بيروت - لبنان اليوم
كتبت غادة غانم لـ"لبنان24": في أعقاب ثورة 17 تشرين الأول ضد نظام الفساد، تم تأليف حكومة حسان دياب، والتي قيل إنها حكومة اختصاصيين، إلاّ أنها، وفي جردة لمسار عملها، يتبين أنها انغمست في الذهنية نفسها التي كانت تعالج فيها الملفات.
وما شهدناه في ملفي التشكيلات القضائية والتعيينات ليس سوى عينة من المحاصصة التي تتحكم بمفاصل عملية ادارة الحكومة والسلطة في البلاد، وقد اصبحت شعارات هذه الحكومة حول استقلالية القضاء والإبتعاد عن السياسة وصراعاتها والتمسك بمعيار الكفاءة في خبر كان.
فسيناريو ما قبل جلسة الخميس أعاد الى الاذهان سيناريو ما قبل تأليف الحكومة. وفي المشهدين أُسند دور البطولة الى ريئس تيار "المردة" سليمان فرنجية، الذي رفع الصوت معترضا على محاولة استئثار رئيس التيار "الوطني الحر" جبران باسيل بالحصة المسيحية في تعيينات جلسة الخميس. وفي المعلومات أن الرئيس نبيه بري الذي سبق أن رمي حجر تعليق تمثيله في الحكومة مستهدفا عصفوري عودة المغتريبن وملف التعيينات اصطدم برسالة الرئيس سعد الحريري وفيها تهديد بالاستقالة من البرلمان فكان رد بري عليه: ليس بإستطاعتي فعل شيئ . وهو ما فرمل مساعي بري في التوصل الى تسوية، وصعبت عليه مهمة التوافق على تعيينات متوازنة لعدم إشعار أحد بأنه مستهدف فيها.
مصادر سياسية مطلعة على سير الإتصالات أوضحت لـ "لبنان24" أن الرئيس بري أكد رفضه محاولات البعض التفرد بالتعيينات، وقد ساند فرنجيه في موقفه متجنباً كسر الجرة مع الحريري، لكنها هذه المصادر إستغربت، في المقابل، إصرار دياب على تمرير التعيينات بالرغم من المعطيات الواضحة التي برزت في ساعات ما قبل الجلسة، خصوصاً بعد إبلاغ فرنجيه "حزب الله" أنه لن يحضر الجلسة وذهب إلى أبعد من ذلك، عندما قال: إذا تمت التعيينات بغيابي فسأستقيل.
وعلقت المصادر على كلام باسيل بأن التعيينات أجهضت من خلال الضغط من الخارج والسفارت، بسؤاله: هل كان تدخّل السفارات مشرّفاً عندما تم إطلاق سراح العميل عامر الفاخوري تجنباً لعدم إدراجكم على لائحة العقوبات، كما قال اكثر من طرف وفريق، وقد أصبح الآن تدخّل السفارات مرفوضا؟
فأين تكمن مشكلة الحكومة، الجواب في محاولة تطويع القانون والمؤسسات والمعايير حسب المصالح . وإذا كان الرئيس دياب قد ردد مرراً وتكرراً أن الحكومة لا تتأثر بالسياسة وستعمل على ترجمة مطلب الشعب بإستقلالية القضاء فإن أضعف الإيمان أن تبتعد عن ألاعيب السياسة وزواربيها؟
فلماذا الرضوخ لفريق يحاول السيطرة على مراكز القرار بقبول آلية التعيينات حينا ويلجأ الى إعتماد التوافق أحيانا. وهل باتت آلية التعيينات التي وضعت في عهد الرئيس ميشال سليمان من متتممات ديكور السلطة فقط، نضعها على طاولة مجلس الوزراء تلبية لمصالح فريق معين، وننسفها حين لا تتوافق ومصالح هذا الفريق؟ ولماذا ممارسة الكيدية والإنتقام والتهديد بفتح ملفات تمّ تجميدها أيام السمن والعسل إبّان الشراكة والآن تهددون بالمحاسبة ؟ هل الأمر بالنسبة إليكم عملية استنسابية ؟ فبعد وضع اليد على مراكز القرار القضائي والأمني والأداري والدبلوماسي لم يبق أمامكم سوى إحكام السيطرة على القرار المالي عبر تعيين نواب حاكمية مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف والأسواق المالية.
ولماذا الإصرار على تمرير التعيينات والقفز فوق التشكيلات القضائية، أليس من حق اللبنانيين معرفة حيثيات توقفها ومن هو المعرقل، ألا يجدر بوزيرة العدل ماري كلود نجم التي انتقدت الضغوط السياسية والمحاصصة التي تمارس بملف التعيينات، والتي وصفت مكافحتها بأنها أصعب من مكافحة كورونا، مصارحة الشعب بأسباب عدم إقرار التشكيلات؟
وعودكم بخلع ثوب المحاصصة نكثتم بها، خطابكم عن عدم الدخول في زواريب السياسة كأنه حبر على ورق، تمسككم بمعيار الكفاءة سقط عند طرح ملف التعيينات. فمهلاً يا سادة السلطة، آلية التعيينات موجودة وبإمكانكم العودة إليها لكن ليس اختياريا بحسب مصالحكم. عندما انكشفت محاولتكم تهريب المحاصصة عمدتم الى التهرب من الآلية، بالتأكيد يجب ان يكون القرار لبنانياً في أي قضية وملف، لكن الفريق الحاكم ومن خلال مواقفه يمعن ويؤكد الاستنسابية في ممارساته.
قد يهمك أيضا: