زير الدفاع التونسي في عهد الرئيس السابق ورئيس حزب "الوطن الحر" محمد جغام
تونس ـ أزهار الجربوعي
أكد و لـ"العرب اليوم"، أن عزل الرئيس المصري محمد مرسي، تصحيح مسار وليس انقلابًا عسكريًا، في حين استبعد زعيم حزب "النهضة" الإسلامي الحاكم، انتقال السيناريو المصري إلى تونس، مؤكدًا أن "النهضة" قدمت تنازلات
سياسية كثيرة من أجل الصالح العام، فيما اعتبر القيادي في حركة "الشعب" الناصرية زهير المغزاوي، أن شرعية الصناديق الانتخابية لا تكفي "الإخوان"، وأن "النهضة" إذا واصلت "تغولها" فسيتم إسقاطها بالطريقة نفسها.
ورحب محمد جغام، بعزل الرئيس المصري محمد مرسي من قِبل الجيش، قائلاً لـ"العرب اليوم"، "إن مصر عاشت تصحيح مسار وليس انقلابًا عسكريًا، بعد أن كانت تتجه في طريق مظلم يخيّم عليه الانغلاق، وكنت أشعر بالأسف على الحال التي وصلت إليها بلاد عظيمة بحجم مصر، والآن بتنا نشعر ببوادر انفراج نأمل بأن تسير تونس على نهجها".
وبشأن اعتباره من أزلام وبقايا النظام السابق في تونس، لأنه كان أحد قياديي حزب الرئيس السابق وتقلد مناصب وزارية من بينها حقيبة الدفاع في عهد بن علي، أكد جغام أن "اتهام بقايا النظام السابق في مصر أو تونس بتدبير المؤامرات، ليس إلا مبررًا لفشل أنظمتها الجديدة التي عجزت عن إحداث التغيير الذي تطالب به الشعوب والوفاء بوعودها، وأن صفحة الأنظمة السابقة قد تم طيها، ولابد من النظر إلى المستقبل، وأن حزبه يؤيد وقوع سيناريو مشابه لما وقع في مصر، يقود إلى عزل حزب (النهضة) الحاكم من قبل الجيش في تونس"، واصفًا إياه بـ"تصحيح المسار الذي سيؤدي إلى سلطة وقتية تؤدي بالبلاد نحو انتخابات مقبلة في أقرب الآجال".
وعن التشابه بين الواقع التونسي والمصري، أكد الوزير السابق، أن "النظام التونسي الذي يقوده حزب "النهضة" والمصري المعزول بزعامة (الإخوان المسلمين) يشتركان من حيث الفشل بعد أكثر من عام على توليهما السلطة، لا سيما من حيث عدم قدرتهم على الوفاء بوعودهم في تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، ولكننا لم نر منهم شيئًا"، فيما توقع أن "يكون لعزل مرسي أثر عميق على تونس وحكامها الحاليين، الذين ظنوا أن الطريق بات ممهدًا أمامهم للبقاء في للسلطة، وأتوقع حدوث رجة في العقول والنفوس، وعلى (النهضة) مراجعة حساباتها، والتخلي عن قانون تحصين الثورة الإقصائي، الذي يعدُ رمزًا للانغلاق ولإقصاء منافسين سياسيين عن الانتخابات".
واعتبر رئيس حزب "الوطن الحر"، أن "النهضة" فشلت في تحقيق أهداف الثورة المتمثلة أساسًا في صياغة الدستور والتأسيس لقضاء مستقل، وضمان سقف عالي من الحرية ، وأن المشهد السياسي في تونس يتسم بالغموض في ظل طول أمد الانتخابات، والمماطلة في تحديد تاريخ معين لها، كما أن الخريطة السياسة تغيرت بعد الانتخابات الماضية، ولم تعد "النهضة" تحتل الصدارة، وأن فرضية تحالف الأحزاب الدستورية (نسبة إلى الحزب "الحر الدستوري" الذي أسسه الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة) تبقى واردة.
وشدد الأمين السابق لحزب "الشعب" الناصري زهير المغزاوي، في حديث إلى "العرب اليوم"، على أن "شرعية الصندوق الانتخابي لا تبطل الشرعية الثورية، وأثبتت أنها لا تكف للبقاء في السلطة، وأن (الإخوان المسلمين) أساؤوا فهم الشرعية الانتخابية، وتغولوا في مفاصل الدولة، وأن ما حدث في مصر له علاقة كبيرة بما يحدث في سورية وبمعركة القصير، التي أوقفت المد (الإخواني) في المنطقة، وهو ما يفسر أحداث تركيا التي أعقبها تنازل أمير قطر عن الحكم".
وفند المغزاوي الرأي القائل "إن الدول الأجنبية تقودها أميركا تقود مؤامرة للإطاحة بأنظمة (الإخوان المسلمين) في المنطقة"، موضحًا أن العسكر تعاملوا مع "الإخوان"، وكان لهم الفضل في صعودهم إلى السلطة في مصر، ووأن "الإخوان" هم من جاؤوا بمؤامرة أجنبية وصعدوا إلى الحكم بتوافق دولي، إلا أن موزاين القوى انقلبت ضدهم، وباؤوا بغضب من القوى الغربية التي كان لها الفضل في بلوغهم سدة الحكم.
واعتبر المغزاوي أن "سقوط مرسي لم يكن نتيجة مؤامرة دولية، لأنه قدّم خدمات جليلة للغرب، من بينها أنه نجح في ترويض المقاومة إلى جانب موقفه من الأحداث في سورية ونعته لإيران بحزب الشيطان"، مضيفًا بشأن إمكان انتقال السيناريو المصري إلى تونس، أن "تونس تفتقر حاليًا إلى قيادات سياسية قادرة على إنجاز ما فعله المصريون"، واصفًا إياهم بـ"المترددين الذي لا يصلحون لقيادة الجماهير"، مؤكدًا أن "هؤلاء النخب ضيعوا فرصتين سانحتين لتصحيح المسار وإنجاح الثورة، الأولى عندما بايعوا رئيس الحكومة الأسبق الباجي قائد السابسي بعد أحداث (القصبة 2)، أما الفرصة الثانية التي أضاعوها فكانت في 6 شباط/فبراير 2013، غداة اغتيال زعيم حزب (الوطنين الديمقراطيين) شكري بلعيد"، داعيًا "النهضة" إلى الاعتبار من كل هذه الدروس، مشددًا على "أنها إذا واصلت التغول والتبجح بالعنتريات الفارغة، فستواجه مصير الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، وسيتم إسقاطها هي الأخرى".
وقد تباينت ردود الأفعال بعد عزل الرئيس المصري محمد مرسي داخل تونس، مهد الربيع العربي، فهي أحد أكثر المعنيين بالأحداث الجارية في أرض الفراعنة، إلا أن أكثر المراقبين يخشون إعادة السيناريو المصري ولو برواية مختلفة، فيما يرى محللون أن الجهة التي تقف وراء اغتيال الأمين العام لحزب "الوطنيين الديمقراطيين" شكري بلعيد، كانت تهدف إلى إجبار الجيش التونسي على التدخل في البلاد وجره نحو الإمساك بزمام السلطة لعزل حزب "النهضة" عن الحكم، وخلق حالة من الفوضى والفراغ في البلاد، إلا أن المؤسسة العسكرية في تونس أثبتت مجددًا أنها غير معنية بالسلطة والصراعات السياسية، وقد صنعت الفارق بعد أن اختارت الوقوف إلى صف الشعب التونسي خلال ثورة 14 كانون الثاني/يناير 2011، كما أكد متتبعون للشأن السياسي في تونس، أن "إخوان تونس" تفوقوا تكتيكيًا على "إخوان مصر"، ونجحوا في تجربة ائتلاف الترويكا الحاكم، حينما قرروا مشاركة الحكم مع أكبر قوتين حزبيتين حلت بعدهم في الانتخابات الأخيرة (التكتل والمؤتمر من أجل الجمهورية)، في التحالف الذي دأب الرئيس التونسي المنصف المرزوقي على الافتخار به بوصفه النموذج المثالي للائتلاف بين الإسلاميين والعلمانيين المعتدلين، وهو ما ساهم في تخفيف الضغط وحدة الانتقادات بين أحزاب الترويكا الثلاثة، التي تشاركت الحكم والسلطة وتداعياتها فشلاً كانت أم نجاحًا.
وفي أول تعليق له على عزل الرئيس مرسي، قال زعيم حزب "النهضة" الإسلامي الحاكم في تونس راشد الغنوشي، "إن بعض الشباب الحالم يمكن أن يظن أنه يستطيع أن ينقل ما يقع في مصر إلى تونس، ولكن هذا إضاعة للجهود، وأنه يحتمل أن يقفز الناس فوق حقائق الواقع والاختلاف في الزمان والمكان، والوقوع في مغالطة اسمها القياس مع وجود الفارق، وأنه لا ينفي التأثر والتأثير بما يقع في مصر على تونس، لكن هذا التأثير لا يكون بشكل آني، لكن بقدر تشابه الواقع فمصر تأثرت بالثورة التونسية عندما انطلقت وذلك لتشابه الواقع وقتها، ولكن حاليًا نحن نؤكد أن الوضع والواقع مختلف"، مؤكدًا أن "النهضة" قدمت العديد من التنازلات السياسية والفكرية من أجل المصلحة العامة، ولهدف تجنب الاستقطاب الآيديولوجي، وتحقيق التوافق، تفاديًا لسيئات الانقسام والتشرذم بين مؤمنين وكفار.
وأكد الغنوشي، أن "النهضة" قدمت تنازلات في مجال الدستور، حتى يمثل الدستور جميع التونسيين، كما أنها تعمل في ظل حكومة ائتلافية وللسلطة رؤوس ثلاثة كل منها ينتمي إلى حزب كبير ومعروف، وكلها لها مشاركة حقيقية في الحكم.
وبشأن أوجه التقاطع والاختلاف بين "النهضة" التونسية و"الإخوان" في مصر، قال زعيم الحزب الحاكم، "كل له أوضاعه الخاصة، ولكن بالنسبة لوضعنا في تونس دعونا وما زلنا إلى ديمقراطية مبنية على الشرعية والتوافق والحوار، شرطًا لإنجاح المرحلة الانتقالية التي تحتاج إلى توافق ولاحترام شرعية صندوق الاقتراع، وقدمنا تضحيات كبيرة من أجل هذا، فمثلاً نحن تخلينا عن وزارات السيادة من أجل التوافق لتجنيب بلادنا الانقسام"، مشددًا على أن "الجيش التونسي يختلف عن نظيره المصري لأنه ظل بعيدًا عن السياسة"، مشيدًا بالتزامه الصارم بالمهنية التي تعني حراسة الأمن القومي والوطني للدولة، بعيدًا عن أي تدخل في الشؤون السياسية.