مليونية لمساندة الحكومة التونسية
تونس ـ أزهار الجربوعي
قاطع عدد من قيادات المعارضة التونسية المشاركة في طاولة الحوار التي دعا إليها الرئيس التونسي، وذلك لسبب حضور زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، في حين رفض الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل لقاء الغنوشي قبل أن يعتذر الأخير بعد أن اتهم كبرى المنظمات النقابية في البلاد بإيواء الأسلحة والميليشيات، يأتي ذلك
في الوقت الذي تستعد فيه رابطات حماية الثورة إلى تنظيم مليونية مساء السبت، لدعم الحكومة والمطالبة بتطهير البلاد من الفساد.
ومن جهة أخرى أكد الرئيس المنصف المرزوقي وصول كميات كبيرة من أسلحة حكومة معمر القذافي إلى تنظيمات إسلامية في تونس والجزائر.
وقد قاطع كل من الأمين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين، شكري بلعيد، و رئيس حزب العمال والناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية، حمة الهمامي مأدبة العشاء وطاولة الحوار التي نظمت في قصر الرئاسة في قرطاج، ليل الجمعة، وحضرها عدد من رؤساء الأحزاب وذالك لوجود رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي .
وكان زعيم حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشي قد اتهم الاتحاد العام التونسي للشغل بإيواء الميليشيات والأسلحة، داعيًا إلى تفتيش مقراته، وهو ما عمق الأزمة بين الحزب الحاكم في تونس والمنظمة الشغيلة التي تملك قاعدة شعبية واسعة، مدعومة بإرثها النضالي في الدفاع عن حقوق الشغالين والمساهمة في تحرير البلاد من المستعمر الفرنسي.
ويذكر أن مواجهات اندلعت مساء الثلاثاء الماضي بين مجموعة تابعة لاتحاد الشغل وأخرى منتسبة لرابطات حماية الثورة دعت إلى تطهير كبرى المنظمات النقابية من الفساد ، حيث تطورت الأحداث العنيفة لتوقع عشرات الجرحى من الجانبين من بينهم 3 قيادات في الاتحاد العام التونسي للشغل.
واتهم زعيم الجبهة الشعبية حمة الهمامي حركة النهضة بالتستر على لجان حماية الثورة التي بادرت بالإعتداء على مقر اتحاد الشغل، حسب قوله، مستنكرا امتناع الغنوشي عن تقديم الإعتذار للمنظمة الشغيلة.
ومن جانبه علل زعيم حركة الوطنيين الديمقراطيين شكري بلعيد، رفضه المشاركة في مائدة الحوار التي دعا إليها الرئيس المرزوقي، بوجود الغنوشي الذي مازال يحرض على الفتنة ويدافع على من يمارس العنف ضد التونسيين، على حد قوله.
وأضاف بلعيد أنه يرفض الوقوف كشاهد زور أمام "من تستر على العنف وانتهك حرمة الاتحاد العام التونسي للشغل"، عشية احتفاله بذكرى استشهاد مؤسسه فرحات حشاد.
وقد حاول رئيس الجمهورية ليل الجمعة أن يجمع في القصر الرئاسي في قرطاج كافة الفرقاء السياسيين ، تنمية لجهوده في نبذ الفرقة والخلاف وتقديم مصلحة البلاد على أية اعتبارات سياسية أخرى، خاصة بعد بلوغ حالة الاحتقان والصراع السياسي ذروتها بين الحزب الحاكم من جهة والاتحاد العام التونسي للشغل الذي يسعى لفرض نفسه في الساحة السياسية والنقابية مدعومًا بجزء كبير من قوى المعارضة، من جهة أخرى.
وقد عبر الأمين العام لكبرى المنظمات النقابية التونسية، للرئيس التونسي المنصف المرزوقي، عن تمسكه بالإضراب العام المقرر يوم الخميس المقبل، وذلك ردا على استهداف مقر وقيادات الاتحاد.
وأضاف العباسي أن لقاءه بالرئيس قد تميّز بالعمق وبالبحث الجدّي عن سبل الخروج من هذا الوضع السياسي العام عبر إيجاد تفاهمات حقيقية تمكن من تجاوز حالة التجاذبات السياسية التي صارت عبئا على مسار التحول الديمقراطي الذي تمرّ به البلاد.
من جهته، اعتبر المنسق العام لحركة النهضة عبد الحميد الجلاصي، السبت ، أن تمسك الاتحاد العام التونسي للشغل بالاضراب العام يوم 13 كانون الأول/ ديسمبر المقبل، "دعوة خطيرة تريد تحقيق مكاسب سياسية و لا تمت بصلة إلى المطالب الإجتماعية"، معربا عن تخوف النهضة من سيطرة جهات أيديولوجية على الاتحاد العام التونسي للشغل خاصة وأن الاتحاد لم يلجأ في تاريخه منذ تأسيسه إلى الاضراب العام في كامل أنحاء الجمهورية إلا مرة واحدة سـنة 1978 ، حسب تعبيره.
وكان الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل حسين العباسي قد رفض وساطة، النقابي والسياسي المخضرم أحمد بن صالح للمصالحة مع حركة النهضة، مشددا على أن "ليس لديه ما يقوله لراشد الغنوشي"، الذي اعتبره "رئيس حزب ولا علاقة له بالحكومة".
وقد أسقط هذا الرد القاسي للاتحاد جهود الوزير البورقيبي السابق أحمد بن صالح الرامية إلى تحقيق مصالحة بين الاتحاد وحركة النهضة، في الماء.
وأكد العباسي أن "النهضة وضعت المنظمة الشغيلة في مرتبة العدو ولم تحترم قيادتها الشرعية ودورها التاريخي والوطني في البلاد، موجها لها أصابع الاتهام في التدبير للهجوم الذي تعرض له مقره ، متوعدا بمواجهة مفتوحة لا مكان فيها لضبط النفس".
ومن جهة أخرى، عبّرت قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل عن رفضها الحضور في أيّ برنامج تلفزيوني أو إذاعي يكون أحد ممثلي حزب حركة النهضة الحاكم طرفا فيه.
وعلى صعيد أخر، قررت وزارة الداخلية منع كل أشكال التجمع والتظاهر في شارع الحبيب بورقيبة في العاصمة، السبت، 8 كانون الأول/ ديسمبر 2012 تفاديا لأعمال "عنف وتخريب" محتملة.
و عزت الداخلية التونسية أسباب المنع إلى "عزم بعض المجموعات الإندساس في التظاهرات المبرمجة يوم السبت واستغلالها للقيام بأعمال عنف وتخريب".
وأضافت الوزارة في بيانها أنها اتخذت هذا الإجراء "حفاظا على الأمن العام وسلامة الأشخاص والممتلكات ودرءا لكل ما من شأنه أن يزيد من حالة التوتر والإحتقان بالبلاد".
وكانت رابطة حماية الثورة، المحسوبة على حركة النهضة، قد أعلنت عن تنظيم مليونية، السبت، في شارع الحبيب بورقيبة لدعم "الشرعية الانتخابية والمطالبة بتعجيل محاسبة رموز الفساد، ردا على المظاهرات الحاشدة التي خرجت الاربعاء الماضي مساندة للاتحاد ومعارضة لحكومة الترويكا التي تسيطر عليها حركة النهضة الإسلامية.
وقد تجمع منذ قليل عدد من أنصار رابطات حماية الثورة أمام المقر السابق لحزب الرئيس المحلوع (التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل)، رافعين شعارات تنادي بالتطهير وبتحقيق أهداف الثورة.
وطالب رئيس لجنة حماية الثورة في تونس إبراهيم الناجم الحكومة والمجلس الوطني التأسيسي بالإسراع في المصادقة على قانون تحصين الثورة ومحاسبة رموز النظام السابق على حد تعبيره وتتبع كل من يريد تأجيج الوضع في البلاد، متهما الاتحاد العام التونسي للشغل بتلفيق الاتهامات للرابطة وبتطبيق أجندات الأحزاب السياسية المعارضة.
من جانبها ، حثت حركة النهضة أنصارها في بيان أصدرته ظهر السبت، على عدم التظاهر في شارع الحبيب بورقيبة في العاصمة أمام احتمال انحراف بعض التحرّكات الميدانية عن مقاصدها، و إمكان استدراجها للعنف، وتوظيفها من بعض المندسين.
طالبت حركة النهضة من أطلقت عليهم "قوى الثورة" بالالتزام "باليقظة و الإصرار على تحقيق أهداف الثورة والقيام بدورهم في التوعية والضغط، و تفويت الفرص على القوى العدمية والمناهضة للثورة التي تسعى إلى إرباك مسار البلاد، و افتعال القضايا و تأجيج الاحتقان".
وفي سياق منفصل، أكد الرئيس التونسي المنصف المرزوقي أن كميات كبيرة من الأسلحة التي كانت في حوزة نظام الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، قد وصلت إلى إسلاميين في تونس والجزائر.
وأشار المنصف المرزوقي إلى أن الخطر الحقيقي يتأتى بالخصوص من الأشخاص الذين "غادروا إلى مالي للتدرب على الجهاد، كما يحدث في المعسكرات الأفغانية، ليعودوا بعد ذلك إلى تونس".
وقال الرئيس التونسي إن الرئاسة والحكومة قد تفاجئا بالهجوم الذي استهدف السفارة الأميركية في 14 أيلول/سبتمبر الماضي، على خلفية احتجاج عدد من السلفيون على فيلم أميركي مسيء للإسلام ، مشددًا على أن أحداث السفارة الأميركية قد كشفت للمسؤولين التونسيين خطورة السلفية الجهادية .
واعتبر المرزوقي السلفية في تونس "أقلية قليلة"، إلا أنها نجحت في تشويه صورة تونس في الخارج، حسب قوله.