عمان ـ عبدالله شخاترة
نفى الأردن أنباء بشأن عقد اجتماع أمني سوري تركي على أراضيه، بحث ترتيبات تتعلق بالشمال السوري وإعادة إعمار حلب.وأكد المتحدث باسم الخارجية الأردنية هيثم أبوالفول، أن المعلومات المتداولة بهذا الخصوص، إنها "ادعاءات لا أساس لها من الصحة". وأكد الفول أنه “لم تعقد أي اجتماعات بهذا الخصوص في الأردن”.
والخميس، تحدثت وسائل إعلام عن عقد اجتماع بين مسؤولين أمنيين سوريين وأتراك في عمان، لبحث ملفات تتعلق بالشمال السوري.
وزعمت أنه خلال الاجتماع تم بحث إطلاق عملية مشتركة ضد المسلحين الأكراد في الشمال السوري وإعادة إعمار حلب والمنطقة الصناعية وإعادة اللاجئين.
وقبل أسبوعين، كشف مصدر عسكري سوري أن هناك مفاوضات جارية مع الجانب التركي بخصوص منطقة شرق الفرات.
وحينها، قال الجنرال المفاوض الرائد، حيدرة جواد، إن “أهم نقاط التفاوض هي منطقة شرق الفرات والوجود العسكري التركي، ومناطق سيطرة كل من “قسد” (قوات سوريا الديمقراطية) والتحالف الدولي، إضافة إلى تنشيط اتفاقية أضنة بين سوريا وتركيا التي تنص على دخول الجيش التركي بعمق 35 كم داخل الأراضي السورية في حال حدوث أي تهديد للأمن القومي التركي”.
وتقوم تركيا بعملية عسكرية واسعة في الأراضي السورية وتقول إنها تستهدف مكافحة الإرهاب وتنظيم “وحدات حماية الشعب” الذراع السورية لـ”بي كا كا”(حزب العمال الكردستاني)، شمالي سوريا، لما يشكله من تهديد لأمنها القومي كونه يخوض صراعا مسلحا ضد تركيا، وتصنفه أنقرة تنظيما إرهابيا.
وكانت قد تصاعدت وتيرة التقارير الصحافية التي تفيد بأن لقاءات جمعت مسؤولين أمنيين بنظرائهم الاتراك جرى خلالها بحث ترتيبات بشأن اطلاق عملية عسكرية مشتركة ضد مسلحين اكراد في الشمال السوري، وخاصة قوات سوريا الديمقراطية "قسد" وحزب العمال الكردستاني، وإعادة اعمار حلب والمنطقة الصناعية فيها وعودة اللاجئين.
المعلومات الأولية التي نشرتها صحيفة "تركيا" المقربة من النظام تقول ان هذه اللقاءات السورية التركية جرت في ميناء العقبة الأردني، وحضرها مسؤولون امنيون من دول أخرى لم تحددها، لكن هناك تكهنات ترجح ان هؤلاء المسؤولين من دول خليجية، وخاصة السعودية والامارات ودولة قطر.
وما يرجح هذه التكهنات ان تمويل عملية إعادة الاعمار في مدينة حلب والمنطقة الصناعية فيها سيأتي من هذه الدول الثلاث، ودولة الامارات العربية المتحدة تحديدا التي يتردد انها تقف خلف هذا التقارب الأمني السوري التركي.
الرئيس التركي رجب طيب اردوغان اجرى في الأشهر الأخيرة مراجعات سياسية متعمقة، تمخضت عن العودة تدريجيا الى سياسة “صفر مشاكل”، وإصلاح العلاقات بالتالي مع معظم خصومه في دول الجوار، وخاصة في مصر والسعودية والامارات، وهذا ما يفسر الانفتاح على هذه الدول، والتجاوب مع طلبات حكوماتها بوقف الدعم لحركة "الاخوان المسلمين"، وجماعات المعارضة السياسية الخليجية الأخرى، واغلاق، او تخفيف أنشطة هؤلاء ومنابرهم الإعلامية على الأراضي التركية.
هذه اللقاءات السورية التركية التي جرت في الأردن، ليست جديدة ولا مفاجئة، فقد جرى ترتيب لقاء امني سابقا شمل اللواء علي المملوك نائب الرئيس السوري للشؤون الأمنية، ورئيس المخابرات التركية هاكان فيدان في موسكو وبترتيب روسي قبل اشهر، ولكن الجديد في الامر هو قبول القيادة التركية مجددا بالتفاوض على تطبيق اتفاق اضنة الذي جرى توقيعه بين البلدين عام 1998، واقترح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إعادة احيائه في القمة الأخيرة التي عقدها في منتجع سوتشي الروسي مع الرئيس اردوغان، وانتهت دون اتفاق حول هذه المسألة، والوضع في مدينة ادلب التي يسيطر عليها المسلحون.
التغيير الذي طرأ على الموقف التركي وتمثل في الرغبة بالتفاوض مجددا على جوهر هذه الاتفاقية، أي السماح للقوات التركية بالتوغل داخل الحدود السورية بعمق 35 كيلومترا لمطاردة المسلحين الاكراد، بدل خمسة كيلومترات مثلما تنص البنود الاصلية، هذا التغيير يعود بالدرجة الأولى الى قلق السلطات التركية من تعاظم عمليات هؤلاء المسلحين والتمركز في الشريط الحدودي الشمالي لسوريا، واستخدامه كملاذ آمن، ونقطة انطلاق لهذه العمليات.
ما زال من غير المعروف ما اذا كانت هذه اللقاءات الأمنية ستتطور الى أخرى سياسية موازية سواء على مستوى رئيسي الجمهورية او وزيري الخارجية، وبما يؤدي الى عودة العلاقات بين البلدين الجارين، وتجنب صداما عسكريا في مدينة ادلب، ولكن هناك من يشكك بحدوث مثل هذا التطور بسبب ما وصفه بالحقد الشخصي الذي يكنه الرئيس اردوغان لنظيره السوري بشار الأسد.
حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا يواجه أزمات داخلية، اقتصادية وسياسية متعددة، دفعته للانفتاح على معظم خصومه تقريبا، وآخرهم أرمينيا، باستثناء سوريا، ويبدو ان رئيسه اردوغان ادرك جديا ان جميع التوجهات الإنفتاحية هذه تظل محدودة النتائج ما لم يتوجه جنوبا الى الجارة السورية التي صمدت لعشر سنوات، واحبط جيشها العربي المؤامرة التي كانت تريد تفتيتها، واسقاط نظامها، ويتوصل بالتالي الى اتفاق جدي يعيد التعاون معها في مختلف المجالات لمواجهة الاخطار المشتركة، وابرزها خطر الانفصال الكردي الذي يهدد البلدين ووحدتهما الترابية.
وقد يهمك أيضاً :