الجزائر ـ حسين بوصالح أكد رئيس الوزراء الجزائري عبد المالك سلال، الإثنين، أن "الاعتداء الإرهابي الذي تعرضت له منشأة (الحياة) النفطية في تيقنتورين في عين أميناس، كان يهدف إلى تفجير منشأة الغاز، إضافة إلى محاولة الخروج بأكبر عدد من الرهائن الأجانب، وجعلهم ورقة ابتزاز وتفاوض مع الدول الغربية بشأن الأزمة في مالي"، مضيفًا أن "المجموعة المسلحة فشلت في تحقيق أهدافها"، فيما كشف مصدر أمني جزائري، عن أن المسلحين القتيلين اللذين عثر على جثتيهما داخل منشأة الغاز هما كنديان، وأن القوات الخاصة الجزائرية عثرت على الجثتين في محطة تيقنتورين للغاز قرب عين أميناس".
وأوضح سلال، خلال حضوره ندوة صحافية في إقامة جنان الميثاق في الجزائر العاصمة، الإثنين، خصصها للاعتداء الإرهابي على عين أميناس، أن "الهجوم الإرهابي نفذه 32 إرهابيًا متعددي الجنسية قدموا من شمال مالي، وأن جنسياتهم متنوعة جزائرية وموريتانية ومالية وتونسية ومصرية وكندية"، مضيفًا أن "الإرهابي الكندي الأصل اسمه شداد، وأن قائد العملية هو الجزائري محمد علي بن شبيب، والذي قُتل أثناء محاولته الفرار".
و في رده عن سؤال حول كيفية نجاح عناصر كتيبة "الموقعين بالدماء" في اقتحام المنشأة الغازية، أكد رئيس الحكومة الجزائرية أن "الإرهابيين لقوا مساعدة من سائق ينتمي إلى شركة (BP) البترولية الذي ساعدهم على الدخول إلى المنشأة"، كاشفًا عن أن "عدد الرهائن الأجانب الذين لقوا مصرعهم إثر الاعتداء الإرهابي في (قاعدة الحياة) بلغ عددهم 37 شخصًا من 8 دول وجزائري واحد، وأن 5 رهائن أجنبيين لا يزالوا مفقودين، فيما لم تحدد هوية 8 جثث رهائن حتى الآن"، مؤكدًا أن "عددًا من الرهائن الأجانب تم قتلهم بطلقات رصاص على مستوى الرأس من قبل الخاطفين، وأن الجيش الجزائري كان أمام خيار وحيد لتجنّب كارثة إنسانية وهي الاقتحام وتحرير أكبر عدد من الرهائن، وأن العملية كانت صعبة وبخاصة أن عناصر بلمختار قاموا بتفخيخ بعض الرهائن".
وأشاد سلال بدور "الجيش الشعبي الوطني واحترافيته العالية التي سمحت بتجنب كارثة عظمى، بعدما تأكد أن الإرهابيين كانوا بصدد تفجير المنشأة الغازية، مما كان سيتسبب في كارثة عظمى وخسائر بشرية فادحة"، موضحًا أن "الجيش حرر أكثر من 700 رهينة، وأن المنشأة المستهدفة من قبل الإرهابيين كان يتواجد بها 790 عامل من بينهم 134 عاملاً أجنبيًا من 26 جنسية مختلفة".
وعن الحرب في مالي، أكد رئيس الوزراء أن "الجزائر لن ترسل جيشها إلى شمال مالي، ولن يضع أي عسكري جزائري قدمه في الأراضي المالية، وأن بلاده ستعمل على حماية حدودها، وسيبقى موقفها ثابتًا بتشجيع الحوار بين مختلف الأطراف لإيجاد حل للأزمة في مالي، موازاة مع استئصال الإرهاب والجريمة بكل أشكالها في منطقة الساحل".
في السياق، كشف مصدر أمني جزائري، عن أن المسلحين القتيلين اللذين عثر على جثتيهما داخل منشأة الغاز التي تعرضت إلى الاعتداء الإرهابي، هما كنديان، وأن القوات الخاصة الجزائرية عثرت على الجثتين في محطة تيقنتورين للغاز قرب عين أميناس".
واقتحمت القوات الجزائرية المحطة لتنهي أزمة رهائن بدأت عندما سيطر إسلاميون على الموقع قبيل فجر الأربعاء، وكثير من الرهائن وبينهم أميركيون وبريطانيون وفرنسيون ويابانيون ونرويجيون ومواطنون من رومانيا إما فُقدوا أو تأكد مقتلهم، فيما أشارت تقارير أمنية وإعلامية قبل أيام، إلى أن المجموعة المسلحة التي اعتدت على المنشأة النفطية تتكون من جنسيات 7 منها غربيان، ليتضح أن المسلحين هما كنديان انضما إلى كتيبة بلمختار.
وفي التحقيقات، استجوبت الشرطة  11 عاملاً في شركات مختلطة في القاعدة البترولية بتڤنتورين للاشتباه في تورطهم مع الجماعات الإرهابية، ويتعلق الأمر بـ 4 مساعدي  أمن في شركة بريتيش بتروليوم البريطانية، و5 آخرين من شركة سوناطراك، وعاملين اثنين بمطبخ شركة "جي.جي.سي" اليابانية، فيما ذكرت مصادر عليمة أن الخاطفين كانوا يرتدون زيا عسكريًا ليبيًا.
وكان محققون وجهوا مبدئيًا تهمة التواطؤ مع جماعة إرهابية لـ4 عمال جزائريين في مصنع الغاز، وبدأت التحريات الجمعة الماضية، وجمع المحققون أرقام هواتف كل عمال الشركة المختلطة بريتيش بتروليوم وسوناطراك وستاتويل وفحصوا المكالمات التي أجراها العمال سواء كانوا جزائريين أو أجانب طيلة 3 أشهر قبل بدء العملية.
وتمحورت التحقيقات التي باشرتها المصالح المختصة، حول كيفية حصول الخاطفين على 4 سيارات رباعية الدفع مشابهة تمامًا لتلك التي يستعملها عناصر الحراسة المسلحون لمجمع سوناطراك، واكتشفت أن سيارتين جديدتين مشابهتين لتلك التي يستعملها حرس سوناطراك، وبيّن الفحص الأولي أن السيارات المكتشفة تويوتا لاند كروسر الـ8 لم تسرق وأن الجماعة المسلحة عدلتهما من أجل خداع أمن البوابة الرئيسية للمؤسسة. ويعتقد بأن مصدر هذه السيارات الجديدة هو ليبيا.
وأكدت استجوابات العمال بشأن بداية عملية الاقتحام التي نفذتها كتيبة "الموقعون بالدماء"، أن المجموعة الإرهابية كانت على مستوى عال من التدريب، كما أن الخاطفين حملوا معهم رسمًا يشبه الخريطة للمصنع وأجزائه، وهو ما أكد وجود عملية استطلاع طويلة للمنشأة المستهدفة ساهم فيها واحد على الأقل من الموجودين داخل المجمع، في انتظار استدعاء جميع العمال والإطارات المشبوهين في تورطهم مع الجماعات الإرهابية، من خلال توفيرهم المعلومات المتعلقة بخريطة القاعدة البترولية قبل اقتحامها.
وتوصلت مصالح الأمن الجزائرية بعد متابعتها لكل المكالمات الهاتفية أن اتصالات هاتفية مشبوهة مع أفراد مجهولين في مالي وليبيا، إحدى هذه المكالمات تمت يوم 10 كانون الثاني / يناير الجاري  وقد اختفى صاحب الخط الهاتفي مع أحد أقاربه قبل العملية بيوم واحد ويجري حاليا البحث عنه، فيما استرجعت مصالح الأمن 3 هواتف من نوع "ثريا"بعد اعتقال 5 خاطفين الأحد، ويجري فحص دليل الهواتف المتعلق بالمكالمات الصادرة والواردة منهم.
وفي السياق ذاته، كشفت مصادر أمنية أن أحد الخاطفين المعتقلين في عملية الاعتداء، يدعى أبو طلحة وهو تونسي الجنسية، مشيرة إلى أنه العقل المدبّر للعملية بحكم خبرته ودرايته بمناطق العبور حيث خطط للتسلل من جنوب ليبيا انطلاقا من الأراضي المالية على متن 4 سيارات رباعية الدفع من نوع ''تويوتا لاند كروزر''و 4 سيارات من نوع "تويوتا ستايشن".
وأكدت المصادر نفسها، أن أبا طلحة خطط برفقة مختار بلمختار الموجود في مالي وأن "التونسي" أشرف على تدريبات عناصر الكتيبة في الأراضي النيجرية طيلة شهرين، مضيفا أن المسلحين تمكّنوا تحت جنح الظلام من الدخول في الحمادة عبر "واد جيري" لمسافة 15 كلم، ثم توجّهوا التفافا باستعمال الطريق غير المعبد الخاص بالشركات البترولية، ثمّ التفوا عبر عين أمناس إلى منطقة تيڤتورين بمسافة 80 كلم، وموّهوا سيّاراتهم على أنّها من سيارات الشركات البترولية لتطابقها.
من جهة أخرى، أفادت مصادر مطلعة نقلا عن شهود عيان عاشوا حادثة الاعتداء على منشأة تيقنتورين أن المجموعة المسلحة كان أغلب عناصرها ترتدي زيّ الجيش الليبي الجديد، وتتمثل في بدل عسكرية بلون أصفر صحراوي حصل عليها الجيش الليبي قبل أشهر ، فيما ارتدى المدعو أحمد أبو شنب الذي كلّف بالتنسيق خلال العملية زيا عسكريا أخضر غامق اللون، وهو الزي الخاص بحرس المنشآت النفطية في ليبيا.
وأكد خبراء أمن تحدث إليهم "العرب اليوم"، أن المجموعات المسلحة في الصحراء عادة تفضل اللباس الأفغاني، إلا أن مجموعة مختار بلمختار عاكست المنطق بارتداء لباس موحد مصدره ليبيا، وأكد المتحدثون أن بلمختار "الأعور" له علاقات واسعة في ليبيا وساند الثوار الليبيين في حربهم ضد النظام القذافي مما يؤكد فرضية التنسيق بتواطئ من جهات داخل المؤسسة العسكرية الليبية التي تبقى القيادة المركزية في طرابلس تفتقد السيطرة الكلية عليها، مما يشير إلى أن جماعة بلمختار لها نفوذ قويّ في ليبيا.
وفي إطار متصل، دان وزير الشؤون الخارجية الكندي جون بيرد الاثنين، الاعتداء الإرهابي الذي استهدف الموقع الغازي بعين أمناس واصفًا الهجوم بـ"المؤسف" و"الجبان".
وصرح بيرد "تدين كندا الاعتداءات المؤسفة والجبانة التي ارتكبها إرهابيون في منطقة عين أمناس"، مشيرًا إلى أن بلاده يبقى "شريكًا كاملًا في المكافحة التي يتم شنها على الصعيد العالمي ضد الإرهاب بكل أشكاله".
وفي السياق ذاته، أوضح المسؤول الكندي أنه " بالرغم من عدم توفر تفاصيل دقيقة بشأن حيثيات الوضع"، فإن الممثلين الكنديين لا يزالون  "على اتصال وثيق مع السلطات الجزائرية بهدف الحصول على توضيحات أوسع".