كابول ـ أعظم خان كشف النقاب الثلاثاء عن اعتزام الولايات المتحدة الانضمام إلى المحادثات المباشرة مع زعماء حركة طالبان الأفغانية في غضون الأيام المقبلة وذلك بعد أن وافقت الإدارة الأميركية على التنازل عن مجموعة من الشروط المسبقة التي سبق وأن وضعتها من قبل كشرط للمشاركة في مثل هذه المفاوضات بشأن مستقبل أفغانستان.  وسيلتقي في القريب العاجل الممثلون السياسيون للملا عمر مسؤولين أفغان وأميركان في العاصمة القطرية الدوحة بهدف مناقشة جدول أعمال ما وصفه مسؤولون أميركيون "السلام والمصالحة" وذلك تمهيدا لإجراء محادثات مع ممثلي الحكومة الأفغانية بعد ذلك مباشرة. ووصفت هذه الخطوة بأنها حدث مهم وتاريخي في الحرب التي استمرت 12 عاماً بين الطرفين.
  وذكرت مصادر رسمية رفيعة المستوى في الإدارة الأميركية أنهم يعتقدون أن حركة طالبان وافقت على إصدار بيان تلزم فيه نفسها "بمعارضة استخدام الأراضي الأفغانية لتهديد بلدان أخرى" وهي خطوة أولى مهمة نحو قطع العلاقات مع تنظيم القاعدة. وأكد بيان لحركة طالبان قيامها بفتح مكتب لها في الدوحة وأعربت فيه عن رغبتها في إقامة "علاقات طيبة" مع البلدان الأخرى.
ووافقت الولايات المتحدة على أن قيام زعماء طالبان برفض رسمي لتنظيم القاعدة سيكون الآن بمثابة "هدف تفاوضي" وليس شرطاً مسبقاً لإجراء المحادثات. كما أن الولايات المتحدة ستسعى للحصول على التزام من طالبان بإنهاء أعمال المقاومة في أفغانستان والاعتراف بحقوق المرأة في البلاد.
 ونسبت صحيفة الغاريان البريطانية إلى أحد كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية قوله "هذه خطوة أولى مهمة إلا أن الطريق لايزال طويلا" وأضاف "لقد سبق وأن قلنا من قبل أن هذا الصراع لن يحسم من خلال المعارك ولهذا السبب نحن ندعم افتتاح مكتب لطالبان في الدوحة".
  وقالت مصادر في البيت الأبيض الأميركي إنها تعتقد أن مجلس طالبان السياسي الذي سيشارك في المحادثات إنما يمثل زعيم الحركة الملا عمر كما أنه يضم جماعات أكثر تشدداً مثل شبكة حقاني. وأكدت مصادر رسمية أن الولايات المتحدة سيكون لها دور صريح في المحادثات المباشرة التي تبدأ هذا الأسبوع في الدوحة إلا أن العملية ستكون آنذاك تحت قيادة الحكومة الأفغانية. وأضاف مصدر أميركي رسمي قائلاً "إن محور هذه العملية لن يكون محادثات أميركية طالبانية وإنما سيكون بين الأطراف الأفغانية مع استطاعة أميركا تقديم عونها في عملية المحادثات. وقال أيضا أن مستوى الثقة في الحضيض ولهذا فإنها لن تكون محادثات سهلة ، كما أكد أنه في الوقت الذي ستلعب فيه الولايات المتحدة دوراً في المحادثات المباشرة إلا أن الأفغان هم من سيديرون المفاوضات.
 وقال متحدث باسم طالبان إن الحركة تفتتح مكتباً لها في الدوحة من أجل التوصل إلى تفاهم واتفاق والبدء في محادثات مع دول العالم من أجل تحسين العلاقات معهم ومن أجل دعم التوصل إلى حل سياسي وسلمي لإنهاء ما وصفه "باحتلال أفغانستان".
 وكان اقتراح افتتاح مكتب لطالبان في الدوحة قد طرح منذ عام 2011 كما أن هناك عدداً من كبار شخصيات حركة طالبان يعيش حالياً في قطر منذ أشهر عدة لكن الحركة لم تتبنّ علناً أي خطط لإجراء محادثات سلام.
  وفي العاصمة الأفغانية كابول قال الرئيس حميد كارازاي إن المجلس الأعلى للسلام سيسافر إلى قطر لإجراء محادثات سلام مع طالبان. وأعرب عن أمله في أن يتفهم "إخوانه في طالبان بأن المحادثات ستنتقل إلى أفغانستان قريبا" ، وذلك على الرغم من أن المسؤولين الأميركيين أكدوا أن انتقال المحادثات إلى أفغانستان سيستغرق وقتاً.
 كما أعلن كارازي أن القوات الأفغانية ستتسلم مقاليد المهام الأمنية الداخلية من الأميركان الثلاثاء ثم استكمال انتقال بقية المهام الأمنية إلى القوات الأفغانية في نهاية العام المقبل بعد انسحاب القوات الأميركية.
 وقالت الغارديان إن الرئيس الأميركي باراك أوباما أبلغ قادة مجموعة الثماني بتلك الانفراجة مع طالبان في حفل الغذاء في القمة التي بدأت في أيرلندا الشمالية مساء الاثنين.
  يذكر أن كلاً من باكستان وأمير قطر شاركا في الوساطة من أجل إجراء المحادثات مع طالبان وذلك بعد أشهر من الأعمال الدبلوماسية، كما شاركت أيضا كل من ألمانيا والنرويج وبريطانيا في تلك الجهود.
  وكانت هيلاري كلينتون اقترحت عام 2011 إعلان زعماء طالبان نبذ العنف إذا ما أريد لعملية السلام أن تنجح. وطالبت أيضاً بضروة قيام الحركة بإنحاء تحالفها مع تنظيم القاعدة والتزامها بالدستور الأفغاني، إلا أن تلك الشروط على ما يبدو الثلاثاء قد خفت إلى حد ما، وفي هذا السياق قال مصدر أميركي رفض ذكر اسمه "نحن لا نتوقع من زعماء الحركة أن يقطعوا علاقاتهم مع تنظيم القاعدة فورا وأن ذلك سيكون أحد نتائج المفاوضات". وقال أيضا إن البيان المتوقع من طالبان بمعارضة استخدام الأراضي الأفغانية للهجوم على بلدان أخرى هو بمثابة خطوة أولى في الفصل بين الحركة وبين الإرهاب الدولي".
   وتأتي هذا الأنباء في اليوم نفسه الذي قام فيه الناتو بتسليم المهام والمسؤوليات الأمنية الرسمية في أفغانستان إلى القوات الأفغانية وجهاز الشرطة وعلى الرغم من وجود بعد الجنود الأجانب في العديد من المناطق الأفغانية. وكانت طالبان طالبت من قبل بضرورة خروج القوات الأجنبية كشرط مسبق لبدء المحادثات.
يذكر أن الرئيس الأفغاني الذي كان دائما ما يفضل إجراء المحادثات في أفغانستان، لم يكن يبدي حماسا في البداية للخطط القطرية ولكنه قام بزيارة قطر مرتين هذا العام وذلك على ما يبدو من أجل تمهيد الطريق أمام الانفراجة التي تشهدها الدوحة اليوم.