نيويورك ـ سناء المرّ قال سكرتير عام الأمم المتحدة بان كي مون إن الصراع في مالي يمكن أن يتمتد إلى الدول المجاورة لها في الصحراء الغربية، فيما تأتي هذه التصريحات في الوقت الذي تتصاعد فيه المخاوف من المخاطر الإرهابية التي تتهدد غرب وشمال أفريقيا. وحسب ما ذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية، قال بان كي مون في تقرير تقدم به إلى مجلس الأمن الدولي "إن هناك قلقًا خطيرًا من أن الحرب ضد المتطرفين الإسلاميين الذين يدعمهم تنظيم القاعدة في شمال مالي يمكن أن تمتد إلى الدول المجاورة في المنطقة من خلال التسلل إلى مخيمات اللاجئين التي يعيش فيها مئات الآلاف القادمين من الصحراء الغربية، والمعروفين باسم الصحراويين، بعد قيام المغرب بضم أراضيهم العام 1975.

 

وأكد بان كي مون في تقريره أن الحكومات كافة التي تم استشارتها أعربت عن قلقها الشديد من مخاطر إمكان انتقال القتال في مالي إلى الدول المجاورة لها، وإمكان أن يؤدي ذلك القتال إلى انتشار النزعة الراديكالية المتطرفة في أوساط مخيمات اللاجئين في الصحراء الغربية.
يأتي هذا التحذير في الوقت الذي بدأت فيه فرنسا سحب بعض من قواتها البالغ قوامها أربعة آلاف جندي، والتي جاءت بهم في مطلع هذا العام لطرد المتطرفين الإسلاميين من شمال مالي.
وقامت فرنسا، الثلاثاء، بسحب 100 من كتيبة المظلات، وقالت إن العدد سوف يصل إلى النصف مع حلول تموز/ يوليو المقبل. وقالت الحكومة الفرنسية إنها سوف تحتفظ فقط بألف جندي في مالي مع نهاية العام الجاري، ومن المتوقع أن يتولى المسؤوليات الأمنية في مالي ستة آلاف من الجنود الأفارقة.
وعلى الرغم من أن الحملة العسكرية التي قادتها فرنسا في مالي قد نجحت في استعادة شمال البلاد وإخضاعه لسيطرة الحكومة إلا أن ذلك لم يمنع من تعرض بعض المدن في الإقليم إلى سلسلة من الهجمات الانتحارية وحرب العصابات، كما أن هناك مخاوف متصاعدة من تأثير ذلك الصراع على البلدان المجاورة لمالي.
ونسبت صحيفة "غارديان" البريطانية إلى مصدر دبلوماسي في مالي قوله "إن هناك العديد من المخاوف والقلق بشأن مخيمات اللاجئين في موريتانيا والنيجر في ظل تسلل المتطرفين داخلها وبالتحديد الحركة الوطنية لتحرير أزاواد".
وأضاف أنه وعلى الرغم من أنه لا يعرف على وجه اليقين أن هناك جماعات أخرى مثل تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي تسللت إلى المخيمات إلا أن ذلك يبدو محتمل الحدوث.
وأردف "إن ما لا نعرفه هو مدى نجاح التدخل العسكري في مالي، فعلى الرغم من إزالة التنظيم، وعلى الرغم من الاستيلاء على كميات هائلة من السلاح، وقتل عدد كبير من أفراد التنظيم إلا أن العديد من المجندين المحليين اختفوا، حيث عاد البعض إلى قراهم بينما عبر البعض الآخر إلى النيجر ونيجيريا، ومن الصعب معرفة ما إذا كان المتطرفون الإسلاميون الذي غادروا مالي لديهم من الأعداد والقدرة اللازمة لإعادة رسم عمليات عسكرية وتتنفيذها في أماكن أخرى".
ويقول الخبراء "إن المتطرفين يختبئون في المناطق الصحراوية الشاسعة شمال مالي وفي موريتانيا والجزائر، والذين يعتقد بأنهم قادرون على استهداف مخيمات اللاجئين الصحراوية.
ويقول الخبير في شؤون دول الساحل في جامعة برمنغهام برني سيبيه إنه بات على المليشيات التي كانت تنعم بالملاذ الآمن في غاو وتمبوكتو أن تبحث عن دول أخرى، حيث يمكن لهم من خلالها القيام بعملياتهم.
وأضاف أن ما يحدث في مالي من المؤكد أن ينعكس في صورة مزيد من عدم الاستقرار في الصحراء الغربية، حيث إن بعض الصحراويين الذين يعتقدون أن الجزائريين لم يكونوا بالفعالية الكافية في دعم حركتهم، قد يستخدم المساعدات اللوجيستية التي تقدمها الجماعات الإسلامية المتطرفة، كما يسود هؤلاء شعور بالاستياء من جراء قيام زعماء الغرب باتباع سياسية متساهلة للغاية مع موقف المغرب من قضية الصحراء الغربية".
ويريد شعب الصحراء أو الصحراويون الذين يعيش غالبهم خارج أراضيهم في مخيمات للاجئين إجراء استفتاء على استقلال الصحراء الغربية، بينما تعرض المغرب التي تدعمها فرنسا وأميركا حكمًا ذاتيًا في ظل السيادة المغربية.
وذكرت تقارير صحافية أن شعب الصحراء يعاني من خيبة أمل بسبب فشل المحادثات بين حكومتهم البوليساريو وبين المغرب بشأن إجراء الاستفتاء على مستقبل المنطقة الغنية بالموارد مثل الفوسفات والنفظ والغاز.
وتنتشر قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في الصحراء الغربية منذ وقف إطلاق النار العام 1990، وتواصل الأمم المتحدة تحذيراتها بين الحين والآخر من أن الصراع في مالي وحالة عدم الاستقرار في منطقة الساحل يمكن أن تزيد من حدة التوتر هناك، وفي الوقت الذي يعيش فيه غالب سكان شعب الصحراء خارج أراضيهم وهناك ما يزيد على 200 ألف آخرين يعيشون في المنفي في جنوب غربي الجزائر وحدها.
ودعا بان كي مون الذي يوصي بتجديد بعثة قوات حفظ السلام في الصحراء الغربية لمدة عام آخر إلى وجود كيان لحقوق الإنسان للمراقبة في منطقة الصحراء وفي مخيمات اللاجئين لشعب الصحراء وذلك في ظل وجود تقارير تتحدث عن انتهاكات لحقوق الإنسان.
وخلال الأسبوع الماضي قال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أمام البرلمان المغربي في أول زيارة رسمية له إلى المغرب إن الوضع في الصحراء الغربية "ضار" وإن تمرد الموالين لتنظيم "القاعدة" في شمال مالي يعجل بضرورة وضع نهاية لهذا الموقف.
وتعترف الحكومة في مالي بأن المتطرفين في الشمال كان يعبرون إلى البلدان المجاورة، ولكنه قال إن دول المنطقة كافة تتعاون وتنسق عملياتها ضد هذه التهديدات.
ويقول وزير الا تصالات في مالي مانغا ديمبل "إن كل بلدان المنطقة تتعاون في ما بينها لصد الإرهابيين" وأضاف أنهم علموا بأن القوات الفرنسية سوف تبدأ في الانسحاب فور انتهاء علميات تأمين مالي.