الرئيس أوباما لحظة وصوله مطار بن غوريون
واشنطن ـ يوسف مكي
تتجه توقعات وآمال العرب في ما يمكن أن يحققه الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى التدني والتضاؤل منذ خطابه الشهير الذي ألقاه في القاهرة في حزيران/ يونيو 2009. فقد عجزت كافة خطابات أوباما وتصريحاته، التي أعقبت ذلك الخطاب في إحياء الأمل في إمكان تبنيه سياسات مهمة وغير عادية تجاه الصراع
المرير بين إسرائيل والفلسطينيين، ولا يوجد ما يوحي بأن هناك تغييرًا ما سوف يحدث في هذا الشأن.
وكشف صحيفة "غارديان" البريطانية أن منشأ حالة الإثارة وأجواء التفاؤل خلال الأشهر الأولى من فترة رئاسة أوباما الأولى، يرجع في الأساس إلى أن أوباما يختلف عن جورج بوش، صديق إسرائيل ومهندس عملية غزو العراق والحرب على "الإرهاب"، إلا أن أجواء التفاؤل ومشاعر الإثارة هذه سرعان ما تلاشت لسبب تردد أوباما وتراجعه في المواجهة الأولى مع بنيامين نيتانياهو بشأن توسع النشاط الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة، ثم جاءت بعد ذلك ثورات الربيع العربي غير المتوقعة وما أحاط بها من أحداث مثيرة واضطرابات.
وأشارت إلى أنه منذ نتائج الانتخابات الإسرائيلية في كانون الثاني/ يناير الماضي، لم تشهد المنطقة أي تحسن في الحالة المزاجية، إذ لا يوجد أحد يمكن أن يتوقع جديا إمكان أن يكون الائتلاف الحكومي الإسرائيلي الجديد بقيادة نيتانياهو أكثر استعدادًا من الائتلاف الحكومي السابق لتقديم التنازلات اللازمة والضرورية لإقامة دولة فلسطينية مستقلة قادرة على الاستمرار والحياة، وعلاوة على ذلك، فإنه لا توجد مؤشرات توحي بإمكانية رأب الصدع بين منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة محمود عباس وبين حركة حماس الإسلامية التي تحكم قطاع غزة.
وقالت الصحيفة، إن إدارة أوباما قد تعمدت التأكيد على عدم تعليق آمال كبيرة على ما يمكن أن تسفر عنه زيارة أوباما إلى إسرائيل، التي تحظى باهتمام كبير، وقالت في بيان لها لحظة وصول أوباما ان الرئيس لا يحمل معه خطة سلام جديدة، وأن الهدف من هذه الزيارة هو تأكيد الدعم الأميركي الدائم الذي لا يتزعزع لشعب إسرائيل، مع التأكيد في نفس الوقت على التزامها نحو الفلسطينيين الذين اكتفي بالبيان بالإشارة إليهم بكلمة "الجيران".
وأوضحت "غارديان" أنه من بين ردود الأفعال الفلسطينية الارتيابية في هذا السياق نصب خيمة اعتصام احتجاجية ضد التوسع الاستيطاني وذلك في الوقت الذي يقوم فيه أوباما باستعراض بطارية القبة الحديدية الإسرائيلية المضادة للصورايخ، وتتزامن الزيارة مع مشاكل وأزمات عدة لم تجد لها حلًا في المنطقة، وتتمثل أهم تلك المشاكل في سورية الغارقة في حرب أهلية، وهناك أيضًا إيران وأزمتها النووية، وسوف تتعامل القمة العربية المنتظر عقدها الأسبوع المقبل في العاصمة القطرية الدوحة، مع هاتين الأزمتين.
وتابعت أن الدبلوماسية الأميركية قد وصلت إلى طريق مسدود بشأن عملية السلام في الشرق الأوسط وذلك على الرغم من التقارير الصحافية التي تقول إن وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، سوف يعود إلى المنطقة بعد مغادرة الرئيس الأميركي، بما يوحي بأن هناك جهودًا جديدة في هذا الشأن. ومن المرجح أن تكون الأساس هو مبادرة السلام العربية التي سبق طرحها قبل 11 عاما والتي تتمثل في الاعتراف بدولة إسرائيل بحدود ما قبل 1967 مقابل التوصل إلى حل عادل للقضية الفلسطينية.
ولفتت إلى أن الدول العربية المهمة مثل مصر تعاني من انشغالها التام بمشاكلها الداخلية، إلا أنها تدرك أن فكرة بداية قوية وسريعة للمحادثات التي توقفت لفترة طويلة ليست فكرة جيدة، لاسيما وأن هناك مخاطر من احتمال انهيار السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس.
ونقلت الصحيفة عن عضو المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، دانيال ليفي، قوله، إنه في ضوء رفض الأميركان والأوروبيين الاستخدام المباشر لنفوذهم لإرغام إسرائيل على التخلي عن احتلال الأراضي الفلسطينية، فإنه من الأفضل ألا يصر الرئيس الأميركي على الاستئناف العاجل للمفاوضات الثنائية الإسرائيلية، أنه في ظل المناعة والحصانة التي تتمتع بها إسرائيل ضد أي عقوبات، إضافة إلى المزيج المتطرف والمتشدد غير المتناسق الذي لا يجمعه أي اتفاق بين الأحزاب الإسرائيلية، مؤكدًا أن الاستئناف المباشر للمفاوضات سوف يضر أكثر مما يفيد، ويزيد من قناعة الرأي العام المعني بالأمر باستحالة التوصل إلى اتفاق.
وعلى الرغم من أن الأنظار تنصب في الأساس على زيارة أوباما لإسرائيل والأراضي الفلسطينية إلا أن زيارته إلى الأردن، الجمعة، تعد بمثابة مكافأة لحليف أميركي مجرد من المال استطاع أن يتفادى الاستسلام للضغوط التي أفرزتها موجة التغيير التي ألمت في المنطقة على مدار العامين الماضيين على الرغم من صغر حجم الإصلاحات التي أجراها.
وتعاني الأردن من صعوبات استيعاب آلاف اللاجئين السوريين، مثلما عانت من قبل مع العراقيين، إضافة إلى أنها تسمح سرا بتدريب المقاومة السورية، كما أن بيان الملك عبد الله الثاني الذي قال فيه إن بشار الأسد لن ينجو، كان أكثر تصريحاته العلنية صراحة ووضوحا.
كما قال ملك الأردن الذي ورث معاهدة سلام لا تحظي بشعبية أبرمها والده مع إسرائيل عام 1994، إن زيارة أوباما تفتح الباب أمام فرصة استئناف المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية، وهي عبارة اعتاد أن يرددها من قبل في أكثر من مناسبة.
واختتمت الصحيفة مقالها بقولها، إن مسألة حسن النوايا لدى العرب لها أهميتها على الرغم من أنها لا تلعب دورا حاسما، وإذا لم يكن أوباما يدرك ذلك فإنه سوف يتعلم من رحلته إلى الشرق الأوسط أنه سوف يتحمل مسؤولية ضخمة إذا ما انتهي الحال بغلق هذا الباب.