخاب" الدكتور محمد الكلوب، بـ"وجود 3 كشوف مفقودة"، أشار إلى أنه "تم العثور على حقيبة الكشوف فارغة"، مشددًا على أنه سوف يتم البحث عنها، و"إذا ثبت التلاعب بها فللمرشح الحق في الاعتراض عليها".
هذا وأدى ضغط وتشكيك المرشحين ومؤازريهم إلى حضور وفد من الهيئة المستقلة للانتخاب إلى مركز الفرز في جامعة عمان الأهلية؛ برئاسة نائب "رئيس الهيئة المستقلة" محمد العلاونة الذي حاول تبسيط المسألة وحلها بطريقة عشائرية، خلال لقاء مغلق ضم أعضاء الوفد ومرشحي الدائرة في غرفة مجاورة لمركز الفرز، فيما تم منع جميع وسائل الإعلام من الدخول.
وأظهرت النتائج غير الرسمية على مستوى الدوائر المحلية والقوائم الوطنية، أن "الوسطيين والمعتدلين اكتسحوا البرلمان الجديد"، فيما فاز عدد من "الشخصيات الإسلامية" المستقلة التي لا ترتبط بحركة "الإخوان" التي قاطعت الانتخابات، بالإضافة إلى شخصيات مقربة من الدولة.
وفازت وجوه إسلامية مستقلة( إخوانية سابقة ) في الانتخابات، ومنها بسام البطوش، ومد الله الطراونة، ونايف الليمون، والداعية موسى سويلم.
ودخل المجلس الجديد 3 من مالكي القنوات الفضائية المحلية وهم : زكريا الشيخ من قائمة "الوسط الإسلامي "، مالك قناة "الحقيقة الدولية"، والأكاديمية رولا الحروب، التي تملك وزوجها رياض الحروب "قناة جوسات الفضائية"، وأحمد الرقيبات صاحب قناة "نورمينا الفضائية"، إضافة إلى عساف الشوبكي، وهو مدير سابق في التلفزيون الرسمي.
وفاز في الانتخابات محمد الخشمان رئيس "حزب الإتحاد الوطني"، رئيس مجلس إدارة "المؤسسة الأردنية للطيران"، الذي تزعم قائمة "الطائرة" في الانتخابات، والذي أفرج عنه الخميس من أحد السجون لـ"مخالفته قانون الانتخاب" من خلال شراء ذمم الناخبين، كما أخلت المحكمة سبيل أحمد الصفدي بكفالة.
وحصل المرشح من أصل فلسطيني والبرلماني المخضرم خليل عطية على أكبر عدد من الأصوات على مستوى المملكة 19399 صوتًا.
وأظهرت القوائم الوطنية التي يبلغ عددها 61 قائمة تشتيتا كاملا في الأصوات، ولوحظ أن هناك قوائم عديدة لم ينجح فيها أحد ، فيما نجح مرشح أو اثنان من بعض القوائم، الأمر الذي سوف يجعل من الصعب توحيد أراء الفائزين على القوائم ، إذ إنهم جميعًا ينتمون إلى قوائم مختلفة، وينفذ "الحراك الشبابي الإسلامي" وعدد من الحراكات الشبابيّة والشعبيّة مسيرة تنطلق من مسجد الملك عبد الله المؤسس في العبدلي الى مجلس النواب بعد صلاة الجمعة تحت عنوان" جمعة إسقاط مجلس النواب السابع عشر".
وقال الحراك في بيان أصدره الخميس "نشهد في الأردن انتخابات نعتبرها مأتماً ديمقراطياً وطنيّاً أراد النظام من خلالها الالتفاف على المطالب الإصلاحية العادلة والمشروعة، وأراد أن يعطي صورة للعالم الخارجي بأنه توج عملية الإصلاح بهذه الانتخابات البرلمانية".
وأضاف: "إننا في الحراك الشبابي الإسلامي الأردني، ومعنا كل أردني حر مطالب بالحرية والتغيير، وأمام هذا الانقلاب على الإصلاح الذي يريد النظام من خلاله تثبيت الاستيلاء على سلطة الشعب واغتصابها".
وقد أغلقت صناديق الاقتراع في الأردن، حيث وصلت نسبة التصويت في الانتخابات النيابية 56,55% من عدد المسجلين والبالغ عددهم 2 مليون و272 ألف و 182 ناخب، فيما أوضح رئيس "الهيئة المستقلة للانتخاب" عبد الإله الخطيب عدد المصوتين بلغ مليونا و287 ألفا و760 ناخبا من إجمالي عدد الناخبين البالغ 2 مليون و277 ألفا و77 ناخباً.
بالتزامن، قال رئيس الوزراء الأردني الأسبق فيصل الفايز إن "الانتخابات البرلمانية أجريت بحرية وشفافية ونزاهة"، مضيفاً أن "الإجراءات التي اتخذت لضمان سلامة العملية الانتخابية غير مسبوقة"، في حين شككت الحركة "الإسلامية" في نسب الاقتراع المعلنة ونزاهتها، مشيرة إلى أن "الإقبال على التصويت ضعيف جدا".
ورأت الحركة، أن "هناك مخالفات بالجملة في معظم المراكز الانتخابية , تتمثل في شراء الأصوات، والتصويت العلني الواسع، وعدم توفر الحبر السري وسهولة إزالته، والدعاية الانتخابية أمام مراكز الاقتراع، وتعطل شبكة الانترنت، وكسر أقفال بعض الصناديق، إلى جانب وقوع بعض المشاجرات والتوترات، و إطلاق الأعيرة النارية، وإصابة بعض المواطنين".
في المقابل، أثنى رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات في الأردن ديفيد مارتن على الإجراءات التي اتخذتها "الهيئة المستقلة للانتخاب" لضمان سير العملية الانتخابية ضمن المعايير الدولية، مؤكدًا عدم وجود أية مخالفات جوهرية تعكر صفوها، موضحًا أن "هناك بعض المخالفات، التي لا تؤثر في مجملها على العملية الانتخابية، حيث ظهرت بعض المشاكل في عملية الربط الالكتروني في بعض مراكز الاقتراع إضافة إلى ممارسة بعض المرشحين للدعاية الانتخابية خارج المراكز الانتخابية بشكل مخالف للقانون".