انتشار للجيش في مدينة صيدا اللبنانية
بيروت ـ جورج شاهين
دعا وزير الداخلية والبلديات اللبناني مروان شربل، مجلس النواب إلى أن يجتمع كونه يمثل الأطراف السياسية كافة، لكي توقع على ورقة تطلب من الأجهزة الأمنية المعالجة الحازمة لأي خلل أمني"، مطالبًا بـ"وضع وثيقة دفاع لتجنيب لبنان الانقسام"، وذلك بالتزامن مع حركة تمرد في سجن رومية، وحالات استفزاز أمنية في
صيدا، رافقت التحرك الاحتجاجي لجماعة الشيخ السلفي أحمد الأسير، اعتراضًا على وجود مراكز مسلحة لـ"حزب الله" في شقق سكنية تحيط بمسجده.
وقال شربل في مؤتمر صحافي انعقد في وزارة الداخلية، بعد رئاسته اجتماع مجلس الأمن المركزي، بحضور قادة الأجهزة الأمنية، "أدعو مجلس النواب إلى الاجتماع لأن الوضع الأمني في البلاد صعب، من أجل وضع وثيقة دفاع لتجنيب لبنان الانقسام، ونطلب الوفاق السياسي وليس الغطاء السياسي، لأن الغطاء السياسي غير كاف، ويجب أن نتفق في مجلس النواب على أنه ممنوع الإخلال بالأمن وممنوع وجود المسلحين"، مضيفًا أن "الوضع الأمني والانقسام السياسي في البلد هما ما يجبران الأجهزة الأمنية على أن تتحمل العبء وتقوم بالحوار، فإننا نعيش وضعًا أمنيًا صعبًا جدًا في الأراضي اللبنانية كافة، والمسألة غير محصورة في منطقة بل ستأخذ طابعًا طائفيًا وسياسيًا ومناطقيًا، وقوتي أنني لا أنتمي إلى أي حزب، وأنا أعلم كيفية التعاطي مع المواطنين وبخاصة في المواضيع الأمنية، وللسياسيين أقول: لا تخبزوا بالسياسة لأن أي جهاز أمني لن يأكل من هذا الخبز".
واعتبر وزير الداخلية أن "الشيخ أحمد الأسير أو أي شخص آخر في صيدا سيحمل سلاحًا، سنتعامل معه بالشكل المناسب"، مضيفًا "اجتماعنا تركز على عمليات الخطف وفي ما يخص صيدا ستشاهدون النتيجة الجمعة، وأنا مستعد للتنازل عن منصبي لمن يرغب في أن يحل مكاني، وعليه هو أن يتحمل المسؤوليات، وإن المسؤولين عن عمليات الخطف معروفون ولا يحظون بأي تغطية، وهناك 54 موقوفًا في سجن رومية في عمليات الخطف".
وعن النازحين السوريين، أكد شربل أن "على الدول المانحة والدول العربية وجامعة الدول العربية، أن يفكروا في المساحة الجغرافية للبنان، التي يصعب عليها استيعاب عدد أكبر من النازحين السوريين".
وتزامن مؤتمر شربل مع حركة تمرد في سجن رومية، وحالات استفزاز أمنية في صيدا، رافقت التحرك الاحتجاجي لجماعة الشيخ السلفي أحمد الأسير، اعتراضًا على وجود مراكز مسلحة لـ"حزب الله" في شقق سكنية تحيط بمسجده، ففي سجن رومية وقعت قبل ظهر الجمعة، مواجهة داخل المبنى في السجن، بين عدد من الموقوفين الإسلاميين الذين قاموا بأعمال شغب، احتجاجًا على منع إحدى النساء من مقابلة موقوف لعدم حصولها على إذن، وتمكن السجناء من احتجاز عدد من العسكريين لفترة من الوقت، قبل أن تتدخل القوى الأمنية لإنهاء الوضع المتوتر فساد الهدوء في المبنى.
وقد تطور الأمر إلى مطالبة الموقوفين بالعفو العام قبل ساعات على إحضار عدد منهم إلى قصر العدل، بعد ظهر الجمعة، حيث باشر المجلس العدلي استجواباته في ما نسب إليهم من جرائم أدت إلى مقتل 170 عسكريًا بين ضابط وجندي، في اعتداءات بالمتفجرات والعبوات، وفي اشتباكات سابقة في مخيم نهر البارد وأحياء من مدينة طرابلس ومناطق شمالية مختلفة، وتزامن ترك إسلاميي السجن مع مهاجمة مجموعة أخرى مسجد محمد الأمين في وسط بيروت، لمنع أحد المشايخ المقرب من مفتي الجمهورية محد رشيد قباني، وهو هشام خليفة من إكمال خطبة الجمعة، حيث قال تقرير أمني إن أربعة مسلحين دخلوا إلى مسجد محمد الأمين وسط بيروت، حيث كان الشيخ هشام خليفة يلقي خطبة الجمعة، فحصلت مشادة كلامية بين المسلحين وخليفة، وما لبث أن انسحب المسلحون من المسجد وأكمل الشيخ خليفة خطبته، لكن قيادة الجيش نفت في اتصال مع "الوكالة الوطنية للإعلام" الحكومية، دخول أي شخص مسلح إلى جامع الأمين.
وفي صيدا، نفذ الشيخ السلفي أحمد الأسير، عند صلاة الظهر، اعتصاما في محيط مسجد بلال بن رباح في عبرا، وسط أجواء من التوتر بسبب تهديداته باقتحام أحد المباني حيث استأجر "حزب الله" منازل يُقال إنها تتسع لمسلحين من الحزب، داعيًا أنصاره إلى التظاهر في المنطقة المذكورة من دون الإخلال بالأمن، ولكن التحذيرات التي وجهتها الأجهزة الأمنية حصرت اعتصام الأسير في حرم المسجد في ما توجهت إليه تظاهرة من خارج المسجد لبعض الوقت، وعند الثانية من بعد ظهر الجمعة أُفيد أن الاعتصام الذي دعا إليه الأسير في عبرا، قد انتهى من دون أي إشكال أو حادث يذكر وبدأ المحتشدون بالتفرق.
ونظم رئيس التنظيم "الشعبي الناصري"، الدكتور أسامة سعد، الذي يناهض الشيخ الأسير ويتوجس نتائج تحركاته، مؤتمرًا صحافيًا في مدينة صيدا، تحدث فيه عن ما تشهده مدينة صيدا الجمعة، وتحرك الشيخ الأسير وانعكاسه على الوضع في المدينة، فقال إن "المتضرر الوحيد من هذه الحالة الاستفزازية هم أبناء مدينة صيدا، والعلاج عند الدولة اللبنانية، ونحن ندعو الجميع إلى الهدوء، وفي انتظار ما تقوم به الدولة اللبنانية من إجراءات لمعالجة هذا الملف الذي ليس في صيدا فقط، بل هو موجود في طرابلس والبقاع وهناك من يحضر المسرح اللبناني لاستحقاقات خطيرة جدًا"، مؤكدًا أن "صيدا ستتجاوز هذه الأزمة وقادرة على التعافي من هذا المرض الشاذ الذي يضربها، فصيدا نقطة ارتكاز لمواجهة الخطر الصهيوني، ونرى أن معالجة الوضع في صيدا له أولوية"، معربًا عن "اعتقاده أننا اليوم من خلال ما تقوم به القوى السياسية المتنبهة لمخاطر الفتنة والتي تتعامل مع الملف بحكمة ووعي شديد، سنتمكن من تطويق هذه المضاعفات".
وأضاف رئيس "الشعبي الناصري"، أن "تيار المستقبل هو الأب الروحي للحالات الاستفزازية في البلد، وهو ساعد في صعود هذه القوى التي تلقى رعاية وتوجيهًا من مرجعيات رسمية أمنية وسياسية"، داعيًا هذه المرجعيات إلى أن "تكف عن هذه الرعاية"، وقال "هناك من يسعى في لبنان إلى تحضير المسرح اللبناني لاستحقاقات خطيرة، تقضي بشطب دور لبنان في مواجهة إسرائيل بعد النصر المبين في 2006".