المجلس الوطني التأسيسي التونسي
تونس - أزهار الجربوعي
وقع60 نائبا في المجلس الوطني التأسيسي على وثيقة عبروا فيها عن رفضهم للنسخة الأخيرة من مشروع الدستور، داعين رئيس الجمهورية الدكتور محمد المنصف المرزوقي إلى الامتناع عن ختمه، بينما أكد الرئيس التونسي أنه لم يبلور بعد موقفه النهائي من الدستور، رداً على تصريحات بعض النواب الذين قالوا
عقب لقائهم به أن الرئيس تعهد بالعمل على منع تمرير مسودة الدستور، فيما شدد مقرر الدستور التونسي الحبيب خضر على أن المرزوقي لا يملك صلاحيات التدخل في مُحتوى الدستور.
وأمضى العشرات من نواب المجلس التأسيسي على عريضة ضد تمرير الدستور بصيغته النهائية التي ختمها أخيراً رئيس المجلس مصطفى بن جعفر، ورغم أن أغلب انتماءات الموقعين على الوثيقة من المعارضة على غرار حزب المسار وحزب نداء تونس ونواب تيار المحبة الذي يقوده المعارض المقيم في لندن الهاشمي الحامدي وحزب العمال، إلا أن الملفت في الأمر هو أن نواب حزب الرئيس المرزوقي(المؤتمر من أجل الجمهورية) قد أجمعوا بدورهم على عدم تمرير الدستور بصيغتهم الحالية بسبب هيمنة صلاحيات رئيس الحكومة مقابل تغييب دور رئيس الجمهورية وتقييده باستشارة مع رئيس الحكومة أو مع لجنة برلمانية حتى في ما يتعلق في جوهر اختصاصاته من سياسة خارجية وأمن قومي.
ورغم موقف حزبه الذي أصدر بيانا تفصيليا يعرض فيه مواطن الضعف والنقاط التي يتحفظ عليها في الدستور، إلا أن الرئيس التونسي المنصف المرزوقي، حاول أن يبقي نفسه خارج المزايدات السياسية، حيث أصدرت رئاسة الجمهورية بيانا ترد فيه على تصريحات بعض النواب الذين قالوا أن المرزوقي تعهد لهم بالوقوف ضد تمرير مشروع الدستور.
وأكدت الرئاسة أن استقبال المرزوقي لوفد من نواب المجلس التأسيسي يتنزل في إطار دوره كرئيس للجمهورية وأن رئيس الجمهورية والناطق الرسمي باسم الرئاسة هما المخولان فقط ودون غيرهما للتعبير عن المواقف الرسمية للمؤسسة، مشددة على أن رئاسة الجمهورية التي لم تتلق إلى حد الآن النسخة الرسمية من الدستور تسعى من أجل صياغة موقفها من المسودة الثالثة إلى الاستماع إلى الأطراف كافة وبخاصة خبراء الدستور والعائلات السياسية والفكرية الممثلة داخل المجلس خصوصا وفي المجتمع عموما.
وأضافت الرئاسة التونسية في بيانها أن الرئيس المنصف المرزوقي منفتح على الحساسيات كلها إزاء هذا الموضوع وغيره من المواضيع وسيقوم باستقبال كل من يرغب في تبليغ موقفه من مسودة الدستور باعتبار أن ذلك من صميم مهام رئاسة الجمهورية.
كما أوضحت الرئاسة التونسية أن الهدف من الدستور ليس كتابة نص ينظم السلطات ويضبط الحقوق والواجبات فحسب، بل يرمي إلى صياغة مرجعية تجد فيها كل الحساسيات الفكرية والسياسية طموحاتها في تونس ديمقراطية وتعددية ونظام جمهوري يقوم على توازن فعلي للسلطات، مؤكدة أن الوصول إلى التوافقات الضرورية قبل المناقشة العلنية للنص الدستوري أمر ضروري من أجل تلافي خسارة الكثير من الوقت لاحقا، وتجنُّب المرور إلى الاستفتاء الذي قد يقسم التونسيين مجددا وينتج نصا لا يتبناه قسم مهم منهم.
وختمت الرئاسة أن المنصف المرزوقي سيقوم بتوضيح موقفه كاملا من أبواب الدستور وفصوله بعد استكمال المشاورات التي بدأ فيها، وبعد استلامه للنسخة الأصلية من المشروع.
وجاء هذا البيان من الرئاسة عقب الاجتماع الذي عقده رئيس الجمهورية محمد منصف المرزوقي في قصر قرطاج بعدد من نواب المجلس التاسيسي الممضين على عريضة ضد مشروع مسودة الدستور عارضين عليه تحفظاتهم من المشروع الأخير للدستور .
وإثر الاجتماع أوضح المتحدث باسم النواب الموقعين على العريضة، علي بالشريفة، أن النقاش تطرق لما وصفها بالتجاوزات التي تضمنها مشروع مسودة الدستور، مشيرا إلى أن المشاركين في الاجتماع أكدوا على ضرورة إلتزام الهيئة المشتركة للتنسيق والصياغة بدورها وفق ما نص عليه القانون الداخلي للمجلس الوطني التأسيسي الذي يمنحها الحق في التدخل في شكل الدستور وليس في مضمونه.
وقال "إنه خارج الحديث عن لائحة اللوم الموجهة ضد رئيس الجمهورية وبعيدا عن منطق المحاصصة السياسية والحسابات الانتخابية دعونا السيد محمد منصف المرزوقي للامتناع عن ختم مشروع الدستور في صياغته الحالية لما يتضمنه من عدم توازن بين السلطات وأحكام انتقالية غير قابلة للطعن خلال ثلاثة أعوام.
فيما قال النائب في المجلس الوطني التأسيسي عن الحزب الشعبي التقدمي هشام حسني، إن الرئيس المرزوقي وعد بالوقوف ضد تمرير مشروع الدستور، لافتا إلى أن نواب حركة النهضة والمبادرة والتكتل وحركة وفاء والجمهوري لم يوقعوا على البيان.
ويرى مراقبون أنه ورغم الموقف غير المُعلن للرئيس التونسي الذي يعارض مسودة الدستور في شكلها الحالي واحترازه على باب السلطة التنفيذية والتشريعية، إلا أنه لا يملك في جعبته الكثير لمنع تمرير مشروع الدستور الذي يبقى رهين أصوات أغلبية المجلس التأسيسي التي قد تنجح النهضة بسهولة في تحقيقها وبخاصة وأن نواب حركة وفاء وحزب التكتل والجمهوري يساندانها مبدئيا في المصادقة على الصيغة الحالية للدستور.
ورد المقرر العام للدستور الحبيب خضر على زيارة وفد من النواب للرئيس المرزوقي، الرافضين لبعض النقاط الخلافية في مسودة مشروع الدستور بالقول إن "المرزوقي مواطن ككل التونسيين ولا صلاحيات له في خصوص الدستور" .
وأضاف خضر أنه سبق وتوجه لرئيس الحكومة السابق حمادي الجبالي بالكلام نفسه عندما أدلى بتصريحات عن الدستور.
وعبر المتحدث من جهة أخرى عن كامل احتراماته لمقام المرزوقي، مبينا أنه من حقه التعبير عن رأيه، لكنه ليس من يقرر ما يكون وما لايكون في الدستور".