تخفيف الحصار البري والبحرى على غزة
غزة ـ محمد حبيب
قام محللون فلسطينيون، بتقييم مستوى التزام إسرائيل والفصائل الفلسطينية، باتفاق وقف إطلاق النار بعد الحرب الأخيرة على قطاع غزة، الموقع منذ أكثر شهر، بشكل إيجابي، معتبرين أن هذا الالتزام يُظهر عدم رغبة كل من إسرائيل والفصائل في القطاع وبخاصة حركة "حماس" بالتصعيد في هذه المرحلة، فيما حظي
القطاع بعد الاتفاق بتسهيلات مقلصة للحصار المشدد الذي تفرضه إسرائيل منذ العام 2007، حيث خففت إسرائيل حصارها البري والبحري، في حين أبقت على السياسات نفسها المتبعة إزاء ما تسمح بتوريده إلى غزة رغم ما تضمنه الاتفاق بشأن فتح جميع المعابر البرية، في الوقت الذي الذي تراجعت فيه حدة عزلة قطاع غزة الخارجية مع زيارة عشرات الوفود غالبتها عربية وإسلامية بغرض التضامن وتقديم الدعم السياسي.
وأعلنت مصر في 11 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، اتفاق التهدئة الجديد لإنهاء معركة استمرت ثمانية أيام، وأسفرت عن مقتل أكثر من 180 فلسطينيًا وجرح 1400 آخرين مقابل مقتل ستة إسرائيليين، وامتنعت إسرائيل منذ إعلان الاتفاق عن شن الغارات الجوية على قطاع غزة، لكنها سمحت لآلياتها العسكرية بالتوغل في مناسبات عدة على أطراف القطاع تحت اعتبارات أمنية، حيث استشهد فلسطينيان وأصيب 50 برصاص الجيش الإسرائيلي قرب السياج الفاصل مع قطاع غزة منذ دخول اتفاق التهدئة حيز التنفيذ.
ولم تعلن إسرائيل عن خطوات تجاه قطاع غزة بعد عودة الهدوء، باستثناء زيادة المجال البحري للقطاع إلى 6 أميال بدلاً من 3 أميال كما كان يسري منذ فرضها حصارًا مشددًا على القطاع منتصف العام 2007، كما أنهت إسرائيل منطقة أمنية عازلة كانت تقيمها داخل حدود قطاع غزة بعمق 300 متر على طول السياج الفاصل ما مكن الفلسطينيين من الدخول إلى أراضيهم في المناطق الحدودية.
وقال المحلل السياسي من غزة ناجي البطة، إنه "يمكن تقييم مستوى التزام إسرائيل والفصائل الفلسطينية باتفاق التهدئة بشكل إيجابي بأكثر من 90 في المائة، معتبرًا أن "هذا الالتزام يظهر عدم رغبة كل من إسرائيل والفصائل في غزة وبخاصة حركة (حماس) التي تسيطر على قطاع غزة منذ العام 2007، بالتصعيد في هذه المرحلة، لكن بعض الفصائل الصغيرة في غزة تبقي محل شك بشأن مدى الالتزام الكامل مستقبلاً، إلى جانب الخطط الإسرائيلية إزاء الحفاظ على الهدوء على جبهة القطاع".
وفي ظل الالتزام الميداني، توجه حركة "حماس" اتهامات لإسرائيل بشأن "خرق" تعهداتها رفع أشكال الحصار كافة عن غزة وتوسيع قوائم ما تسمح بتوريده للقطاع الساحلي، حيث اتهم نائب رئيس الحكومة المقالة في غزة زياد الظاظا، إسرائيل بالتراجع عن وعود قطعتها على نفسها لمصر بشأن بنود الاتفاق الذي أعلنته مصر قبل شهر، مضيفًا أن "إسرائيل لم تنفذ شيئًا من البنود التي تم الاتفاق عليها، وبخاصة في مجال رفع الحصار وإنهائه وفتح جميع المعابر في الاتجاهين، وأن إسرائيل تعهدت بالسماح بدخول جميع مواد البناء إلى قطاع غزة اللازمة وللتجار مباشرة وليس عبر مؤسسات دولية (كما يحدث منذ عامين) وإدخال جميع المعدات والمركبات اللازمة دون قيود لكنها لم تنفذ ذلك حتى الآن".
بدوره، قال رئيس "لجنة تنسيق إدخال البضائع" التابعة للسلطة الفلسطينية في غزة رائد فتوح، إن إسرائيل لم تدخل أي تسهيلات على قوائم السلع التي تسمح بتوريدها إلى قطاع غزة منذ انتهاء جولة العنف الأخيرة، وأن الجانب الإسرائيلي نفى علمه بما أعلن عن وعود بخصوص إدخال مواد البناء للتجار المحليين عبر معبر كرم أبو سالم كما أعلنت "حماس" سابقًا.
من جهة أخرى، سمحت جولة العنف الأخيرة في غزة، بتصاعد حاد في وصول وفود التضامن من دول عربية وإسلامي إلى القطاع، الأمر الذي أنعش مرافقه السياحية بعد سنوات طويلة من الركود، حيث قالت وزارة الخارجية في حكومة "حماس"، إنها استقبلت أكثر من 130 وفدًا تضامنيًا من الدول العربية والإسلامية والغربية منذ منتصف تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، وأن الوفود إلى غزة ضمت حوالي خمسة آلاف متضامن، ينتمون إلى مستويات سياسية وإعلامية وطبية وإنسانية مختلفة.
وكان أبرز هذه الوفود، زيارة رئيس الوزراء المصري هشام قنديل، ووفد جامعة الدول العربية ووزراء الخارجية العرب برئاسة الأمين العام نبيل العربي، ووفود من عشرات الدول العربية والإسلامية، إضافة إلى وفود تضامنية من الولايات المتحدة وبريطانيا ودول أوروبية مختلفة، كما وصلت إلى غزة وفود متخصصة من أطباء ومحامين ونقابيين، وكذلك وفود إغاثية حملت في جعبتها مساعدات عينية إلى متضرري الحرب في غزة، وساهمت الزيارات المتتالية بانتعاش نسبي في أنشطة الحركة السياحية في قطاع غزة، وبخاصة في ما يتعلق بعمل الفنادق التي نفضت الغبار عن غرف النزلاء فيها بعد سنوات من العزلة.
وقال مسؤول "جمعية أصحاب الفنادق والمطاعم" في غزة، صلاح أبو حصيرة، إن "جميع الوفود التي وصلت القطاع تقيم في الفنادق المحلية مما جعلها تحظى بانتعاشة كبيرة في عملها، وأن جميع فنادق غزة البالغ عددها 17 حظيت بحجز كامل لغرف النزلاء فيها، والبالغ إجمالي عددها 450 غرفة، مما حقق لها أرباحًا مجزية بعد سنوات من الركود الحاد.
في المقابل ينتظر قطاع غزة مبادرات لإعادة إعماره، بعد تكبده تدميرًا واسعًا على نطاق البني التحتية والمنشآت العامة خلال جولة العنف الأخيرة، حيث أعلنت حكومة "حماس" أن خسائر قطاع غزة خلال جولة العنف الأخيرة تجاوزت مبلغ 500 مليون دولار أميركي كخسائر مباشرة و700 مليون غير مباشرة تشمل تدميرًا واسعًا في مختلف صور البني التحتية