الجزائر ـ نسيمة ورقلي دعا رئيس الفرع الجزائري لمنطمة العفو الدولية علي يملول إلى ضرورة إدراج السلطات الجزائرية خلال التعديل الدستوري الجديد، لمواد من شأنها تعزيز حقوق الإنسان.وقال ممثل "أمنيستي" في الجزائر، في تصريح لـ"العرب اليوم"، الخميس، لمناسبة عرض التقرير السنوي للمنظمة 2013، بشأن حالة حقوق الإنسان في العالم، إن الدستور المقبل للجزائر لابد أن يحرص على احترام القانون الدولي، وبخاصة ما يتعلق بحرية الصحافة والتعبير، وحرية التجمع، والحريات النقابية، وأن الجزائر صادقت على اتفاقات ومعاهدات دولية عدة مرتبطة بحقوق الإنسان، ومع ذلك لا تزال العديد من التجاوزات والمضايقات تُسجّل في مجال حرية الصحافة وحرية التعبير والحريات النقابية، ومحاولات لقمع التجمعات وبعض الحركات الاحتجاجية.
وأشار يملول إلى أن "مجال حقوق الإنسان في الجزائر لايزال يشكو العديد من النقائص، بمنع التظاهرات والمسيرات السلمية، وقمع الاحتجاجات والتجمعات عن طريق المضايقات والتوقيفات في أوساط النقابيين والداعين للحركات الاحتجاجية لهدف تكسيرها، وأن منظمة العفو الدولية تدعم حق التعبير وحرية الرأي والصحافة، وكذلك الحريات النقابية، مشددًا على ضرورة أن "يكون التوافق خلال التعديل الدستوري في ما ينص عليه من مواد مع جملة ما وقعته الجزائر من اتقافات ومعاهدات دولية، ولابد ألا يعلو الدستور الجزائري على القانون الدولي، وأن يكون تابعًا لمختلف ما وقعت عليه الجزائر في إطار القانون الدولي، وليس العكس"، لافتًا إلى تسجيل العديد من المتابعات القضائية ضد الصحافيين في الجزائر لتهمة القذف، وهو ما اعتبره غير موافق لحرية وحق التعبير.
وقال المتحدث ذاته، إن موجة الاحتجاجات التي شهدتها ولايات عدة من الجنوب الجزائري، تؤكد عدم رضا شريحة كبيرة من المجتمع الجزائري التي لم يتم التكفل بمطالبها في مجال توفير السكن والعمل وعدم المساواة في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وأن السلطات العمومية مطالبة بالتكفل بهذه المطالب، مضيفًا في ما يتعلق بحالات التعذيب، أن "أمنيستي" تتلقى شكاوى في هذا المجال، لكن لم يتسن لها التأكد منها.
وفي مجال حرية إنشاء الجمعيات، انتقد رئيس فرع منطمة العفو الدولية في الجزائر، منح مشروع القانون الجديد للجمعيات، صلاحيات للإدارة من أجل أن تقوم بحل الجمعيات، قائلاً "إن حل الجمعية لا يعود للإدارة بل للسلطة القضائية، كما انتقد عدم احتوائه على مواد تحدد طرق تمويل الجمعيات، وأن المنظمة قد راسلت البرلمان الجزائري في هذا الصدد".
وقد تم الخميس عرض تقرير عام 2013 لمنظمة العفو الدولية، الذي جاء تحت عنوان "العالم يزداد خطرًا على اللاجئين والمهاجرين"، وهو التقرير الذي يخص حالة حقوق الإنسان في العالم في الفترة الممتدة من من كانون الثاني/يناير إلى كانون الأول/ديسمبر 2012، وجاء فيه: أن التقاعس العالمي تجاه حقوق الإنسان يجعل العالم مكانًا خطِرًا على اللاجئين والمهاجرين على نحو متزايد.
وقالت المنظمة، "إنه جرى انتهاك حقوق ملايين البشر الذين فروا من أتون النزاعات والاضطهاد، أو هاجروا بحثًا عن حياة أفضل لأنفسهم ولعائلاتهم، وإن حكومات العالم متهمة بالاهتمام بحدودها الوطنية أكثر من اهتمامها بحقوق مواطنيها، أو حقوق الذين ينشدون اللجوء، أو يبحثون عن الفرص داخل حدود بلدانهم"، فيما أبرزت منظمة العفو أن "عدم التصدي لأوضاع النزاعات بشكل فعال يخلق طبقة دنيا كونية، وأن حقوق الذين يفرون من أتون النزاعات لا تحظى بالحماية، وأن هناك حكومات تنتهك حقوق الإنسان باسم الحد من الهجرة، متجاوزةً بذلك تدابير مراقبة الحدود المشروعة، وأن هذه التدابير لا تلحق الضرر بالأشخاص الذين يفرون من النزاعات فحسب، بل تؤدي إلى دفع ملايين المهاجرين إلى السقوط في أوضاع سيئة، من قبيل العمل القسري وإساءة المعاملة الجنسية، لسبب السياسات المناهضة للهجرة، وهذا يعني إمكان استغلالهم والإفلات من العقاب على ذلك، ويسهم الخطاب الشعبي المناهض للاجئين والمهاجرين في تأجيج تلك الأوضاع المسيئة لسبب الصعوبات المحلية التي تواجه الحكومات".
وجاء في تقرير منظمة العفو، أن "المجتمع الدولي شهد في العام 2012 طائفة من حالات الطوارئ في أوضاع حقوق الإنسان، أرغمت أعدادًا كبيرة من الناس على أن تنشد السلامة والأمان، سواء داخل حدود الدول أو عبرها، فمن كوريا الشمالية إلى مالي، ومن السودان إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية، فرَّ العديد من السكان من ديارهم، أملاً في العثور على ملاذ آمن، وخسر الشعب السوري سنة أخرى من عمره، حيث لم يتغير شيء يُذكر، باستثناء تزايد أعداد الأرواح المزهَقة أو المحطَّمة، مع نزوح ملايين السكان لسبب النزاع، وقد وقف العالم متفرجًا، بينما استمرت قوات الجيش والأمن السورية في شن هجمات عشوائية ضد المدنيين، وإخضاع الأشخاص الذين يعارضون الحكومة للإخفاء القسري والاعتقال التعسفي والتعذيب والإعدام خارج نطاق القضاء، في الوقت الذي تستمر فيه الجماعات المسلحة في احتجاز الرهائن وارتكاب عمليات القتل الميداني والتعذيب، لكن على نطاق أضيق، وقد استُخدم اعتبار حقوق الإنسان (شأنًا داخليًا) كذريعة للحيلولة من دون اتخاذ إجراءات دولية للتصدي لحالات طارئة من قبيل الحالة السورية، ولا يزال مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الموكولة إليه مهمة صون الأمن العالمي والقيادة العالمية عاجزًا عن ضمان اتخاذ قرارات سياسية منسقة وموحدة، ولا يجوز استخدام مبدأ احترام سيادة الدول مبررًا لتقاعسها، وأنه يتعين على مجلس الأمن التصدي بثبات للانتهاكات التي تدمر حياة الناس، وترغمهم على الفرار من ديارهم، وهذا يعني رفض المعتقدات البالية والمجردة من الأخلاق التي تعتبر أن القتل الجماعي والتعذيب والجوع ليست من شأن الآخرين".
واعتبرت "أمنيستي"، أن اعتماد معاهدة تجارة الأسلحة من قبل الأمم المتحدة، في آذار /مارس 2013، يعطي الأمل بوقف شحنات الأسلحة التي يمكن أن تُستخدم لارتكاب فظائع، وأنه لم تتم حماية حقوق أعداد هائلة من مهاجري العالم، البالغ عددهم 214 مليون شخص، لا في بلدانهم ولا في الدول المضيفة، وتعرَّض المهاجرون غير الشرعيين بشكل خاص لخطر الاستغلال وانتهاك حقوقهم الإنسانية، وعلى الصعيد العالمي، استمرت وتيرة عقوبة الإعدام في التراجع على الرغم من بعض النكسات التي اكتنفتها، من قبيل عمليات الإعدام الأولى في غامبيا منذ 30 عامًا، وإعدام امرأة في اليابان للمرة الأولى منذ 15 عامًا.
وسجلت المنظمة الدولية، قيودًا فُرضت على حرية التعبير في ما لا يقل عن 101 بلدًا، وحالات التعذيب وغيره من ضروب إساءة المعاملة في ما لا يقل عن 112 بلدًا، معتبرة أن  "نصف البشرية ظلوا يعتبرون مواطنين من الدرجة الثانية في ما يتعلق بإحقاق حقوقهم، لأن العديد من الدول عجزت عن التصدي للانتهاكات على أساس نوع الجنس، حيث ارتكب الجنود وأفراد الجماعات المسلحة عمليات اغتصاب في مالي والسودان وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وتعرضت النساء والفتيات لعمليات قتل بأسلوب الإعدام على أيدي حركة "طالبان" في أفغانستان وباكستان، وحُرمت النساء والفتيات اللاتي حملن نتيجة لاغتصابهن أو اللائي شكَّل الحمل خطرًا على حياتهن أو صحتهن، من إجراء عمليات إجهاض آمنة في بلدان من قبيل شيلي والسلفادور ونيكاراغوا والجمهورية الدومنيكية، وأنه في سائر أنحاء القارة الأفريقية كشفت النزاعات والفقر والانتهاكات على أيدي قوات الأمن والجماعات المسلحة عن ضعف الآليات الإقليمية والدولية لحقوق الإنسان، حتى مع استعدادات القارة للاحتفال بالذكرى الخمسين لإنشاء الاتحاد الأفريقي، الذي سيعقد قمة كبرى في إثيوبيا هذا الأسبوع في الفترة من 19-27 أيار/مايو 2013، وفي الأميركيتين شكَّلت المحاكمات التي أُجريت في الأرجنتين والبرازيل وغواتيمالا وأوروغواي تقدمًا كبيرًا باتجاه تحقيق العدالة في ما يتعلق بالانتهاكات التي وقعت في الماضي، وتعرضت أجهزة الولايات المتحدة لحقوق الإنسان لانتقادات من جانب حكومات عدة.
كما جاء في التقرير تعرض حرية التعبير في شتى بلدان آسيا والمحيط الهادئ للهجوم، مقترنًا بقمع الدولة في كل من كمبوديا والهند وسري لنكا والمالديف، بينما دمَّرت النزاعات المسلحة حياة عشرات الآلاف من البشر في أفغانستان وميانمار وباكستان وتايلند، وأطلقت ميانمار سراح مئات السجناء السياسيين، بينما ظل مئات آخرون يقبعون خلف القضبان، وفي أوروبا ووسط آسيا اتسمت المساءلة عن الجرائم التي ارتُكبت في سياق برنامج نقل وتسليم المعتقلين سرًا، وبصورة غير قانونية، بقيادة الولايات المتحدة بالمراوغة والغموض، وفي منطقة البلقان تراجع إمكان تحقيق العدالة لبعض ضحايا جرائم الحرب في التسعينات من القرن الماضي، وكانت الانتخابات في جورجيا مثالاًعلى الانتقال الديمقراطي للسلطة في دول الاتحاد السوفييتي السابق، حيث احتفظت الأنظمة الاستبدادية بقبضتها على السلطة، وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا شهدت البلدان، التي أُطيح فيها بالحكام المستبدين، حرية إعلامية أكبر، وفرصًا أوسع لمنظمات المجتمع المدني، ولكنها شهدت نكسات كذلك لسبب التحديات التي واجهت حرية التعبير عل أسس دينية أو أخلاقية، وفي سائر أنحاء المنطقة ظل نشطاء حقوق الإنسان والنشطاء السياسيون يواجهون القمع، بما فيه السجن والتعذيب في الحجز، وشهد شهر تشرين الثاني/نوفمبر تصاعدًا في نزاع إسرائيل وغزة، وعلى الصعيد العالمي، استمرت وتيرة عقوبة الإعدام في التراجع على الرغم من بعض النكسات التي اكتنفتها.