طهران ـ مهدي موسوي يتعرض إلى حملة شرسة ضده وضد حكومته، على الرغم من أنه لم يتبق على مغادرته الحكم، والانتخابات الرئاسية الجديدة، سوى ستة أسابيع، إلا أن ذلك لم يمنع العديد من السياسيين، والشيوخ، في إيران، من مهاجمته حيث وصفه البعض بـ"الجبان"، بينما قال البعض أنه أشبه "بسائق مخمور".
وتقول صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية أن هذه الحملة الانتقادية لأحمدي نجاد هي الأحدث في سلسلة المعارك السياسية، التي نشبت في الآونة الأخيرة، بين نجاد وحلفائه من جهة، مع تحالف من رجال الدين وقيادات الحرس الثوري الإيراني في الجهة الأخرى.
وتشهد كل ليلة في إيران، في برامج الـ"توك شو"، وفي أوقات الذروة في تليفزيون الدولة، الذي يهيمن عليه خصوم أحمدي نجاد، قيام النقاد بشن حملة ضد ما يسمونه فشل الحكومة، في إدارة الأزمة الاقتصادية، ويحملون الرئيس نجاد، وليس العقوبات الدولية، مسؤولية الأداء الاقتصادي الضعيف.
وفي مقابلة، تمت خلال نيسان/أبريل، على القناة الثالثة، وهي قناة تحظي بأعلى نسبة مشاهدة، قدم أحد خبراء الاقتصاد بيانًا يوضح فيه كيف أن سياسيات أحمدي نجاد خلال فترة حكمه أدت إلى مزيد من البطالة، وفقدان فرص العمل، معربًا عن دهشته، لأن ذلك حدث في وقت شهدت فيه عائدات النفط أرقامًا قياسية في إيران.
وقد انضم بحماس، إلى هذه الحملة الانتقادية ضد نجاد وحكومته، العديد من الصحف بألوانها السياسية كافة، ووكالات الأنباء شبه الرسمية، ونشرت صحيفة "شارغ" صورًا، تكشف عن نسبة الحضور الضعيفة للجماهير، أثناء خطاب لأحمدي نجاد، حيث كانت مدرجات المكان شبه خالية، وخلال الأسبوع الماضي، نشر موقع "عصر إيران"، وهو موقع معتدل، استطلاعًا للرأي، يقول بأن نسبة 91.5% من الإيرانيين، يعارضون سياسات أحمدي نجاد الاقتصادية.
وتضيف صحيفة "نيويورك تايمز" أن هذا التغير في النغمة، يُعد بمثابة مؤشر على زيادة أعداد خصوم أحمدي نجاد، المتشددين في أوساط الزعامة الأيرانية، وذلك في الوقت الذي لا يسمح له فيه القانون بخوض انتخابات الرئاسة مرة ثالثة، ولكنه يحاول دعم المرشح المقرب له، وهو إصفانديار رحيم ماشائيج، في حزيران/ يونيو المقبل.
ويقول محلل سياسي إيراني أنه "على ما يبدو هناك خطة منظمة للهجوم على الرئيس، وحاشيته، وأصبح بإمكان كل فرد في إيران أن يهاجمه الآن"، ولكن تتناقض هذه الانتقادات مع الموقف عام 2009، عندما حشدت الزعامة الإيرانية، وقوات الأمن، قواهم من أجل دعم أحمدي نجاد، لإعادة انتخابه، وهي الانتخابات التي تردد بأنها مزورة، وأسفرت عن قيام الملايين بمظاهرات احتجاج آنذاك.
وقام النظام الإيراني آنذاك بحملة منظمة، من خلال وسائل إعلام الدولة الرسمية، وشبه الرسمية، بوصف كل من كان يشكك في فوز أحمدي نجاد بالرئاسة بأنه يحرض على الفتنة، ويهدف إلى قلب نظام الحكم الإسلامي في الجمهورية الإيرانية، وفي إطار تلك الحملة، قامت السلطات باعتقال المئات من الصحافيين والمنشقين والنشطاء، وأفراد من عامة الشعب، وتمت محاكمة البعض منهم علانية، عبر شاشات التليفزيون.
إلا أن السنوات التالية، شهدت تصدعًا بين حلفاء الأمس، بشأن دعم إصفانديار رحيم، المرشح الذي ينال دعم الرئيس، والذي يروج لنفسه بلغة قومية، وليس بلغة إسلامية، الأمر الذي استثار حفيظة المحافظين التقاليديين، المعارضين للنزعة القومية، التي تهدد سلطتهم.
وعادة ما يقابل الرئيس نجاد، وحلفائه، الآن بالعديد من الاحتجاجات المعادية لمرشحه إصفانديار، وذلك على يد أعضاء القوات شبه العسكرية التابعة للحرس الثوري، وخلال الأسبوع الماضي، تعرض أحمدي نجاد، أثناء زيارته لإقليم كوزخستان (غرب البلاد)، لانتقادات عديدة، وخلال تلك الزيارة اتهم بعض الأفراد بممارسة ضغوطهم، من أجل أن تبقى (غيران) وثروتها وشعبها في أيديهم. وقال أيضًا أنهم "يريدونه أن ينسى أهداف الثورة، حتى يتمكنوا من تحقيق الثراء"، وقد تسببت هذه التصريحات في ردود فعل غاضبة، على لسان رئيس أركان القوات المسلحة الجنرال حسن فيروزبادي، الذي قال أن "الرئيس يزعج بتصريحاته أذهان الشعب الإيراني"، وطالبت صحيفة "كيهان" الرسمية الرئيس نجاد بأن "يحدد أسماء هؤلاء المتورطين في أنشطة فساد"، وقالت الصحيفة أن "البلاد لا تريد رئيسًا رعديد خائف".
ومع ذلك، فإن العديد من الإيرانيين البارزين يعترفون بقلقهم من تهديدات الرئيس الإيراني، بالكشف عن أسرار الدائرة الداخلية الحاكمة، ويقول محمد رضا باهونار، أحد المرشحين للرئاسة، أنه لا ينكر حقيقة أنه خائف حقًا من قيام نجاد بتنفيذ تهديداته، وشبهه في هذه الحال بـ"سائق يقود شاحنة وهو مخمور".
وعلى الرغم من أن القضاء الإيراني أغلق المئات من الصحف والمجلات، خلال العشرة أعوام الماضية، إلا أنه يظل صامتًا في ضوء هذه الحملة الانتقادية، التي تنال من الرئيس أحمدي نجاد.
والمعروف أن رئيس السلطة القضائية صدِيق لارجاني، واحدٌ من بين خصوم أحمدي نجاد، وأحد أعدائه.
ويقول أحد المحللين الإيرانيين، رفض ذكر اسمه، أن قوات الأمن ووزارة الاستخبارات قد أعطت الضوء الأخضر إلى وسائل الإعلام، لشن حملة تشويه الرئيس أحمدي نجاد، لأنهم لا يرغبون في نجاح حليفه آصفانديار رحيم في الانتخابات المقبلة، الذي لم يعلن بعد الترشيح الرسمي له، وعلى الرغم دخول عدد من رجال الدين، ووزراء الخارجية السابقين، ومسؤولي المخابرات، في سباق الرئاسة، فضلاً عن علي أكبر رافسنجاني، الذي أعلن، الأحد الماضي، أنه لا يستبعد بعد خوضه للانتخابات.
ولابد للمرشحين من تسجيل أسمائهم رسميًا لدى وزارة الداخلية، خلال الفترة من 7 إلى 11 آيار/ مايو المقبل، ثم يقوم مجلس الوصاية بعد ذلك بفحص أوراقهم، ويتكون المجلس من 12 عضوًا يعينهم المرشد الأعلى للثورة الإسلامية آية الله على خامنئي، ورئيس الهيئة القضائية، حتى يقرروا في 21 آيار/ مايو، أسماء المسموح لهم بخوض الانتخابات المقبلة.
وقال آية الله علي خامنئي، في خطاب له، السبت الماضي، أن "أي شخص يفكر في خوض الانتخابات، عليه ألا يقدم وعودًا لا أساس لها، أو أن يرسم صورة وردية للمشاكل التي تواجه إيران".