بيروت ـ جورج شاهين أقرّت اللجان النيابية اللبنانية المشتركة، ظهر الثلاثاء، بأكثرية مسيحية وشيعية وبمقاطعة سنية واسعة ودرزية شبه شاملة، قانون اللقاء الأرثوذكسي للانتخابات، الذي رفع عدد نواب المجلس من 128 إلى 134 نائبًا، ويدعو الطوائف إلى انتخاب ممثليها في البرلمان ضمانًَا لحسن التمثيل الطائفي والمذهبي الذي يحدده قانون الانتخاب. وبات على رئيس مجلس النواب نبيه بري، أن يحيل القانون الجديد إلى الهيئة العمومية للمجلس، لإقراره في الصورة النهائية، وسط الكثير من المصاعب التي ستواجهه نما يؤدي منطقيًا إلى اعتبار أن من صوّت على القانون، قد فاز بجولة وبقيت أمامه المعركة الحقيقية الصعبة ليتحول قانونًا قابلاً للتطبيق.
وانتهت اللجان النيابية المشتركة، في اجتماعها في ساحة النجمة، الثلاثاء، برئاسة نبيه بري وبحضور 55 نائبًا، غاب عنه قطبي التيار العماد ميشال عون والاشتراكي وليد جنبلاط ، كما تغيب وزراء الاشتراكي علاء ترو وغازي العريضي وموائل أبو فاعور، وبعدما انسحب نواب "كتلة المستقبل"، أكبر الكتل السنية، و"جبهة النضال الوطني" الدرزية والمستقلين، إضافة إلى النائب روبير غانم، تم التصويت على مواد قانون الأرثوذكسي، وأقرّت اللجان المادتين الثانية والثالثة المتخصصتين في طريقة الانتخاب والتقسيمات الانتخابية، وبعدها تم التصويت على باقي مواد القانون المتضمن 16 مادة.
وقد انسحب نواب "كتلة المستقبل" النيابية، من اجتماع اللجان النيابية المشتركة، وتقدمهم الرئيس فؤاد السنيورة، عندما عرضت المادة الثانية للنقاش (كل طائفة تنتخب نوابها)، وطرح في الجلسة اقتراح للتصويت على تأجيل البحث في المادة المذكورة، فأيد 24 نائبًا هذا الطرح وعارضه 31 نائبًا، فيما امتنع النائب جوزف المعلوف من كتلة "نواب زحلة" عن التصويت، وصوتت "كتلة الكتائب" مع التأجيل، أما "القوات" فصوتت ضده، فيما استمرت الجلسة بعد انسحاب نواب "المستقبل" ونواب "الحزب التقدمي الاشتراكي"، والنائب بطرس حرب، وبعده النائب روبير غانم.
ورأى زعيم "تيار المستقبل" سعد الحريري، في اول رد فعل، في تغريدة له على "تويتر"، أن "إقرار مشروع اللقاء الأرثوذكسي في اللجان المشتركة، يوم أسود في تاريخ العمل التشريعي"، فيما علق النائب مروان حمادة على الإقرار بالقول "لن يمر هذا المشروع في الهيئة العمومية ولن تحصل الانتخابات، والنصاب ليس وطنيًا إنما كان نصابًا دفتريًا".
وأكد النائب سامي الجميل، أن "ما حصل الثلاثاء، هو استمرار للمسار الديمقراطي، وهذا أمر صحي، فبالنسبة لنا ما حصل هو محطة لمسار طويل، ولا نريد أن نعطي للموضوع أكثر مما يستحق، وإن باب التوافق لا يزال مفتوحًا، فالتواصل مع الجميع ضروري لتأمين التمثيل الصحيح وعدم خلق تشنج إضافي في البلد، وإن ما قمنا به في اللجنة من طلب مهلة الـ48 ساعة لتأجيل التصويت على القانون، كان لإفساح المجال أمام التوافق، إلا أن التصويت أعطى عكس ذلك، والتواصل سيستمر رغم إقرار المشروع، والتشريع يحصل في الهيئة العمومية وليس في اللجان المشتركة، وعلى الجميع أن يكونوا إيجابيين وصولاً إلى حلول مرضية، وما أُقر الثلاثاء، حصل على إجماع مسيحي في بكركي، ونحن ملزمون بهذا الإجماع إذا لم يكن هناك بديل يؤمن صحة التمثيل، وسنبقى نفتش عن البديل، شرط أن يضمن صحة التمثيل وعدم العودة إلى قانون الستين، وأي قانون لا يؤمن صحة التمثيل سنرفضه وسنقاطعه، وأي مسار يعيدنا إلى قانون الستين وإلى مرحلة التهميش، لن نقبل به، وأي قانون لا يحقق صحة التمثيل سنرفضه".
وقال نائب "القوات اللبنانية" جورج عدوان، عقب إقرار مشروع قانون الأرثوذكسي في اللجان المشتركة، "إننا أمام مرحلة جديدة، والبعض ينظر إليها كنهاية لمرحلة كاملة من قانون الانتخابات، ونحن نريد أن ننظر إليها كنهاية مرحلة وبداية لمرحلة أخرى، وإن النقاش لن يقفل قبل إقرار قانون الانتخابات الجديد في الهيئة العمومية، وما حصل اليوم يجب أن نعتبره مرحلة نوعية في التفتيش عن قانون أفضل، واعتقد أنه بعكس ما يرى البعض، أن الفرص لا تزال متاحة، ولا يجب أن ننتقل إلى جو متشنج، بالطبع هناك قانون أقر في اللجان وينتظر للذهاب إلى الهيئة العمومية، إلا أن الأبواب تبقى مفتوحة للنقاش من أجل التوصل إلى التفاهم".
وردًا على سؤال عن أن موقف "القوات" مختلف عن "الكتائب"، أكد عدوان "نحن كـ(قوات لبنانية) لدينا التزام واحد من بداية المسار، والجميع يجب أن يعرف أننا حزب لا يناور، نعرف ماذا نريد، وبقدر ما التزمنا بموقفنا سنسعى قدمًا للتفتيش عن الوفاق، القوات ليس عندها كلمتان ولا لغتان ولا موقفان".
واعتبر نواب "كتلة التغيير والإصلاح" في مؤتمر صحافي انعقد بعد إقرار القانون الأرثوذكسي، أن "انتصارًا كبيرًا قد تحقق في هذه المعركة"، فيما رأى البعض أن ما حدث "يُعزز الشرخ المذهبي والطائفي في لبنان"، حيث قال النائب آلان عون "يمكننا الآن أن نبشر اللبنانيين أننا قطعنا مسافة كبيرة في الطريق من أجل إجراء الانتخابات تبعًا لقانون جديد، رغم محاولات البعض لعرقلة النقاش، إلا أن الديمقراطية انتصرت وتم إقرار مشروع القانون الأرثوذكسي، واستعملت كل المحاولات من (شيطنة) هذا المشروع وضربه للعيش المشترك، إلى محاولة تطيير النصاب أو المطالبة بالتأجيل للتوافق، وأنا في هذا الإطار أريد أن أقول للبنانيين أننا لم نبدأ اليوم بالنقاش وإنما منذ زمن، وهناك من يطالبون بالوقت للتوافق، إلا أنهم لا يقدمون أي أمر، ولا يمكنهم أن يجيبوا على السؤال الجوهري وهو: إن انتخب المسيحيون نوابهم فهل يشعرون بالظلم؟"، مؤكدًا أن "على الجميع أن يتقبلوا بكل عقل مفتوح إقرار هذا القانون، وفلنحترم الديمقراطية ولن تخرب الدنيا، كما هددنا البعض في أنه إن تم التصويت على هذا المشروع فستقوم الدنيا ولن تقعد، فالمسار التشريعي يبقى هو الأقوى".
وأضاف عون، "هناك من يقول انتظروني فيما هو لا يقدم أي أمر سوى إضاعة الوقت، لن ننتظره لأننا انتظرنا كثيرًا، ونحن منطلقون من خلفية تحصيل حقوقنا، بينما هناك فريق يشارك في إعداد قانون الانتخابات كي يصل إلى رئاسة الحكومة، آخرون يشاركون كي يبقوا هم (بيضة القبان)، ونشكر الفرقاء المسيحيين الذين بقوا إلى جانبنا حتى انتهاء الجلسة، ونسامح من خرجوا قبل انتهائها، نحن معيارنا هو انتخابات تعكس صحة التمثيل، والخلاصة أن هناك فريقًا لا يريد المناصفة وإنما يريد الاحتيال عليها".
وأكد النائب نعمة الله أبي نصر، أن "القانون ميثاقي ويؤمن التمثيل العادل والصحيح لكل العائلات الروحية في لبنان، وأننا أضفنا على هذا القانون مادة تتيح للمغتربين المشاركة في الانتخابات، ونشكر الرئيس الذي أدار الجلسة بكل أمانة وحياد وطبق القانون"، فيما قال النائب سيمون أبي رميا "القانون ليس فقط تقسيم دوائر حسب الطائفة، وإنما هناك إصلاحات إما عبر إشراك المغتربين أو تحديد السقف المالي"، في حين رأى النائب عن كتلة "نواب الطاشناق" أغوب بقرادونيان أن "من يقول إن إقرار اللقاء الأرثوذكسي هو تأجيل للانتخابات، يتحملون هم المسؤولية، فعبر هذا المشروع تم للمرة الأولى اختراق الإصطفاف بين (14 آذار) و(8 آذار)، ونأسف أننا لا نزال في بلد طائفي، نريد تحسين شراكة المسيحي في حكم هذا الوطن، نحن لا أحد يعطينا المقاعد النيابية، وهناك قانون أُقرّ اليوم، وسنسعى من أجل أخذ الأكثرية في الهيئة العمومية، وإن كان هناك قانون آخر يمكن أن يؤمن 64 نائبًا مسيحيًا فنحن منفتحون للتوافق"، وقال النائب حكمت ديب "ليس هناك من ضحية سوى الطائفة المسيحية، ومن انسحبوا من الجلسة فعلوا ذلك من أجل الاستمرار بـ(السطو) على مقاعد المسيحيين، والمشروع الأرثوذكسي يعطي التمثيل الصحيح لجميع العائلات الروحية".