البرلمان اليمني
صنعاء ـ علي ربيع
تصاعدت حدة الاتهامات بين فرقاء العملية الانتقالية للسلطة في اليمن، خلال الأسبوع الأخير إثر الخلافات التي سادت البرلمان، وما أعقبها من إعلان نواب"أحزاب المشترك" مقاطعتهم للجلسات، وسط مخاوف من أن يؤدي تطور هذه الخلافات وارتفاع وتيرة الاتهامات المتبادلة إلى انهيار الأداء التوافقي الهادئ نسبياً
والسائد منذ شهرين بين الأطراف السياسية على طاولة مؤتمر الحوار الوطني الشامل المنعقد في صنعاء منذ آذار/مارس الماضي في سياق خطة نقل السلطة التي كانت اقترحتها دول الخليج ووافق عليها المتخاصمون اليمنيون في أواخر تشرين الثاني/نوفمبر 2011 إنهاءً للأزمة التي عصفت بالبلاد أثناء موجة الاحتجاجات العارمة ضد نظام الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح.
واتهم تكتل أحزاب "اللقاء المشترك" الشريك في نصف حقائب حكومة الوفاق الوطني الحالية نظام صالح السابق بالسعي إلى إعاقة العملية الانتقالية والانقضاض على السلطة مجددا، في وقت عقد حزب المؤتمر الشعبي العام(حزب الرئيسين السابق والحالي) اجتماعاً برئاسة النائب الثاني لرئيس الحزب الدكتور عبد الكريم الإرياني ضم أعضاء لجنته العامة(المكتب السياسي) ووقف على أداء ممثليه في مؤتمر الحوار الوطني، متهماً شركاءه في العملية السياسية(أحزاب اللقاء المشترك) بذات التهمة التي وجهت إليه وهي محاولة إعاقة العملية الانتقالية.
وأعلنت أحزاب"اللقاء المشترك" الستة التي كانت معارضة لنظام صالح وقادت الاحتجاجات في 2011 للإطاحة به، مقاطعتها الأسبوع المنصرم لجلسات البرلمان ذي الأغلبية التابعة لحزب المؤتمر الشعبي، مشترطة إجراء انتخابات جديدة لرئاسة البرلمان لمعاودة حضور الجلسات، فيما واصل نواب الأغلبية أعمال البرلمان دون الالتفات إلى مطالبهم.
وجاء موقف"أحزاب المشترك" بعد أن كان البرلمان رفض تمرير تعديل على قانون الجامعات الحكومية يضمن انتخاب رؤساء الجامعات وعمداء الكليات كانت تقدمت به الحكومة وأعلنت هذه الأحزاب تبنيها له، معتبرةً الاعتراض على تعديل القانون منافياً لروح "التوافق السياسي واستقواءً بالأغلبية" النيابية لحزب المؤتمر الشعبي، والتي قالت إنها أغلبية "سقطت بموجب اتفاق التسوية السياسية" المعروف بـ"المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة".
واتهمت هذه الأحزاب التي يتصدرها حزب الإصلاح(الإخوان المسلمون) والحزب الاشتراكي اليمني، من وصفتهم بـ"بقايا النظام" بقيادة صالح بافتعال العراقيل أمام العملية الانتقالية، وقالت في بيان لها إنها تدين "التوجهات والأساليب التي يمارسها بقايا النظام السابق بإشراف مباشر من المخلوع علي عبدالله صالح التي تهدف لإفشال التسوية السياسية القائمة على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية كما تهدف إلى جر البلاد إلى أزمات وصراعات من شانها خدمة أجندتهم اللاوطنية التي يتصدرها الانتقام والانقضاض على السلطة".
كما أكدت على رفضها القاطع، بحسب تعبيرها، " للممارسات التي يقوم بها رئيس البرلمان المخالفة للقانون ولوائح المجلس وأسس التوافق التي نصت عليها المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية، مؤكدة على تمسكها بمواقف ومطالب كتلة المشترك في البرلمان التي أعلنت انسحابها من جلسات البرلمان" ووصفت البرلمان بأنه" تحول الى هيئة خاصة للمؤتمر الشعبي العام وفقا للأغلبية العددية التي أسقطتها المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية".
من جانبه، عقد حزب المؤتمر الشعبي ، اجتماعاً لأعضاء لجنته العامة(المكتب السياسي) برئاسة النائب الثاني للحزب الدكتور عبدالكريم الإرياني، الذي يعمل، إلى ذلك، مستشاراً للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي وينوبه ضمن خمسة نواب آخرين في رئاسة مؤتمر الحوار الوطني، حيث ناقش الاجتماع أداء ممثلي الحزب في الحوار والرؤى التي يقدمها بشأن قضايا الحوار.
كما ناقش مواقف شركائه السياسيين الأخيرة، من "أحزاب المشترك" واتهمها بحسب ما نقلته المصادر الإعلامية التابعة له، بارتكاب ممارسات تحاول "إرباك التسوية السياسية وروح الوفاق وأجواء الحوار" الذي قال الحزب إنه يمثل" محطة تفاؤل كبيرة لدى أبناء الشعب اليمني يعول عليها في تحقيق الأهداف المرجوة وتجاوز الأزمات التي تمر بها اليمن والوصول إلى رؤية جديدة للمستقبل".
وبحسب مراقبين، يأتي تغيب صالح عن الاجتماع الأخير لحزبه الذي لايزال رئيساً له رغم تركه السلطة وتولي نائبه الأول عبدربه منصور هادي رئاسة البلاد توافقياً في شباط/فبراير 2012، من قبيل إتاحة الفرصة لظهور الإرياني في رئاسة الاجتماع ونفي شائعات استقالته التي كان خصوم الحزب روجوها في الأيام الأخيرة.
وفي حين تعاني البلاد من انفلات في الأمن تؤكده توالي الهجمات المسلحة على المصالح الحيوية وحوادث الخطف المتزايدة، يتخوف المراقبون من أن تتفاقم خلافات الأطراف السياسية اليمنية مجددا لتعصف بطاولة الحوار الوطني المنعقد في صنعاء منذ شهرين بمشاركة ممثلي كل القوى والأحزاب، في وقت تتواصل أعمال الفرق المنبثقة عنه لبحث القضايا المطروحة عليه، والتوافق بشأنها لوضع أسس جديدة لبناء الدولة والحكم الرشيد، وتحقيق العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية، وكتابة الدستور الجديد وصولا إلى انتخابات شباط/فبراير القادم المقررة في ختام العامين الانتقاليين.