أحد أنفاق غزة
غزة ـ محمد حبيب
فجّر الجيش المصري، مساء الأحد، نفقين على حدود قطاع غزة، وذلك في إطار حملة يشنها منذ الأسبوع الأول من شباط/فبراير الماضي، لإغلاق تلك الممرات التي تستخدم للتهريب في ظل الحصار الإسرائيلي للقطاع، وسط تخوفات من حصار جديد على القطاع يمنع دخول الحاجات الأساسية. وقال مصدر أمني مصري
في مدينة رفح، إن "قوات الجيش فجرت نفقين على الحدود مساء الأحد"، من دون أن يشير إلى آلية وطريقة التفجير، فيما أفاد شهود عيان من أهالي مناطق الحدود أن "دوي انفجارات متتالية سمع في ساعة متأخرة من الأحد، وتبين أنه ناتج عن عملية تفجير الأنفاق".
وارتفع عدد الأنفاق التي تم تدميرها وإغلاقها منذ بداية الحملة، إلى نحو 230 نفقًا من بين إجمالي يقدر بــ 300 (أي أكثر من 75%) بحسب أهالي المنطقة الحدودية على الجانب المصري، وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها العودة إلى أسلوب التفجير، بدلاً من الإغراق الذي اعتمده الجيش المصري منذ بداية الحملة قبل نحو شهر ونصف الشهر، ويُرجع الأهالي في المنطقة الحدودية بين مصر وغزة ذلك، إلى شكواهم من أن الإغراق للأنفاق في المناطق السكنية والمأهولة يؤدي إلى انهيارات أرضية للتربة، وبالتالي يضر بالمساكن المجاورة للأنفاق، وذلك بخلاف الممرات الأخرى التي توجد في مناطق غير مأهولة.
وأعلن تجار من قطاع غزة، أن ارتفاعًا طرأ على أسعار بعض السلع المهربة عبر الأنفاق، وبخاصة مواد البناء كالأسمنت والحصمة، بسبب الحملة المصرية على الأنفاق، في حين نفى القائم بأعمال مدير الهيئة العامة للبترول عبدالناصر مهنا، وجود أزمة وقود في غزة، مؤكدًا أن "القطاع يمتلك كميات كافية من الوقود، وأن قلق المواطنين وتخوفهم من انقطاعه لا داعي له، وأن أعمال السلطات المصرية في منطقة الأنفاق تؤثر يومًا أو يومين على الأكثر على حركة إدخال الوقود، ثم تعود الأمور إلى طبيعتها".
وتشهد أنفاق التهريب المتعلقة بالوقود أزمة حقيقية جراء الأزمة التي تعيشها مصر، والتي انعكست سلبًا على القطاع، حيث يعمل تجار السوق السوداء المصريين جاهدين من أجل إدخال الوقود إلى غزة، فيما أعلنت مصر أنها بدأت في إغراق وإغلاق شبكة من الانفاق في الأسبوع الأول من شباط/فبراير الماضي لوقف تدفق الأسلحة المهربة.
وقال مساعد الرئيس المصري للشؤون الخارجية عصام الحداد، في 18 شباط/فبراير الماضي، إن "بلاده لن تتسامح مع تدفق الأسلحة المهربة من قطاع غزة وإليه، ولا نريد أن نرى هذه الأنفاق تستخدم كسبل غير مشروعة لتهريب الأشخاص أو الأسلحة التي يمكن أن تلحق ضررًا فعليًا بالأمن المصري"، معتبرًا أن ذلك يؤدي إلى "زعزعة الاستقرار في سيناء".
وأضاف الحداد "أعلن الجيش المصري أخيرًا أنه يتعامل مع ملف أنفاق غزة بحرية تامة، من دون أي ضغوط من أي جهة، باعتباره إحدى المهام الرئيسة للعملية العسكرية (نسر) التي بدأت في آب/أغسطس الماضي، عقب هجوم شنه مسلحون مجهولون على إحدى نقاط الجيش المصري في مدينة رفح، شمال شرق، وراح ضحيته 16 جنديًا من حرس الحدود .
وتصاعدت هذه الحملة على الأنفاق الشهر الماضي، باتباع أسلوب الإغراق، وأدت إلى تقلص كميات المواد المهربة عبرها إلى غزة بنسبة 60%، مما انعكس بالسلب على مختلف مناحي الحياة في القطاع، وبدا واضحًا من خلال بوادر أزمة بالمحروقات ومواد البناء، وتفرض إسرائيل حصارًا مشددًا على قطاع غزة، مُنذ أن سيطرت حركة "حماس" عليه منتصف 2007، وهو ما جعل أهالي القطاع البالغ 1.7 مليون نسمة يعتمدون على الأنفاق بشكل كبير في الحصول على المواد الاساسية وبخاصة مواد البناء.
ويرى محللون أن مستقبل الأنفاق الحدودية بين قطاع غزة ومصر لا يزال مجهولاً، كما حال مستقبل علاقة غزة بمصر التي تعمل على هدم الأنفاق من دون إيجاد بديل يضمن إدخال الحاجات الأساسية المختلفة إلى القطاع.