امرأة في انتظار تشييع جثمان هوغو شافيز في كاراكاس
كاراكاس ـ العرب اليوم
تستعد العاصمة الفنزويلية كاراكاس لاستقبال زعماء العالم والحشود الجماهيرية من أنصار الرئيس الراحل هوغو شافيز، للمشاركة في تشيع جثمانه الجمعة في جنازة لم تشهدها أميركا الجنوبية منذ وفاة السيدة إيفيتا بيرون . ومن المنتظر أن يصل العاصمة ما لا يقل عن 14 زعيمًا من زعماء العالم، إضافة إلى مئات الآلاف من
أنصاره للمشاركة في جنازة مؤثرة.
وتشير تقارير صحافية إلى "وجود خلافات وجدل حتى اللحظة الأخيرة بشأن مكان دفن الرئيس الراحل، إضافة إلى الغموض المتزايد الذي يكتنف مستقبل البلاد في ظل تكهنات باحتمال تأجيل انتخابات الرئاسة المقبلة".
وينص الدستور الفنزويلي، أن تجرى انتخابات الرئاسة خلال 30 يومًا من تاريخ الإعلان عن وفاة شافيز ، إلا أن الكثير من السياسيين والمسؤولين في البلاد قد أشاروا إلى أن "الوقت قد لا يكون مناسبًا لعقد الانتخابات بمثل هذه السرعة".
وقد زادت الأجواء سخونة بعد أن حث وزير الدفاع الفنزويلي، الأدميرال دييغو موليرو، الناخبين على التصويت لمصلحة نائب الرئيس، نيكولاس ما دورو الذي وقع اختيار الرئيس شافيز عليه كوريث له ، و"توجيه ضربة قوية للمعارضة الفاشية" على حد قوله خلال الانتخابات المقبلة.
وأوضح في حديث إلى تلفزيون الدولة أن "مهمة القوات المسلحة تتمثل في وضع مادورو في منصب الرئاسة".
وتكشف استطلاعات الرأي عن "تفوق شعبية نائب الرئيس على مرشح المعارضة، هنريك كابريلز الذي سبق وأن خسر في انتخابات الرئاسة أمام شافيز في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي".
وفي الوقت الذي يرقد فيه جثمان شافيز في الأكاديمية العسكرية، تمتد صفوف وطوابير بطول ميل من الجماهير الراغبة في إلقاء نظرة الوداع. وفي تلك الأثناء ظهرت تفاصيل جديدة بشأن اللحظات الأخيرة للرئيس الراحل الذي كان يصارع مرض السرطان منذ عامين.
ويقول رئيس الحرس الجمهوري، الجنرال جوزيه أورنيللا أن "شافيز لم يكن قادرًا على الكلام، ولكنه قال بشفتيه "لا أريد أن أموت، أرجوك لا تتركني أموت" ، وأضاف أورنيللا أن "الرئيس شافيز "58 عامًا" مات نتيجة أزمة قلبية عنيفة".
ولم تدلِ الحكومة الفنزويلية بتفاصيل محددة بشأن مرض السرطان الذي كان يعاني منه، والذي كان في منطقة الحوض، إلا أنها أعلنت عشية وفاته أنه "كان يعاني من التهاب تنفسي حاد".
وأضاف الجنرال أورنيللا أن "أفضل أطباء العالم كانوا يعالجون شافيز في كل من كوبا وفنزويلا، إلا أنهم لم يناقشوا حالته الصحية أمامه".
وقال الجنرال إنه "لم يكن يعرف نوع السرطان الذي كان يعاني منه شافيز" ، وأكد أن "شافيز عانى كثيرًا".
وعندما قام شافيز بإلقاء آخر خطاب له أمام الجماهير في الثامن من كانون الأول/ديسمبر الماضي وقبل أن يعود إلى كوبا لإجراء جراحة أخرى، علم آنذاك أن الأمل كان ضعيفًا جدًا من هذه العملية الجراحية.
وقبل ذلك بشهرين، كان شافيز الذي وصل إلى الحكم العام 1998، قد فاز بانتخابات الرئاسة بغالبية ساحقة بعد أن قال للناخبين إنه "قد شفي". وقد ردد الجنرال أورنيللا مزاعم الحكومة بأن "أعداء شافيز، والذي يفترض أنها الولايات المتحدة، قد تسببوا في إصابته بالسرطان"، وقال إنه "يعتقد أن الأمر سيحتاج إلى خمسين عامًا قبل أن يقوم أعداؤه بكشف الوثيقة السرية التي تبين ماهية من تورط في ذلك".
ومن بين الشخصيات التي ستحضر الجنازة كل من رئيس بوليفيا، إيفو موراليز ورئيسة الأرجنتين، كريستينا فيرنانديز، والأمير فيليب الأسباني ابن الملك خوان كارلوس الذي سبق وأن طالب شافيز بأن يلتزم الصمت.
وكان شافيز كثيرًا ما يقول إنه "يود أن يدفن في سهول ولاية باريناس التي شهدت مولده وسط نباتات السافانا، وقال أيضًا في حديث تلفزيوني العام 2009 إن "هذا أمر لابد من تنفيذه عندما يموت، وكان قد قال ذلك قبل معرفة إصابته بالسرطان".
ونسبت صحيفة الغارديان إلى أحد المصادر المقربة من عائلته أن "شافيز قد يدفن في المتحف العسكري المطل على العاصمة كاراكاس حيث القاعدة التي شهدت فشل محاولة انقلاب العام 1992".
ويناقش البعض، إقامة ضريح جديد كان شافيز قد أمر ببنائه، لاحتواء رفات سيمون بوليفار الذي حرر الكثير من بلدان أميركا الجنوبية من الحكم الإسباني خلال القرن التاسع عشر. وهناك خيار آخر بدفنه بالقرب من مدفن عظماء الأمة.
ويعد دفن الجثة في كاراكاس بمثابة انتهاك واضح لرغبة شافيز التي سبق وأن أعرب عنها، إلا أن ذلك سيسهل زيارة أنصاره ومحبيه الذين يرغبون في زيارة قبره، للتعبير عن مدى تقديرهم له، كما أن ذلك سيمنح الحزب الاشتراكي الحاكم رمزًا قويًا في قلب العاصمة".
وقد اصطف عشرات الآلاف تحت لهيب الشمس، الخميس لإلقاء نظرة خاطفة على شافيز وهم يرتدون الزي العسكري والقبعة الحمراء.
وتقول إزميلدا جونزالز "57عامًا" وهي خياطة قطعت مسافة طويلة حتى تجد لنفسها مكانًا، لإلقاء نظرة الوداع عليه "إنها لحظة صادمة ومؤلمة للغاية عند مشاهدة نعشه، إنها لحظة أشبه بالكابوس، لقد فقدنا رجل المبادئ الذي لا مثيل له".
أما ابنتها فانيسا "18عامًا" فتقول إنها "ستنتخب خليفته مادورو، لأنه سيواصل نضال شافيز".
ويقوم الجنود بتوزيع زجاجات المياه على الحشود، وتواصل مكبرات الصوت ترديد كلمات وأغاني شافيز ، وخلال المشهد تختلط الدموع بالحماسة من فرط التأثر بأغانيه، وقام شاب أثناء ذلك المشهد بأداء حركات وخطوات موسيقى الصلصا الإسبانية.
ويقول رجل في سن السبعين إنه "جاء كي يعبر عن امتنانه للرئيس الذي دائمًا ما كان يوفر له معاشه، ووصف لحظة سماعه نبأ وفاته بأنها "كانت أشبه بإعصار اجتاح الأمة". قال ذلك والدموع تتساقط من عينيه