آثار الدمار في دير الزور إثر الصراع بين الجيش السوري والحر
دمشق ـ جورج الشامي
أعلنت المعارضة السورية، مقتل 79 شخصًا السبت، في مناطق عدة من البلاد بنيران القوات الحكومية، وأن الأخيرة قصفت بالمدفعية الثقيلة كلا من حمص وحلب ودير الزور، وشنت حملات دهم واعتقالات في أحياء العاصمة دمشق، في حين تمكن الجيش الحر "المعارض" من السيطرة على مبنى الأمن
العسكري ودوار بلدة خان أرنبة في محافظة القنيطرة، فيما قالت واشنطن إن "الوضع في سورية صعب جدًا، والنظام يتعرض لضغط كبير ويحارب على جبهات عدة، ويجب على الرئيس بشار الأسد أن يسمح بانطلاق المحادثات السياسية"، تزامنًا مع مصادرة الجمارك الفنلندية، معدات عسكرية على متن سفينة مصدرها روسيا قالت إنها كانت متوجهة إلى سورية.
وقال ناشطون سوريون، إن 43 شخصًا قُتلوا السبت، في أحدث الاشتباكات المسلحة وأعمال العنف التي اندلعت في مدن سورية عدة، فيما استمرت الاشتباكات في محيط مطار النيرب والمطار الدولي بالإضافة إلى قاعدة عسكرية جوية بالقرب منه في حلب، مما أسفر عن سقوط قتلى من الطرفين، حيث أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان في تقرير له، السبت، إلى أن نحو 150 شخصًا قتلوا في الاشتباكات المستمرة من أجل السيطرة على المطار، الذي يعتبر نقطة حيوية بالنسبة للقوات الحكومية المتمركزة فيه.
وقال المرصد في وقت سابق، إن مقاتلين من "جبهة النصرة" الإسلامية و"كتيبة المهاجرين" سيطرت "على كتيبة الدفاع الجوي التي تقع غرب بلدة حاصل وشرق مطار حلب الدولي"، بعد اشتباكات عنيفة مع القوات الحكومية التي استعادت الكتيبة قبل أيام، وأن الكتيبة "مهمة" لقربها من مطار حلب الدولي الذي يشهد محيطه ومحيط مطار النيرب العسكري القريب منه، اشتباكات متقطعة وقصفًا عنيفًا.
وأفادت شبكة "شام" الإخبارية، أن الجيش الحكومي شن حملات دهم واعتقالات في أحياء الشاغور والصناعة وبستان الورد في دمشق، وسط انتشار أمني كثيف، وفي ريفها قصفت المدفعية الثقيلة بلدة حزة في الغوطة الشرقية، كما توافدت تعزيزات جديدة للقوات الحكومية إلى محيط مدينة داريا، وفي محافظة حمص تجدد القصف العنيف براجمات الصواريخ والمدفعية الثقيلة على أحياء حمص المحاصرة، وفي ريفها جرى قصف عنيف براجمات الصواريخ وقذائف الهاون والدبابات على قرى ريف القصير وسط اشتباكات عنيفة عند قرى أبو حوري وثقرجة والبرهانية الحدودية، وكذلك الوضع في حلب حيث تجدد القصف بالمدفعية الثقيلة على أحياء طريق الباب وبني زيد، وفي محافظة درعا قصفت دبابات الجيش السوري بالمدفعية وقذائف الهاون بلدة زيزون الحدودية، كما تجدد القصف على أحياء مدينة دير الزور (المحررة)، وفي ريف إدلب جرى قصف عنيف بالمدفعية الثقيلة على بلدة بكفالون من مدفعية كورنيش المدينة، وفي محافظة القنيطرة اندلعت اشتباكات عنيفة في بلدة خان أرنبة وتمكن الجيش الحر (المعارض) من تحرير مبنى الأمن العسكري ودوار البلدة وسط قصف بقذائف الهاون على البلدة".
وأكد الائتلاف الوطني السوري "المعارض"، الجمعة، أن "أي حل سياسي للأزمة لا يمكن أن يشمل الرئيس بشار الأسد وأركان نظامه"، مطالبًا روسيا بأن "تثبت أنها غير متمسكة بالأسد"، من خلال ما وصفها بخطوات عملية.
في المقابل، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إن "المعارضة السورية لم تبلور خطة بنّاءة لحل الأزمة ولا تقدم بديلاً سياسيًا"، في حين توجه إلى المعارضة بالقول "أنتم تكرهون النظام، ولكن يجب أن يكون لديكم أجندة لبلادكم، ليس للنظام بل لشعبكم، أجندة تتضمن رؤيتكم السياسية لكيفية الوصول إلى سورية الجديدة"، مجددًا القول إن "روسيا لا تحمي الأسد، وإنها لا تهتم بالشخصيات، بل بمصير الشعب السوري، وأن الذين يشترطون رحيل الأسد قبل اتخاذ أي خطوة، يجب أن يقبلوا المسؤولية عن المزيد من الضحايا السوريين لأن الحرب ستستمر".
وبشأن الخطة التي طرحها الرئيس السوري في كانون الثاني/ يناير الماضي لحل الأزمة، قال لافروف إن "هذه الأفكار لم تكن على الأرجح مرضية للجميع"، فيما طالب الأسد باقتراح بعض التحسينات على ما اقترحه، على الرغم من إقراره بأن الخطة هي خطوة إلى الأمام لإنقاذ البلاد من الدمار الكامل ومن التفكك"، موضحًا أن "بلاده تمد سورية بأنظمة دفاع جوي مخصصة لحماية البلاد، وليست موجهة للاعتداء على المواطنين"، نافيًا وجود عسكريين روس في سورية باستثناء بضع عشرات الأشخاص الموجودين في نقطة الإمداد والصيانة التابعة للبحرية الروسية في ميناء طرطوس، مشيرًا إلى أن "هذه نقطة توفير خدمات الصيانة للسفن البحرية وليست قاعدة عسكرية".
وفي واشنطن، أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند، خلال مؤتمر صحافي، أن "النظام السوري يتعرض لضغط كبير ويحارب على جبهات عدة، وأنه إذا كان الرئيس بشار الأسد يريد الأفضل لبلاده، فلابد له أن يسمح بانطلاق المحادثات السياسية"، مضيفة "يبدو أن المعارضة السورية حققت تقدمًا كبيرًا هذا الأسبوع، فقد سيطرت على أمن بعض المطارات، فيما يرد النظام بالقصف الجوي ولا يضرب المدنيين فحسب، بل ضرب بعض قواته مما يعكس يأسه، بالإضافة إلى القتال الدائر جنوب دمشق وشرقها، وسقوط مدن عدة في يد المعارضة".
وردًا على سؤال إن كان لدى واشنطن انطباع بأن أيام الأسد "باتت معدودة"، ومن الممكن أن يسقط النظام السوري في أي وقت، أجابت نولاند أن "الأمر صعب جدًا، ولا يمكن لأحد أن يتنبأ بشئ حوله، وأنه إذا كان الأسد يهتم فعلاً بما هو الأفضل لبلاده، وإذا كان يهتم بما هو الأفضل لمن هم في جانبه، فعليه أن يسمح ببدء المفاوضات السياسية"، مشيرة إلى أنها "لا يمكنها أن تقرأ ما في رأس الرئيس السوري، لكن تقدم الثوار والمعارضة والضغط على الجيش السوري والقوات التي لا تزال مخلصة له، يترك تأثيرًا أقله على قواته".
وشددت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، على أن "أميركا تنتظر لترى كيف تتطور الأمور، وما نسعى وراءه الآن هو استمرار تقوية ائتلاف المعارضة السوري لجهة ارتباطته المباشرة باللاعبين السياسيين والمجتمعات المحررة داخل سورية، ومعًا يمكنهم المضي بالعملية الانتقالية قدمًا"، مختتمة بالقول إن "المسألة هي متى نصل إلى نقطة نكون فيها فعلاً في عملية انتقالية، وعندها نبحث في الأمور الأخرى".
كما دعا وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لو دريان، صباح السبت، أمام المشاركين في مؤتمر حول الدفاع في الخليج المنعقد في أبوظبي، إلى "تحرك في سورية التي تدميها الحرب، وذلك لتشجيع القيام بعملية انتقالية من دون الرئيس بشار الأسد، قائلاً "حيال الثمن الباهظ الذي دفعه الشعب السوري حتى الآن، فإن من الملح أكثر من أي وقت مضى، التحرك من أجل تجاوز الانقسامات من أجل انتقال سياسي، وأن التغيير في سورية يفترض أن يكون عملية انتقالية لا مكان فيها للرئيس الأسد"، في الوقت الذي أشارت فيه الأمم المتحدة إلى أن حصيلة ضحايا أحداث العنف المستمرة في سورية منذ آذار/مارس 2011 بلغت 70 ألف قتيل حتى الآن.
وقد أعلنت الجمارك الفنلندية، مصادرتها معدات عسكرية على متن سفينة مصدرها روسيا كانت متوجهة إلى سورية، حيث قال بيان الجمارك إن "السفينة (إم إس فينسان) التي كانت تخضع للمراقبة في ميناء العاصمة الفنلندية هلسنكي، كانت تحوي قطع غيار لدبابات، وأن المعلومات الأولية التي لديها تفيد بأن هذه المعدات أتت من روسيا، وكان من المفترض أن تصل إلى سورية، وقد بدأت الوحدة الجنائية للجمارك تحقيقًا في قضية تصدير غير قانوني لمعدات عسكرية، كما اعتقل المحققون أربعة مشتبه بهم من طاقم السفينة".