الرئيس المصري محمد مرسي ونظيره الفلسطيني محمود عباس
القدس المحتلة ـ ناصر الأسعد
يتطلع العرب إلى ما سوف تسفر عنه الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية، بمزيج من القلق واللامبالاة والإنغماس في مشاكلهم الداخلية في وقت تشهد فيه المنطقة تغيرات استثنائية وغير عادية، وما لم تحدث مفاجأة، فإن المؤشراتكافة تقول بأنَّ بنيامين نتنياهو سوف يفوز مجددًا بمنصب رئيس الحكومة الإسرائيلية، وهو الرئيس الذي واصل
سياسية التوسع الاستيطاني وفشل في التواصل مع الفلسطينيين، في الوقت الذي شن فيه حربًا قصيرة على قطاع غزة ويهدد بضرب المنشآت النووية في إيران.
وبطبيعة الحالي ستقوم حكومة نتنياهو الجديدة بتشجيع النشاط الاستيطاني في الأراضي المحتلة ومعارضة قيام دولة فلسطينية، ومن المحتمل أيضا أن تضم الحكومة الإسرائيلية زعيم حزب "البيت اليهودي" نافتالي بينيت، الذي يدعو لضم الضفة الغربية إلى إسرائيل. وقال نتنياهو المعروف باسم بيبي خلال آخر مقابلاته الانتخابية "إن زمن هدم المستوطنات الإسرائيلية بالبلدوزرات وطرد اليهود منها قد ولى ولن يعود".
وإذا ما أردنا قياس مدى تحول السياسات الإسرائيلية نحو اليمين، فلابد وأن نشير إلى أن عام 2013 يوافق الذكرى العشرين لاتفاقيات أوسلو التي أبرمت بين إسرائيل وبين منظمة التحرير الفلسطينية والتي اعترف خلالها كل طرف بالطرف الأخر. وبعد مرور عشرين عاما يبدو حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية بعيد المنال.
وعن الشارع الإسرائيلي فإن احتمالات إحياء عملية السلام قد وصلت إلى درجة الصفر. فاليهود إما قد فقدوا الأمل في العملية السلمية أو فقدوا الإهتمام بها أو أنهم يعارضونها بشدة، أما عن الفلسطينيين في الضفة الغربية فهم وعلى مدى 45 عامًا ينظرون إلى الانتخابات الإسرائيلي بلا صوت انتخابي وبلا رأي.
ويقول الدبلوماسي العربي المحنك بجامعة الدول العربية كلوفيس مقصود أن الانتخابات الإسرائيلية الجديدة سوف تنعكس في صورة مزيد من المستوطنات والمزيد من الزحف نحو ضم الضفة الغربية والحد من دخول الفلسطينيين القدس الشرقية باعتبارها عاصمة الدولة الفلسطينية في المستقبل. وقال أيضا أن المنافسة فيما بين الأحزاب اليمينية تنحصر في معدل السرعة التي يمكن بها ضم الضفة الغربية. ويتفق مع هذا الرأي الخطاب الإعلامي والسياسي السائد في العالم العربي.
وتقارن صحيفة الغارديان البريطانية "بين اليقين في الخريطة السياسية الإسرائيلية، والمجهول الذي تتجه إليه المنطقة التي زلزلها ما يسمى بثورات الربيع العربي، حيث ترتخي قبضة بشار الأسد على النظام في سوريا بينما تستقبل مصر ذكرى الثورة التي أسقطت مبارك قبل عامين في ظل حكم جماعة الإخوان المسلمين وهي تعاني من حالة استقطاب غير مسبوقة في تاريخها. وفي الأردن يقوم الإسلاميون بمقاطعة الانتخابات العامة. أما دول الخليج فقد باتت عصبية المزاج وتعاني من قلق شديد. كما أن آثار تغير النظام في ليبيا قد بدأ تأثيره ينعكس في الجزائر وما بعدها.
لقد اعتادت العلاقات الإسرئيلية مع الفلسطينيين والبلدان العربية أن تكون جزءًا من الحملات الانتخابية عند اختيار حكومة إسرائيلية، فقد استطاع انتصار حزب العمل بزعامة اسحق رابين في عام 1992 أن يغير موازين الصراع، بل كان في الماضي حديث عن اتفاقية مع سورية. إلا أن التوجهات والسياسات قد ازدادت تصلبًا على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وقد ظهر ذلك جليًا في غضب الشعب الفلسطيني من تصريحات محمود عباس عندما وعد بعدم وجود انتفاضة فلسطينية ثالثة وأنه سيمتنع عن حق العودة لموطنه الأصلي في بلدة صفد الفلسطينية.
إلا أن سعيه الناجح لتحسين وضع السلطة الفلسطينية بالأمم والمتحدة والحصول على لقب دول غير عضو بالأمم المتحدة ، ورد إسرائيل على ذلك بإعلانها إنشاء مستوطنات جديدة في المنطقة المعروفة باسم (E1) المصممة لتطويق القدس، أكد على حالة الانقسام العميق. وعلى الرغم من التزم عباس الصمت خلال الحملات الإنتخابية الإسرائيلية إلا أن أحد كبار مساعديه حذروا بشدة من قيام دولة عنصرية في إسرائيل في حال وصول اليمين إلى السلطة.
وفي ظل اختفاء آمال عقد مفاوضات ذات مغزى بين السلطة الفلسطينية التي تحتضر وبين إسرائيل، تتصاعد المطالبة بالمصالحة بين منظمة التحرير الفلسطينية وحركة حماس. ويعلق كلوفيس مقصود على ذلك بقوله " بات أمرًا ضروريًا وملحًا أن تتوحد الزعامة الفلسطينية فورًا قبل أن يفوت الآوان وأن يتم وضع استراتيجية للمقاومة والتوسل إلى الحكومة المصرية الجديدة كي تعيد النظر في اتفاقية السلام المبرمة بينها وبين إسرائيل".
وخلال الأيام الماضية ظهرت نغمة متفائلة على لسان الملك عبد الله ملك الأردن عندما قال "أنا أشعر بأن نتنياهو يدرك ما ينبغي علينا عمله لتحقيق حل الدولتين ولكن هناك فجوة بين ما يقوله وبين الأجراءات التي تنفذها الحكومة الإسرائيلية". غير أن النظرة إلى هذه التصريحات على لسان الملك أحاطها الشكوك واعتبرت بمثابة تصريحات على سبيل التمني.
ومن غير المرجح أن تتخلى مصر والأردن عن اتفاقية السلام مع إسرائيل على أساس أن تأثير ذلك على علاقاتهما مع الولايات المتحدة ستكون وخيمة، وليس غريبًا أن يدرك الكثيرون مدى الحاجة الملحة لعمل جماعي دولي وعاجل إذا ما أراد المجتمع الدولي إعادة الحياة لحل الدولتين. وتقوم كل من بريطانيا وفرنسا بإعداد مبادرة يدعمها الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية، ويأمل الكثيرون أن تلقى أيضًا دعمًا من الولايات المتحدة. وعلى ما يبدو فإن فلسفة الحلول التدريجية على طريقة اتفاقيات أوسلو وإبقاء الحل النهائي رهينة إلى ما لا نهاية ، قد انتهت إلى غير رجعة.
ومع عودة نيتانياهو إلى رئاسة الحكومة الإسرائيلية من جديد بائتلاف يميني أكثر تطرفًا وعنيد ومتصلب على نحو لم تشهد إسرائيل من قبل، ومع استمرار انقسام الفلسطينيين وحالة الذهول التي يعيشها العالم العربي، فإنه لا يوجد على وجه الأرض من يعتقد بالأمل في سلام قريب.