معارض مسلح يطلق النار من موقعه في حي سيف الدولة
دمشق ـ جورج الشامي
سقط في سورية الإثنين 105 قتلى في أحداث العنف التي تشهدها البلاد، فيما سيطر الجيش الحر على اليادودة في درعا، واستهدف مقر هيئة الأركان في ساحة الأمويين في العاصمة دمشق بثمان قذائف هاون، وأظهر تسجيل فيديو سيارة كانت تقل مؤسس الجيش السوري الحر العقيد رياض الأسعد حين فقد ساقًا، في
غضون ذلك حصلت المعارضة السورية على مقعد دمشق في القمة العربية التي تستضيفها الدوحة الثلاثاء على أن يرأس وفدها الرئيس المستقيل للائتلاف السوري أحمد معاذ الخطيب الذي وصل بالفعل إلى الدوحة، فيما أعلن متحدث باسم البيت الأبيض أن الولايات المتحدة ستواصل دعم المعارضة السورية على الرغم من الاستقالة "الجريئة" لرئيسها، في حين أعلنت الأمم المتحدة سحب أكثر من نصف عدد موظفيها العاملين في سورية لسبب خطورة الأوضاع. وعاد إلى الواجهة احتمال إقامة منطقة عازلة في سورية بالتعاون مع قوى محلية تشعر بالقلق من الجهاديين الإسلاميين حال سقوط الحكومة السورية.
واستطاعت لجان التنسيق، الإثنين توثيق 105 قتلى بينهم أربع سيدات و15طفلا و14 تحت التعذيب، و33 في دمشق وريفها، و27 في حمص غالبيتهم في قرية آبل، و14 في حلب، و11في ادلب, و12 في حماة، خمسة في درعا، وواحد في كل من الرقة واللاذقية ودير الزور.
ووثقت اللجان 282 نقطة قصف في مختلف المدن والبلدات السورية، فسجل قصف الطيران من خلال 15 نقطة، وقصف بصواريخ سكود في نقطة واحدة، وقصف بصواريخ أرض - أرض فقد سجل في نقطة واحدة أيضًا, والبراميل المتفجرة، استعملت في نقطتين، وسجل استعمال القنابل الفراغية في الطبقة في الرقة وكفرزيتا في حماه، والقصف المدفعي سجل في 112 نقطة، أما قصف الهاون فقد سجل في 88 نقطة, و القصف الصاروخي في 62 نقطة.
فيما اشتبك الجيش الحر مع قوات الحكومة في 103 نقاط، قام من خلالها الجيش الحر بتحرير آخر الحواجز الموجودة في بلدة اليادودة في درعا, وحاصر الكتيبة العسكرية في غرب بلدة علما، وفي حلب قام الحر بتحرير عدد من المباني التابعة لقوات الحكومة داخل حي سيف الدولة وفي اتجاه مفرق زينو، وقتل العشرات من جنود الجيش السوري وأسر آخرين, أما في كفرنبودة في حماة، فقد استهدف الجيش الحر رتلا كان متوجهًا إلى الريف بصاروخ غراد, وفي معان قتل الحر عددًا من المسلحين الموالين للحكومة في كمين قد نصبه لهم الحر, وقد تم تحرير مسجد أيوم ومبنى الهلال الأحمر في حي سيف الدولة، أما في حمص فقد استهدف الحر عددًا من حواجز الحكومة في حيي جوبر والسلطانية وسيطر على عتاده وذخيرته بعد العملية, في دمشق، قام الحر باستهداف مقر القوات الخاصة في القابون، واستهدف مبنى قناصي قوات الحكومة على أوتوستراد دمشق- حمص الدولي، وفي ببيلا في ريف دمشق فقد قام الحر بدك عدد من مراكز تجمع قوات الحكومة في حي سيدي مقداد، وفي الزبداني تم استهداف حاجز العقبة بقذائف الهاون وقتل جميع العناصر.
وفي أبرز أحداث الإثنين ذكر "سانا الثورة" أن "الجيش الحر استهدف مقر هيئة الأركان في ساحة الأمويين في العاصمة دمشق بثمان قذائف هاون، سقط ثلاثة منها عند الأركان وآمرية الطيران وواحدة قرب السيف الأموي وسط الساحة وأخرى جانب دار الأوبرا، أعقب ذلك أصوات إطلاق نار من رشاشات ثقيلة.
فيما أظهر تسجيل فيديو تم الحصول عليه من موقع للتواصل الاجتماعي ما يعتقد أنها سيارة كانت تقل مؤسس الجيش السوري الحر العقيد رياض الأسعد حين فقد ساقًا في انفجار، وهي واقعة أكدها مسؤولون أتراك. وكان الأسعد الذي أسس الجيش السوري الحر العام 2011 للقتال من أجل الإطاحة بالرئيس بشار الأسد واحدًا من أوائل الضباط الكبار الذين ينشقون على الجيش السوري. وأظهر تسجيل فيديو التقطه أحد الهواة دماء سائلة تقود إلى سيارة زرقاء اللون أبوابها مفتوحة. وأمكن رؤية الدماء على مقاعد السيارة، لكن الأصوات التي سمعت في خلفية التسجيل المصور تشير إلى أن "من كانوا يسيرون على مقربة ربما لم يعلموا من صاحب السيارة أو أين كان ركابها حين صورت اللقطات". وقالت مصادر في المعارضة السورية إن "الأسعد أصيب في انفجار سيارة ملغومة في مدينة الميادين إلى الجنوب من دير الزور في جنوب سورية، إلا أن إصابته ليست مميتة". وكان الأسعد زعيمًا لمقاتلي المعارضة على الرغم من استبعاده من قيادة للجيش السوري الحر مدعومة من الغرب تم تشكيلها العام الماضي. ومنذ انشقاقه عاش معظم الوقت مع عائلته في مخيم في تركيا على الحدود السورية.
في غضون ذلك حصلت المعارضة السورية على مقعد دمشق في القمة العربية التي تستضيفها الدوحة الثلاثاء على أن يرأس وفدها الرئيس المستقيل للائتلاف السوري المعارض أحمد معاذ الخطيب، إلا أن انقساماتها الداخلية تلقي بظلالها على الإنجاز المعنوي الكبير الذي تحققه.
وقال ممثل المعارضة السورية لدى قطر نزار الحراكي، الإثنين، إن "الرئيس المستقبل للائتلاف المعارض "سيمثل سورية" في القمة العربية في الدوحة على رأس وفد من ثمانية أشخاص، وذلك في سابقة منذ تعليق عضوية دمشق في تشرين الثاني/نوفمبر 2011". وأضاف الحراكي أن "الشيخ معاذ سيجلس على المقعد المخصص لسورية في قمة الدوحة، إذ سيرأس الوفد الذي يضم ثمانية أشخاص من بينهم السيد هيتو" في إشارة إلى "رئيس الحكومة" المؤقتة للائتلاف غسان هيتو".
وقال الخطيب على صفحته على "تويتر" إنه "سيلقي كلمة باسم الشعب السوري في القمة العربية التي تستضيفها قطر الثلاثاء".
وقالت مصادر في القمة العربية التي تبدأ أعمالها في الدوحة إن "القمة ستدعو إلى قرار دولي ملزم بوقف القتال في سورية", وقال موفد الجزيرة وليد العمري إن "من المنتظر أن يدعو البيان الختامي للقمة مجلس الأمن الدولي إلى إصدار قرار ملزم بوقف إطلاق النار في سورية, ورعاية حوار وطني بشأن ترتيبات نقل السلطة, ومطالبة دمشق باحترام رغبة الشعب السوري في التغيير, مع الدعوة إلى الشروع في إعمار سورية".
وأضاف أن "ستة قادة عرب -بينهم رئيسا الجزائر والعراق- سيغيبون عن القمة، في وقت وصل إلى الدوحة بالفعل عدد من القادة العرب وممثلوهم، ومن بينهم رئيس الائتلاف الوطني المستقيل أحمد معاذ الخطيب الذي سيرأس وفد سورية في القمة بعد أن كان وزراء الخارجية العرب قد قرروا منح مقعد سورية للائتلاف".
فيما اختتم في دمشق ملتقى الحوار الوطني السوري الذي عقد على مدى يومين بمشاركة 600 شخصية يمثلون 51 حزبًا ومستقلين، وخرجت توصيات الملتقى بتأكيد أن "الحوار هو المخرج الوحيد للأزمة السورية ووقف العنف بكافة أشكاله". ودان المؤتمرون منح الجامعة العربية مقعد سورية للمعارضة واصفين ذلك بـ "الخروج عن ميثاق الجامعة والتمهيد للتدخل الخارجي في البلاد".
فيما أعلن متحدث باسم البيت الأبيض أن "الولايات المتحدة ستواصل دعم المعارضة السورية على الرغم من الاستقالة "الجريئة" الأحد لرئيسها أحمد معاذ الخطيب".
وتشير الاستقالة المفاجئة لأحمد معاذ الخطيب من رئاسة الائتلاف الوطني للمعارضة السورية إلى "الانقسامات في إطار هذه المعارضة، لكنها لم تغير موقف واشنطن التي ما زالت تأمل في سقوط الحكومة القائمة، كما قال المتحدث جوش ارنست". وأضاف "تؤسفنا استقالته"، مؤكدًا أن "هذه الاستقالة "لا تغير السياسة الأميركية التي تدعم المعارضة السورية والائتلاف الوطني للمعارضة".
وأوضح المتحدث أن "الولايات المتحدة تدعم "رؤية الائتلاف لسورية أكثر تسامحًا، ولا تستبعد أحدًا وتحترم حقوق جميع السوريين. ومعارضة الحكومة الوحشية لبشار الأسد لا تتوقف على شخص واحد، والحركة ستستمر". وأشاد البيت الأبيض بالخطيب، "القيادي الشجاع والعملي الذي يعرف ما يريده السوريون وما يتخوفون منه". وقال المتحدث أيضًا "لقد تولى الخطيب إدارة المعارضة بشكل جيد وسيواصل السوريون الاستفادة من خدماته، وليس مهمًا ماذا اختار أن يفعل في الوقت الراهن".
في سياق آخر، أعلن مسؤول في السفارة الروسية في دمشق أن "الدبلوماسيين الروس لا ينوون مغادرة سورية في المستقبل القريب". وقال المسؤول في اتصال هاتفي مع وكالة (إيترتاس) الروسية "ليست لدى المسؤولين في السفارة معلومات بشأن أي خطط لإجلاء وشيك للدبلوماسيين الروس". يشار إلى أن "الأمم المتحدة أعلنت سحب أكثر من نصف عدد موظفيها العاملين في سورية لسبب خطورة الأوضاع". وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة، مارتن نسيركي "قيم فريق إدارة الأمن التابع للأمم المتحدة الوضع وقرر تقليص وجود الموظفين الدوليين مؤقتا في دمشق لسبب الظروف الأمنية". وسينقل الموظفون الأجانب إلى مكتبي الأمم المتحدة في لبنان ومصر. غير أنه أضاف "ما زالت الأمم المتحدة عاملة وملتزمة بمساعدة الأطراف السورية في البحث عن حل سياسي". وأكد أن وكالات الأمم المتحدة وشركاءها ما زالوا ملتزمين أيضًا بتقديم المساعدة لملايين المحتاجين في سورية". وطلبت المنظمة من 800 موظف محلي آخرين يعملون لديها بالعمل من منازلهم حتى إشعار آخر.
وتعكس هذه الخطوة خشية الأمم المتحدة البالغة من التطورات العسكرية الأخيرة، لاسيما في العاصمة السورية. ويذكر أن بعض الموظفين الذين سينقلون إلى بيروت والقاهرة يعملون في مكتب المبعوث الدولي العربي إلى سورية الأخضر الإبراهيمي.
وفي جنوب البلاد وعلى خلفية سيطرة المعارضة المسلحة على المعابر الحدودية السورية مع الأردن أشار وزير الإعلام الأردني سميح المعايطة إلى أن "المملكة أغلقت المعبر الحدودي الرئيسي مع سورية نتيجة اشتباكات مستمرة هناك منذ يومين بين مقاتلي المعارضة السورية والقوات الحكومية". وأوضح المعايطة أن "الموقع الحدودي مغلق فعليًا إثر الاشتباكات المستمرة منذ الأحد".
وأضاف أن "بلاده لم تتخذ أي قرار بإغلاق حدودها مع سورية"، مشيرًا إلى أن "عمّان ستتخذ قراراتها بناء على مصالحها الوطنية. وكان رئيس كتلة (وطن) في البرلمان عاطف الطراونة، قال في وقت سابق الإثنين، إن "رئيس الحكومة الأردنية عبدالله النسور أبلغ أعضاء الكتلة خلال اجتماعه بهم، أن "الأوضاع في سورية أصبحت كارثية، ومقلقة كثيرًا، وخطيرة جدًا للأردن". فيما أفاد مصدر عسكري أردني بأن "مسلحي المعارضة السورية أغلقوا المعبرين الحدوديين الرسميين الوحيدين مع الأردن، في درعا ونصيب من الجانب السوري بعد سيطرته عليهما"، رافضًا إعطاء مزيد من التفاصيل.
وفي الجنوب أيضًا ولكن على الجانب الإسرائيلي أثار جنرال إسرائيلي احتمال إقامة منطقة عازلة في سورية بالتعاون مع قوى محلية تشعر بالقلق من الجهاديين الإسلاميين في حالة سقوط الحكومة السورية. وقال الميجر جنرال يئير جولان إن "مئات كثيرة" من الإسلاميين المتشددين يقاتلون في الحرب الأهلية المستمرة منذ عامين في سورية وقد "ترسخ أقدامهم" في سورية الجارة الشمالية لإسرائيل إذا سقط الأسد. وقال إن الجيش الإسرائيلي يعمل على فرضية أن هؤلاء المقاتلين سيشنون في نهاية المطاف هجمات على إسرائيل التي احتلت مرتفعات الجولان من سورية في حرب 1967.
وقال قائد القيادة الشمالية في الجيش الإسرائيلي، جولان في مقابلة نشرتها الإثنين صحيفة "يسرائيل هيوم" إن "الإجراء الذي لا يمكننا بالتأكيد استبعاده هو إقامة منطقة أمنية على الجانب الأخر من الحدود". ولم يذكر جولان الذي يشرف على القوات الإسرائيلية على الجبهتين السورية واللبنانية ما إذا كان يفكر في نشر قوات إسرائيلية في مثل هذه المنطقة العازلة. وأضاف أن "السوريين الذين لهم مصلحة مشتركة في التعاون معنا" ضد المقاتلين الإسلاميين المتشددين سيكونون الحلفاء الطبيعيين لإسرائيل في حالة إقامة تلك المنطقة العازلة". وأضاف "إذا سنحت فرصة وهو ما لم يحدث بعد، فيجب ألا نتردد". وأوضح "يجب عمل كل ما يلزم بحكمة وسرية مع مراعاة حقيقية لمصالح الجانب الأخر."
وأشار جولان إلى نموذج "المنطقة الأمنية" التي أقامتها القوات الإسرائيلية لمدة 15 عامًا في جنوب لبنان بهدف معلن هو إبعاد مقاتلي وصواريخ حزب الله عن حدود إسرائيل. وقال "خلاصة القول "المنطقة العازلة في لبنان" كانت واحدة من أهم الاستثمارات الأمنية التي قامت بها دولة إسرائيل على الإطلاق" في إشارة إلى منطقة كثيرًا ما تعرضت فيها القوات الإسرائيلية لهجمات ورحلت عنها في العام 2000.
وخلال الشهور القليلة الماضية سقط عدد من الصواريخ التي أطلقت خلال القتال بين القوات السورية ومقاتلي المعارضة داخل مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل. وتراقب قوات من الأمم المتحدة هضبة الجولان التي يسودها الهدوء منذ عقود. وأطلقت إسرائيل النار على سورية الأحد قائلة إنها "دمرت موقعًا للبنادق الآلية أطلقت منه أعيرة على جنود إسرائيليين في الجولان".