الرئيس السوداني عمر البشير
الخرطوم ـ عبدالقيوم عاشميق
أثار إعلان ، عدم رغبته في الترشح لدورة رئاسية جديدة، تساؤلات وسط القوى والتيارات السياسية في بلاده، حيث كشف البشير عن تحركات داخل حزبه لاختيار مرشح جديد لخوض انتخابات 2015 م.
وقال البشير في حوار مع صحيفة "الشرق" القطرية، الصادرة الأربعاء، "إن بضعًا
وعشرين عامًا من الحكم كافية، بالنظر إلى ظروف البلاد، والرغبة في تجديد الدماء"، في حين فتحت تلك التصريحات تساؤلات عدة لدى الشارع السياسي، دار مضمونها عن "هل سيبتعد الرئيس البشير عن المشهد السياسي؟ وهل سيوافق الحزب الحاكم على ذلك؟ وهل تؤيد الأحزاب المعارضة والمتحالفة معه الفكرة؟".
وقد استطلع "العرب اليوم"، أراء بعض التيارات وقادة الأحزاب السياسية السودانية، بعد هذا الإعلان، حيث قال نائب حزب "الأمة" السوداني المعارض، اللواء فضل الله برمة ناصر، في تصريحات خاصة لـ"العرب اليوم"، "إن إعلان الرئيس بعدم الترشح قرار سليم، وإن المرحلة المقبلة يجب أن تكون مرحلة للتحول الديمقراطي الحقيقي، وبخاصة والجميع يتحدث عن التداول السلمي للسلطة، وتقاسم السلطة والثروة بشكل عادل، ويجب أن يختار الشعب السوداني رئيسه، وليس الحزب الحاكم في البلاد (المؤتمر الوطني)، اتساقًا مع تطلعاته في السلام العادل والشامل"، مجددًا التأكيد على أهمية إفساح المجال للتداول السلمي للسلطة، بشكل ديمقراطي سليم.
واعتبر الناشط والقيادي في حزب "مؤتمر البجا"، عبدالله موسي، عبر تصريحاته لـ"العرب اليوم"، أن "هذا الإعلان ليس بجديد، وأن الرئيس البشير سبق وأن أعلن عدم رغبته في الترشح، لكن تعليقات قادة حزبه كانت تقول إن الحزب هو الذي يحدد ذلك، في إشارة إلى إمكان عودته إلى المشهد السياسي من جديد"، مضيفًا "اعتقد أن الإعلان بعدم الترشح أو غيره، ماعاد يجد أو يمثل اهتمامًا لدى الشارع السوداني كثيرًا".
ورأى عضو القطاع السياسي في الحزب الحاكم "المؤتمر الوطني"، الدكتور ربيع عبدالعاطي عبيد، أن "من حق الرئيس البشير أن يعلن عدم رغبته في الترشيح، لكن أجهزة الحزب العليا هي التي تحدد قبول ذلك، ومن ثم الإتيان بشخص آخر إذا اقتنعت بالمبررات، فهي لا تملك أن ترغم أحدًا على مواصلة المشوار، وبخاصة أولئك الذين أصابهم الجهد والرهق"، مؤكدًا أنه مع التجديد، وأن القيادات الحالية في حزبه تقادمت، وأنها قامت بما تستطيع، وقد يكون هناك من يضيف الجديد، وبخاصة أن وعاء الحزب الحاكم مليئة بالكفاءات والقدرات، ولسنا في ورطة أمام هذا الإعلان، وأن المنافسة مفتوحة أمام الجميع، و(المؤتمر الوطني) ليس هو من يحدد من الذي يحكم السودان، والحزب سينافس مثله مثل الأحزاب الأخرى".
وأوضح أمين العلاقات الخارجية في حزب "المؤتمر الشعبي" المعارض، الدكتور بشير آدم رحمة، في تصريحات لـ"العرب اليوم"، "تعودنا مثل ذلك الحديث من زعماء دول العالم الثالث، وبخاصة الدول العربية، ومثال لذلك إعلان الرئيس اليمني علي عبد صالح وآخرين، ومثل هذا الحديث القصد منه حشد المؤيدين، وهم في الغالب ينتمون إلى جهات معينة للخروج في تظاهرات تطالب بعودة الرئيس، الذي في الغالب يقبل الترشح نزولاً عند رغبتهم، وقد يأتي إعلان البشير في ذلك السياق، ولا أدري إن كان سيحدث ذلك أم لا".
وأكد مستشار الرئيس السوداني السابق، المهندس عبدالله مسار، أنه "بحكم عمله مستشارًا للرئيس البشير في السنوات القليلة الماضية، فإنه (البشير) من أنصار التجديد، وفتح المجال أمام تقدم قيادات ودماء جديدة، على الرغم من أنه رئيس مقبول عند خصومه ومعارضيه"، مضيفًا "اعتقد أن الرئيس البشير زاهد في السلطة، وأنها عنده ليست نهاية الدنيا أو المطاف، وبخاصة أنه ظل لفترات طويلة في سدة الحكم، وأن المتغيرات تستدعي فعلاً التجديد، وأن الحزب الحاكم يحتاج فعلاً لمراجعة علاقاته، حتى مع شركائه السياسيين، الذين بدأوا يتململون من طريق إدراته للبلاد، وبعد أن فقد كثيرًا من شعبيته في السودان"، مستشهدًا بانتخابات اختيار والي القضارف أخيرًا، قائلاً "إن مرشح الحزب الحاكم، ورغم فوزه بنتيجة الانتخابات، إلا أنه حصل على حوالي 100 ألف صوت، في ولاية يقطنها حوالي 2 مليون شخص، وهذا مؤشر على تدني كبير في شعبية الحزب هناك، وفي اعتقادي الأمر ليس مناورة من البشير، وبخاصة وقد بدأ الحزب الحاكم في إعادة النظر في كثير من اللوائح المنظمة للترشح لمقعد الرئاسة، وأنه لا يدري إن كانت الظروف ستسمح بتنفيذ رغب البشير أم لا، فالمسألة متروكة للظروف".
وعلّق الصحافي فضل الكريم على إعلان الرئيس البشير، بقوله لـ"العرب اليوم"، "إن الإعلان سابق لأوانه، وكان على الرئيس أن ينتظر انعقاد المؤتمر العام لحزبه، ويعلن ذلك القرار أمام عضوية الاجتماع، وهذه ليست المرة الأولى التي يقول فيها الرئيس البشير مثل هذا الحديث، وقد عرف عنه (البشير) بأنه دائمًا ما يتراجع ويستجيب لرغبات قيادات حزبه بعد إعلانه لقرارات مثل هذه، وأخشى أن يُحدث الإعلان انشقاق مبكر في صفوف الحزب الحاكم في سبيل الصراع بشأن البديل، وأن يحشد كل فريق أنصاره للفوز بمنصب الرئيس الذي سيصبح خاليًا بنهاية العام الجاري، الذي سيشهد في خواتيم انعقاد المؤتمر العام للحزب الحاكم، وهذا السيناريو سيكون مشابهًا تمامًا لما حدث في الرابع من رمضان في العام 1999م، الذي شهد انشقاقًا حادًا في جسم الحركة الإسلامية السودانية، بخروج مؤسسها الدكتور حسن الترابي، وتكوينه لحزب معارض أسماه (المؤتمر الشعبي)".
تجدر الإشارة إلى أن الرئيس عمر البشير تسلم السلطة في انقلاب عسكري في العام 1989م، قادته وخططت له الحركة الإسلامية.