الرباط ـ رضوان مبشور اعترف الأمين العام لحزب "الاستقلال" المغربي المشارك في الائتلاف الحاكم والمهدد بالانسحاب منه حميد شباط، بأن رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران طلب منه سحب وزرائه من الحكومة وتقديم ملتمس رقابة أمام أعضاء البرلمان لسحب الثقة من الحكومة وإسقاطها واللجوء إلى انتخابات مبكرة سابقة لأوانها لإنهاء الأزمة السياسية التي تعيشها الأغلبية الحاكمة.
وأضاف شباط وهو يخاطب أنصار حزبه في مدينة مكناس، أن بنكيران خاطبه قائلا "إذا أردت أن تنسحب فانسحب وتقدم بملتمس رقابة لإسقاط الحكومة"، وأضاف أنه لم يخبر أعضاء المجلس الوطني لحزبه بهذا الكلام لتفادي إغضابهم.
وترأس شباط خلال الثلاثة أيام الأخيرة سلسلة من المهرجانات الخطابية والتواصلية مع أنصاره، بدأها بتجمع خطابي في مدينة فاس السبت، ثم انتقل الأحد لمخاطبة أنصاره في مدينة مكناس، وختم رحلاته المكوكية بلقاء حزبي خطابي الاثنين في مدينة أغادير في جنوب المغرب.
وقال زعيم "الاستقلال" المثير للجدل، أن حزبه ينتقد بنكيران نظرا لضعف أدائه الحكومي، نافياً الاتهامات الموجهة له ب "عرقلة الأداء الحكومي"، واعتبرها مجرد "هروب إلى الأمام"، متسائلاً "هل جاؤوا بمشروع يهم المغاربة وقلنا لا لهذا المشروع؟"، مضيفا "نحن لا نعارض مصالح المغاربة، ولا نريد مناصب. أما من ينعتوننا بالمعرقلين فالانسحاب من الحكومة أفضل لنا ولهم، وحين قررنا الانسحاب من الحكومة اتهمونا مجدداً بعرقلة الحكومة ومحاولة إسقاطها".
وذكر شباط أنصاره بأن حزبه احتل المرتبة الثانية خلال الانتخابات التشريعية التي جرت خلال ال 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2011، وهو ما جعله يفضل المشاركة في حكومة يرأسها حزب ظل لعقود في المعارضة، رغبة منه في خدمة البلاد، وبحكم تقارب البرامج الانتخابية للحزبين"، وأضاف "بنكيران أخلف عدداً من الوعود الانتخابية، جعلت حزب (الاستقلال) يراجع مشاركته في هذه التجربة الحكومية".
واسترسل شباط في سرد بعض الوعود الانتخابية التي أخلفها بنكيران وقال "وعد بتحقيق نسبة نمو تصل إلى 7 في المائة، وعجز تجاري لا يتجاوز 3 في المائة، فحدث العكس، حقق نسبة نمو وصلت ل 3 في المائة، ونسبة عجز تجاري وصلت ل 7 في المائة".
وانتقد بعض وعود حزب "العدالة والتنمية" في ما يخص أجور الطبقة العاملة، حيث "وعد بنكيران في مخططه الانتخابي برفع الحد الأدنى للأجور إلى 3000 درهم، لكن بعد مرور عام انتقل الحد الأدنى للأجور الذي كان في حدود 2250 درهم إلى 2000 درهم، لسبب الزيادة في أسعار المحروقات الذي أثر على باقي المواد الاستهلاكية، وأدى إلى التأثير على القدرة الشرائية للمواطنين".
وأضاف كبير الاستقلاليين "عندما قررنا الانسحاب من الحكومة لجأنا للفصل 42 من الدستور، وكان من الممكن أن يلجأ بنكيران إلى الفصل 47 من الدستور ويدعو إلى حل البرلمان، وإعلان انتخابات سابقة لأوانها، إلا أننا ظللنا ننتظر لخمسة أشهر ولم يجب على كل المذكرات والتنبيهات التي قدمناها له".
وحاول شباط أثناء مهرجاناته الخطابية الثلاث مغازلة الفقراء، باعتبارهم أكبر قاعدة انتخابية في المغرب، وقال "من يسكن دور الصفيح يجب أن ينتقل إلى بيت يضمن له كرامته الآدمية، ومن يدرس أبناؤه يجب أن يجد لهم الكتب والمقاعد الدراسية، والفقراء يجب أن يحظوا برعاية صحية، إذ لا يعقل أن يذهب الناس للمستشفيات ولا يجدون الأطباء و الأدوية".
وحاول أيضا أن يستميل فئة المعطلين، وانتقد بعض قرارات بنكيران بالقول "كيف لرئيس الحكومة أن يعادي مطالب المغاربة حين يقول بأنه سيستقيل من الحكومة إذا ما تم تشغيل حاملي المحضر، وأنه سيمضي في تطبيق اقتطاع أيام الإضراب ولو استدعى الأمر إسقاط الحكومة"، وأشار في السياق نفسه أن "المناصب السامية وعددها 2261 منصباً سامياً كان تعيين أصحابها في يد الملك، واليوم حين أصبحت في يد الحكومة أصبحت التعيينات تتم عبر الزبونية والولاء الحزبي وغياب الشفافية".
واقترح حميد شباط أثناء لقاءاته الحزبية الأخيرة اللجوء إلى تشكيل حكومة ائتلاف وطني كحل للخروج من هذه الأزمة، تشارك فيها أحزاب الأغلبية والمعارضة، باستثناء حزب "التقدم والاشتراكية" على حد قوله.
واستغربت قيادات من حزب "العدالة والتنمية" الحاكم في اتصال مع "العرب اليوم" من مقترح شباط الأخير ومن تناقض مقترحاته، حيث تساءل أحدهم قائلا "كيف يلجأ شباط إلى طلب التحكيم الملكي، ويطلب من جهة أخرى بتشكيل حكومة ائتلاف وطني تشارك فيها الأحزاب المغربية جميعها باستثناء حزب (التقدم والاشتراكية)، أليس هو أيضا حزب وطني؟".
وأضاف المتحدثون أن "شباط يقترح حلولاً غير واقعية، فتشكيل حكومة ائتلاف وطني تعني أن البلاد في حرب"، مفضلين اللجوء مباشرة إلى صناديق الاقتراع ل"وقف هذا العبث".
وقال رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بنكيران في أول خروج علني وأول رد بعد قرار "الاستقلال" بالانسحاب من حكومته، أن حزبه "مستعد لانتخابات سابقة لأوانها، في حالة انسحاب (الاستقلال)"، وأضاف "إنهم خائفون من انتخابات سابقة لأوانها، ونحن لا نبالي بأي شيء اختاروه، فعلى بركة الله".
واستبعد بنكيران بشكل كلي أي تأثر للحكومة بقرار رفاق شباط  وقال "الحكومة لم تتأثر، هناك مشكل في الأغلبية وليس في الحكومة"، وأردف "المغرب ليس فيه حزب ضد حزب، وإنما تيار أحزاب ضد تيار أحزاب آخر، وقد تجد حزباً واحداً فيه تياران، تيار يريد الإصلاح، والآخر لا يريد"، في إشارة إلى الانقسام الذي يعرفه حزب "الاستقلال"، بعد تأسيس جناح "بلا هوادة" الذي يتزعمه الاستقلالي عبد الواحد الفاسي انتقد من خلاله الخطوة التي اتخدها حزبه عندما قرر الانسحاب من الحكومة.
وعن تأخره في الرد على قرار "الاستقلال" أجاب بنكيران "هل من الممكن أن أرد على شخص يرسل لي مذكرة مبطنة بالسب؟".
واتهم بنكيران شباط ب "محاولة إرباك التجربة الحكومية"، محذراً من "الرجوع بالمغرب إلى أيدي التحكم والدخول في مغامرة غير معروفة العواقب"، وقال إن "المغاربة مستعدون للتضحية مع حكومة يرون أنها تبدل جهوداً لخدمتهم، رغم استمرار المشوشين، لأن المغاربة لا يطالبون بالمعجزات".
وانتقد بنكيران بعض التصريحات التي أدلى بها بعض قيادات "العدالة والتنمية" الذي يتزعمه للصحافة وقال إن "عبد العزيز أفتاتي يريد أن يلعب المباراة لوحده"، في إشارة إلى تكتم أعضاء حزب "العدالة والتنمية" في إعطاء تصريحات للصحافة، لكن أفتاتي كان يجيب لوحده عن أسئلة الصحافيين المحرجة دون الرجوع إلى قيادة حزبه، وقال مازحا في حق تصريحات القيادي الآخر عبد الله بوانو أنها "تغيرت قليلا عندما دخل إلى الأمانة العامة للحزب".
ولم تسلم الصحافة المغربية من انتقادات بنكيران وهاجم القناة المغربية الثانية 2M، واتهمها ب "خدمة أجندة المتحكمين والمشوشين"، وأضاف " هؤلاء يهاجمونكم ويشوشون عليكم بالإعلام، القناة الثانية غير محايدة، وهي متحيزة للطرف الآخر"، متحدثا عن وجود شياطين من الجن والإنس تقف وراء تحريك الصحافة، في إشارة واضحة لمديرة أخبار القناة المغربية الثاني سميرة سيطايل التي لم تتردد ولو للحظة في الاعتراف بموقفها المعارض لرئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، وتترجمه على أرض الواقع من خلال النشرات الإخبارية والبرامج السياسية التي تبثها القناة.