مير حسين موسوي زعيم الحركة الخضراء الإيرانية لا يزال رهن الاعتقال المنزلي
طهران ـ مهدي موسوي
أصبحت المشاعر السائدة في أوساط الشباب الإيراني بشأن الانتخابات الرئاسية المقبلة عبارة عن مزيج من عدم الاكتراث واللامبالاة والازدراء والسخرية والاستخفاف وخيبة الأمل والخوف، الذي يجعلهم في حيرة من أمرهم بشأن مسألة المشاركة في انتخاب رئيس إيران المقبل، فيما يردد البعض أنه لا وجود للمعارضة الحقيقية
في البلاد، وأن النظام يفعل ما يود تحقيقه.
ونشرت صحيفة "غارديان" البريطانية تحقيقًا عن انتخابات الرئاسة الإيرانية استطلعت فيه آراء بعض من هذا الشباب، وقال آراش، وهو طالب جامعي عمره 18 عامًا، وهي السن القانونية للمشاركة في التصويت إنه سوف يدلي بصوته على الرغم من أنه لم يعرف بعد ماهية المرشحين.
وأضاف أنه يسعى من خلال التصويت إلى إحداث نوع من التغيير، وهو يرى أنه ما لم يتم المشاركة فإنه لن يحدث تغيير.
وأردف "إن هؤلاء الذين لا يشاركون والعاجزين عن إحداث تاثير هم في الواقع كائنات حية تعيش كقطيع من الغنم، لأنها تضع مصيرها في أيدي غيرها، وفضلاً عن هذا وذاك فإن المشاركة في الانتخابات هي فرصة لممارسة حقوقي الديموقراطية".
وذكرت الصحيفة البريطانية أنه بالنسبة إلى الكثير من الشباب الإيراني الذي أصبح مؤهلاً للتصويت منذ انتخابات الرئاسة السابقة التي جرت العام 2009، تزامنت هذه الحالة من الوعي واليقظة السياسية مع ظهور الحركة الخضراء المعارضة، وما تلاها من قمع على مدى الشهور التي أعقبت انتخابات الرئاسة السابقة.
وقال آراش إنه لا يدري ماهية المرشحين بسبب عدم قيام مجلس صيانة الدستور بإعلان قائمة المرشحين النهائية بعدُ.
ولم يوافق المجلس الذي يضم خبراء قانونيين ورجال دين في انتخابات العام 2009 سوى على أربعة مرشحين فقط، من بين 475 تقدموا بطلبات الترشيح آنذاك، وقد تقدم هذا العام للترشيح عدد 686 مرشحًا.
أما عوميد وهو شاب سوف يبلغ سن 18 سنة قبيل الانتخابات مباشرة، فقد أعرب عن تشاؤمه من العملية الانتخابية ككل، ولهذا فهو لن يدلي بصوته لأنه لا يعرف ماهية أي من المرشحين.
وأضاف أنه من واقع ما شاهده على مدار الأعوام الأربعة الماضية وفي ظل معاناة والديه منذ الانتخابات الماضية، فإنه لا يعتقد أن صوته سوف يكون مؤثرًا.
وقال أمير وهو شاب بوهيمي المظهر، عمره 23 عامًا، إنه يملك صوتًا واحدًا وإنه سوف يستخدمه.
وأضاف "إن كل مواطن عليه واجب تجاه المجتمع، ولهذا فإن الجميع مطالب بالمشاركة في هذه الانتخابات"، ولكنه أكد أنه سيشارك ليس فقط في انتخابات الرئاسة، وإنما أيضًا في الانتخابات البلدية والإقليمية.
وسوف تقام الانتخابات البلدية والإقليمية وللمرة الأولى في يوم انتخابات الرئاسة نفسه، وذلك في خطوة الهدف منها دعم نسبة المشاركة في انتخابات الرئاسة.
ويظل السؤال الذي يطرح نفسه حاليًا في الشارع الإيراني هو: تُرى من سيكون الفائز بانتخابات الرئاسة هذا العام؟
ويقول أمير إنه لا يعرف من الإصلاحيين سوى الرئيسين السابقين محمد خاتمي وأكبر هاشمي رافسنجاني.
وعلى الرغم من أن رافسنجاني لا يعتبر بصفة عامًا من الإصلاحيين إلا أنه دعا الحكومة علانية العام 2009 إلى رفع المظالم عن المحتجين.
وتقدم رافسنجاني بطلب الترشيح في 11 أيار/ مايو الذي كان آخر موعد للترشح.
أما خاتمي الذي لم يرشح نفسه فقد أعلن تأييده لرافسنجاني في اليوم التالي، وقال "أعتقد أنه الشخص الذي يمكن أن يساعد النظام، ويساعد في حل مشاكل الجماهير".
ويضيف أمير أنه يعتقد بأن عمدة طهران محمد باقر قاليباف أمامه فرصة طيبة.
وأكد أنه يتعذر تحديد اختياره ما لم تصدر القائمة النهائية للمرشحين، ولكنه لن يختار أي شخص يدعم العنف أو يمثل أيديولوجية راديكالية متشددة وعنيفة.
وظهر أخيرًا تسجيل صوتي لقاليباف يربط مباشرة بينه وبين أحداث العنف والقمع التي جرت في ألأعوام 1999 و2003 و2009. وذكرت تقارير صحافية أن قاليباف وهو يتحدث إلى جماعة من شباب "الباسيج" وهم جماعة شبه عسكرية موالية للحكومة الإيرانية قبل ثلاثة أسابيع أشار إلى أنه كان يقوم بنفسه بضرب المتظاهرين بعصا يحملها في يده وهو على ظهر دراجة نارية.
وأثارت تصريحات أمير جدلاً بين كل من باريسا، 24 سنة، وصديقها محمد، 25 سنة، وتشير باريسا إلى ما حدث في حزيران/ يونيو العام 2009 عندما كانت تعمل مصورة وصحافية في صحيفة إصلاحية، وما تعرضت له من ضرب على يد قوات الأمن بعد إعلان فوز أحمدي نجاد.
ويقول محمد الذي يعمل في تجارة الملابس إنه سوف يشارك بصوته في الانتخابات باعتبار أن ذلك يمثل أهمية بالنسبة إليه. ثم يسألها عن رأيها في ذلك فترد عليه قائلة إنها تقترح مقاطعة الانتخابات لأن النظام سوف يعمل ما يريده بصرف النظر عن رأي الناخبين، وسوف يضعون أصوات الأغلبية في صناديق المرشح الذي يرغبونه.
ولكن محمد يرى ضرورة المشاركة في التصويت من أجل من يقع عليه اختياره حتى ولو كان الاختيار بين السيء والأسوأ، وأهمية ذلك تكمن في إظهار أن هناك معارضة.
وترد على الفور باريسا مستنكرة ما قاله وتتساءل "معارضة؟ إنه لا يوجد معارضة في قاموس مفردات الجمهورية الإسلامية".
ولكن محمد يرد بالتأكيد على أهمية الجماهير بالنسبة إلى النظام بدليل أنه يكبد نفسه الملايين من الدولارات من أجل تجهيز نفسه بمعدات مكافحة الشغب والتجسس وتكنولوجيا المراقبة والدوائر التليفزيونية المغلقة، وغيرها من مئات الأساليب والأدوات المستخدمة في عمليات قمع المعارضة.
ويقول إن النظام خائف من المعارضة وخائف من الشباب من مواليد الثمانينات والتسعينات، هذا في حد ذاته يؤكد أهمية المعارضة، الأمر الذي يؤكد ضرورة المشاركة في الانتخابات.
ولكن باريسا لا تقنع بوجهة النظر هذه، وتقول "نحن مهمين بالنسبة إلى النظام من أجل أن تبدو الانتخابات رائعة ومثيرة وناجحة". وتشير في ذلك إلى ما حدث قبل انتخابات 2009 عندما كانوا يتراقصون في الشوارع، ولكن ما حدث بعد ذلك أنها فقد وظيفتها، وتعرض هاتف المنزل للرقابة لسنوات عدة، وتعرضت عائلتها للسب والإهانة بانتظام، ولا يزال الجميع يعيش في ظروف صعبة حتى الآن، حيث لا تملك المعارضة القوة اللازمة أمام نظام الملالي. وتختم كلماتها بأنها لن تدلي بصوتها في الانتخابات المقبلة.
ووقف محمود، 24 سنة، خارج جامعة الفنون في طهران يقول لزميله إنه يأمل أن تسفر هذه الانتخابات عن شيء إيجابي يؤدي إلى تغيير أحوال إيران، وإنه يفضل المرشح الذي يريد في الواقع المساهمة في عملية سياسية صحيحة وسليمة.
ويضيف محمود: إنه على الرغم من التزوير الذي يعتقد الكثير من الإيرانيين أن وقع خلال إعادة انتخاب أحمدي نجاد العام 2009 فإنه لا يزال على استعداد للذهاب إلى صناديق الاقتراع مرة أخرى هذا العام.
ويردف: إنه لن يفر ويهرب خوفًا من تكرار ما حدث من قبل، ولكنه يؤكد أن تكرار ما حدث من قبل يعني هلاكه وضياعه.
ويؤكد أن التصويت بالنسبة إليه يعني اختيار رافسنجاني أو خاتمي وأنه لن يختار غيرهما، وأنه يرغب في خاتمي رئيسًا لأنه الشخص القادر على الإفراج عن مير حسين موسوي ومهدي كروبي وغيرهما من السجناء السياسيين.
وحدث في أعقاب الاحتجاجات التي عمت الشوارع في البلاد يوم 14 شباط/ فبراير من العام 2011 أن وضعت السلطات الأمنية في البلاد كلاً من زهرا راهنافارد وفاطمة كروبي رهن الاعتقال المنزلي، وقطعت صلتهما بالعالم الخارجي تقريبًا، لكن فاطمة كروبي تم الإفراج عنها بعد أشهر قليلة من اعتقالها.
ويقول الشاب كوروش، 26 سنة، وهو زميل محمود: إنه يتمنى خاتمي رئيسًا للبلاد، وعندما سُئل عن رأيه في المرشح الحليف المقرب من أحمدي نجاد إصفانديار رحيم مشائي، والذي يحظى بازدراء الكثير من نخبة المحافظين الحاكمة بسبب تصريحاته عن القومية الإيرانية التي يفضلها على الشخصية الإسلامية لإيران، قال كوروش إنه يفضل أن يصوت "لأي مرشح أصولي يميني على أن يصوت لمشائي لأنه رجل منافق وذو وجهين، مثله في ذلك مثل رئيسه الحالي أحمدي نجاد".
ويقول علي وهو صاحب مقهى للإنترنت في طهران، وعمره 26 عامًا، إنه يعاني بشدة هذه الأيام لأن السلطات أغلقت الشبكات الافتراضية الخاصة على الإنترنت كافة، كما قامت بخفض سرعة الإنترنت إلى الصفر تقريبًا، الأمر الذي أدى إلى هروب الزبائن من المقهى.
ويضيف أنه لا يأمل خيرًا في أي من المرشحين للرئاسة لأنهم لا يستطيعون عمل شيء، ولكنه قال: إن انتخاب رافسنجاني من جديد سوف يكون أمرًا عظيمًا لأنه يملك سيرة طيبة.
ويذكر أنه شارك في الانتخابات السابقة كافة، وأنه بصدد المشاركة من جديد في حالة خوض رافسنجاني الانتخابات المقبلة.
وتقول سارة وهي بائعة أدوات تجميل، وعمرها 29 عامًا، إنها لن تدلي بصوتها في الانتخابات لأنها في الواقع لم يسبق لها أن شاركت في أي انتخابات سابقة.
وترى أن المشاركة في الانتخابات تضييع للوقت، لأن النظام يدبر كل الأمور على النحو الذي يريده، كما أنها لا ترى أملاً في المعارضة، ولن تصوت لمرشحي "الحركة الخضراء" لو رشحوا أنفسهم؛ لأنهم لا يسعون إلا لتحقيق مصالحهم الخاصة، والوصول إلى الكرسي فحسب.
وتردد الرأي نفسه إيلنا، 23 سنة، وهي طالبة تدرس علم الاجتماع، وتقول إنها فقدت الحماس للمشاركة في أي انتخابات على الرغم من الأوضاع المريعة التي عاشتها البلاد خلال السنوات الأربع الماضية.
وتضيف أن الناس جميعًا في حالة رعب، وأنهم باتوا في حالة لا يستطيعون فيها عمل أي شيء.
ويقول محمد، 24 سنة، وهو عضو في سلاح المهندسين في "الباسيج" إنه سبق وأن صوت لصالح نجاد في العامين 2005 و2009، ولكنه هذه المرة يأمل أن يشارك مشائي أو أي واحد من الدائرة الخاصة بأحمدي نجاد في الانتخابات المقبلة، لأن ذلك ليس من مصلحة النظام الإيراني، على أساس أن نجاد يقف بصورة أو بأخرى ضد مصالح النظام الآن.
ويقول مهردات، 28 سنة، إنه يرفض تمامًا النظام الحالي وإنه لن يشارك في الانتخابات حتى ولو كان رافسنجاني أو خاتمي ضمن المرشحين، لأنهما يعملان على إضفاء الشرعية على النظام بطريقة أو بأخرى.
ويضيف أنه لن يصوت إلا لمير حسين موسوي لأنه في نظره هو الرجل الحقيقي في إيران.
ويتعجب ويتساءل على سبيل السخرية "لماذا لا يقوم خاميني بترشيح نفسه لمنصب الرئيس ويريح عقولنا من كل هذا الضجيج؟". ويقول بابتسامة ساخرة إنه "ربما لا يرشح نفسه لأنه معتدل زيادة عن اللزوم".
وتؤكد سحر، وهي طالبة جامعية، أن انتخابات الرئاسة فتحت عيونها على الحقائق الدولية والمحلية، وأنها تلقي باللوم على الحكومة والعقوبات الدولية في تدهور أوضاع البلاد الاقتصادية. وتضيف سحر التي يملك والدها شركة لتصنيع الغذاء منذ 16 عامًا: إن الأمور كانت على ما يرام قبل خمسة أعوام، ولكن بات اليوم يكافح من أجل دفع الرواتب، وقد يضطر إلى غلق منشأته وإشهار إفلاسه.
وتقول إنها لا تشارك في الانتخابات بحجة أن النظام قد اختار بالفعل الرئيس الجديد.
وعن مدى الشعبية التي يتمتع بها قاليباف عمدة طهران في بلدته تورغابيه يقول صبي عمرة 15 سنة، واسمه جاسم: إنه لا يوجد أحد في البلده يهتم بالانتخابات.
أما عادل وهو طالب، عمره 19 سنة، وتخرج حديثًا من المدرسة ولا ينوي دخول الجامعة، فيقول إنه سوف يختار إما خاتمي أو قاليباف.
وأضاف أنه لو تم ترشيح رافنسنجاني فإنه سوف يختاره لأنه ماهر وماكر.
وأكد أن عائلته سبق وأن صوتت لموسوي العام 2009 ولم تصوت لنجاد، وذكر أن هذا كان موقف سكان البلدة.
وأضاف أنه لو لم يظهر قاليباف أو خاتمي في قائمة المرشحين فإنه سوف ينظر في بقية المرشحين، ولكنه لن يختار بأي حال من الأحوال مشائي، لأنه لا يختلف في حقيقة الأمر عن أحمدي نجاد.