البطريرك الماروني الكردينال بشارة الراعي
بيروت – جورج شاهين
شن هجوماً عنيفًا في لبنان على كل من "8 و 14 آذار" وحملهم مسؤولية انهيار الاستحقاقات الدستورية، وقال "بنزاعهما المتمادي عطّلا الانتخابات النيابية في موعدها، ويعطّلان تأليف حكومة جديرة برفع تحدّي الأزمة الاقتصادية والمعيشية الخانقة، وتحدّي
الفلتان الأمني المنذر بأوخم النتائج، وتحدّي وجود مليون ومائتي ألف نازح سوري، مع كل ما يحمل هذا الوجود القسري المقهور من ويلات اقتصادية وأمنية وإنسانية وسياسية".وأضاف" وبنزاعهما يفكّكان المؤسّسات الدستورية والقضائية الواحدة تلو الأخرى. وبنزاعهما أطاحا بحياد لبنان وإعلان بعبدا، وتورّطا في الحرب المؤلمة والمؤسفة في سوريا، ويورّطان لبنان وشعبَه في تداعياتها وفي نتائج هذا التورّط". كما هاجم بعنف من تورط في الأحداث السورية"، وأكد على دعمه رئيس الجمهورية في دفاعه عن حياد لبنان وإعلان بعبدا الذي يؤكد على حياد لبنان.
هذا جاءت مواقف الكرينال الراعي في القداس الذي أقيم في البازيليك الكبرى لمزار سيدة لبنان – حريصًا، لمناسبة تكريس البازيليك بعد ترميمها من الداخل وتكريس لبنان والشرق إلى قلب السيدة العذراء، بمشاركة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وعقيلته السيدة وفاء، وحضور رئيس الحكومة المكلف تمام سلام، والرئيس السابق أمين الجميل وعقيلته، وعدد من الوزراء والنواب والشخصيات الرسمية والنقابية والأمنية والاجتماعية، إضافة إلى حشد من المؤمنين.
رأس القداس البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، بمشاركة بطاركة الشرق والسفير البابوي لدى لبنان، وعاونه لفيف من المطارنة والكهنة.
وبعد مراسم التكريس التي أتمها البطريرك الراعي، ألقى الأب خليل علوان كلمة ترحيبية برئيس الجمهورية وعقيلته والحضور، ركز فيها على أهمية هذه المناسبة التي تحصل في عهد الرئيس سليمان، ورمزيتها الروحية العميقة. وبعد الإنجيل المقدس، ألقى البطريرك الراعي عظة قال فيها: إنّ اللبنانيين، المتنوّعين في طوائفهم ومذاهبهم المسيحية والإسلامية، يتوحّدون في معبد العذراء. وكم من كنائس بناها أو ساهم في بنائها مسلمون وموحّدون دروز، مثل سيدة التلةّ بدير القمر، والسيدة في المنطرة، وكنيسة درب السّيم في شرق صيدا.
وقال : "إن تكريس لبنان لقلب مريم الطاهر، هو التزام منّا جميعًا، بحمايته كأرض مقدّسة، وبمحاربة الفساد الأخلاقي في داخل كلّ إنسان، والظاهر في الإعلانات على الطرقات وفي وسائل الإعلام وتقنياته الحديثة، والمتفشّي في الأداء السياسي والإدارات، وفي التخاطب والتعاطي، وفي عدم الحياء".
وهو التزام بالمصالحة الوطنية، التي تبدأ بين السياسيين، ولاسيما بين الفريقَين المتنازعَين، المعروفين بِ 8 و 14 آذار، اللذين، بنزاعهما المتمادي، شوّها وجه لبنان وميثاق العيش معًا، ووجه لبنان التنوّع والديمقراطية، لبنان القيمة الحضارية الثمينة، لبنان الحريات العامة وحقوق الإنسان، لبنان حوار الحياة والثقافة والمصير. وبنزاعهما المتمادي عطّلا الانتخابات النيابية في موعدها، ويعطّلان تأليف حكومة جديرة برفع تحدّي الأزمة الاقتصادية والمعيشية الخانقة، وتحدّي الفلتان الأمني المنذر بأوخم النتائج، وتحدّي وجود مليون ومائتي ألف نازح سوري، مع كل ما يحمل هذا الوجود القسري المقهور من ويلات اقتصادية وأمنية وإنسانية وسياسية. وبنزاعهما يفكّكان المؤسّسات الدستورية والقضائية الواحدة تلو الأخرى. وبنزاعهما أطاحا بحياد لبنان وإعلان بعبدا، وتورّطا في الحرب المؤلمة والمؤسفة في سورية، ويورّطان لبنان وشعبَه في تداعياتها وفي نتائج هذا التورّط".
وأضاف "لذا جئنا اليوم لنكرّس لبنان لأمّنا مريم العذراء في بازيليك سيدة لبنان، وتفعل كذلك معنا الرعايا والأديار والعائلات في كلّ بقعة من أرض لبنان، ويفعل أيضًا كل الذين يشاركوننا عبر وسائل الإعلام. أتينا كدولة لبنانية ممثّلة بكم، يا فخامة الرئيس، وأنتم، كما يدعوكم الدستور اللبناني "رمزُ وحدة الوطن، والذي يسهر على احترام الدستور والمحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة أراضيه"(المادة 49). ونحن، في هذه الصفة، وكل شعب لبنان، ندعمكم الدعم الكامل، ونصلّي من أجلكم في كل مبادرةٍ إنقاذية يلهمكم الله والعذراء مريم على اتّخاذها، من أجل المحافظة على كيان لبنان في وحدته وسيادته واستقلاله، بعقدٍ اجتماعي متجدّد على أساس الميثاق الوطني المعقود سنة 1943. وندعم ونصلّي من أجل حماية الجيش اللبناني والقوات المسلّحة التي أنتم قائدها الأعلى، فهي وحدها، دون سواها، تحمي الكيان اللبناني في مقوّماته الثلاثة".
و تابع" وإنّنا، إذ نعلن الإيمان بكيان لبنان في وحدته وسيادته واستقلاله، وحياده الايجابي الملتزم بقضايا العدالة والأخوّة والسلام، عن طريق الحوار والتفاهم في محيطنا العربي والإسلامي؛ والعمل على تخطّي العصبيّات والمذهبيات والهويات القاتلة؛ والسعي الدؤوب إلى قيام دولة عصرية ديمقراطية في المنطقة تُعزّز حق المواطنة للجميع، وحقوق الإنسان".
وبعد العظة، ألقى السفير البابوي غابريال كاتشيا الرقيم البابوي الذي تضمن تحيات البابا فرنسيس الحارة إلى اللبنانيين في هذه المناسبة، ودعوة الجميع إلى أن يعملوا من اجل السلام والاستقرار، كما أرسل البابا بركته للبازيليك والمحتفلين والزوار ولأبناء لبنان.
وبعدها، تلا البطريرك الراعي وبطاركة الشرق الكاثوليك صلاة تكريس لبنان إلى قلب مريم العذراء الطاهر.
ثم تقدم الرئيس سليمان والسيدة وفاء إلى تمثال السيدة العذراء "أم النور" الذي زار معظم المناطق اللبنانية، ووضعا عليه مسبحة، باسم اللبنانيين من كافة الطوائف. وتتشكل حبات المسبحة من الفيروز الآتي من الجبال ورمزه الصفاء والسمو، واللؤلؤ الآتي من البحار ورمزه الطهارة والنقاء، ويشكلان رمز وحدة لبنان. أما صليب المسبحة فهو قطعة أثرية نادرة تعود إلى القرن التاسع عشر، فيما تم صنع السلسلة من الذهب الصافي.
ثم قدم البطريرك الراعي إلى الرئيس سليمان تمثالاً مصغراً عن العذراء أم النور مع ميدالية ذهبية في داخله رمزاً للسيد المسيح الذي خرج من أحشاء العذراء.
فيما قدم رئيس جمعية المرسلين الموارنة الأب خليل علوان باسم الرهبان الكرمليين، أيقونة العذراء إلى السيدة وفاء.
وبعد تبادل الهدايا والتذكارات، اقيم زياح لتمثال السيدة العذراء من البازيليك إلى مزار سيدة لبنان.