كراكاس ـ العرب اليوم تُوفي رئيس فنزويلا هوغو شافيز،  بعد صراع مع السرطان في أحد المستشفيات العسكرية في كوبا، وفقًا لما أعلنه نائب الرئيس الثلاثاء، وهو ما أثار نوبة من الحزن ألمت بالمواطنين على الرئيس الذي يحكم البلاد منذ العام 1999 بطابعه المميز وأسلوب قيادته المؤثر عالميًا. وكان رمز أميركا اللاتينية قد أًصيب بعدوى الجهاز التنفسي الشعابية الحادة الثلاثاء الماضي، بعد صراع مع السرطان دام 21 شهرًا منذ الإعلان عن إصابته بالسرطان للمرة الأولى. هذا ولم يظهر الرئيس الفنزويلي الراحل في أي من المحافل العامة منذ ثلاثة أشهر في أعقاب إجراء جراحة طارئة له في كوبا في الـ 11 من كانون الثاني/ديسمبر الماضي.
ومن المقرر أن تكون لرائد الاشتراكية في أميركا اللاتينية جنازة مهيبة في حضور ملايين من أنصاره وعدد كبير من الزعماء الاشتراكيين حول العالم الذين سيسافرون إلى فنزويلا، لتشييع جثمان صاحب عقيدة الاشتراكية البوليفارية للقرن الواحد والعشرين التي روجت لها الكاريزما العالية التي كان يتمتع بها شافيز.
كما تجعل وفاة شافيز الانتخابات الرئاسية أمرًا حتميًا في الدولة التي تحتل المركز الأول فيما يتعلق باحتياطيات النفط على مستوى العالم، إذ يجب إجراء تلك الانتخابات خلال 30 يومًا. ومن المتوقع أن تكون المنافسة حامية الوطيس بين نائب الرئيس الذي عينه شافيز، نيكولاس مارودو وزعيم المعارضة هنريك كابريليس الذي خسر الانتخابات الأخيرة ضد شافيز وحتى إجراء تلك الانتخابات، من المقرر وفقًا للدستور، أن يتولى إدارة شؤون البلاد في هذه الفترة الانتقالية رئيس مجلس الشعب ديوسدادو كابللو.
جدير بالذكر أن وفاة شافيز، أكثر رموز فنزويلا تأثيرًا في نفوس الشعب، ستترك فراغًا هائلًا في كرسي الرئاسة، إذ نجح هذا الشاب المولود في إحدى القرى الفقيرة في فنزويلا في أن يكون حكمدار دبابة في الجيش، وأحد أهم أنصار سيمون بوليفار، محرر أميركا اللاتينية. وبعد انقلاب عسكري فاشل العام 1992، احتل شافيز مكانة متميزة وسرق الأضواء من الجميع، ليحكم فنزويلا من خلال نجاح ساحق في انتخابات شرعية، إذ أصبح أحد أشهر زعماء اليسار في أميركا الجنوبية والأشهر على الإطلاق بينهم. وغالبًا ما كانت خفة الظل تهيمن على تصريحاته كرئيس لفنزويلا، إذ كان على سبيل المقال يصف جورج بوش الابن بـ "الحمار والشيطان" أثناء انتقاده له لغزو العراق.
وكان شافيز من الزعماء القلائل المفوهين الذين يستطيعون الارتجال والتحدث إلى الشعب عبر شاشة التلفزيون لساعات طويلة من دون إعداد للحديث الذي يوجهه للعموم. وغالبًا ما كانت خطاباته تتسم بالتشويق والإثارة ينتظرها الناس بصفة دورية كل أسبوع. ففي حزيران/يونيو العام 2011، فاجأ شافيز الجميع عندما أعلن على الهواء أثناء حديثه الأسبوعي للشعب الفنزويلي أن "الجراحين في كوبا استأصلوا ورمًا بحجم كرة البيسبول من منطقة الحوض لديه".
وفي إطار ما وصفه بمعركته من أجل الصحة ومن أجل الحياة، تعرض شافيز لجلسات عدة من العلاج الكيماوي والعمليات الجراحية، إلا أن سجله المرضي وتفاصيل ما يعاني منه من أمراض لم يُعلن على الإطلاق في أي من مراحله، مما أثار التكهنات بأنه لن يتمكن من استكمال فترة رئاسية مقبلة. وعلى الرغم من ذلك، أكد أنصاره "أنه يتمتع بصحة جيدة وحالته تسمح بإدارة البلد لفترة رئاسية مقبلة، وذلك قبيل إجراء الانتخابات في تشرين الأول/أكتوبر العام 2012".
وعلى الرغم من عدم ظهوره كثيرًا في الحملة الانتخابية الأخيرة، نظرًا لظروفه الصحية وحالته التي كانت تتدهور بمرور الوقت، لكنه تمكن من جمع عدد غير مسبوق من الأًصوات لم يتمكن من الحصول عليها في أي فترة من فترات الترشح السابقة. أما المرات التي ظهر فيها على شاشات التلفزيون ووسائل الإعلام المختلفة، كانت علامات المرض تبدو واضحة عليه.
وكان رئيس فنزويلا الراحل قد خضع في 27 تشرين الثاني/نوفمبر العام 2012 لعلاج بالأكسجين في كوبا، إذ وجه خطابًا للشعب الفنزويلي اعترف خلاله أن "الأطباء اكتشفوا خلايا سرطانية في الأورام التي تكونت لديه، ودعا المواطنين إلى انتخاب مارودو، نائبه، حال عدم تمكنه من النجاة من السرطان".
ومنذ كانون الأول/ديسمبر الماضي، كان أفراد أسرته وزعماء أميركا الجنوبية من حلفاء يزورون شافيز في المستشفى في كوبا، على رأسهم فيدل وراؤول كاسترو رئيس كوبا، ورئيس الإكوادور رافاييل كورريا ورئيس بوليفيا أيفو موراليس. وعلى مدار تلك الفترة، لم يظهر شافيز سوى في مجموعة من الصور التي بدا فيها سعيدًا تعلو وجهه ابتسامة عريضة، وهو على سرير المستشفى محاطًا ببناته، وهي مجموعة الصور التي قُصد من خلالها تكذيب الشائعات التي أشارت إلى أنه يعيش على الأجهزة الطبية.
يُذكر أنه منذ إجراء الجراحة الطارئة في كانون الأول/ديسمبر الماضي وشافيز يتعرض لتدهور حاد في حالته الصحية، ليُنقل إلى كوبا مرة ثانية في 18 شباط/فبراير، بناءً على طلبه لاستكمال العلاج. وكان الأمل قد تبدد في شفاء الرئيس الفنزويلي  الإثنين الماضي عندما أعلن وزير الاتصالات في فنزويلا أن حالة الرئيس قد تدهورت جراء إصابته بعدوى الجهاز التنفسي، ليلقى الرئيس الفنزويلي حتفه في مستشفى كارلوس أرفيلو العسكري في كاراكاس.