القدس المحتلة ـ ناصر الأسعد
تحتجز قوات الاحتلال الإسرائيلي العشرات من الشبان والأطفال وعدد من الفتيات الذين اعتقلتهم في المواجهات التي اندلعت في النقب الفلسطيني المحتل منذ الثلاثاء، في ظروف أقل ما توصف بأنها "غير آدمية"، وترفض الكشف عن مصيرهم، فيما عادت جرافات الاحتلال الإسرائيلي، فجر الأربعاء، لاقتحام قرية الأطرش في النقب الفلسطيني المحتل واستأنفت عمليات التجريف والهدم فيها، وسط توتر شديد وغضب ولاسيما بعد المواجهات الواسعة التي اندلعت الثلاثاء خلال التصدي لهجمة الاحتلال على قرى النقب.
وفي ذات الوقت تشن قوات الاحتلال حملة اعتقالات أخرى بقرى النقب، "في محاولة لاستباق انفجار الأوضاع بالترهيب والاعتقال"، كما يؤكد مراقبون.
ويشهد النقب جنوب فلسطين المحتلة عام 1948 تصعيدًا بعمليات الهدم خاصة في قرية الأطرش وتنفيذ مخططات الاستيطان منذ أكثر من 6 أشهر.
واليوم الأربعاء اندلعت مواجهات في معظم قرى النقب على أثر هدم جرافات الاحتلال خيمة الاعتصام في قرية الأطرش.
واندلعت مواجهات إثر محاولات الأهالي صد أليات التجريف، فيما أطلقت قوات الاحتلال قنابل الصوت ونفذت حملة اعتقالات جديدة خلال قمعها للاحتجاج الأهالي.
وكشف محامون عن أن قوات الاحتلال تضع المعتقلين وعددهم 18 شابًا و6 قاصرين وفتاتيْن في محطات بالنقب تفتقر لأدنى مقومات الإقامة في ظل أجواء البرد القاسية، ولم يتم الإفراج عنهم أو تحوليهم للمعتقلات.
واعتقلت شرطة الاحتلال هؤلاء في منطقة نقع السبع خلال الاعتداءات والمواجهات التي وقعت في المنطقة منذ أمس وحتى فجر اليوم، فيما تجري حملات اعتقال في عدة مناطق بالنقب حتى الأن.
وقررت محكمة الاحتلال تمديد اعتقال عدد من المعتقلين في ظل غيابهم، بينما اعترضت شرطة الاحتلال على تسريح آخرين وأبقتهم في هذه المحطات حتى صباح الأربعاء.
ويقول المحامي ناصر العطاونة الذي يتابع ملف المعتقلين: "إن العدد الموجود لدى الاحتلال هو 18 معتقلًا بينهم قاصرين وفتيات".
ويضيف "هؤلاء تم اعتقالهم واحتجازهم في محطات مختلفة بطرق النقب، دون أن يتم نقلهم للمعتقلات وهو ما يشكل مخالفة للقانون، حيث تم احتجازهم بظروف سيئة جدًا وأماكن غير ملائمة، خاصة وأن من بينهم أطفال وفتيات".
ويؤكد العطاونة أن هذه الأماكن "المحطات" ليست مكانًا محددًا للاعتقال، وإنما فقط لمجرد التحقيق وأخذ البيانات، وهي لا تحوي على مقاعد ولا أغطية ولا فراش للبيات فيها.
ويشير إلى أنه تم نقل عدد من المعتقلين إلى المحكمة التي قررت إطلاق سراح القاصرين منهم وعددهم 6، إلا أن شرطة الاحتلال استأنفت على القرار وأبقتهم في الاعتقال.
وبشأن الفتيات يؤكد المحامي أن محكمة الاحتلال قررت تمديد اعتقال اثنتين في عمر الـ13 والـ14، ويتابع المحامون أوضاع بقية المعتقلين منذ أمس.
إلا أن العطاونة يقول: "وصلنا منذ صباح اليوم بوجود اعتقالات أخرى في عدد من الأماكن بالنقب، إلا أنه وحتى اللحظة لم ترد أي معلومات أو تفاصيل جديدة بشأن المعتقلين".
من جانبه، يؤكد عضو لجنة التوجيه العليا لعرب النقب يوسف أبو جامع أن قوات الاحتلال تريد استباق تشديد هجمتها على النقب بالاعتقالات التي تجريها بين الشبان والأهالي الذين تصدوا لهجمة أمس.
ويقول في حديث له": "يبدو أن الحكومة الإسرائيلية تريد أن تفرغ أرض النقب من أصحابها الأصليين، وهي قررت تشديد هجمتها لتسريع تنفيذ هذا المخطط عبر الاعتداء على البشر والأرض والحجر والشجر".
ويضيف "الاعتقالات استباق لتصعيد الأوضاع في النقب، خاصة ونحن أمام انفجار وشيك لها ليس فقط على مستوى النقب وإنما في الداخل الفلسطيني عامة".
ويصف ما يجري بالنقب "هجوم أرعن بكل ما تعنيه الكلمة، وأن قوات الاحتلال لا تفرق في اعتداءها بين نساء وأطفال ورجال أو مسنين".
ويتأسف بالقول "المؤسف في الأمر أن خيط العنكبوت الذي يجعل حكومة الاحتلال هذه مستمرة ومتواصلة في اعتداءاتها ووجودها هو القائمة الموحدة، التي جلبت العار للشعب الفلسطيني بمشاركتها في حكومة يقودها أكبر عدو للقضية الفلسطينية".
وأمام الوضع المتوتر، يؤكد أبو جامع أن الداخل عامة أمام انفجار وشيك للأوضاع، خاصة وأن ما يجري امتداد لهبة الكرامة التي صدمت المؤسسة الإسرائيلية وأتبعتها بحملة اعتقالات واسعة، وهي تريد الأن تنفيذ العكس باستباق هذا الانفجار بالاعتقالات والترهيب واستمرار التجريف.
لكنه يؤكد أن مخططات وإجراءات الاحتلال "لن تجدي نفعًا، فأهل النقب سبق وأن أفشلوا مخططات اقتلاعية سابقة، وهم مصرون على الاستمرار في مواجهة الهجمة الحالية بكل ما أوتوا من قوة".
يُذكر أن قيادات في النقب ولجنة التوجيه العليا لفلسطيني النقب قرروا عقب اجتماع عُقد مساء يوم الاثنين الماضي اعتماد برنامج نضالي تدريجي على مدار ستة أشهر، ضد الهجمة الاحتلالية التي يتعرض لها النقب، تصعيداً وصولاً إلى إضراب قطري عام يشمل كافة أراضي الـ48.
عادت جرافات الاحتلال الإسرائيلي، فجر الأربعاء، لاقتحام قرية الأطرش في النقب الفلسطيني المحتل واستأنفت عمليات التجريف والهدم فيها، وسط توتر شديد وغضب ولاسيما بعد المواجهات الواسعة التي اندلعت أمس خلال التصدي لهجمة الاحتلال على قرى النقب.
ومن المتوقع أن يشهد النقب تصعيدًا أوسع للنضال ضد هذه الهجمة على أراضيه، بالإضافة إلى الاعتداءات التي طالت الأهالي والاعتقالات المتواصلة في صفوف أبناء عدد من القرى المحيطة بقرية الأطرش.
واندلعت ليل الثلاثاء مواجهات عنيفة بين أهالي قرى في النقب وشرطة الاحتلال، إذ أشعل الشبان النار في الإطارات احتجاجًا على هجمة الاحتلال والتي تستهدف منطقة أراضي النقع في صحراء النقب.
وأصيب خلال المواجهات شرطيين احتلاليين على الطريق 25 قرب مفرق قرية شقيب السلام البدوية بعد رشقهما بالحجارة.
وجاءت المواجهات عقب اقتحام قوات الاحتلال خيمة الاعتصام التي تم نصبها فجر يوم الثلاثاء في قرية الأطرش رفضًا لعمليات التجريف، حيث اقتحمت الخيمة وصادرت بعض مقتنياتها وهدمتها على الفور، مما أدى لاندلاع مواجهات.
واحتج الأهالي بإغلاق طرق حيوية في النقب، وهو ما دفع شرطة الاحتلال لاستجلاب قوات معززة والاستعانة بالجيش، والاعتداء على المحتجين واعتقال 22 شخصًا بينهم نساء، حتى فجر الأربعاء.
ويعود توتر الأوضاع بالنقب إلى عمليات التجريف والتحريش التي تقوم بها جرافات الاحتلال لأراضي المواطنين في العديد من القرى منذ أسابيع بهدف مصادرتها مما يسمى بالصندوق اليهودي "كيرن كيميت".
ولا تقتصر عمليات التجريف والهدم على قرية الأطرش أو سعوة، وإنما امتدت لمعظم القرى مسلوبة الاعتراف بالنقب، إلا أنها اشتدت مؤخرًا بهذه القرية وقرر الأهالي التصدي للجرافات.
وإلى جانب عمليات التجريف أعلنت وزيرة داخلية الاحتلال إيليت شاكيد عن المصادقة على تنفيذ عدة مخططات استيطانية لإقامة نحو 20 بلدة يهودية ومصانع للفوسفات ومشاريع سكك حديدية على المساحة التي يقيم عليها الفلسطينيون بالنقب.
وحول ما يجري في النقب يقول عضو لجنة توجيه عرب النقب جمعة زبارقة: "إن أهالي النقب قرروا مواجهة تصفية قضية أراضيهم بأجسادهم، فما يجري من تجريف وتحريش وهدم ينفذه الصندوق اليهودي أصبح واضحًا أنه تصعيد لحسم قضية الأرض بالنقب".
ويضيف "تصعيد الهجمة على النقب واضح، وهو أن حكومة إسرائيل يبدو أنها قررت حسم وتصفية قضية ملكية الأرض في النقب، ونعني بالملكية هي الأرض التي يقيم عليها الفلسطينيون حاليًا والتي لا تتعدى 5% من مجمل أرض النقب".
ويؤكد أن "العقلية الإسرائيلية تتعامل مع سكان النقب على أنهم رعاة أو عبيد في دولة كبرى"؛ لعدة أسباب، أبرزها أنهم يقيمون في صحراء وعددهم السكاني قليل بالمقارنة مع مجمل أراضي النقب.
ويشير إلى أن الاحتلال يتعامل أيضًا مع سكان النقب على قاعدة أن "ما لك لي أيضًا وما لي لي فقط"، وهو بذلك يريد تجميع الفلسطينيين في النقب في أقل تجمعات ممكنة ووضع اليد عليه.
لذلك فإن الأهالي قرروا تصعيد النضال للدفاع عن قضية الأرض والمسكن في النقب، وهو ما شهدته الأيام الماضية، كما يقول زبارقة.
ويضيف "هذه قضية مصيرية بالنسبة لنا وهم مستمرون ونحن مستمرون في النضال ولن نتنازل عن وجودنا، فهذه معركة وجود أبدي".
ويؤكد زبارقة أن الوضع بالنقب يشهد توترًا كبيرًا، وقد تنفجر الأوضاع بأي لحظة نتيجة استمرار التجريف صباح اليوم وتصعيد الاعتقالات للشبان.
ويتابع "اليوم تم اعتقال 3 من الشباب بالإضافة لـ22 في مواجهات أمس، وطالما أن التجريف مستمر فالمواجهات ستتجدد".
وإسرائيليًا، فإن أراضي النقب تحولت إلى مادة للمقايضة في محاولة لإنعاش الائتلاف الحكومي الإسرائيلي، وساحة صراع حزبي، في ظل الهجمة المتواصلة على المنطقة، مقابل تصعيد نضال الأهالي في مواجهة المخططات الاحتلالية والمزايدات الحزبية.
وأظهرت تصريحات قادة الأحزاب الإسرائيلية في الائتلاف والمعارضة على حد سواء، مساء الثلاثاء تأييداً واضحاً لمخططات تجريد سكان النقب من أراضيهم الزراعية وتحريشها بأشجار حرجية، لمنع الأهالي من دخولها واستعمالها.
واقتصر التباين في المواقف التي عبّر عنها وزير الخارجية الإسرائيلية يائير لبيد ورئيس المعارضة ورئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو، على توقيت تنفيذ المشاريع التي تستهدف الأرض في النقب، إذ يدعو البعض إلى تأجيل تنفيذ هذه المشاريع، فيما تريد أحزاب أخرى حسمها، في لعبة سياسية حولت المنطقة لصراع حزبي.
وقررت قيادات ولجنة التوجيه العليا لفلسطيني النقب عقب اجتماع عُقد مساء يوم الاثنين اعتماد برنامج نضالي تدريجي على مدار ستة أشهر ضد الهجمة الاحتلالية التي يتعرض لها النقب، وصولاً إلى إضراب قطري عام يشمل كافة أراضي الـ48.
وعقب الهجمة على النقب أمس دعت فصائل ونشطاء لتصعيد النضال من أجل النقب ولتثبيت الهوية الفلسطينية في أراضي الداخل المحتل.
ويعيش في النقب حوالي مليون نسمة من بينهم 30% فقط من الفلسطينيين يقيمون على ما يقل عن 5% من أراضيه، والباقي من اليهود.
قد يهمك أيضًا
فعاليات إسرائيلية تهدد بالتصعيد في القدس ونتنياهو يرفض وقف الاستيطان
طيران الاحتلال الإسرائيلي يخترق الأجواء اللبنانية فوق بيروت والجنوب