السفير الفرنسي لدى لبنان باتريس باولي
بيروت ـ جورج شاهين
أقيم عند السادسة من مساء الأحد، حفل استقبال في قصر الصنوبر لمناسبة العيد الوطني الفرنسي، بدعوة من السفير الفرنسي باتريس باولي وزوجته، شارك فيه وزير الخارجية والمغتربين عدنان منصور ممثلا رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، والدكتور محمود
بري ممثلا رئيس مجلس النواب نبيه بري، الرئيس حسين الحسيني، ووزراء ونواب وشخصيات سياسية والدينية واجتماعية وتربوية ودبلوماسية وعسكرية وقضائية وتربوية ومن المجتمع المدتي قدر بالآلاف.
بدأ الاحتفال بالنشيدين اللبناني والفرنسي، ثم ألقى السفير باولي كلمة باسمه واسم زوجته استهلها بالقول "نحن سعيدان، آني وأنا، بأن نستقبلكم في قصر الصنوبر للاحتفال بعيدنا الوطني. إن الرابع عشر من تموز/يوليو عيد للفرنسيين جميعا، ونأمل أن يكون الأمر كذلك أيضا بالنسبة إلى أصدقائنا اللبنانيين كلهم، وهل من مكان افضل لنجتمع فيه سويا؟ من هذا القصر حيث تم إعلان لبنان كما نعرفه ضمن إطار حدوده المعترف بها دوليا، من عتبة هذا القصر بالذات الذي أخاطبكم منه الآن؟ إن هذا القصر الذي هو جزء من التاريخ المشترك ما بين فرنسا ولبنان، هو منزلكم أنتم، منزل الفرنسيين كما منزل اللبنانيين جميعهم، هو مساحة استقبال ولقاء ونقاش بين الفرنسيين واللبنانيين، وكذلك بين اللبنانيين أنفسهم، هذه هي رسالته، وسأحرض على أن يبقى الأمر كذلك، لكي نبقى نخط فيه صفحات من العراقة بين فرنسا ولبنان، ونحن لا ننوي أبدا الانتقال إلى مكان إقامة آخر، أهلا وسهلا بكم من جديد في قصر الصنوبر".
وتابع "في قلب كل من الفرنسيين، ثمة مكانة خاصة للبنان، وآمل أن تكون هناك أيضا مكانة خاصة لفرنسا في قلوب اللبنانيين، لطالما كانت فرنسا حريصة على لبنان، وهي بقيت إلى جانبه على الدوام، حتى في اللحظات الأكثر مأساوية وصعوبة من تاريخه، ذلك أن قدر كل من بلدينا مرتبط بالآخر منذ قرون عدة، ويجمع ما بيننا كلبنانيين وفرنسيين نسيج من العلاقات فريد من نوعه، حول قيم مشتركة، وضمن إطار احترام هوية كل منا، وبالتالي على الصعيد اليومي نقوم معا بممارسة وإحياء علاقة مكثفة ومتنوعة وتعددية".
وشدد على أن فرنسا تلاقي "اللبنانيين جميعهم في تنوعهم وغناهم، وهي موجودة في الأراضي اللبنانية كافة، من الشمال إلى الجنوب، من الشرق إلى الساحل، عبر المراكز الفرنسية التي تعرفونها جميعكم، وبفضل شبكة، ذات كثافة عز نظيرها، من المدارس التي تستقبل أكثر من 55 ألفا من الشباب اللبنانيين. وبالتالي فإن علاقتنا تنطلق من أثمن ما لدينا، أي من تربية أولادنا. وتشكل هذه المراكز والمدارس مساحة لتعلم التسامح واحترام الآخر والنقاش والمواطنية. وتتواصل هذه العلاقة عبر نسيج كثيف جدا هو أيضا، من العلاقات ما بين الجامعات وعبر علاقة شراكة في مجال القانون كما في مجال الطب. وتتجسد العلاقة أيضا في عالم التجارة والاقتصاد، فثمة 5000 شركة فرنسية موجودة في السوق اللبنانية، ومن بينها عدد كبير من الشركات الفرنسية الصغيرة والمتوسطة الحجم، مما يشهد على علاقة إنسانية وثيقة لا تقف عند حدود لبنان بل تلتفت نحو أسواق أخرى حيث يمكن أن تتضافر جهود الفرنسيين واللبنانيين معا".
واستطرد قائلا "في هذه العلاقة المتعددة، تشكل الفرنكوفونية عاملا مشتركا، أنها ميزة نتشاركها، فهي لا تنتمي إلى فرنسا، لأن الفرنكوفونية تشكل إرثا نحييه معا، فهل هناك من تفسير آخر للشغف للالتحاق بالمدارس التي تتبع المنهاج الفرنسي وبالدورات التي تقدمها مراكزنا؟ هل هناك من تفسير آخر للنجاح المتصاعد، وما لمعرض الكتاب الفرنسي في بيروت الذي احتفل في عام 2012 في عيده العشرين؟ أن فرنكوفونيتنا أرض منفتحة على الآخر وعلى اللغات الأخرى لتؤدي إلى تعددية اللغات التي تثرينا جميعا".
وقال "على الصعيد السياسي أيضا، نحن إلى جانب أصدقائنا اللبنانيين في السراء كما في الضراء، الزيارات العديدة التي حصلت خلال العام المنصرم، وبشكل خاص الزيارة التي قام بها رئيس الجمهورية الفرنسي فرنسوا هولاند في الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، والتي شكلت فرصة للتعبير بشكل رسمي أمام الرئيس سليمان عن دعم فرنسا للبنان وذلك بعيد اغتيال اللواء وسام الحسن. وتم التعبير مجددا عن دعم فرنسا وتضامنها مع لبنان خلال الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء نجيب ميقاتي إلى باريس في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي".
وتابع "وأخيرا، تم التعبير عن هذا الدعم في التاسع من تموز/يوليو، في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، من خلال اعتماد بيان رئاسي خاص بلبنان، بمبادرة فرنسية. كان مهما بالنسبة إلينا أن يأخذ مجلس الأمن موقفا بالإجماع لصالح الاستقرار والأمن والسيادة الوطنية واستقلال لبنان وسلامة أراضيه. وكرر المجلس تمسكه بالمؤسسات اللبنانية وأعاد تأكيد دعمه لرئيس الجمهورية ميشال سليمان، ضامن هذه المؤسسات، وكذلك للجيش، الذي يتولى اليوم مهمة أساسية لخدمة اللبنانيين كافة ولضمان الأمن للجميع، وقد ذكر المجلس بدعمه للجهود كلها التي تبذل، خصوصا تلك التي يبذلها رئيس الدولة والتي تبلورت باعلان بعبدا الصادر في 12 حزيران/يونيو 2012، والذي اعتمدته الأحزاب السياسية اللبنانية الأساسية تحت مظلة رئيس الجمهورية، وذلك في سبيل ترسيخ مبدأ النأي بالنفس وحماية لبنان من تداعيات حرب ليست حربه. إلى جانب ذلك دعا مجلس الأمن إلى إعادة إطلاق عجلة المؤسسات كلها من خلال تشجيع تشكيل الحكومة بشكل سريع وإعادة إحياء أفق من أجل الانتخابات التشريعية".
وأضاف "عبر مجلس الأمن مجددا عن التزامه من أجل الاستقرار في لبنان والمنطقة بكاملها، من خلال التعبير عن دعمه لقوات اليونيفيل. أود أن أحيي هنا، من خلال القائد الجنرال باولو سيرا، كل من يقوم بهذه المهمة، وكذلك الكتيبة الفرنسية الموجودة من دون انقطاع منذ إنشاء هذه القوات في عام 1978، من خلال رئيس أركانها، الجنرال دولور لافال، وقائد الكتيبة الفرنسية الكولونيل بودوان".
ثم تحدث عن "اللاجئين السوريين والفلسطينيين القادمين من سورية، والذين يستضيفهم لبنان بأعداد كبيرة على أراضيه"، معتبرا "أن استضافة لبنان لجيرانه وهي استضافة لا مثيل لها، لهي شرف لبلدكم ولكن لديها أيضا ثمن. أود أن أقول لكم كم أن الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه، إنما تعي هذا الامر وكم هي ملتزمة إلى جانب السلطات اللبنانية والأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، جعل استقبالهم أمرا ممكنا".
كذلك لفت إلى أن القنصلية الفرنسية العامة "بطبيعة الحال مفتوحة أمام الفرنسيين القادمين من سورية، والذين هم بحاجة إلى خدمات قنصلية لم يعد بامكاننا ان نقدمها لهم في سورية، هم يعرفون أن هذه القنصلية تشرع أبوابها لهم كعربون تضامن. أود كذلك أن أحيي الذين ظلوا في خدمة فرنسا في سورية".
وختم بـ"شكرا أيضا لأصدقائنا اللبنانيين جميعهم، لمحاورينا في كل يوم ولشركائنا. نحن سعيدون بالعمل معهم لتطوير علاقة الصداقة بين بلدينا".