دمشق - جورج الشامي سقط 120 قتيلاً  في مدن سورية عدة، السبت، جراء القتال المتواصل بين القوات الحكومية ومقاتلي المعارضة، فيما سُجل انشقاق 85 عسكريًا في الزبداني، وسط أنباء عن هبوط طيار سوري منشق بطائرته من طراز "ميغ 23" في قاعدة جوية تركية، في وقت أعربت فيه الأمم المتحدة عن تفاؤلها بشأن عرض زعيم المعارضة معاذ الخطيب للحوار، بينما شهدت دمشق تعديلاً وزاريًا شمل 6 وزارات.
ميدانيًا، استمرت الاشتباكات في محيط ساحة العباسيين في دمشق، إلى جانب استمرار القصف لمناطق في الغوطة الشرقية، فيما استطاع "الجيش الحر" السيطرة بشكل كامل على مساكن الضباط، في حين اقتحم الجيش السوري حي الميدان في دمشق، وشن حملات دهم واسعة، وسط انتشار أمني كثيف.
كما سُجل، السبت، انشقاق 85 عسكريًا من نقطة النبي هابيل العسكرية، وتم تأمينهم من قبل عناصر "الجيش الحر" في الزبداني.
وفي حلب، تعرض محيط مطار منغ العسكري لقصف من قبل الطيران الحربي، تزامن مع اقتحام مقاتلي المعارضة أطراف المطار، ضمن سعيهم للسيطرة على المطارات التي يستخدمها سلاح الجو السوري لقصف مناطق عدة، كما شهدت حلب مقتل خطيب جامع صلاح الدين في منطقة الأشرفية، إثر استهداف للجامع من قبل من وصفوا بـ"المجموعات الإرهابية"، كذلك أعلنت كتائب "الجيش الحر" في جبهة حي الشيخ سعيد في حلب عن بدء المرحلة الثانية مما أسمتها "معركة الإخلاص"، التي تهدف إلى إحكام الحصار على كلية المدفعية ومحيطها في منطقة الراموسة.
وفي دير الزور، تجري اشتباكات عنيفة بين الجيشين السوري والحر في مدينة الحويق. وفي إدلب، دمرت عربتا "بي أم بي" على الأوتستراد الدولي، لقطع طريق الإمداد عن معسكري وادي الضيف والحامدية، وفي حمص، استمرت الاشتباكات في حي جوبر، في حين أسقط "الجيش الحر" طائرة ميغ في كفر نبودة في حماه، وسط اشتباكات عنيفة.
داخليًا، أعلنت وسائل الإعلام السورية الرسمية أن الرئيس بشار الأسد أجرى تعديلاً وزاريًا، معينًا وزراء جدد لمعالجة اقتصاد البلاد، الذي يئن تحت وطأة عامين من الاضطرابات والحرب الأهلية، حيث أعلن التلفزيون الرسمي أن الوزارات التي خضعت للتعديل هي وزارات النفط، والمال، والشؤون الاجتماعية، والعمل، والزراعة، بينما ظلت الوزارات المختصة بالأمن كالدفاع والداخلية دون تعديل.
وعلى الصعيد السياسي، قال مسؤول كبير في الأمم المتحدة، الجمعة، أن المنظمة ترى بصيصًا من الأمل بشأن سورية، في ضوء عرض زعيم المعارضة خلال الاجتماع مع ممثلي الحكومة لمناقشة عملية انتقال سياسي، في محاولة لإنهاء نحو عامين من القتال.
كما أكد الأمين العام المساعد للأمم المتحدة للشؤون السياسية جيفري فيلتمان أن العرض الذي قدمه رئيس الائتلاف الوطني السوري معاذ الخطيب "أكثر الأمور المبشرة التي سمعناها بشأن سورية في الآونة الأخيرة".
وفي المقابل، أبدى وزير الإعلام السوري عمران الزعبي، الجمعة، استعداد دمشق للحوار مع المعارضة "من دون شروط مسبقة". وأضاف الزعبي في حديث للتلفزيون السوري الحكومي قائلاً "الباب مفتوح لأي سوري يريد أن يأتي إلينا و يناقشنا و يحاورنا، فعندما نتحدث عن حوار، نتحدث عن حوار غير مشروط، ولا يقصي أحدًا من النقاش، فلا إقصاء لموضوع، ولا شروط مسبقة".
وقد أبدى الزعبي استعداد الحكومة السورية لمحاورة الجميع، بما في ذلك المجموعات المسلحة، في إشارة إلى المقاتلين المعارضين الذين يواجهون القوات الحكومية، في النزاع المستمر منذ أكثر من 22 شهرًا، وقال الزغبي "نحن مستعدون للجلوس معهم، والنقاش معهم، عندما يٌرمى هذا السلاح، و يصبح السلاح خارج المعادلة، وعندما تكون هذه القوى مستعدة لمناقشة المسألة السياسية الوطنية بكل جدية والتزام".
وكان معاذ الخطيب قد اشترط إطلاق سراح 160 ألف شخص من السجون، وتجديد جوازات سفر السوريين المقيمين في الخارج، مشددًا على أن "الحوار على رحيل النظام".
وقد قوبل الخطيب بانتقادات لاذعة داخل الائتلاف، لا سيما من المجلس الوطني السوري، أحد أبرز مكونات المعارضة، الذي رفض أي تفاوض مع النظام، وأمهل الخطيب النظام حتى الأحد، لإطلاق كل السجينات في المعتقلات السورية، وإلا فإنه سيسحب عرضه للحوار.
من جهته، أكد رئيس مجلس الوزراء رئيس اللجنة الوزارية المكلفة بمتابعة تنفيذ البرنامج السياسي لحل الأزمة في سورية وائل الحلقي، الجمعة، أن الحكومة جادة في اتخاذ إجراءات التهيئة والتحضير لإطلاق عملية حوار وطني، تشكل الأساس لتنفيذ هذا البرنامج السياسي، وفق برنامج زمني.
وأكد الحلقي أن "الحكومة تتواصل مع كل القوى السياسية والمجتمعية داخل سورية، ومع القوى السياسية المعارضة في الخارج، التي تؤمن بالحل الوطني، والوقوف إلى جانب خيارات الشعب، على أساس الانتماء الوطني والثوابت".
دبلوماسيًا، نقلت وكالة "إيتار تاس" الروسية للأنباء، السبت، عن المبعوث الروسي لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين قوله "ينبغي ألا يكون هناك أي احتمال لأن يستخدما قربهما من الأمم المتحدة لتسجيل أي نقاط سياسية، من خلال رؤيتهما لوضعهما الدولي، فإذا كانت هناك محاولات من هذا القبيل سنقاومها".
هذا، وتبدي روسيا استعدادها لإجراء حوار مع المعارضة لتشجيعها على التفاوض مع الحكومة السورية، بينما حذر تشوركين من أن أي إجراءات أحادية الجانب من قبل المعارضة السورية ربما تضر بالعمل الجاد لترسيخ عملية سياسية في سورية.
كما أعلن نائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف أن "موسكو تنتظر في المدى القريب وفودًا من القيادة السورية، بينهم وزير الخارجية وليد المعلم، ومن فصائل المعارضة المختلفة"، مشيرًا إلى أن بلاده "تشعر بالارتياح لمبادرة رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية أحمد معاذ الخطيب، وإن كانت مثقلة بالشروط، وكذلك نرحب برد الفعل الرسمي السوري، وإن كان أيضًا محملاً باشتراطات". كما عبر عن الأمل في تحقيق الوفاق الوطني السوري، موضحًا أن موسكو تبذل مع جميع الأطراف كل ما في وسعها للوصول إلى تسوية تحقن دماء السوريين.
في غضون ذلك، أعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند في بروكسل قائلاً "الاتحاد الأوروبي لن يرفع الحظر عن الأسلحة المرسلة إلى المعارضين السوريين، طالما أن إمكان الحوار السياسي لتسوية الأزمة ما زال قائمًا"، وأوضح هولاند أن "الوسيط الدولي الأخضر الإبراهيمي ما زال متمسكًا بفكرة إجراء حوار سياسي، على الرغم من الخلاصة المزعجة التي توصل إليها بشأن الوضع في سورية".
وعلى الجانب الأميركي، قال وزير الخارجية جون كيري "إن واشنطن تفكر في الخطوات الواجب اتخاذها لإنهاء النزاع في سورية، الذي يتسبب في الكثير من القتل"، كما وصف الوضع بأنه "غاية في التعقيد وغاية في الخطورة".
وبشأن تسليح المعارضة، أكد المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني أن "المشكلة في سورية ليست في نقص السلاح"، مشيرًا إلى أن "الثوار يتلقون ما يكفي من الأسلحة عبر دول مجاورة، في حين تتلقى الحكومة دعمًا من إيران"، وأوضح كارني أن "الأولوية لدى واشنطن هي ضمان عدم وقوع السلاح في أيدي من يمكن أن يهددوا أمن الولايات المتحدة وسورية و إسرائيل". جاء هذا الإعلان عشية تصريحات وزير الدفاع ليون بانيتا ورئيس هيئة الأركان المشتركة مارتن ديمبسي التي أكدت دعم "البنتاغون" لفكرة تسليح المعارضة السورية.
وعلى صعيد اللاجئين، قالت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أن ما يقرب من 5000 سوري يفرون من بلادهم يوميًا، و يعبرون الحدود إلى دول مجاورة، وقال المتحدث باسم المفوضية أدريان إدواردز في تصريحات صحافية "هذه أزمة كاملة، فقد كانت هناك زيادة ضخمة في كانون الثاني/يناير الماضي، وصلت إلى 25% في أعداد اللاجئين المسجلين خلال شهر واحد".
وفي شأن متصل، قالت وكالة "الأناضول" التركية أن 28 عسكريًا بينهم ضباط برتب عالية قد دخلوا الجمعة إلى تركيا مع عائلاتهم، بعد انشقاقهم عن الجيش السوري، وأوضحت الوكالة نقلاً عن مصادر أممية أن عدد اللاجئين السوريين قد بلغ 177 ألفًا، يتوزعون على 13 مخيمًا ومركزًا للإيواء.