ظاهرة التيار السلفي الجهادي في تونس
الجزائر ـ سفيان سي يوسف
دق محللون سياسيون تونسيون، الثلاثاء، ناقوس الخطر، بسبب تداعيات ، والذي اتهموه بالسعي إلى استنساخ وتجسيد أجندة مرتبطة بأهداف تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بغية "إرباك" الدولة التونسية ومؤسساتها وكذا "محاولة الإخلال" بالوضع الأمني
في الجزائر، فيما تعمل الحكومة الجزائرية على "منع التيار السلفي في بلادها من الاتصال والتنسيق بالتيارات السلفية في الخارج وبالأخص تونس".
ويرى المحلل السياسي التونسي، قاسمي الجمعي، في تصريح نقلته وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، أن الانفلات الأمني الذي ساد تونس بعد الإطاحة بالنظام السابق علاوة على إطلاق سراح المسجونين السلفيين المتشددين، شكل "عاملاً مهماً في تقوية" هذا التيار الديني المتطرف لجلب الأسلحة من ليبيا المنتشرة بكثافة هناك وتخزينها ثم السيطرة على المساجد لنشر أفكارهم "المدمرة"، معتبراً أن تطورات الأوضاع في المنطقة دفعت بالسلفيين المتشددين في تونس لرسال الشباب إلى ساحة الحرب في سورية للقتال ضد نظام بشار الأسد في بداية الأمر، قبل أن يتبنوا استراتيجية أخرى للتحرك نحو جنوب المغرب العربي أي إلى شمال دولة مالي. وفي معرض تحليله للأجندة التي اضطلع بتنفيذها التيار السلفي الجهادي في تونس، أكد المحلل أن كل هذه الظروف السالفة الذكر ساهمت في تقوية هذه الجماعات المتطرفة "لتجد نفسها اليوم في موقف تحد واضح" للدولة التونسية ومؤسساتها في محاولة لفرض أمر واقع جديد مرتبط بأهداف تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وبالتالي "إرباك تونس ومحاولة الإخلال بالوضع الأمني في الجزائر".
وأكد المحلل السياسي التونسي، نصر الدين بن حديد، أن الهدف الاستراتيجي للسلفيين الجهاديين في تونس، هو السعي نحو تكوين شبكات وربطها ببعضها البعض والوصول افتراضياً إلى دولة الخلافة، في حين تصطدم هذه الرؤيا السلفية، حسب المتحدث، باستراتيجيات سياسية لدول المنطقة مخالفة تماماً لعقائدهم ومن ثم فإن الجزائر "تحتل مكانة استثنائية" ضمن هذه النظرة باعتبار أنها "دخلت حربا" مع التيار السلفي الجهادي منذ التسعينات وفق تعبير المحلل، الذي يرى أنه على هذا الأساس يتضح أن الجزائر باتت "بمثابة العدو الاستراتيجي بالنسبة لمجمل التيارات السلفية"، مضيفا أنه على مستوى الواقع فإن التيارات السلفية الجهادية إما هي "عاجزة حاليا عن الإضرار" بالجزائر أو أن الجزائر "ليست ضمن أولوياتها" في الوقت الراهن "لان سورية بالنسبة لها تحتل الأولوية" وفق تعبير الأستاذ نصر الدين بن حديد. فيما استبعد الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية المتشددة الدكتور العلاني علية، أن تكون تونس بنية تحتية للإرهاب، مبرزاً أن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي "سيجد صعوبات في إيجاد ملاذات آمنة له" في تونس بعد أن دحرت عناصره وطردت من دولة مالي، مؤكداً أن تنظيم القاعدة يحاول بعد حرب مالي "تجسيد مخطط جهادي في دول المنطقة"، مشيرا إلى أن هذا المخطط "تم إفشاله سريعاً من خلال عمليات تفكيك عصابات مسلحة عدة"، كما أشاد الخبير العلاني بـ"التنسيق الأمني" بين تونس والجزائر وليبيا، معتبراً أن ذلك ساعد في كشف مخططات تنظيم القاعدة مبكراً في الوقت الذي تم فيه "ضرب مخطط إرهابي سابق كان يشمل مالي وموريتنا وجزءاً مهماً من الصحراء الكبرى"، وكان رئيس الحكومة التونسية علي العريض أكد أن حكومته ستتصرف مستقبلاً مع تنظيم "أنصار الشريعة" السلفي المتشدد على اعتبار أنه "غير قانوني" وأنه مارس العنف وله علاقات بالإرهاب، موضحاً أنه أعطى تعليمات واضحة بألا يتم التفاوض مع هذه الجماعات.
فيما أكد وزير الشؤون الدينية الجزائري، غلام الله بو عبد الله، أن الدولة "تعمل على منع التيار السلفي في الجزائر من الاتصال والتنسيق بالتيارات السلفية في الخارج وبالأخص تونس"، مشدداً خلال الملتقى الدولي الثاني عن التمويل الإسلامي غير الربحي في تحقيق التنمية المستدامة، على ضرورة أن تتأهب السلطات الجزائرية لأي طارئ جراء الأحداث الجارية في تونس، والتي دعا إليها التيار السلفي الممثل لجماعة أنصار الشريعة، وشبّه الوزير غلام الله ما يحدث في تونس ـ في إشارة منه إلى تيار أنصار الشريعة ـ بما عاشته الجزائر خلال العشرية السوداء، داعيا في هذا الإطار إلى ضرورة "تجند الجزائريين كلهم خوفاً من تأثير هذه الأحداث على بلادنا ومنع وتفادي عودة مثل تلك الأحداث".