لندن  ـ سليم كرم كشفت محللون وكتاب عن افتقاد بريطانيا لفهم مخاطر اللجوء إلى التدخل الليبرالي في شؤون الدول فهمًا جيدًا، في حين أكدوا أن بريطانيا لا تدرك تبعات تسليح المقاومة السورية ولا تملك إستراتيجية واضحة في هذا الصدد. ونشرت صحيفة "الغارديان" مقالاً يشير إلى أن السنوات العشر الأخيرة أثبتت صحة هذه المقولة إلى حد كبير.
ويقول كاتب المقال فرانك ليدويدج: إن أول سؤال يحتاج أي سياسي واعٍ إلى طرحه هو إذا ما أقدمت بريطانيا على تسليح المقاومة السورية حاليًا فما هو نوع السلاح الذي سوف يتم تسليح المقاومة به؟ وما الذي يمكن أن تقدمه بريطانيا فوق ما قدمته السعودية وقطر من أسلحة بقيمة ثلاثة مليارات دولار؟
ويفترض الكاتب أن هؤلاء الذين ينتمون إلى المقاومة السورية ليس من بينهم عناصر جهادية تنتمي إلى تنظيم "القاعدة"، كما يفترض أيضًا عن حق بأن تلك الأسلحة لن تشمل طائرات أو مدفعية أو دبابات، إذ إن ذلك يتطلب تدريبًا لسنوات طويلة.
ثم يتساءل الكاتب أيضًا عن نوعية الأسلحة الصغيرة مثل البنادق ومدافع الهاون وما شابه ذلك، كما يتساءل عن فائدة البندقية البريطانية (SA80) ويقول: إنها غير مرحب به في بلد غارق في الكلاشينكوف.
ثم يستفسر عن الصواريخ المضادة للدبابات، ويقول إن مشكلة الأسلحة الفعالة سوف تحتاج إلى تدريب مكثف على يد جنود ذوي خبرة ومهارة حتى يمكن الاستفادة منها، وإن مثل هؤلاء الجنود لا بد وأن يكونوا بريطانيين لمثل هذه الأسلحة.
ويضيف الكاتب أن الشيء نفسه ينطبق على الصواريخ المضادة للطائرات، المعروفة باسم "مانبادز"، أي أنظمة الصوراريخ الدفاعية المضادة للطائرات المحمولة على الأكتاف، والتي تتطلب خبرة عالية في كيفة التعامل معها.
وقامت أميركا وبريطانيا وغيرها من الدول بجهود ضخمة في تقفي أثر مثل هذا السلاح الذي تسرب في أفغانستان والعراق وليبيا، ولكن فرص النجاح كانت محدودة. وتنجح مثل هذه الأسلحة في إسقاط عدد قليل من طائرات الميغ أو المروحية، ولكن خطورتها الأكبر تكمن في فعاليتها الأكبر إذا ما استخدمت ضد الطائرات المدنية الإيرباص أو البوينغ.
ثم يطرح الكاتب السؤال الأهم وهو "ماذا لو أن تسليح المقاومة لم يكن يفلح؟ إن الهدف الحقيقي للقوات المعادية لنظام الأسد يتمثل في تدخل عسكري غربي واسع النطاق.
ويحتاج الغرب إلى إدراك أنه إذا ما بدأ السير في طريق تسليح المقاومة فإن ذلك سوف يقوده إلى مرحلة ضرورة إقامة منطقة حظر طيران وما هو أبعد من تلك المرحلة.
ويحتمل أن تتسلح سورية عندئذ بأحدث الصواريخ الروسية ذات الفعالية الكبري، وفي هذا السياق ينسب الكاتب إلى أحد ضباط الجيش البريطاني قوله إن نظام الدفاع الجوي السوري معقد وخطير، بما يعني أن القوات البريطانية سوف تتكبد خسائر بشرية (أي مقتل وأسر قوات جوية بريطانية).
وأضف إلى ذلك أن فرض منطقة حظر جوي سوف يفتقد إلى تفويض من الأمم المتحدة بسبب روسيا، الأمر الذي سوف يتبعه أحاديث عما يسمى بالسموات الآمنة المحمية بآلاف عدة من القوات البريطانية، التي يمكن استعارتها من إقليم هيلماند الأفغاني المضطرب.
ويختم الكاتب مقاله بقوله أن بريطانيا بحاجة إلى قدر من الوضوح التام والآن حول ما تريد أن ان تحققه بالضبط وما إذا كان بإمكانها تحقيقه بالفعل. وبعبارة أخرى فإن بريطانيا بحاجة إلى استراتيجية واضحة المعالم ، إلا أن السنوات العشر الأخيرة تقدم الدليل على أن بريطانيا لم تفلح في هذا الصدد.