صورة لعناصر من الجيش اللبناني
بيروت ـ جورج شاهين
أكدت مصادر أمنية لبنانية، أن ما أعلنت عنه قيادة الجيش من حصيلة عمليات التدقيق على حواجزها في البقاع الشمالي، رد فعل طبيعي على تورط "حزب الله" في الساحة السورية، والذي فتح أبواب المواجهات في لبنان والمناطق الحساسة التي يتحرك فيها طرفي الصراع بين مؤيدين للنظام السوري
والمعارضة بحرية، بالنظر إلى البيئة الحاضنة لكل منهما طائفيًا ومذهبيًا وسياسيًا، وكل ذلك يجري وسط انقسام عمودي على مستوى السلطات، ولا سيما التشريعية منها والتنفيذية.
وأعلن رئيس المجلس النيابي نبيه بري، أن الإسراع في تشكيل الحكومة بات أمرًا ملحًا لمعالجة العديد من الملفات المفتوحة، وأن الوضع الداخلي لم يعد يحتمل استمرار حال "الاهتراء والفراغ"، معتبرًا أن عدم تشكيل الحكومة سيكون بمثابة كارثة على الاستقرار المؤسساتي والمقاومة والوضع السني الشيعي، داعيًا الجميع للمساهمة في حلحلة العقد.
ورأى بري، أن من يعطل الحكومة ليس "حزب الله" ولا "أمل" ولا رئيس "تكتل التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون، بل فريق "14 آذار" الذي يطرح شروطًا تعجيزية، من قبيل المطالبة باستبعاد "حزب الله" من الحكومة، وأن مطلب الثلث الضامن لم يعد مطروحًأ من قبلهم، مشيرًا إلى أنه لن يسلم بشكل رسمي الأسماء النهائية التي ستمثل حركة "أمل" في الحكومة، إلا قبيل إصدار مراسيم تأليفها، انسجامًا مع تقليد يعمل به منذ زمن طويل.
وفي ما يخص الجلسة التشريعية المقررة الثلاثاء، أكد رئيس البرلمان أنه ليس بصدد شطب فاصلة واحدة من جدول الأعمال، وأن المجلس يصبح عند انعقاده "سيد نفسه"، ويستطيع أن يتحكم في الجدول كما يشاء، وأنه في حال عدم توافر النصاب المطلوب لعقد جلسة الثلاثاء، فسيحدد موعدًا جديدًا، مضيفًا "سأظل أحدد الموعد تلو الآخر حتى يوم القيامة".
وقلل بري من شأن أي عريضة نيابية، معتبرًا أنها لا تقدم ولا تؤخر، وليس من شأنها أن تلزمه بشيء، كاشفًا أنه يعد صيغة أو فتوى دستورية تتيح التمديد للعماد جان قهوجي، في حال تعذر انعقاد الجلسة أو تشكيل الحكومة حتى موعد انتهاء خدمته في أيلول/سبتمبر المقبل، مضيفًأ عن الملف الأمني، أنه "قلق وخائف على الوضع الأمني في البلد، وأن انفجار الضاحية الجنوبية ليست رسالة، بل بداية مسلسل تفجير خطر"، واصفًا إياه بأنه "يهز الجميع"، لافتًا إلى أن "هذه المشاكل تشبه روافد النهر، التي يجب أن تصب في مصب واحد يضمن حلها، وهو تشكيل حكومة بسرعة"، معربًا عن أسفه من أن اقتراحه الذي قدم فرصة ووجه بحملة تشكيك لإلغائه، وان التعطيل يأتي من فريق رئيس الحكومة المكلف تمام سلام.
ورأى رئيس مجلس النواب، أنّ "الأمن كلّه يهتزّ، ومن أجل ذلك علينا الإسراع في تأليف الحكومة"، فيما انتقد الحملة التي يتعرّض لها الجيش ولجنة الدفاع النيابية، وقال "أفهم أن تُساءَل اللجنة، ولكنّ ما لا أفهمه هو أن تصبح القصّة في الشارع، وتنعقد لقاءات ومؤتمرات هنا وهناك تحت عناوين عدّة للهجوم على الجيش، فكأنّ الجيش أصبح لفريق من دون آخر"، مضيفًا أنّه "لا يزال على موقفه لجهة التسهيلات التي قدّمها من أجل تأليف الحكومة، ويجب أن تؤلّف الحكومة سريعًا، لقد قدّمنا اقتراحات أزلنا فيها فكرة الثلث المعطّل، لكن (أمّ الصبي قبلت والجيران لم يقبلوا)، وأنّ الفريق الذي أتى منه الرئيس المكلّف هو مصدر التعطيل، فبعد كلامي بشأن تسهيل التأليف أقيمت طلعات ونزلات عن هذا الكلام، ولكنّني لم أغيّر شيئًا ممّا قلته".
وردًا على سؤال: هل قدّم أسماء للتوزير إلى الرئيس المكلّف؟ أجاب برّي "لن أقدّم شيئًا الآن، وقلت إلى الرئيس المكلّف أنا جاهز"ـ مضيفًا بشأن جدول أعمال الجلسة النيابية المقرّرة الثلاثاء، "لقد بات جدول الأعمال هذا حرفًا لا يُقرأ، وهذا الجدول لا يزال قائمًا، وأنا عند التزامي، وهو أن يحضر الجميع ونناقش ونتّفق".
وكشفت قيادة الجيش، أن قوة عسكرية أوقفت صباح الأحد عند أحد الحواجز في بلدة عرسال سيارة "بيك أب" عثر فيها على كمية من الأسلحة والذخائر الحربية، وهي ثلاث بنادق حربية مع 500 رصاصة وثلاثة صواعق وأجهزة تفجير من بعد و15 بزة عسكرية وربطات للرأس واليد، تحمل شعار "جبهة النصرة"، وكذلك أوقفت قوة أخرى من الجيش على طريق بعلبك - حمص الدولية عند مفترق بلدة الكنيسة، سيارة "فان" فيها خمسة أشخاص، هم: أحمد علي ح. (مواليد 1983 سائق الفان) وأسامة أحمد م.، بكر محمد ا. (مواليد 1996) لبنانيان، ومحمد محمود م. (مواليد 1996) من الجنسية الفلسطينية، والسوري تمام خيرالله غ. (مواليد 1980)، وعثر مع كل من الموقوفين على خمسة آلاف دولار أميركي وأعتدة، إضافة الى عصب للرأس واليد تحمل شعار "جبهة النصرة".
وتأتي هذه العمليات الأمنية في وقت تعمل فيه قيادة "حزب الله" على تفكيك الرسائل المشفرة والواضحة للتداعيات السياسية والأمنية لانفجار بئر العبد، الذي وقع الأسبوع الماضي في قلب الضاحية الجنوبية من بيروت معقل الحزب، وتشديد إجراءات الأمن الذاتي في مناطقها، وتزامنًا جاءت هذه العمليات فيما الفراغ في المؤسسات يدهم الحياة اللبنانية ويتسلّل الى الأمن، مع التعثّر الحكومي، وتعذّر عقد الجلسة النيابية الثلاثاء، والتي في أول بنودها التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي، واستمرار الشروط والشروط المضادة بما يمكن أن يطيح التمديد لقهوجي، وعودة اللواء أشرف ريفي معًا، ومن هنا تزداد المخاوف الأمنية من تحول لبنان ساحة لـ"جبهة النصرة"، ردًا على تورط "حزب الله" في الحرب الدائرة في سورية.
وقال مرجع أمني مطلع، أنه حذر قبل مدة من عمليات مماثلة لما جرى في الضاحية، أو من محاولات مستمرة لتفجير الوضع في لبنان، ردًا على التدخل في سورية، وأبدى تخوفًا شديدًا من نجاح هذه المحاولات، رغم الاحتياطات التي يتخذها الحزب وحلفاؤه في لبنان، إذ أن لا حواجز أمام عمليات تفجير انتحارية، معتبرًأ أن "التوافق السياسي وحده قادر على درء الفتنة الداخلية، وجبه الاعتداءات الخارجية، وأن هذا التوافق غير متوافر، ولن يكون ما لم ينسحب (حزب الله) من سورية".