القاهرة – أكرم علي لاقت معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل تحذيرات دولية بعد زيادة الأنشطة الإرهابية في منطقة سيناء على الحدود بين القاهرة وتل أبيب. وتحدث معهد بروكنجز الأميركي، بشأن معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، والمخاطر التي تكتنفها أخيرا، بخاصة بعد إطلاق جماعة إسلامية مسلحة لصواريخ من سيناء المصرية إلى مدينة إيلات الإسرائيلية، وهو ما يلقي بالضوء على مدى حساسية العلاقات الثنائية بين البلدين بعد اندلاع الثورة المصرية.
وقال المعهد في تقرير له، إن موقف الرئيس المصري محمد مرسي خلال المواجهة بين غزة وإسرائيل في  تشرين الثاني/نوفمبر الماضي وتدخله لوقف إطلاق النيران، عزز من ثقة إسرائيل بأن جماعة الإخوان المسلمين، سوف تلتزم باتفاقية السلام، ولكن الرئيس المصري لم يعلن احتفاء صريحا باتفاقية السلام مع إسرائيل، كما أنه تجنب التواصل المباشر مع قيادتها.
وأضاف التقرير أنه مما لا شك فيه أن الحفاظ على السلام يخدم مصالح الطرفين، كما يتضح من الهجوم الذي تعرض له الجيش المصري في سيناء في الصيف الماضي، حيث قام مسلحون بقتل 16 جنديا وهو ما يشير إلى أن الإرهاب يمثل خطرا على مصر، كما يمثل ذلك على إسرائيل.
ونصح تقرير المعهد إسرائيل ومصر باتخاذ خطوات مقنعة للحفاظ على المعاهدة، مؤكدا أنه في ضوء المناخ السياسي المضطرب، "إن أي توتر يشوب العلاقات بين مصر وإسرائيل سوف يصبح شديد الخطورة وهو ما يمكن أن يشعل فتيل حرب أخرى مدمرة".
ونصح المعهد الأميركي بالحفاظ على معاهدة السلام، مؤكدا أن ذلك سيمكن مصر من تحقيق هدفها في تعزيز سلطة الجيش بالداخل وتعزيز نفوذها في الشرق الأوسط.
وأشار المعهد إلى أن إسرائيل كانت تتسامح مع النشاطات العسكرية المصرية في شبه جزيرة سيناء من نشر للقوات وهو ما يعد انتهاكا لاتفاقية السلام على أمل أن تتمكن مصر من تأمين الحدود والسيطرة على تهريب السلاح من غزة، ولكن إسرائيل لا تثق في أن نشر القوات سوف يمنحها الأمن، كما يتزايد مؤخرا قلق القيادات الإسرائيلية بشأن انتشار القوات المصرية في شبه الجزيرة دون التشاور معهم.
وأبدى تقرير المعهد تخوفه من تهديد المعاهدة بخطر آخر وهو أن الإخوان المسلمين كانوا يدعون باستمرار لإجراء استفتاء شعبي على المعاهدة وينظرون للقيود المفروضة على انتشار القوات المصرية في سيناء باعتبارها انتهاكا للسيادة المصرية، كما أدانوا مشاركة مرسي في حل أزمة غزة خلال العام الماضي ونظروا إليها باعتبارها خنوعا لإسرائيل.
وأكد المعهد أن الرئيس مرسى يتعرض لانتقادات من قبل كافة الأطياف السياسية داخل مصر نظرا لتقاربه مع إسرائيل، محذرا من أنه في ضوء الانهيار الاقتصادي واقتراب الانتخابات البرلمانية، هناك مخاوف بشأن اتجاه مرسي لتبنى توجها قوميا معاديا لإسرائيل.
وينصح المعهد بأن تتناقش الدولتان بشأن الملحق العسكري للاتفاقية لكي يتم السماح لمصر بنشر القوات في المناطق التي كانت محظورة من قبل وتحقيق سيادة كاملة على سيناء.
وأكد المعهد في تقريره أنه يمكن لمثل هذه الخطوة أن تعزز العلاقات الثنائية وتخلق إحساسا بالثقة داخل مصر، وتزيد من ثقة إسرائيل في التزام الإخوان المسلمين تجاه عملية السلام، كما يجب على البلدين مناقشة قضية الإرهاب التي تعد قضية ملحة لكلا البلدين، كما يعتقد المعهد أن الحكومة المصرية الجديدة سوف تكون أكثر التزاما بالمعاهدة إذا ما شاركت في سن بنودها.
وقال محللون مصريون إن الرئيس محمد مرسي يواجه انتقادت من أصحاب التيار الإسلامي لتقاربه مع إسرائيل والتزامه التأكيد على معاهدة السلام، رغم انتقاده لإسرائيل المستمر قبل أن يصبح رئيسا لمصر.
وقال أستاذ العلوم السياسية محمد عبد الشافي لـ "العرب اليوم" إن استمرار أصحاب التيار الإسلامي من انتقاد مرسي فيما يخص تقاربه من إسرائيل دون البحث عن حلول جذرية للسيطرة على سيناء، سوف يؤدي إلى طلب إسرائيل بحماية الحدود ونشر قواتها الخاصة لحماية أمنها القومي.
واستبعد عبد الشافي إمكانية إجراء استفتاء شعبي على معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، وسيكون الأمر مستبعد تماما، لتقارب الرئيس مرسي من الولايات المتحدة التي تعتبر المساس بمعاهدة السلام بمثابة خطر يهدد أمنها.
وأضاف أستاذ العلوم السياسية بمركز الأهرام عمرو هشام ربيع أنه ينبغي على الجانب المصري والإسرائيلي الوصول إلى حلول فعلية ومقنعة للسيطرة على سيناء بدلا من المساس بمعاهدة السلام المبرمة منذ عقود.
ودعا ربيع إلى التعاون الأمني على الحدود المصرية في إطار المعاهدة بين الجانبين، دون نشر قوات خاصة من قبل أي طرف وتغيير بنود المعاهدة.
وكان الرئيس محمد مرسي قد أكد في أكثر من مناسبة بالتزام مصر بمعاهدة السلام المبرمة مع الجانب الإسرائيلي.