زعيم حزب "المؤتمر الشعبي" حسن الترابي (يمين) والأمين العام لمجلس أحزاب الوحدة الوطنية السودانية عبود جابر
الخرطوم ـ عبد القيوم عاشميق
تعقد أحزاب المعارضة السودانية، السبت، مؤتمرًا صحافيًا في دار حزب "المؤتمر الشعبي" الذي يتزعمه الدكتور حسن الترابي، لدرس التطورات المحيطة بالمواقف تجاه وثيقة "الفجر الجديد" الموقعة في كمبالا، فيما اعتقلت السلطات الأمنية، مساء الخميس، رئيس حزب "المؤتمر" السوداني
إبراهيم الشيخ، عقب انتقاده حكومة الخرطوم وموقف بعض قادة المعارضة الرافضين للوثيقة، تزامنًا مع رفض "الحركة الإسلامية" القاطع للوثيقة الداعية إلى "العلمانية وإلغاء الشريعة وتفكيك السودان".
ودعا الأمين العام لمجلس أحزاب الوحدة الوطنية السودانية عبود جابر، الجمعة، الأحزاب المتحالفة مع الحكومة والمعارضة لها، إلى الحوار البناء والجاد للتصدي لمشكلات البلاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مؤكدًا في تصريح مقتضب لـ"العرب اليوم"، أن "المواقف المتشنجة تضر بالمصالح العليا للبلاد، وتُلقي بظلال سالبة على أجواء الحوار والتقارب بين المكونات السياسية المختلفة".
وقد قررت المعارضة السودانية، أخيرًا، الاستمرار في الحوار مع "الجبهة الثورية المسلحة"، لهدف "الوصول إلى رؤية مشتركة تقود إلى الإطاحة بالحكومة السودانية والحفاظ على وحدة الوطن، وإعادة الحريات والحكم، وقالت في بيان لها صدر في الخرطوم، إن "وثيقة كمبالا (الفجر الجديد) تعد صيغة مشروع، على المعارضة درسه وتقديم مقترحات بشأنه وصولاً إلى الصيغة النهائية".
يأتي هذا التطور في أعقاب تنصّل غالبية أحزاب المعارضة من الوثيقة، وأبرز تلك الأحزاب حزب "المؤتمر الشعبي" و"الأمة" بزعامة الصادق المهدي، الذي أبان أن "الوثيقة تعطي الشرعية للعمل المسلح ضد حكومة الخرطوم، وبالتالي تعطي الفرصة للنظام لممارسة مزيد من التضييق على الحريات"، فيما قررت "الجبهة الثورية" تشكيل لجنة للمتابعة والتنسيق مع القوى السياسية المعارضة ومنظمات المجتمع المدني لإلحاقها بالوثيقة.
على الصعيد ذاته، اعتقلت السلطات الأمنية، مساء الخميس، رئيس حزب "المؤتمر" السوداني ابراهيم الشيخ بعد ساعات من عقده مؤتمرًا صحافيًا انتقد فيه موقف قادة المعارضة من وثيقة كمبالا، كما وجه انتقادات في المؤتمر ذاته إلى الحكومة السودانية، وقال إن "قيادات المعارضة بمواقفها المتراجعة هي التي أوصلتهم إلى حالة الانتكاسة"، مطالبًا الحكومة بالجلوس والتفاوض مع الحركات المسلحة في دارفور، والحركة الشعبية قطاع الشمال، واصفًا وثيقة "الفجر الجديد"، بـ"المبادرة الصحيحة"، مضيفًا أنها "لا تمثل فجرًا كاذبًا كما قيل، وأنها تحتوي على أشياء مفيدة للسودانيين".
من جهتها، أكدت فيه "الحركة الإسلامية" السودانية رفضها القاطع للوثيقة الداعية إلى "العلمانية وإلغاء الشريعة وتفكيك السودان"، وقالت الحركة على لسان نائب أمينها العام الدكتور حسبو محمد عبد الرحمن، أنها "تعتبر الوثيقة عملاً عدائيًا، وأن الشريعة الإسلامية في مقدمة الثوابت الوطنية ولاتراجع عنها"، في الوقت ذاته اقترحت هيئة علماء السودان أن يكون للقوات المسلحة دور في حماية الشريعة الإسلامية وإبطال أي قانون يتعارض معها، على أن يكون تدخله موقتًا.
إلى ذلك، نقلت صحيفة "السوداني" الصادرة الجمعة، بعض الأراء التي كشف عنها خبراء في ندوة أُقيمت لتناول البعد الأمني والإستراتيجي لوثيقة "الفجر الجديد"، ونقلت عن عضو الحركة الشعبية السابق غازي سليمان المحامي، قوله في الندوة، إن "الوثيقة تأتي ضمن حلقات مخطط قديم"، معربًا عن استغرابه من إقدام الأحزاب المعارضة للحكومة على عمل كهذا، رغم علمها أن المادة (14) من قانون الأحزاب، تنص على أن يكون لكل حزب دستور قائم، لا يتعارص مع مصالح الدولة العليا، ويدعو إلى إشاعة الديمقراطية وفقًا للتبادل السلمي للسلطة، فيما اعتبر الخبير العسكري والأمني الفريق السر أبو أحمد الوثيقة، "تهديدًا مباشرًا للأمن القومي السوداني"، مطالبًا بعدم الاستهانة بها، محذرًا من نشاط ما يُعرف بـ"الخلايا النائمة والناعمة في مثل هذه الظروف".