مشرف يعود إلى باكستان بعد غياب أربع سنوات في المنفى الاختياري إسلام أباد ـ جمال السعدي اعترف الرئيس الباكستاني السابق، برويز مشرف، بأنه سمح لـ"السي آي إيه" القيام بشن غارات بطائرات الدرون داخل باكستان، وهو اعتراف يتناقض تماما مع ادعاءات الحكومة الباكستانية المتكررة بأنها لم تسمح لطائرات الدرون بشن هجماتها في باكستان، كما أنه يدحض إنكار الحكومة بعدم تورطها في تلك الهجمات. وقال مشرف في مقابلة أجرتها معه شبكة "سي إن إن" أذيعت مساء الخميس الماضي في أعقاب زعم وسائل الإعلام الأميركية هذا الأسبوع بأن المسؤولين في باكستان شاركوا بقوة في الحملة التي نفذتها الولايات المتحدة في باكستان بواسطة طائرات بلا طيار .
وخلال الشهر الماضي قال مقرر لجنة الأمم المتحدة لشؤون حقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب، بن إميرسون، في أعقاب زيارة قام بها إلى إسلام أباد ، إنه تلقى تأكيدات من الحكومة الباكستانية بأنها لم توافق ضمنًا باستخدام طائرات الدرون على أراضيها، ومن جانبها دافعت إدارة أوباما عن مشروعية هجماتها بطائرات الدرون، مشيرة إلى أن الغارات لم تتم إلا بموافقة من الدول المعنية بتلك الغارات.  
وقال مشرف إنه سمح بذلك فقط في مناسبات قليلة وبالتحديد عندما كان الهدف موجودًا في منطقة معزولة تمامًا، مع استبعاد وقوع خسائر طائشة وغير متعمدة، مشيرًا إلى أن هذه الغارات تم مناقشتها على المستويين العسكري والاستخباراتي، ولم يكن يتم الموافقة عليها إلا في الحالات التي لا يتوفر فيها وقت لقوات العمليات الخاصة والجيش للتصرف، مشيرًا إلى أن ذلك حدث مرتين أو ثلاث مرات فقط.
وكانت علامات الاستفهام قد ثارت بشأن إنكار باكستان تورطها، عندما كشفت وثائق "ويكيليكس" عن برقية دبلوماسية تعود لعام 2008 والتي تحدثت فيها السفيرة الأميركية آن باترسون عن مناقشة دارت حول غارات طائرات الدرون خلال اجتماع مع وزير الداخلية آنذاك رحمن مالك ورئيس الوزراء آنذاك يوسف رازا غيلاني.
وفي العام الماضي أعلن البرلمان الباكستاني بأن كافة غارات طائرات الدرون في باكستان غير مشروعة، وذلك على الرغم من التقارير التي ذكرت أن "السي آي إيه" يبعث بفاكسات منتظمة إلى جهاز الاستخبارات العسكرية الباكستاني يبلغه فيها بالمناطق التي تمارس فيها طائرات الدرون الأميركية نشاطها وعملياتها.
وتعد موافقة باكستان على قيام الطائرات بضرب المليشيات قضية رئيسية لتحديد مدى مشروعية وقانونية الغارات في ضوء القانون الدول، وذكرت مؤسسة "ماكلاتشي" الإعلامية، الخميس الماضي، من خلال مراجعتها لتقارير الاستخبارات الأميركية بأنها تأكدت من وجود اتفاق طويلة الأمد بين "السي آي إيه" والاستخبارات الباكستانية "آي إس آي" يسمح باستخدام الطائرات الدرون الأميركية ضد مليشيات طالبان الباكستانية.
وأكدت مؤسسة "ماكلاتشي" أن الشراكة في هذا الشأن كانت كثيفة خلال إدارة بوش، ووصل الأمر إلى أن الاستخبارات الباكستانية كانت تقوم باختيار أهدافها التي يلزمها استخدام طائرات الدرون، وحتى منتصف عام 2008 كان على الولايات المتحدة أن تحصل على موافقة مسبقة قبل كل هجوم مع إبلاغ الباكستانيين بتفاصيل الغارة وتسجيلات فيديو لها.
واستمر التعاون كما تقول الوثائق حتى أواخر عام2010، والواقع أن هذه الإدعاءات تقوض أركان سياسة الإنكار التي تتبعها باكستان ، لكن المحير في الأمر هو أسباب اختيار مشرف الإعلان عن ذلك في وقت تحاصره فيه العديد من القضايا القانونية وانخفاض شعبيته اللازمة لحملة الانتخابية التي بدأها الشهر الماضي بالعودة لباكستان بعد غياب يزيد عن أربع سنوات في منفاه الاختياري.
ويقول شاهزاد أكبر المحامي وأبرز نشطاء باكستان المعارضين لطائرات الدورن أن تصريحات مشرف من المحتمل أن تغير الوضع القانوني فقط لعدد محدود من الغارات وليس لأغلبها التي حدثث بعد رحيل مشرف عام 2008، مشيرًا إلى أن التغيير الوحيد الذي طرأ هو ظهور شخص جديد لابد من محاكمته.
وينتظر شاهزاد أكبر حكم من محكمة بيشاور العليا الذي من المرجح أن يعلن أن الغارات غير مشروعة، والذي يمنح باكستان مطالبة بتعويض قتلى تلك الهجمات، مشيرًا إلى أنه يدرس الآن إمكانية محاكمة مشرف بسبب قيامه بشن حرب ضد باكستان.