الرئيس الأميركي باراك أوباما ووزير الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون يتابعون عملية تصفية بن بلادن
واشنطن ـ يوسف مكي
تحدث القناص الأميركي في القوات الأميركية الخاصة الذي قتل زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن في أيار/ مايو 2011، للمرة الأولى عن اللحظة التي قام فيها بإطلاق النار على رأسه ثلاث مرات ومشاهدته له وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة. وقدم القناص الأميركي وصفًا تفصيليًا للحظات الاستثنائية المثيرة التي تغير
فيها مجرى تاريخ تنظيم القاعدة، وذلك في حديث أجرته معه صحيفة "اسكواير" الأميركية التي اكتفت بالإشارة إلى اسمه بـ "القناص" وذلك لدواعٍ أمنية له ولأفراد عائلته.
وذكرت الصحيفة أن القناص كشف عن "كيفية استعداد وحدته العسكرية لتلك المهمة، وتفاصيل اللحظة التي كان فيها وجهًا لوجه أمام زعيم تنظيم القاعدة". كما كشف عن "قيام عميلة الـ "سي آي إيه" المعروفة حركيًا باسم جيسيكا شاستين بإبلاغ فرقته بأن "بن لادن يقيم في الطابق الثالث من المبنى الذي كان في مدينة أبوت أباد الباكستانية".
وأشار إلى عباراتها التي رددتها آنذاك وقالت فيها "لقد تمكنا منه، إنه هو، هذا أهم إنجاز في حياتي، أنا واثقة تماما".
وعندما وقعت عين القناص على إبن لادن لأول مرة انتابته الدهشة بسبب مظهره، فقد بدا بن لادن أطول كثيرًا مما كان يتخيله، وكان نحيفًا بلحية قصيرة وحليق الرأس.
وقال إنه "كان يمسك بزوجته "أمل" يحتمي بها، وعلى الرغم من أن القناص كان قادرًا على الرؤية في الظلام بواسطة نظارات غوغل، لكن بن لادن كان في تلك اللحظة الغارقة في الظلام غير قادر على الرؤية، ولكنه كان قادرًا على السماع".
وأضاف أنها "كانت تتحرك إلى الأمام ولم يكن يدري ما إذا كانت ترتدي سترة واقية، وأنها كانت تتصدر للاستشهاد معًا".
وأوضح القناص أن "إبن لادن أمسك في تلك اللحظة بسلاح كان في متناول يده وعندئذ أدرك أن الموقف يحتاج إلى أن يقوم بإطلاق النار على رأسه حتى يحرمه من فرصة تفجير نفسه وفي تلك اللحظة، سددت الطلقات النارية مرتين صوب رأسه، ومع الطلقة الثانية بدأ يتهاوى وتكوم على الأرض أمام سريره، وعندئذ أطلقت عليه النار مرة ثالثة صوب رأسه في المكان نفسه".
وأضافت صحيفة "اسكواير" الأميركية "في تلك الأثناء قام القناص باستخدام جهاز إلكتروني للتأكد من موته، ويتذكر القناص تلك اللحظة فيقول "لم يبد حراكًا، فقد تدلى لسانه، لقد شاهدته وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة"،
وأضاف أنه "عندما كان يراقب أنفاسه الأخيرة سأل نفسه "هل هذا افضل إنجاز لي في حياتي؟" وقال إنه لم يكن يصدق نفسه عندما كان يردد عبارة أنه ليس في حلم، وأن ما حدث حقيقة، وأن من يتكوم أمامه هو بن لادن".
وقال إن "منظر جبهته كان فظيعا ومروعا فقد أحدثت الطلقات فتحة بشكل حرف (V) وأنه استطاع أن يرى مخه وهو يسيل فوق وجهه".
ثم تطرق القناص بعد ذلك إلى وصف اللحظات التي أعقبت مقتله وكيف أن زوجته أمل انكبت عليه وهي تصرخ، وبعد أن ربطها في السرير أدرك أن ابنه "ثلاث سنوات" كان شاهدًا على واقعة مقتل أبيه، إذ كان يقف على الجانب الآخر من السرير، وهو يصرخ من آثار الصدمة".
وقال إنه لم يرتح لفزع الطفل وأنه حمله ووضعه إلى جوار أمه على السرير". وأضاف أن "العملية التي جرت في الطابق الثالث استغرقت قرابة 15 ثانية".
وخلال المقابلة مع صحيفة "اسكواير" الأميركية، كشف القناص وهو أب لطفلين كيف أن "هذه المهمة قد أضرت بزواجه وحياته العائلية، كما اتهم الحكومة الأميركية بأنها غالبًا ما تهمل محاربيها القدامى، بعد التقاعد."
وتشير الصحيفة إلى أن "الصحافي الأميركي، الرئيس التنفيذي لمركز التحقيقات الصحافية الاستقصائية، فيل برونشتاين قد أمضى معه سنة استطاع خلالها أن يكتسب ثقته ويعد تقريرًا لمجلة "اسكواير" في قرابة 15 ألف كلمة".
وفي هذا التقرير استطاع الصحافي أن يسلط الأضواء على حياة الجندي بعد التقاعد، ويؤكد فيها أن "الحكومة الأميركية بالفعل تتجاهل النخبة الممتازة من جنودها بعد التقاعد".
ويقول القناص في هذا التقرير إنه "بعد منتصف الليلة التي تقاعد فيها فقد الرعاية الصحية التي كان يتمتع بها هو عائلته". وتحدث في مرارة واستياء عن "حرمانه من أي من أدنى المزايا الصحية بعد انتهاء فترة من الخدمة امتدت 16 عامًا".
وقال إنه "على الرغم من طلاقه من زوجته بعد الغارة على إبن لادن، لكنهما اضطرا إلى العيش معًا ترشيدًا للنفقات". وأضاف أن "الحكومة الأميركية لم تعطه شيئًا، فهو لا يحصل على معاش ولا رعاية صحية ولا توفر له ولزوجته وأطفاله الحماية"، مؤكدا إنه "يقوم بتعليم وتدريب أفراد أسرته كيف يدافعون عن أنفسهم في حال تعرض منزله لهجوم".
وعلى صعيد، آخر كشفت صحيفة "اسكواير" الأميركية، النقاب أخيرًا عن "احتمال نشر الصور الفظيعة لجسد بن لادن في حالة صدور حكم بذلك من محكمة الاستئناف الأميركية، وذلك بعد أن رفضت المحكمة الابتدائبة إلزام الحكومة الأميركية بنشر تلك الصور والحفاظ على سريتها لدواعٍ الأمن القومي الأميركي".
وفي السياق نفسه ، يرى الرئيس الأميركي باراك أوباما أن "نشر الصور يمكن أن يحرض على استخدام العنف ضد المواطن الأميركي".
من ناحية أخرى، تقوم لجنة في مجلس الشيوخ الأميركي بالتحقيق، لمعرفة ما إذا كان المسؤولون في وكالة الإ ستخبارات الأميركية الـ "سي آي إيه" قد خدعوا عن عمد منتجي الفيلم الذي تناول عملية اغتيال بن لادن، فيما يتعلق بعمليات التعذيب المصاحبة للعملية، وما إذا كان المسؤولون سمحوا لمنتجي الفيلم بالاطلاع على مواد سرية".