عناصر من المعارضة السورية
دمشق ـ جورج الشامي
اعتبرت اوساط في المعارضة السورية في واشنطن أن تلميحات وزير الخارجية الأميركي جون كيري بتأخير تسليح المعارضة السورية في ما لو تم الاتفاق على عقد المؤتمر الدولي ليست أمرًا جديدًا، مؤكدة أنها تعلم أن من يضع في الحسبان أن الحرب في سورية قد تأخذ أجيالاً عليه أن يتكيّف مع صعوباتها، فيما بدأت
الإدارة الأميركية منذ أسابيع قليلة التعاطي مع المأساة السورية بمنطق "الطاقة القصوى" فإدارة باراك أوباما تسعى الآن لعقد مؤتمر دولي بشأن سورية بحثًا عن حل سياسي، وفي الوقت ذاته، تعمل بكل طاقتها على دعم المعارضين السوريين ميدانيًا، في حين ذكر مصدر من المعارضة السورية نقلاً عن شخصية سورية تتصل وتجتمع مع الرئيس السوري بشار الأسد "أن الرجل مصرّ على موقفه ويبدو متحجّرًا ولن يبدّل من استراتيجيته العنيفة، ولن يغيّر من سياسته إلا إذا قُتل أحد أولاده أو زوجته أو تعرّض هو لمحاولة اغتيال".
وأكدت أوساط المعارضة أن "المعادلة ليست مبهمة، وليست تنجيمًا بالنسبة إلى سبل بناء الوحدات المأمونة في الجيش الحر. فإذا لم يُتخّذ قرار بتخصيص ميزانية شهرية لدفع رواتب عناصره، وتأمين الحد الادنى لهم من الأمان الشخصي والسياسي والاجتماعي، مع مباشرة التسليح عبر قنوات، يعرفها الاميركيون وغيرهم جيدًا، فسيبقى الحديث عن ضعف الثقة بالجيش الحر كلام حق يراد به باطل".
ودفعت صور الهجمات الكيماوية على المواطنين السوريين الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى تعديل موقفه من دعم المعارضة السورية "عسكرياً" فتخطّي النظام السوري لـ "الخط الأحمر" أقنع إدارة الرئيس الأميركي أن بشار الأسد لا يفهم الخطوط الحمراء وأنه مصرّ على استعمال القوة حتى النهاية.
وأضاف المصدر السوري أن "الرئيس السوري لم يبدّل من مواقفه بعد مقتل أكثر من 70 ألف مواطن وخسارة سيطرته على مساحة واسعة من دولته، ولم يبدّل مواقفه عندما تعرّض رئيس وزرائه لمحاولة اغتيال"، وختم بالقول لـ"العربية.نت" إن الرئيس السوري لن يغيّر من سياسته إلا إذا قُتل أحد أولاده أو زوجته أو تعرّض هو لمحاولة اغتيال".
ويريد الأميركيون من بشار الأسد أن يغيّر من حساباته، وستكون محاولة عقد مؤتمر دولي بشأن سورية طريقة جديدة بمساعدة روسية، لإقناع رأس النظام السوري بترك منصبه، وإفساح المجال أمام مرحلة انتقالية تعبر خلالها الدولة الى شرعية جديدة.
وتعمل الحكومة الأميركية بكل طاقتها للوصول الى هذا "الحلّ السياسي" لكنّها مقتنعة أيضًا أن إمكان وصول النظام والمعارضة الى حلّ ضعيف جدًا، خصوصًا أن المعارضة غير موحّدة، وهناك أطراف خارجية كثيرة باتت تؤثّر على السوريين، ومنهم إيران وحزب الله ويعتبران أن مصير النظام جزء من مصيرهم.
أما الأردنيون فيودّون نهاية قريبة للمشكلة السورية، فقدرتهم على تحمّل الأعداد العالية من اللاجئين تصل الى نقطة الإشباع. على الجهة الأخرى يبدو الموقف التركي أكثر تعقيدًا، فبعدما سيطر الثوار على مناطق من محيط حلب وإدلب، توقف سيل اللاجئين وتراجعت الدعوات التركية لوقف الحرب فورًا.
وقال أحد العاملين على دعم المعارضة السورية في واشنطن، وعندما سألته "العربية.نت" عن الحلّ السياسي "حظًا سعيدًا" أي لا حظوظ أبدًا.
وأشار الى أن الإدارة الأميركية تركت للفرنسيين والبريطانيين حرية تقديمهم تسليحًا للجيش الحرّ خلال الأسابيع المقبلة، في حين ستعتمد واشنطن التسليح على مراحل، وهي بدأت بالفعل وتشمل تقديم المساعدات غير الفتاكة.
ويبدو هذا النوع من التسليح بريئًا في ظاهره، لكنه فعليًا يضع آليات عمل الثوار السوريين قيد التجربة، فالأميركيون يريدون التأكد أن الثوار السوريين قادرون على استلام شحنة من المساعدات وأن الثوار سيتمكنون من نقل شحنة ترميها طائرة، وأن ينقلوا الشحنة من منطقة إلى أخرى في سورية من دون أن تتعرض للسرقة أو التهريب.
فيما توقعت اوساط أميركية أن يتجدّد الجدل بشأن خيار تسليح المعارضة السورية والمآل الذي يمكن أن تسلكه الأحداث في سورية في المرحلة المقبلة، في ظل اعتقادٍ بأنّ عوامل التوصل الى حلول ممكنة لا تزال بعيدة المنال، وأنّ القتل قد يتواصل الى وقت أطول. فقد قلَّصت الاعتراضات الإيرانية - السورية على عقد هذا المؤتمر عمليًا حجم التفاؤل بالتوصل الى حلّ سريع للأزمة، والاعتراض على آلية سلمية للحل لا يزال يصدر عن القوى صاحبة المصلحة في استمرار التفكك والقتال.
ونقلت صحيفة "الجمهورية" عن تلك الأوساط أن الاقتراح الثاني الذي لم يوافق عليه الروس ولم تُكشَف تفاصيله، كان يتمحور حول الاتفاق على إقامة منطقة آمنة على الحدود السورية - التركية، لتسهيل حياة المدنيين السوريين، خصوصًا أنّ هذا الجانب بات يحتلّ حيزاً من اهتمام الشارع الأميركي، الأمر الذي يضغط على إدارة أوباما "أخلاقيًا".
ويريد الأميركيون التأكد أيضًا أن تصل شحنة المساعدات مجموعة تستعملها وتكون معروفة للأميركيين ولا تنتمي الى أي تنظيم إرهابي، خصوصًا أن الأميركيين صنّفوا "جبهة النصرة" كتنظيم إرهابي، و"النصرة" أعلنت أنها تنتمي إلى "القاعدة".
وأعلن نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، الخميس، استعداد بلاده لاستقبال لجنة الأمم المتحدة للتحقيق في الأسلحة الكيميائية "فورًا".
وقال متحدث باسم الأمم المتحدة، الأسبوع الماضي، إن الحكومة السورية لم توافق حتى الآن، على دخول فريق الأمم المتحدة إلى سوريا للتحقيق في مزاعم استخدام السلاح الكيميائي.
وجدد الرئيس الأميركي باراك أوباما أخيرًا حديثه عن وجود أدلة على استخدام أسلحة كيميائية في سورية، في الوقت الذي قالت دمشق إنها لا تثق في الاتهامات الأميركية والبريطانية لاستخدام تلك الأسلحة في مناطق غير تلك التي طلبت من الأمم المتحدة التحقيق فيها من دون سواها.
ورحبت وزارة الخارجية السورية، الخميس، بما سمته "التقارب الأميركي الروسي" بشأن الأزمة في سوريا، معبرة في الوقت نفسه عن ثقتها بـ"ثبات الموقف الروسي" الداعم لنظام الرئيس بشار الأسد.
ونقل التلفزيون السوري عن وزارة الخارجية أن "سورية ترحب بالتقارب الأميركي الروسي انطلاقا من قناعتها بثبات الموقف الروسي المستند إلى ميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي". وقال وزيرا الخارجية الأميركي جون كيري، والروسي سيرغي لافروف، "إن الحل يجب أن يبنى على أساس اتفاق جنيف"، الذي توصلت إليه مجموعة العمل بشأن سورية في حزيران/ يونيو 2012، والتي تضم الدول الخمس الأعضاء في مجلس الأمن، وتركيا والجامعة العربية.
وينص اتفاق جنيف على تشكيل حكومة انتقالية بـ"صلاحيات تنفيذية كاملة"، تسمي "محاورًا فعليًا" للعمل على تنفيذ الخطة الانتقالية، على أن تضم أعضاء في الحكومة الحالية، وآخرين من المعارضة، من دون التطرق إلى مسألة تنحي الأسد.
ودعت روسيا مرارًا إلى تبني مجلس الأمن الدولي اتفاق جنيف.
وبعد أن كانت واشنطن تتمسك برحيل الأسد، قال كيري في موسكو إن المعارضة والنظام وحدهما يمكنهما تحديد شكل الحكومة الانتقالية لإجراء انتخابات ديمقراطية. إلا أنه عبر عن قناعته من روما بأن "الأسد لا يمكن أن يكون جزءًا من أي حكومة انتقالية".
وأكد مصدر عسكري سوري أن "الجيش السوري استرد قرية الشومرية في ريف القصير"، وأن قواته "تتجه حاليًا نحو بلدة الغسانية المحاصرة من المسلحين منذ عام تقريبًا".
وقال المصدر إن "العمليات العسكرية في القصير تسير بوتيرة عالية، والجيش يحكم الحصار على المسلحين الذين يحاولون الفرار باتجاه الأراضي اللبنانية".
وتعتبر القصير مع مدينتي الرستن وتلبيسة من آخر معاقل مقاتلي المعارضة في ريف حمص.
وسقطت خمسة صواريخ على مناطق حدودية شرقي لبنان متاخمة لمنطقة القصير، كما سقطت ثلاثة صواريخ في منطقة الهرمل، واثنين في منطقة مشاريع القاع، اللبنانيتين.
وذكر مصدر أمني في شمال لبنان، أن لبنانيين اثنين من مدينة طرابلس قُتلا في معارك القصير، وقد تم إبلاغ عائلتيهما