دمشق ـ جورج الشامي أعلن المجلس العسكري السوري "المعارض"، الأربعاء، أنه بدأ معركة التحرير "الملحمة الكبرى"، وتمكن من الدخول إلى قلب العاصمة دمشق بعد هروب قوات الجيش السوري من مواقعها في ساحة العباسيين، حيث تدور الآن اشتباكات عنيفة في الساحة وسط دوي صفارات الإنذار، فيما كشفت مصادر في الأمم المتحدة والمعارضة السورية عن عزم الائتلاف الوطني افتتاح مكاتب له في نيويورك وواشنطن، تمهيدًا لعقد اجتماعات مع مسؤولين أميركيين وأعضاء مجلس الأمن،
ميدانيًا، ذكرت لجان التنسيق المحلية، أن "اشتباكات عنيفة تدور في ساحة العباسيين في العاصمة دمشق بين عناصر الجيش الحر وقوات من الجيش السوري الحكومي، وأن صفارات الإنذار دوت عقب وقوع الاشتباكات، وأعلن المجلس العسكري في دمشق وريفها عن هروب القوات الحكومية من مواقعها في الساحة، وأعلن في بيان حصل (العرب اليوم) على نسخة منه، الدخول إلى قلب العاصمة دمشق وبدء معركة التحرير (الملحمة الكبرى)، في حين تتعرض أحياء عدة داخل العاصمة للقصف منذ الصباح ومنها برزة، جوبر، القدم، وقام الجيش الحر في جوبر بتدمير دبابة كانت تقصف الحي على حاجز حرملة، وفي مخيم اليرموك قام الجيش الحر بتفجير مبنى (التقى) الواقع في شارع الثلاثين في المخيم، الذي تتمركز فيه القوات السورية، ويعتبر آخر معقل للقوات الحكومية في شارع الثلاثين، وفي القدم دارت اشتباكات عنيفة في منطقة بور سعيد بين الجيش الحر والقوات السورية، بالتزامن مع قصف مدفعي، وفي زملكا جرت اشتباكات هي الأعنف على الجانب الجنوبي من جهة البلدة بالتزامن مع قصف مدفعي وصاروخي، فيما أغلقت القوات الحكومية كراج البولمان في حي القابون وطريق فارس خوري الواصل بين ساحة العباسيين وكراج العباسيين، مع انتشار أمني كثيف على اتستراد العدوي بالقرب من مفرق كلية الزراعة|.
وقالت شبكة "شام" الإخبارية، إن "الطيران السوري قصف صباح الأربعاء، أطراف دمشق الجنوبية، وبخاصة في العسلي والقدم، وداريا والمعضمية، فيما استمرت الاشتباكات في محيط العاصمة، وأن تفجيرات وإطلاق نار جرى في محيط قسم الشرطة في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين الذي يقع أيضًا جنوب دمشق، مع وصول تعزيزات إلى داريا التي تحاول القوات الحكومية منذ ما يزيد على ثلاثة أشهر استعادتها من الجيش السوري الحر، وأن صاروخين أرض أرض سقطا صباح الأربعاء على داريا التي يقول الجيش الحر إنه يسيطر على القسم الأكبر منها، تزامن ذلك مع قصف عنيف بالمدفعية الثقيلة. وفي تدمر في ريف حمص، استهدف مقاتلون صباح الأربعاء مباني للأمن العسكري وأمن الدولة مما تسبب في تهدم أجزاء منها ومقتل عدد من القوات الحكومية التي ردت بقصف المدينة، وهو ما أدى إلى إصابة عدد من الأشخاص بحسب ناشطين، وأن الجيش الحر سيطر الثلاثاء، على حاجز في درعا البلد، في حين تستمر الاشتباكات في أنحاء أخرى من المحافظة، كما شهدت حلب الثلاثاء اشتباكات في حيي مساكن السبيل وجمعية الزهراء، بينما بدأت كتائب في إدلب عملية مشتركة للسيطرة على معمل القرميد الذي تقصف منه القوات الحكومية بلدات مثل معرة النعمان، وأن الجيش الحر قصف صباح الأربعاء بمدافع الدبابات والهاون معسكري وادي الضيف والحامدية اللذين يحاصرهما منذ تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، ووفقا لحصيلة أوردها المركز السوري لحقوق الإنسان، قُتل الثلاثاء 26 من الثوار و18 جنديًا حكوميًا خلال عمليات واشتباكات متفرقة".
دبلوماسيًا، قالت مصادر في الأمم المتحدة والمعارضة السورية، إن "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة سيفتتح مكاتب له في نيويورك وواشنطن، تمهيدًا لعقد اجتماعات مع مسؤولين أميركيين وأعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، حيث أفاد دبلوماسي غربي رفيع، طلب عدم نشر اسمه، أن "فتح مكاتب للائتلاف يشكل خطوة مهمة، ومن الواضح أنها وسيلة محتملة لدعوة (زعيم الائتلاف) معاذ الخطيب للمجيء إلى نيويورك في مرحلة معينة، وأن نجيب الغضبان -وهو أستاذ جامعي أميركي سوري الأصل- سيترأس مكتب نيويورك"، في حين ذكر دبلوماسي آخر أن "الغرض من فتح مكتب نيويورك سيكون إيجاد قناة اتصال مع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والمنقسم منذ وقت طويل بشأن الصراع في سورية، الذي أودى بحياة زهاء 60 ألف شخص، وأن مكتب واشنطن سيترأسه عباب خليل، وهو مقيم في ولاية تكساس، وستكون إحدى المهام الأولى لمكتب واشنطن الإعداد لزيارة محتملة للولايات المتحدة يقوم بها الخطيب نهاية الشهر الجاري، وأن تلك الزيارة ستتضمن اجتماعًا مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، وقد يساعد إنشاء مكاتب اتصال في نيويورك وواشنطن المعارضة السورية في سعيها إلى كسب التأييد لمقاتلي المعارضة الذين يسعون للإطاحة بالرئيس بشار الأسد".
على صعيد متصل، أكدت مصادر في المعارضة أن "أعضاء في الائتلاف الوطني السوري دعوا إلى اجتماع عاجل لبحث الاقتراح المثير للجدل الذي طرحه زعيمه للتفاوض مع الحكومة السورية، وتحديدا مع نائب رئيس الجمهورية فاروق الشرع، إذا لبت الحكومة شروطا من بينها الإفراج عن عشرات الآلاف من السجناء السياسيين".
وقال مسؤول في الائتلاف "ينبغي أن يجتمع الائتلاف لرسم إستراتيجية عاجلة بعد أصداء المبادرة وانتهاز القوة الدافعة التي خلقتها بغض النظر عن تحفظات بعض الأعضاء"، فيما انتقد عدد من شخصيات المعارضة عرض الخطيب إجراء محادثات مع ممثلين للرئيس الأسد، لكن آخرين يقولون إنه قد يكشف أن اقتراحات الأسد لإجراء حوار إنما هي اقتراحات جوفاء.
وذكرت مصادر في الائتلاف أن "ثلاثين عضوا بعثوا رسالة إلى قيادته يطالبون بعقد اجتماع عاجل لجميع الأعضاء"، فيما شنّ المجلس الوطني السوري، أحد أبرز مكونات الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، حملة شديدة على رئيس الائتلاف أحمد معاذ الخطيب، رافضًا "الدخول في أي حوار أو تفاوض" مع الرئيس بشار الأسد، وذلك غداة دعوته الحكومة السورية إلى انتداب نائب الرئيس فاروق الشرع للحوار مع المعارضة.
وقال المجلس الوطني السوري، في بيان نشر على صفحته على موقع "فيسبوك"، إن "ما سمي بمبادرة الحوار مع النظام إنما هي قرار فردي، لم يتم اتخاذه ضمن مؤسسات الائتلاف الوطني ولم يجر التشاور بشأنه، ولا يعبر عن مواقفِ والتزامات القوى المؤسسة له، وأن تلك المبادرة تتناقض مع وثيقة تأسيس الائتلاف التي تنص على أن هدف الائتلاف إسقاط النظام القائم برموزه وحل أجهزته الأمنية والعمل على محاسبة المسؤولين عن سفك دماء الشعب السوري وعدم الدخول في حوار أو مفاوضات مع النظام القائم".
وأشار المجلس الوطني السوري إلى أن "قوى إقليمية ودولية تشارك في هذه المبادرة، طالما كانت شريكا فعليًا للنظام على مدى عامين في قتل السوريين، ولم يسم المجلس هذه الدول، لكنه انتقد بشدة لقاء الخطيب مع وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي في ميونيخ في نهاية الأسبوع، حيث قال رئيس المجلس الوطني السوري جورج صبرا، إن "تصريحات الخطيب بدأت تأخذ توجهات تخرج عن طرح الثورة السورية، وبخاصة في لقاء الخطيب وزير الخارجية الإيراني الذي شكك في أهدافه"، معتبرًا أن "مبادرة الخطيب للحوار مع السلطة تعطي فكرة بأن هناك وهْنًا في الثورة السورية، وأن النظام بدأ يستخف بدعوة الخطيب".
في المقابل وعلى صعيد ردود الفعل الدولية، فقد رحبت كل من جامعة الدول العربية والولايات المتحدة الأميركية بمبادرة الخطيب لبدء حوار مع "من لم تتلطخ أيديهم بدماء السوريين"، إلا أن واشنطن رفضت في الوقت نفسه حصولَ الرئيس السوري على أي حصانة، فيما التزمت السلطات السورية الصمت بشأن مبادرة الخطيب، لكن صحيفة "الوطن" شبه الرسمية قالت الثلاثاء إن "الخطيب غير مقبول كمفاوض".
وفي موسكو، أكد الناطق باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ديميتري بيسكوف، أن "بلاده على قناعة في أن مستقبل سورية تحدده الأطراف المعنية داخل سورية وليس في الخارج، وأن موقف موسكو من الأزمة في سورية يتميز بتواصلها مع جميع أطراف النزاع حتى تضمن الحوار الشامل"، ونقل موقع "روسيا اليوم" عن بيسكوف قوله إن "موقف روسيا من الأزمة في سورية متفرد لأننا نتواصل ليس فقط مع جانب واحد بل مع حكومة الرئيس بشار الأسد، الذي نعتبره رئيسًا شرعيًا وحاكمًا شرعيًا لسورية ومع ممثلي المعارضة، ونحن نعمل مع شركائنا الدوليين حتى نضمن الحوار بين جميع الأطراف السورية المعنية، ونقوم بذلك من دون أي ضغط خارجي" مشيرًا إلى أن "بلاده تثمن استعداد المعارضة للحوار الذي يجب أن يبدأ في دمشق بين الرئيس الأسد والمعارضة".
فيما شدد وزير الخارجية الصيني يانغ جيتشي، على "التزام بلاده بموقف موضوعي وعادل ومسؤول وبدور إيجابي لحل الأزمة في سورية، معربًا خلال لقائه فيصل المقداد نائب وزير الخارجية والمغتربين الأربعاء في بكين، عن أمله بأن "تخرج سورية من هذه الأزمة بأسرع وقت ممكن وأن تستعيد استقرارها"، موضحًا أن "الصين تتفهم الصعوبات التي تمر بها سورية، وأنها ستواصل بذل الجهود للوصول إلى حل سياسي للأزمة فيها، وهي مهتمة بآراء الجانب السوري وبالتواصل عبر الطرق الدبلوماسية".
من جانبه عبر المقداد عن تقدير سورية للجهود التي بذلتها الصين إقليميا ودوليا لحل الأزمة في سورية، وأشاد بالمواقف المبدئية للصين في المحافل الدولية والتي تسعى إلى حل ما يواجهه العالم من تحديات عبر الاحترام التام لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي، وبخاصة عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى ومكافحة الإرهاب، في حين قدم نائب وزير الخارجية عرضًا للبرنامج السياسي لحل الأزمة في سورية، والخطوات التي اتخذتها الحكومة السورية تنفيذًا لهذا البرنامج، وحضر اللقاء أحمد عرنوس معاون وزير الخارجية وعماد مصطفى سفير سورية في الصين وكبار مسؤولي وزارة الخارجية الصينية.