بيروت ـ جورج شاهين تابع رئيس مجلس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، السبت، الوضع الامني في بلدة عرسال التابعة لمحافظة البقاع بعد الحادث المؤسف الذي وقع الجمعة بين قوة من الجيش ومسلحين من البلدة وادى الى استشهاد ضابط من الجيش ورتيب آخر بعدما قتلوا احد المطلوبين في اعتداءات على الجيش وخطف مواطنين آستونيين قبل عامين ، واطلع ميقاتي من وزير الدفاع الوطني فايز غصن وقائد الجيش جان قهوجي على ملابسات الحادث والتدابير التي اتخذها الجيش لضبط الوضع وتوقيف المعتدين.
وفي هذه الأثناء ودعت منطقة عكار شهيدها الرقيب أول ابراهيم زهرمان وتستعد المريجات في البقاع الأوسط لإستقبال ابنها النقيب الشهيد بيار بشعلاني الذي رقي الى رتبة رائد بعد إستشهاده.
وقبل ساعات على تشييع الشهيد بشعلاني واصل أصدقاءه قطع الطرق في منطقة البقاع، كما قطع آخرون من عشائر بعلبك وأحزابها اليسارية الطريق ولا سيما طريق بعلبك ـ حمص بعد الظهر استنكارا للإعتداء على الجيش علما ان عدد من ابناء هذه العشائر ما زالوا فاراين بسبب مطاردتهم في عمليات اعتداء ادت الى استشهاد عدد من العسكريين في وقت سابق.
ميدانيا، عزز الجيش اللبناني حصاره على عرسال بانتظار تسليم المعتدين على دورية الجيش بعدما نفى رئيس البلدية ومفتيها وجود المجرمين في البلدة واعتبروا انه يمكن أن  يكونوا خارجها في الجرود الوعرة او في اي مكان آخر فروا اليه بعد اكتشاف انهم تعرضوا لقوة من الجيش بعدما ظنوا انهم من "حزب الله" او المخابرات السورية.
وكانت مصادر امنية قد أكدت ان وحدات الجيش قد اوقفت عددا من المسلحين على خلفية حادثة عرسال ومنهم: يحيى الحجيري وشقيقه، ابناء الشيخ حسن الخميني وهم 3 ومحمد عبده الحجيري، لافتةً إلى أن "الحواجز التي أقامها الجيش لا تزال في عرسال تمهيدًا لتوسيع خطته".
وفي سياق المواقف، شجب الرئيس ميقاتي "التعرض للجيش اللبناني من أي جهة اتى، لان الجيش يقوم بواجب الدفاع عن الوطن وحماية ابنائه على إختلاف طوائفهم ومناطقهم". وأكد "رفض استخدام السلاح خارج سلطة الشرعية أو استهداف الجيش خلال قيامه بمهام حفظ الامن".
واعتبر ميقاتي ان "ما حصل في عرسال الجمعة امر مرفوض وستتخذ بشأنه التدابير الامنية والقضائية اللازمة"، داعيا "ابناء عرسال وفاعلياتها الى التعاون مع الجيش لتسليم مطلقي النار واعادة ضبط الوضع الامني في المنطقة". وتقدم ميقاتي بالتعزية بشهداء المؤسسة العسكرية من ذويهم ومن قيادة الجيش، وتمنى الشفاء للجرحى.
ومن جهته، اجرى البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي بعد ظهر السبت 2 شباط/ فبراير 2013، اتصالاً هاتفيًا برئيس مجلس الوزراء السابق سعد الحريري عارضًا معه للمستجدات على الساحة اللبنانية ولاسيما موضوع قانون الانتخاب، وكانت مناسبة تطرّقا خلالها لمبادرة الرئيس الحريري الاخيرة، واثنى غبطته على عدد من العناوين والافكار التي تضمّنتها معتبرًا انها تشكّل مساحة حوار وتقارب تساهم في تفعيل الحوار بين اللبنانيين لما يصبّ في مصلحتهم الوطنية المشتركة العليا. وشدد الكردينال الراعي خلال الاتصال على أولوية الحوار والانفتاح بين كافة الاطراف السياسية للوصول الى وضع قانون للانتخاب يكون على مستوى آمال كل اللبنانيين ويحقق تمثيلهم الصحيح.
كما اجرى البطريرك الراعي اتصالاً هاتفيًا بقائد الجيش العماد جان قهوجي مقدّمًا تعازيه باستشهاد النقيب بيار بشعلاني والرقيب اول ابراهيم زهرمان أمس في عرسال مجددًا التمسّك بهيبة الجيش والقوى الامنية التي تبقى وحدها الضامنة لاستقرار لبنان ولكرامته. وسأل غبطته للجيش اللبناني قيادة وافرادا الحماية من الله والدعم والاخلاص من كل اللبنانيين.     
كذلك استنكر شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن، في تصريح مساء السبت "الاعتداء الذي تعرض له الجيش اللبناني وأدى إلى سقوط عدد من عناصره في البقاع"، مؤكدا "على الدور الوطني الجامع للجيش اللبناني في حماية البلاد وصون أمنها واستقرارها، ورد الاعتداءات عنها".
وتوجه حسن "بالتعزية من الجيش قيادة وضباطا ورتباء وجنود كما من أهالي الشهداء، متمنيا ان يقي الله لبنان من كل شر".
كما دان "حزب الله" الاعتداء الذي تعرض له الجيش في منطقة عرسال، وذلك في بيان صدر عنه وجاء فيه: "يعبر حزب الله ومعه كل اللبنانيين عن مشاعر الألم والحزن والغضب للاعتداء الإجرامي الذي تعرض له ضباط وعناصر الجيش اللبناني في منطقة عرسال، ويرى في تكرار التعرض لمؤسسة الجيش، بما هي مؤسسة وطنية كبرى وضمانة للبنان، خطورة بالغة تمس هيبة الدولة وأمن الوطن بأكمله.
إن "حزب الله" إذ يدين بشدة الاعتداء على المؤسسة العسكرية، يرى في ما جرى مناسبة كي يظهر اللبنانيون على اختلاف مواقعهم ومسؤولياتهم وانتماءاتهم التفافهم حول مؤسسة الجيش، ويؤكدوا تضامنهم الكامل معها. كما يدعو السلطات المختصة إلى اتخاذ كل الإجراءات التي تكفل وضع حد لتكرار هذه الاعتداءات وسوق المعتدين إلى العدالة. ويتقدم من المؤسسة العسكرية قيادة وضباطا وأفرادا بأسمى آيات العزاء بالشهداء الذين سقطوا ويدعو الله أن يمن على الجرحى بالشفاء العاجل".
واستنكر رئيس تيار "المردة" النائب سليمان فرنجية، في بيان بعد ظهر اليوم بشدة "ما حدث ويحدث في عرسال". وتقدم بالتعزية من عائلتي الشهيدين النقيب بيار بشعلاني والرقيب ابراهيم زهرمان، متمنيا للجرحى الشفاء العاجل. وطالب ب"تحقيق سريع للحد من تكرار مثل هذه الحادثة المروعة، حفاظا على مؤسسة الجيش اللبناني صمام أمان لبنان".
ودان تجمع "العلماء المسلمين"، الاعتداء على الجيش في عرسال، وأكدوا في بيان، "إن العمل الإجرامي الذي قامت به عصابات إرهابية في عرسال ضد الجيش هو نتيجة طبيعية للتطبيق الخاطىء لسياسة النأي بالنفس التي تعتمدها الحكومة، وإن الترهيب بالفتنة المذهبية واحتساب كل جهاز أمني في البلد على فئة مذهبية هو الذي أدى إلى تكبيل الجيش ومنعه من القيام بواجبه في ضبط الأمن وحماية المواطنين" .
وطالب الدولة بـ"القيام بواجباتها في إعطاء الحصانة الكاملة والتفويض غير المشروط للجيش اللبناني للقيام بمهماته في أرجاء الوطن كافة، بخاصة في النقاط الحدودية مع سوريا منعا من إدخالنا في آتون الصراع هناك، خصوصا مع الحديث عن قرب الحل السياسي الذي يفرض أن يخرج المسلحون إلى خارج سوريا وبخاصة إلى لبنان ما يوقعنا في مشكلة أمنية كبيرة".
ورأى ان " العمل الإجرامي في عرسال، اثبت أن فوضى السلاح هو عمل مفتعل يهدف إلى جعله أداة مساومة مع سلاح المقاومة المنضبط والذي لا يستخدم إلا في قتال العدو الصهيوني مؤازرا للجيش اللبناني".
وعقد رئيس بلدية عرسال علي محمد الحجيري، عصر السبت مؤتمرا صحافيا في دار البلدية في عرسال، في حضور أعضاء المجلس البلدي، تناول فيه الاعتداء على الجيش، واستهله بالقول: "ما حصل كان نتيجة خطأ في عرسال، ونوجه تحياتنا الى قائد الجيش العماد جان قهوجي".
وقدم رواية لما حصل، قائلا إن "سيارتين مدنيتين لون أبيض من دون لوحات، أخذ من في داخلهما خالد حميد، بعدما اطلقوا عليه النار. سألنا الجيش، فقالوا: ليس لدينا دورية والجيش لا علاقة له بالعملية. وبعدها جاء الناس الى المساجد وقالوا ان هناك عصابة وقوة سورية في جرود وادي رعيان، فصعد 200 "بيك أب" بشكل قافلة وقالوا ان هناك سيارتي هامر للجيش اللبناني. وعدنا وسألنا الجيش ثانية، فقالوا لا دخل لنا، هذه هامرات مدنية. عندها قلنا عصابة، وحصل ما حصل. وتبين انهم جيش، بعدها اتصلت بنا المعلومات وقالت دورية للجيش".
وأعرب عن الأسف لما حصل، مستنكرا باسم أهالي عرسال "ما حصل للجيش". وسأل: "من يتحمل الخطأ؟ وهنا القطبة المخفية: لماذا يأتون في سيارات مدنية؟ والجيش اذا أراد الدخول الى البلدة بسيارات عسكرية نرش عليه الأرز، فما حصل فخ نصبوه لنا ومكيدة وقعنا فيها، وما أرادوه حصل، ونحن نعتبر ان جهة سياسية ركبت الفيلم على عرسال وهي تحت سقف الدولة. ونطلب من الجيش الانتشار على الحدود ونحن مستعدون لمؤازرته، فالجيش صاحب الوطن وله كل الأراضي اللبنانية".
وبشأن المطالبة بتسليم الفاعلين، قال: "صعد 200 سيارة "بيك أب"، ولا نعرف من الذي أطلق النار وأصاب، ولا نعرف حميد بماذا هو مطلوب. نحن لسنا جيش أو أمن دولة أو قوى أمنية. أطلقتم النار على الشخص، لماذا تأخذونه بالسيارة وتتوجهون الى الجرد، لماذا لا تداهمون باتجاه نحلة، ليفتحوا تحقيقا بما حصل، ونحن من حمى الجيش وأولادنا في الجيش 3000 عسكري وحصل خطأ والمفروض فتح تحقيق".
وعقب صلاة ظهر عصر السبت شيع جثمان شهيد الجيش المعاون ابراهيم زهرمان، بموكب شعبي حاشد ووسط مظاهر الحزن والغضب التي عمت قرية قتة في عكار، مسقط الشهيد. وحضر الصلاة على جثمان الشهيد في مسجد الشيخ عمر في قرية قتة، ممثل وزير الدفاع الوطني فايز غصن وقائد الجيش العماد جان قهوجي العقيد الركن زخيا الخوري، النائبان نضال طعمة وخالد زهرمان، مفتي عكار الشيخ زيد بكار زكريا، رئيس دئرة الأوقاف الاسلامية في عكار الشيخ مالك جديدة، قيادات عسكرية وأمنية وحشد كبير من رؤساء بلديات ومخاتير ووفود شعبية ورجال دين من مختلف قرى وبلدات عكار وعائلة الشهيد زهرمان.
أم المصلين المفتي زكريا. وبعد الصلاة، كانت كلمة تابينية ألقاها العقيد الركن زخيا الخوري، نقل في مستهلها تعازي وزير الدفاع وقائد الجيش، إلى عائلة الشهيد وأبناء عكار كافة، ثم قال: "نزف الى الوطن اليوم عريسا جديدا للشهادة، رفيقا عزيزا من رفاق السلاح شاءت يد الغدر ان يرحل عن هذه الحياة والدنيا، وهو يؤدي واجبه العسكري في الحفاظ على سيادة الوطن وأمنه واستقراره ودرء خطر الارهاب والاجرام المتربص شرا بشعبه، لينضم إلى قوافل شهداء الجيش الأبطال الذين سقطوا على امتداد مسيرة الشرف والتضحية والوفاء".
أضاف: "ان الاعتداء السافر الذي تعرض له الجيش في منطقة البقاع الجمعة، وأدى إلى استشهاد كل من الرائد بيار البشعلاني والمعاون ابراهيم زهرمان، بالاضافة الى اصابة عدد من رفاقهما بجروح، قد لاقى استنكارا واسعا من الشعب اللبناني، ليس لانه اعتداء على المؤسسة الوطنية الأولى فحسب، بل لأنه اعتداء على لبنان بأسره، لبنان الواحد السيد المستقل ولبنان الرسالة والعيش المشترك".
وتابع بالقول: "ان التطاول على هذه المؤسسة، من أي جهة كانت، هو بمنزلة الخيانة الوطنية. وكونوا على ثقة بأن الجيش لن يفرط بدماء شهدائه وجرحاه، ولن يستكين على الاطلاق حتى انزال العقاب بالقتلة المجرمين وتحقيق العدالة كاملة من دون نقصان".
ثم كانت كلمة لزكريا ضمنها استنكاره للحادثة، وأكد على أهمية احترام القانون وعلى ضرورة فتح تحقيق جدي بهذه الحادثة، وان يكون تحقيقا شفافا لكشف كامل حقيقة ما حصل "وليتحمل كل مسؤوليته".
وقدم زكريا التعازي لقيادة الجيش ولعائلة الشهيد زهرمان، مشددا على ان المؤسسة العسكرية تشكل ضمانة لأمن الوطن والمواطن، وان الاعتداء عليها هو اعتداء على أمن هذا الوطن واستقراره.
بعد ذلك تقبل ممثل وزير الدفاع وقائد الجيش والعائلة التعازي، ووري جثمان الشهيد زهرمان في الثرى في مدافن العائلة.