رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي ورئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر
تونس ـ أزهار الجربوعي
قررت رئاسة الحكومة التونسية، الأربعاء، فتح تحقيق قضائي في أحداث العنف التي استهدفت الموكب الرسمي ل غداة إحيائهما الذكرى الثانية للثورة في محافظة سيدي بوزيد، في حين أعلن المحامي اللبناني أكرم عازوري أن موكله زين العابدين
بن علي قرر مقاضاة الدولة التونسية على خلفية تصريحات وزير الداخلية السابق فرحات الراجحي الذي اتهمه باختلاس مبالغ مالية من خزينة البنك المركزي، من جانبه اتهم وزير الخارجية التونسي رفيق بن عبد السلام السيشال بالتواطؤ لحماية صهر المخلوع بعد أن أطلقت سراحه رغم أنه مطلوب دوليًا، يأتي ذلك في الوقت الذي تحدثت فيه تقارير أجنبية عن وساطة قطرية لإعادة الرئيس المخلوع إلى تونس مقابل تنازله عن الأموال المنهوبة والمهربة إلى الخارج، في حين قفزت تونس لتتزعم قائمة الدول التي أحرزت على أعلى نسب تقدم في الديمقراطية مسجلة ارتفاعا بـ(+8.1)، في حين خرجت الولايات المتحدة الأميركية من قائمة أفضل 10 دول في " تصنيف الديمقراطية" حيث احتلت المرتبة الخامسة عشرة.
وكانت أحداث شغب قد اندلعت في سيدي بوزيد بسبب كلمة رئيس المجلس التأسيسي التي ذكر فيها ثورة 14 يناير بدلا 17 كانون الأول، التاريخ الذي أحرق فيه محمد البوعزيزي نفسه احتجاجًا على البطالة والتهميش والحيف الاجتماعي، مما جعل الجموع الغفيرة ترشقه بالحجارة وكل من كان معه على المنصة الشرفية بمن فيهم الرئيس المرزوقي, معتبرين ذلك إهانة لهم ولشهداء سيدي بوزيد.
وقد رأى مراقبون أن فائض الحرية الواسع قد جعل التونسي يتطاول حتى على مؤسساته الشرعية معتبرين ما أقدم شباب سيدي بوزيد على فعله قد شوه صورة الدولة التونسية في الداخل والخارج، في حين رأى آخرون أن تواصل الفقر والتهميش في هذه المنطقة التي تعتبر نفسها مهد ثورات الربيع العربي وحرمانها من حقها في التنمية، يبشر بانتفاضة جديدة إذا لم تتدارك حكومة الترويكا الوضع بسرعة.
وقد فند رئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر رشقه بالحجارة في سيدي بوزيد خلال الاحتفال خلافًا لما نقلته شاشات وسائل الإعلام والتقطته عدسات المصورين، كما أعرب بن جعفر عن تفهمه لغضب أهالي سيدي بوزيد، مشيرًا إلى أن ردة فعلهم كانت طبيعية نظرا للظروف الصعبة التي تمر بها المحافظة منذ سنوات.
و أضاف بن جعفر "إن انجازات الحكومة لا يمكن تظهر للشعب الذي كان يعيش في الحرمان و التهميش و الكبت الديمقراطي في عهد المخلوع" ،موضحًا أن مشاكل التنمية والتشغيل موجودة في اغلب محافظات الجمهورية".
ويذكر أن عبارة "ارحل" الشهيرة التي أطلقها شباب تونس في وجه الرئيس السابق زين العابدين بن علي، ليورثوها في ما بعد إلى ثوار الربيع العربي، قد رفعت في وجه رئيس البرلمان التونسي في مناسبتين خلال يومين متتاليين بعد أن طالبه موظفو المجلس التأسيسي بالرحيل بسبب عدم الاستجابة لمطالبهم وتسوية وضعياته، إلا أنهم قرروا العدول عن الإضراب العام بعد أن تم توقيع اتفاق بين النقابة وإدارة المجلس تضمن تلبية مطالبهم المتمثلة في سن نظام أساسي لأعوان المجلس التأسيسي وإدماج العملة ضمن السلك الإداري والتقني و الترفيع في منحة العمل البرلماني التي لا تتجاوز 170 دولار.
ودانت رئاسة الحكومة التونسية في بيان أصدرته الأربعاء، الاعتداءات التي استهدفت رئيس الجمهورية الدكتور محمد المنصف المرزوقي، و الوفد الرسمي الذي توجه إلى محافظة سيدي بوزيد الاثنين الماضي 17 كانون الأول/ديسمبر 2012 للإعلان عن افتتاح المهرجان الدولي للثورة التونسية والمشاركة في إحياء الذكرى الثانية لاندلاعها.
كما استنكرت الحكومة بشدة ما أسمته "استهدافًا لرمزية وهيبة الدولة ومؤسّساتها" وخاصّة شخص رئيس الجمهورية، و رئيس المجلس الوطني التأسيسي و أعضاء الحكومة وممثلي السلط الجهوية المشاركين في الاحتفال، و التي لم تجد لها مبررًا، حسب ما ورد في نص البلاغ.
و دعت رئاسة الحكومة كل الأحزاب و المؤسسات و الجمعيات المدنية إلى التعبير عن موقفها من أحداث العنف التي حصلت في مدينة سيدي بوزيد بكل وضوح ومسؤولية ودون تمييز بين مؤسسة أو رمزية سيادية ووطنية في البلاد.
هذا و طالبت رئاسة الحكومة كل مكونات المجتمع السياسي والمدني ووسائل الإعلام بأن تقوم بدورها المسؤول في التوعية والدعوة إلى الالتزام بأخلاقيات الممارسة السياسية السلمية والتعبير عن الرأي في كنف الاحترام لمؤسسات الدولة والمجتمع المدني، ورموزها بما يضمن السلم والأمن في المجتمع ويساهم في التنمية ويحفظ صورة تونس لدى الرأي العام الوطني والدولي.
وكان الأمين العام لـ"حزب المؤتمر من أجل الجمهورية" محمد عبو قد ندد باستهداف "هيبة الدولة" وكرامتها، من خلال الاعتداء على رمزية رئيس الدولة، قائلا " المرزوقي رئيس منتخب وهو ليس بن علي حتى يُقذف بالحجارة، ومن يعارضه فعليه أن يسقطه بالوسائل الحضارية وبصناديق الاقتراع".
كما اتهم عبو أطرافا سياسية رفض تسميتها، بالتجييش وبث الفتنة داخل أطياف الشعب والتحريض على استهداف رموزه.
وكانت "الجبهة الشعبية" (هي ائتلاف بين أحزاب يسارية) قد دعت في وقت سابق إلى مقاطعة احتفالات الذكرى الثانية للثورة، مشبهة احتفال الفريق الحاكم بهذه المناسبة بممارسات نظام الرئيس المخلوع، وهو ما جعل رموز ائتلاف الترويكا تتهمها بالتدبير للاعتداء على رئيس الدولة ورئيس البرلمان.
على صعيد آخر، أعلن محامي الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي أكرم عازوري ، أن موكله يعتزم تقديم قضية ضد الدولة التونسية لدى لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في جنيف.
وأوضح عازوري أن هذا القرار جاء على خلفية تصريحات وزير الداخلية السابق في حكومة الباجي قايد السبسي فرحات الراجحي ، والتي قال فيها "إن الأموال التي عُثر عليها في قصر الرئاسة بعد هروب بن علي تمّ اقتراضها من البنك المركزي التونسي"، وهذا ما اعتبره المحامي محاولة لإقناع الرأي العام أن الرئيس الأسبق استولى على المال العام.
وفي السياق ذاته أشارت تقارير إعلامية أجنبية إلى أن قطر تعدّ لوساطة تُمكّن القيادات المخلوعة وأقاربهم الفارّين من إيقاف التتبعات ضدهم والحصول على جوازات سفر والعودة لأوطانهم مقابل إعادة ما نهبوه من أموال، وفقا لمصادر قطرية قريبة من الملف .
من جهته، اتهم وزير الشؤون الخارجية التونسي رفيق عبد السلام السيشال بالتواطئ مع صهر الرئيس المخلوع صخر الماطري وتوفير الحماية له رغم أن مطلوب للعدالة الدولية، عقب أن أطلقت سراحه بعد التحقيق معه ، ممتنعة عن إعلام السلطات التونسية بوجهته.
وأشار رفيق عبد السلام أن صخر الماطري عندما أوقف في السيشال تم التحقيق معه في وقت وجيز ثم أطلق سراحه رغم أن السلطات التونسية تحركت عن طريق سفيرها وطالبت بتسليمه.
و في السياق ذاته أوضح أن صخر الماطري وكل أفراد عائلة المخلوع مطلوبين من طرف البوليس الدولي وهناك برقية تفتيش دولية في حقهم بتهمة الفساد المالي واستغلال النفوذ وسرقة ثروات ومقدرات الشعب التونسي.
وقد كشفت تقارير غربية أن صخر الماطري يقيم حاليًا في السعودية، بعد أن غادر قطر على اعتباره شخصا غير مرغوب فيه ليستقر إلى جانب الرئيس المخلوع.
وفي سياق منفصل، قفزت تونس لتتزعم قائمة الدول التي أحرزت على أعلى نسب تقدم في الديمقراطية مسجلة ارتفاعا بـ(+8.1)، في حين خرجت الولايات المتحدة الأميركية من قائمة أفضل 10 دول في " تصنيف الديمقراطية" حيث احتلت المرتبة الخامسة عشرة.
ويذكر أن هذا التصنيف يعد سنويًا لقياس نوعية فهم و تطبيق النظام الديمقراطي في مختلف جميع أنحاء العالم.
وقد تضمن تصنيف الديمقراطية هذا العام 104 دولة تم ترتيبها إلى ( ديمقراطيات و أشباه الديمقراطيات)باستخدام 42 مؤشرًا محددًا مقياسًا يتراوح بين 1واحدة و100 نقطة. و قد اظهر التصنيف أنه تم إحراز تقدم في نوعية الديمقراطية في جميع أنحاء العالم، بمتوسط بلغ 0.7 نقطة فيما حققت بلدان (الشمال الأوروبي) وسويسرا أعلى مرتبة في العالم.
وعانت الديمقراطية من الانخفاض الأكثر حدة في كل من المجر (-2.5)، والبحرين (-2.5)، وإيطاليا(-1.7) ، اليونان (-1.7)، والمكسيك (-1.3)، وغينيا بيساو (-1.2). وبصفة عامة ، أشار التصنيف العالمي إلى انخفاض في نوعية الديمقراطية في بلدان أميركا الوسطى وأوروبا.