صورة من الارشيف لمجموعة من عناصر من جيش النظام السوري
دمشق ـ جورج الشامي
شهد الأربعاء تطورًا جديدًا في الشأن السوري، تمثّل في تنفيذ إسرائيل لتهديداتها، بضرب مواقع سورية تابعة للحكومة، حيث نشرت صحيفة "معاريف" العبرية خريطة توضح مسار سلاح الجو الإسرائيلي خلال استهدافه لقافلة صواريخ في الزبداني، في حين أصدرت القيادة العامة للجيش السوري
بيانًا تتهم به سلاح الجو الإسرائيلي باستهداف مركز البحوث العلمية في دمشق.
وتبين من خارطة نشرتها صحيفة "معاريف" عن عملية قصف قافلة الأسلحة في سورية، أن أربع طائرات حربية إسرائيلية اخترقت الأجواء اللبنانية عبر بلدة رميش وقصفت الحافلة في بلدة الزبادني السورية، على بعد سبعة كيلومترات من الحدود اللبنانية السورية.
ونقلت الصحيفة عن مصادر أميركية قولها أن الحافلة كانت تحمل صواريخ من نوع SA-17 من النوع المتطور متوسط المدى وصواريخ ياخونت المتطورة. وكعادتها لم تنف أو تؤكد إسرائيل هذه المعلومات فيما قال الجيش الاسرائيلى انه لا يعلق على مثل هذه التقارير لكنه يؤكد أن الأوضاع على الحدود السورية هادئة وطبيعية، ويأتي قصف الحافلة في ظل تصعيد التهديد الإسرائيلي لنقل الأسلحة الكيمائية أو الصواريخ التي في حوزة سورية إلى حزب الله في لبنان أو تنظيمات إسلامية متطرفة.
وأكد رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو ونائبه الوزير سلفان شالوم، أن إسرائيل لن تسكت في حال حصلت على معلومات تؤكد نقل الأسلحة وبأنها ستضرب أية قافلة تنقل الأسلحة، وهدد شالوم بشكل واضح بقصف سورية، فيما تبين أن رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي، افيف كوخافي، وصل إلى واشنطن لبحث موضوع الأسلحة السورية.
وكان تقرير إسرائيلي قد تحدث عن أنه إلى جانب الأسلحة الكيميائية هناك ترسانة صواريخ كبيرة لدى سورية تشكل خطرًا كبيرًا على إسرائيل بينها: صواريخ مضادة للطائرات من نوع SA، وقد حصلت عليها سورية من روسيا ومعروفة باسم "بوك"، وهي من الصنف البديل لصواريخ SA-17 ، وهذه الصواريخ قادرة على ضرب الطائرات على علو منخفض وتعمل بشكل مستقل دون حاجة لمرافقة مركبة لتفعيلها، إلا أنها تعتمد على الرادات، ما قد يؤدي إلى كشفها بسرعة. وبحسب الإسرائيليين فهذا النوع قد يكون قاتلا لسلاح الجو إذا تم نشر الصواريخ قبل تعرضها للهجوم، وصواريخ "سكاد-D"، وهي من النوع الذي طوره السوريون بمساعدة كوريا الشمال، وهي صواريخ ارض- ارض"، تصل مداها إلى سبعمئة وخمسين كيلومترا، وهي من النوع القادر على الوصول إلى كل مكان في إسرائيل. وتحمل رؤوسا قادرة على حمل حوالي ألف كيلوغرام من المتفجرات وعلى الانتشار الواسع وإلحاق الدمار، وصاروخ من نوع "ياخونت"وهذا الصاروخ تم شراؤه من روسيا قبل سنة ويتم نصب الصاروخ على سفن ويمكن أيضا إطلاقه من شاطئ البحر، ويصل مداه حتى 300كيلومتر.
وبحسب الإسرائيليين فان نصبه على شواطئ صور أو بيروت من شأنه أن يشل المداخل البحرية الأساسية في إسرائيل حيفا واسدود. وصاروخ ياحونت من النوع المتطور والدقيق ويحلق على ارتفاع منخفض جدًا، يصعب عملية كشفه. وللصاروخ القدرة على إصابة السفن الراسية في ميناء حيفا وقاعدة سلاح البحرية الإسرائيلية المحاذية للميناء وكذلك آبار الغاز.
في المقابل، قالت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة في بيان بثه التلفزيون السوري مساء الأربعاء أن طائرات حربية إسرائيلية اخترقت مجالنا الجوي فجر الأرعاب وقصفت بشكل مباشر أحد مراكز البحث العلمي المسؤولة عن رفع مستوى المقاومة والدفاع عن النفس الواقع في منطقة جمرايا في ريف دمشق، وذلك بعد أن قامت المجموعات الإرهابية بمحاولات فاشلة عدةى وعلى مدى أشهر الدخول والاستيلاء على الموقع المذكور، وأضاف البيان: قصف الموقع تسبب بوقوع أضرار مادية كبيرة وتدمير بالمبنى بالإضافة إلى مركز تطوير الآليات المجاور ومرآب السيارات ما أدى لاستشهاد اثنين من العاملين في الموقع وإصابة خمسة آخرين قبل أن ينسحب الطيران المعادي بنفس الطريقة التي تسلل بها.
واستبعد رئيس الموساد الأسبق داني ياتوم مساء الأربعاء أن تقوم سورية أو حزب الله برد عسكري في أعقاب تردد أنباء حول هجوم نفذه الطيران الحربي الإسرائيلي ضد هدف في سورية فجر اليوم، وقال "يديعوت أحرونوت" الالكتروني "يجب ومن الصواب الاستعداد لتدهور الوضع أيضا وهذا السيناريو هو بين السيناريوهات الماثلة أمام الجيش الإسرائيلي، لكن ينبغي الافتراض أن هذا احتمال ضئيل".
وتمتنع إسرائيل عن التعقيب على الأنباء بشأن مهاجمة طائراتها هدفا في سورية.فيما اكد ياتوم "في تقديري لن يكون هناك رد فعل كهذا لأنه لا توجد مصلحة لحزب الله وسورية بالرد، إذ أن الرئيس السوري بشار الأسد عالق بشكل عميق في مشاكله وحزب الله يبذل كل جهد من أجل مساعدته، في موازاة جهوده من أجل الحصول على أسلحة، وهكذا فإنهم لن يسعوا إلى توسيع دائرة القتال".
وتابع ياتوم أنه "عندما قلنا إنه يحظر على المنظمات الإرهابية أن تضع يدها على السلاح السوري فإنه كنا نقصد ما نقول" مضيفا "توجد أمور تشكل ذريعة للحرب" ونقل أسلحة من سورية إلى حزب الله هو "خط أحمر قمنا برسمه وبحق وإسرائيل ستفعل كل شيء من أجل تطبيق ذلك".
من جانبه رأى الباحث في "مركز القدس للسياسة العامة"، العميد في الاحتياط شمعون شابيرا، الذي أصدر مؤخرا كتابا بعنوان "حزب الله بين إيران ولبنان"، إنه "لا أعتقد أن حزب الله يريد سلاحا كيمائيا، لأن عملية تركيب رأس حربي متفجر كهذا على صاروخ هو أمر معقد ولست واثقا من أن لديهم الخبرة للقيام بذلك، فهذا ليس أمرا بسيطا".
وأضاف شابيرا أنه "يوجد لدى حزب الله اليوم جميع الأسلحة التي تكسر التوازن مع إسرائيل وتشمل ما يوجد في الترسانة الإيرانية باستثناء الصواريخ العابرة للقارات، والاعتقاد لدينا هو أن الإيرانيين يعطونه كل ما يلزم".
وتابع "خلافا للكثيرين فإنني أعتقد أن الهدوء بين إسرائيل وحزب الله ليس بسبب الردع الإسرائيلي وإنما لأن الإيرانيين يقولون لهم أن يحافظوا على السلاح لاستخدامه في يوم الدين، وهذا هو الردع الإيراني بأن يتم الحفاظ على الصواريخ حتى اليوم الذي تهاجم فيه إسرائيل المنشآت النووية الإيرانية".
وذكرت تقارير صحافية، أن رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الجنرال أيف كوتشافي، قد وصل إلى واشنطن الثلاثاء، لإجراء مباحثات سرية مع رئيس أركان الولايات المتحدة مارتين ديمبسي في البنتاغون، وذلك عقب إعلان إسرائيل أنها ستقوم بهجمات عسكرية لمنع سقوط الأسلحة السورية الكيميائية في أيدي جماعة "حزب الله" اللبنانية، أو ما يُسمى بـ"الجهاديين العالميين" المشاركين حاليًا في الحرب الأهلية السورية، ويتردد بأن الاستخبارات العسكرية السورية تقوم بمراقبة المنطقة المحيطة عبر الأقمار الصناعية على مدار الساعة تحسبًا لخروج الأسلحة الكيميائية إلى أي جهة.
وقالت صحيفة "غارديان" البريطانية، إن "جماعة (حزب الله) اللبنانية تمتلك مخزونًا من الأسلحة التقليدية في مخازن داخل سورية، حيث أوضح الرئيس السابق للاستخبارات الإسرائيلية (الموساد) عامون سوفرين، أن حسن نصر الله زعيم جماعة (حزب الله)، يريد نقل كل شئ من الأراضي السورية إلى لبنان، وأن إسرائيل ترقب بدقة القوافل كافة التي تتحرك من سورية باتجاه لبنان".
وفي مطلع هذا الأسبوع، أفادت تقارير صحافية، أن "رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عقد مشاورات أمنية مكثفة حول الإجراءات الإسرائيلية المحتملة للرد على تحركات وانتقال الأسلحة من سورية، وقال نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي سيلفان شالوم، في تصريحات أدلى بها إلى راديو جيش الاحتلال، إن "إسرائيل إذا ما دعت الضرورة، ستقوم بعمل عسكري لمنع انتقال الأسلحة الكيميائية السورية وسقوطها في أيدي منظمات إرهابية إسلامية، وأن الجيش الإسرائيلي يضع عينيه على تلك الأسلحة على مدار الساعة، تحسبًا لوقوعها في أيدي جماعة (حزب الله)".
وينصب اهتمام إسرائيل الأول في منع حصول "حزب الله" على تلك الرؤوس الكيميائية التي يمكن تركيبها بالصواريخ المتاحه له، وكانت إسرائيل قد أعربت عن مخاوفها من تطورات الحرب الأهلية في سورية، حيث يوشك نظام الرئيس بشار الأسد على الانهيار واقتراب القتال من مرتفعات الجولان المحتلة، وعلى الرغم من أن إسرائيل على المستوى الفني في حال حرب مع سورية منذ العام 1967، إلا أن مرتفعات الجولان تنعم بهدوء منذ احتلال إسرائيل لها قبل ما يقرب من 46 عامًا، إلا أن إسرائيل تخشى من أن يستولي على سورية بعد سقوط الأسد نظام إسلامي، الأمر الذي قد يترتب عليه اشتعال حالة العداء بين البلدين.
وقال المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت" أليكس فيشمان، أنه "ومع تفاقم حالة عدم الاستقرار التي تعاني منها الحكومة السورية حاليًا، أدرك زعماء (حزب الله) أن مخزونهم من الأسلحة لا يمكن أن يبقي في سورية، وأنها حال ما تصل إلى لبنان فإنهم سيقومون بتخزينها في مخازن سرية تحت الأرض، وفي حال انتقال الأسلحة الكيمائية إلى لبنان فإن إسرائيل لن تتردد في الهجوم عليها"، مضيفًا أن "الجيش الإسرائيلي يميل إلى إرسال وحدات خاصة من المشاة لتأمين مستودعات الأسلحة الكيميائية بدلاً من القيام بقصفها جوًا، لما في ذلك من مخاطرة بانتشار الكيميائيات في منطقة واسعة، إلا أن مثل هذه العملية عرضة للمخاطر".
وخلال الأشهر الأخيرة سقطت بعد القذائف المتبادلة بين طرفي الصراع في سورية على مرتفعات الغولان، الأمر الذي دفع بإسرائيل إلى رفع شكوى بذلك إلى الأمم المتحدة ، وخلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، قامت القوات الإسرائيلية بقصف وحدات من المدفعية السورية على مدى يومين متتاليين عندما سقطت قذيفة هاون بالقرب من مواقع الجيش الإسرائيلي.
وقد أعلن نيتانياهو أخيرصا عن خطط لبناء سياج أمني من الصلب، عبر خط الهدنة في مرتفعات الغولان يشبه ذلك الموجود عبر الحدود الإسرائيلية مع مصر