مرشحو الرئاسة الإيرانية الثمانية
طهران ـ مهدي موسوي
يرى الكثير من الناخبين في إيران الذين يستعدون للتوجه إلى صناديق الاقتراع في انتخابات الرئاسة التي سوف تجري هذا الأسبوع أن الفروق الحقيقية بين سعيد جليلي وبين محمد قاليباف، قليلة للغاية. وأشارت صحيفة "تلغراف" البريطانية إلى أن جليلي الذي سبق وأن خدم في الحرس
الثوري الإيراني يميل إلى نشر الثورة الإسلامية الإيرانية إلى العالم من حوله، أما الثاني وهو رئيس سابق وصارم للشرطة ساهم بنفسه في ضرب المتظاهرين خلال الاحتجاجات المناهضة للحكومة الإيرانية.
وتلفت الصحيفة إلى أنه باختصار شديد فإن المرشحين الثمانية الذين سوف يختار بينهم الناخب الإيراني هم فقط الذين أعلنوا الولاء التام للمرشد الأعلى للثورة الإسلامية آية الله علي خامنئي، الذي قرر أن يُخرج من قائمة المرشحين كل من يحمل انتقادًا للنظام الحاكم، وذلك حتي يتجنب تكرار قيام أعمال عنف احتجاجية كالتي حدثت في انتخابات العام 2009.
وتخلو هذه الانتخابات من أمثال مير حسين موسوي، الذي يعيش رهن الاعتقال المنزلي في طهران على مدى العامين الماضيين، كما لم يبدر منه أو من زميله الإصلاحي مهدي كروبي الذي يعيش هو الآخر رهن الاعتقال المنزلي أي تعليق على انتخابات هذا العام.
وبات على الناخب الإيراني أن يختار بين ثمانية من المرشحين المحافظين الذين يتصدرهم كل من جليلي، 47 سنة، وقاليباف، 51 سنة، وبالنسبة إلى الناخب الإيراني الذي يتطلع إلى الخروج بالبلاد من سنوات المواجهة الأخيرة مع الغرب، فإن كلا المرشحَيْن ليس لديه ما يعد به في هذا الصدد.
ويعتبر جليلي الذي يتولى المفاوضات بشأن الملف النووي الإيراني المرشح المفضل شخصيًا عند المرشد الأعلى الذي اختاره للمهمة النووية لأنها صارم، ولا يقبل بتقديم تنازلات، وهناك من يرى أن محمود أحمدي نجاد شخصية ومطيعة وسهلة الانقياد إذا ما قورنت بشخصية سعيد جليلي.
أما قاليباف الذي أصبح عمدة طهران وهو المنصب الذي ورثه من أحمدي نجاد بعد توليه منصب الرئاسة في العام 2005، وقد نجح في الخروج بالعاصمة من حالة الفوضى التي كانت عليها عندما كان نجاد عمدتها، ولكنه شخصية تكنوقراطية تم حشوه بأيديولوجيات تتماشى مع سجله كداعم للنظام.
وظهر أخيرًا تسجيل صوتي له يتباهى فيه بدوره الشخصي في قمع مظاهرات الطلبة عندما كان رئيسا للشرطة الوطنية وقيامه بضرب المتظاهرين بنفسه العام 1999، ومشاركته في قمع أحداث ما بعد انتخابات 2009.
وخلال هذه الانتخابات فإن أي فرد يمكن أن يتحدث في السياسة عن انتخابات الرئاسة قد يجد نفسه في قبضة الشرطة التي أعلنت أخيرًا أنها ألقت القبض على شبكة من الجواسيس الذين كانوا يخططون لنشر الفوضي أثناء الانتخابات.
وتلقت الصحف الموالية للنظام تعليمات بالحذر في ما تنشره، كما رفضت السلطات أيضًا منح تأشيرات لمعظم وسائل الإعلام الغربية لتغطية الانتخابات، بما فيها صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية.
وتقول زهرة، وهي امراة إيرانية عمرها 25 سنة إن الشعور السائد هو بين المواطنين هو عدم الاكتراث، كما لو كان البعض يرى أن الكلام يعني مزيدًا من الضرر والأذى. لقد أصبح الناس أكثر هدوءًا وحرصا من الحديث في السياسة على الملأ، كما أن الجميع فقد الأمل في إمكان تغيير النظام، كما أنها تأمل أن ينفجر الوضع داخليًا، ومع ذلك فهي لا تريد أن يحدث ذلك في حياتها.
ومع ذلك فهناك من بين المرشحين من يحمل قدرًا من الانتقاد للنظام مثل محمد رضا الذي يوصف بأنه إصلاحي، وهو نائب رئيس سابق، وقد سبق وأن انتقد قوانين إيران الصارمة، ولكنه يفتقد إلى الكاريزما ولا يملك شعبية تمكنه من الفوز، كما أنه أعلن خلال الشهر الماضي أنه لا يوجد من هو أكثر إخلاصًا منه للمرشد الأعلى.
ويوجد من يعتقد بأن قاليباف ربما يكون أكثر قدرة على الإدارة من أحمدي نجاد، وذلك في ضوء التحسينات التي طرأت على العاصمة على يده مقارنة بالفوضى التي كانت عليها عندما كانت تحت إدارة أحمدي نجاد.
ويأمل العديد من الناخبين أن ينجح قاليباف في تحقيق قدر مشابه من النجاح على مستوى الاقتصاد الذي تدهور على يد نجاد.
وقال قاليباف أخيرًا وهو يخطب في حملته الانتخابية "أنا وأنتم لدينا عدو واحد وهو سوء الإدارة في هذه البلد".
ويعتقد البعض أن قاليباف قوي في معالجة الاقتصاد، وهناك من يقول إن الناخب قد يفضل جليلي على المستوى الأيديولوجي ولكنه لا يثق في قدراته على معالجة الاقتصاد الإيراني.
ورغم ذلك هناك من يقول إن بعض المرشحين المؤيدين للنظام قد ينقلبون إلى شخصيات احتجاجية إذا ما شعروا بأن الفوز في الانتخابات قد سرق منهم مثلما حدث مع موسوي، الذي لم يكن أحد يعتبره معاديًا للنظام، ولكن لو حدث أن قامت تظاهرات احتجاجية بعد هذه الانتخابات فإنها سوف تكون أقوى وأضخم من سابقاتها لأنها سوف تكون مؤججة بفعل الحالة الاقتصادية المتردية. فهي تظاهرات سوف تجمع ما بين هؤلاء المدافعين عن حقوق المرأة والحريات وبين هؤلاء الذين يناضلون يوميًا من أجل رغيف الخبز.