طهران ـ مهدي موسوي قضى المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران آية الله علي خامينئي على آمال إمكانية إجراء محادثات مباشرة مبكرة مع الولايات المتحدة ، وذلك عندما رفض السماح للمسؤولين في الحكومة الإيرانية بإجراء مفاوضات ثنائية مع الإدارة الأميركية. وقال خامينئي في كلمة له ألقاها أمام حشد من قادة القوات الجوية الإيرانية الخميس في إطار الاحتفالات السنوية للثورة الإسلامية التي قامت في إيران عام 1979 : "إن التفاوض مع أميركا لن يحل أي مشكلة".
وأضاف في الكلمة التي نشرها موقعه الرسمي على شبكة الإنترنت "إن الأمة الإيرانية سوف تتصدى لكل من يرغب في أن تعود السيطرة الأميركية مرة أخرى إلى إيران وتجاهل مصالح إيران القومية واستقلالها من أجل إرضاء أميركا".
وجاء هذا التحذير بعد أيام قلائل من تصريحات نائب الرئيس الأميركي جو بايدن التي قال فيها أن الحكومة الأميركية على استعداد لإجراء محادثات مباشرة مع إيران إذا كان خاميني جادا في ذلك.
وكان بايدن قد قال خلال المؤتمر الأمني الذي عقد الأسبوع الماضي في مدينة ميونيخ الألمانية "لايزال هناك الوقت والفرصة الكافيان لإنجاح الدبلوماسية المصحوبة بالضغوط". معتبرا أن "الكرة الآن في ملعب الحكومة الإيرانية والزعماء الإيرانيين ليسوا بحاجة إلى تعريض شعبهم لحرمان اقتصادي وعزله دولية".
وترى صحيفة "الغارديان" البريطانية أن تحذير خامينئي جاء بمثابة صفعة على وجه وزير الخارجية الإيراني على أكبر صالحي الذي سبق وأن رحب بتصريحات بايدن عندما قال للتلفزيون الإيراني انه يعتبر تلك التصريحات إشارة جيدة ونحن حكومة عقلانية ونسعى إلى حل كل قضايانا الدولية المعلقة من خلال التفاوض".  
واضاف قائلا أن التفاوض مع أميركا "ليس منطقة محظورة او محرمة ولا يوجد هناك خط أحمر عندما يتعلق الأمر بعقد محادثات ثنائية حول موضوعات محددة  ، وأعني بذلك المسألة النووية". وأعاد التأكيد على أنه لا يوجد خط أحمر في هذا الصدد.
لكن خامينئي أوضح في كلمته الخميس أن المحادثات مع الولايات المتحدة ليست بالحل العملي والمعقول طالما أن الإدارة الأميركية لا تزال تتبع إسلوب العصا والجزرة مع إيران ، بمعنى أنها تعرض المفاوضات المباشرة في الوقت الذي تفرض فيه أقسى عقوباتها ضد الجمهورية الإسلامية.
وفي رد مباشر على تصريحات بايدن ، قال خاميني "إن الكرة في واقع الأمر ، في ملعبك" وتساءل خاميني قائلا "هل من المنطق أن تعرض التفاوض في الوقت الذي تلوح فيه بالتهديد وممارسة الضغوط؟".
وقال ايضا مخاطبا بايدن "إنك تحمل سلاحا ضد إيران وتقول أنك تريد إجراء محادثات . إن الأمة الإيرانية لن يخيفها التهديدات".
ووصف خاميني الاقتراح الأميركي بالتفاوض بانه مجرد "خدعة وإن السياسة الأميركية في الشرق الأوسط قد احترقت وأن الأميركان بحاجة الآن ليلعبوا بكارت آخر غير كارت جر إيران للمفاوضات".
وتشير الصحيفة إلى ان الشارع الإيراني يشهد الآن جدلا بشأن مزايا ومساوئ التفاوض المباشر مع الولايات المتحدة ، حيث تقوم الصحيفة القومية بنشر المقالات في هذا السياق كما يعقد تلفزيون إيران الحكومي المناظرات لمناقشة هذا الاقتراح.
وفي ظل هذه الأجواء ظهرت تكهنات بأن إيران تعمل من خلال ذلك على تهيئة الرأي العام الإيراني من أجل تمهيد الطريق أمام الدبلوماسيين الإيرانيين للدخول في مفاوضات مباشرة وجها لوجه مع "الشيطان الأعظم".
إلا أن تصريحات خامينئي اوضحت بأن أوان التفاوض المباشر مع أميركا لم يحن بعد مبددا بذلك الآمال في عقد محادثات ثنائية بين الحكومتين الأميركية والإيرانية لإيجاد وسيلة للخروج من الطريق المسدود الذي وصلت إليه الأزمة النووية الإيرانية.
وقد ألقت تلك التصريحات بظلالها على المفاوضات النووية بين كل من إيران والقوى الكبرى الرئيسية في العالم والتي من المنتظر أن تستأنف في مدينة آلما آتا في كازاخستان في وقت لاحق من هذا الشهر بعد ثمانية أشهر من التوقف.
وكان وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ قد قال بأن الغرب سوف "يحمل لإيران عرضا جديدا ذا مصداقية". وقال لدى رحيبه بالمحادثات المقبلة بين إيران ومجموعة 5+1 الدولية "إننا نريد التعاون مع إيران في إطار من روح الاحترام المتبادل ووفقا للخطوات الجادة الواقعية اللازمة للتعامل مع مخاوف المجتمع الدولي الجادة حول البرنامج النووي الإيراني".
وقال ايضا أن محادثات آلما آتا سوف تقدم عرضا جديدا يتمتع بالمصداقية وأن العبء يقع على إيران كي تكشف عن جديتها وأن تترجم رغبتها في التفاوض إلى سلوك جاد وعملي.
كما علق خامينئي على المشاحنة العلنية المحرجة التي جرت بين الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ورئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني، وقال "إن المسؤولين في إيران بحاجة إلى أن يضعوا المصلحة القومية في قمة اعتبارهم والتخلي عن الشجار والتشاحن".