الرئيس السوداني عمر البشير
الخرطوم ـ عبد القيوم عاشميق
هدد بإلغاء اتفاقيات بلاده مع جنوب السودان إذا لم تتوقف جوبا عن دعم المتمردين، وقال البشير في خطاب أمام حشد توجه مساء الاثنين، إلى القيادة العامة لقوات الشعب المسلحة للتهنئة باستعادة الجيش "ابوكرشولا" من أيدي التمرد، وقال البشير، إن الحكومة لن تتفاوض مع مايسمى
بالجبهة الثورية أو الحركة الشعبية قطاع الشمال. وحيا البشير انتصار القوات المسلحة والقوات الداعمة لها من الشرطة والأمن والمجاهدين، مؤكداً أن الجيش سيظل وفياً للشعب السوداني، مضيفاً أن الجيش السوداني يقاتل منذ العام 1955، ولم ينهزم أو يتراجع، وقال أن كثير من الجيوش انهارت تحت ضربات التمرد، إلا الجيش السوداني، وتعهد بتحرير كل شبر من أرض بلاده يسيطرعليها من أسماهم بالخونة والعملاء، ووصف الجبهة الثورية ( تحالف يضم خصوم حكومته من الحركات الدارفورية والحركة الشعبية قطاع الشمال) بانها تضم الإرهابيين والمرتزقة، قائلاً "يكفي أنهم ذبحوا المواطنين وشردوا النساء والأطفال، وقتلوا الشيوخ في "ابو كرشولا"، وقال البشير : لا تفاوض مع عميل أو خائن، وأضاف "لاحوار مع هؤلاء بعد اليوم، فهؤلاء ليسوا بجبهة ثورية إنهم مجموعة من الذين باعوا وطنهم للاعداء بثمن قليل، ونحن لن نعترف بعد اليوم بالحركة الشعبية قطاع الشمال أو بحركة العدل والمساواة أو بحركة تحرير السودان، البشير قال وبلهجة حاسمة "القوات المسلحة السودانية فقط ستكون هي العدل والمساواة وتحرير السودان والجبهة الثورية"، ووجه الرئيس السوداني رسالة إلى حكومة جنوب السودان قائلاً "بيننا وبين جنوب السودان اتفاقيات ونحن التزمنا بها، وإذا لم يلتزم جنوب السودان بها فستقوم الحكومة السودانية بإلغاء كل الاتفاقيات مع جنوب السودان، مضيفاً إذا جاء دعم من الجنوب إلى المتمردين في دارفور أو جنوب كردفان أو النيل الأزرق فإن الحكومة السودانية ستغلق انبوب النفط، وعلى الجنوب أن يتحمل مسؤوليات تصرفاته كاملة، مضيفاً أن الحكومة ستعرف إن كان الجنوب مستمر في دعم التمرد أم لا، واختتم الرئيس السوداني بالإشارة إلى معاناة المواطن في جنوب كردفان من الحرب والصراع المسلح، وأوضح أن من يقود الحرب في ولاية جنوب كردفان لايمثل أهل الولاية الذين ظلوا عبرالتاريخ سنداً للسودان ولقواته المسلحة.
وطالب الحزب الحاكم في السودان بمواصلة وتكثيف العمل العسكري ضد التمرد والقضاء على تهديده ، وقال عضو القطاع السياسي في الحزب (المؤتمر الوطني ) الدكتور ربيع عبد العاطي عبيد أن تحرير "ابو كرشولا" من قبضة التمرد ليس المحطة النهائية، لكنه بداية لرحلة ينبغي أن تستمر للقضاء على التمرد، وأكد في تصريحات لـ"العرب اليوم" أن ذلك هو الطريق الأمثل لإحلال السلام في بلاده، وأضاف أن أي تنازل عن هذا الخط يعد تعريض لحياة الموا طنيين للخطر والعبث بالسيادة الوطنية. من ناحية أخرى قال والي جنوب كردفان أحمد هاون، إن المواطن في الولاية دفع الثمن غالياً لماتقوم به الحركة الشعبية قطاع الشمال، وقال هارون في تصريح مقتضب لـ"العرب اليوم" إن الحركات المسلحة ظلت تعمل على زعزعة الأمن والاستقرار. من ناحيته قال والي ولاية الخرطوم الدكتور عبدالرحمن الخضر، إن الرسائل التي أطلقها الرئيس عمر البشير في كلمته أمام الحشد الجماهيري ابتهاجاً بالنصر ستمثل ركائز أساسية في سياسة الدولة خلال المرحلة القادمة، وأضاف أن الخروج عن إجماع الشعب السوداني، لن يخدم قضية، وأن رفع السلاح لن يعود بمنفعة، وأكد أن كل من يستهدف مقدرات ومكتسبات الشعب السوداني لا مكان له بيننا، كما توعد رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان السوداني محمد الحسن الأمين "التمرد" بالهزيمة، وقال الأمين سنزحف إلى مناطق التمرد وقياداتهم في كاودا. وأكد وزير الدولة في وزارة مجلس الوزراء الناطق الرسمي باسم حركة التحرير والعدالة الدارفورية أحمد فضل عبد الله أن على القوات المسلحة مواصلة الرحلة لاسترداد كافة أراضي البلاد وتحريرها من قبضة الحركات المسلحة وعناصر الجبهة الثورية، وقال لـ"العرب اليوم" أدعو المجتمع السوداني وقطاعاته كافة للاستمرار في مساندته ودعمه للقوات المسلحة والقوات النظامية الآخرى حتى يتحقق النصر الكامل. وأضاف: على دولة جنوب السودان أن تنظر بعمق إلى العلاقات التي تربط بين البلدبن فهي علاقات قديمة وتاريخية لابد من الحفاظ عليها، وذلك بالوفاء بالاتفاقيات الموقعة بين البلدين، وكذلك بالكف عن دعم الحركات المسلحة ووضع مصالح الشعبين فوق كل اعتبار.
من ناحية أخرى عبرت حكومة جنوب السودان عن أسفها العميق لما جاء من تهديدات في خطاب الرئيس السوداني ، وقال وزير الإعلام الناطق الرسمي باسم حكومة جنوب السودان الدكتور برنابا بنجامين أن بلاده لاتقدم أي نوع من الدعم لخصوم الخرطوم في ولايات النيل الأزرق وجنوب كردفان أو ولايات دارفور. وأكد في تصريحات عبر الهاتف من مدينة جوبا لـ"العرب اليوم" إن بلاده حريصة على أجواء السلام، وإنها ملتزمة بما جاء في اتفاق التعاون الشامل، ولبلاده رغبة أكيدة في التعاون مع السودان. وأضاف : لو حدثت مشكلات فالطريق لحلها هو الحوار والتفاوض، وأشار بنجامين إلى أن بلاده لاتعتبرالسودان عدواً لها، إنما تعده دولة جارة تربطها به مصالح وعلاقات، وأوضح أن القيادة العليا في البلدين (البشير وسلفاكير) بمقدورهما حل المشكلات، وعاد وزير الإعلام في حكومة جنوب السودان ليقول، أبلغنا الجانب السوداني إننا لانقدم دعما لحملة السلاح وأشار إلى أن الرئيس سلفاكير أبلغ ذلك الموقف لنظيره السوداني خلال زيارته إلى جوبا، وخلال لقاءاتهما واتصالاتهما التي لم تنقطع، فهناك صفحة جديدة، ونافذة تعاون وبيئة للسلام يجب أن نرعاها ونحافظ عليها، وألمح الوزير الجنوبي إلى أن حديث الرئيس السوداني جاء في حالة انفعال لكن هذا لاينبغي أن يكون خصماً على علاقات السودان وجنوب السودان.