الشيخ كريّم راجح
دمشق - جورج الشامي
تحدث شيخ قراء بلاد الشام عن موقف العلماء من الثورة السورية سواء ممن كان مؤيداً لها أم واقفًا ضدها، كما تناول أسباب خروج العلماء المعارضين للنظام خارج سورية، فيما أوضح موقفه من الشيعة والطوائف التي تأخذ بأقوالهم، والعديد من القضايا الأخرى في حديث مطول مع أحد
المواقع المعارضة السورية, هذا وقد تعرض إلى خروج علماء الشام من المدينة وتأثر المريدين بهذا الخروج، واعتبار أن العلماء خذلوهم.
هذا وقال راجح عن العلماء الذي خرجوا من سورية: " الناس تريدهم معهم حتى لا يفقدوا روحانيتهم ولكن ربما لو بقوا معهم لفقدوهم كلهم. فالعلماء لو ذهبوا وتكلموا قد يفيدون أكثر مما لو بقوا، فهم لا يستطيعون التكلم في الداخل خشية من أن يحصل لهم شيئ، ولكن الذين خرجوا يجب أن يتكلموا، وأن يتكلموا بحكمة وإصلاح وخير وأن يبينوا الصادق من الكاذب والمصلح من المفسد وأن يضعوا النقاط على الحروف تماماً لكي لا يكون هناك جَور، فإن الإنسان إذا كان محقاً يجب أن لا يجور وإن كان مبطلاً يجب أيضاً ألا يجور".
وعن أسباب خروجه بشكل شخصي أضاف راجح: "لا أحد يريد أن يترك بيته ولا بلده، فبلد الإنسان كجلده فهل يستغني الإنسان عن جلده؟ لا يستطيع أن يستغني عن جلده، وكل إنسان لصيق جداً ببلده ومهما سافر ولو إلى أجمل البلاد فلابد أن يعود لبلده وأن يشتاق إليها. يوجد لدينا مثل في الشام يقول (شو رماك عالمرّ.. قللو الأمرّ) فلا يوجد لدى الناس أغلى من روحها فهي تخرج لذلك طلباً للحياة".
و تابه راجح "أنا لم أخرج من دمشق بمعنى الخروج، فلم يكن ذلك بإرادتي والنظام لم يتعرض لي نهائياً ولكن كان يصلني الكلام بأن أغادر فهو أفضل لي، ومن خلال أسفار ي المتعددة دعوت إلى دولة قطر لكي أشرف على طباعة مصحف شريف هناك وفي أثناء وجودي تم ضرب حي الميدان وهو ما آلمني ودعاني إلى الكلام على قناة الجزيرة بدعوة منهم وعند وجودي في الاستديو تصادف مع خطاب حسن نصر الله فعلقت بأن يخرج من سورية وليس له شأن فيم يحصل، وقد أتتني الأخبار بأن عودتي إلى دمشق ستشكل خطراً كبيراً على حياتي وبعدها أتممت أسفاري ولم تتح لي العودة إلى دمشق".
و بشأن أسباب خروج باقي العلماء من دمشق كالشيخين أسامة الرفاعي والشيخ راتب النابلسي قال: "الشيخ أسامة الرفاعي تعرض إلى ضربة كادت أن تكون قاضية لولا أن لطف الله به، وما يؤمننا أن يضرب مرة أخرى فلذلك يجب أن لا نعتب على الآخرين، فظروفي أنا لا تعرفها، وأنا لا أعلم ظروفك فينبغي أن لا تحملني على ظروفي ولا أحملك على ظروفك، لكن المهم هو الإخلاص والصدق وأينما كنت أن أكون نفاعاً، وأقول الحق وأصدح بما أُمرت به من الله تعالى وأن أنهى عن الباطل، فالذي حصل للبلد ما كان بإرادتنا ولا أحد يريد لبلده أن يحصل لها ما حصل. وبالنسبة للشيخ سارية الرفاعي فخفنا أن يتكرر ما حصل لأخيه له أيضاً وكان قرارنا أن يخرج ويكمل مسيرته من الخارج بقول الحق أفضل من أن يعتقل أو يقتل داخل سورية".
و أضاف "أما بالنسبة للشيخ راتب النابلسي فهو رجل محترم وبالأصل هو لا يهاجم أحداً ولا يتكلم عن أحد، فهو ودود والناس يحبونه ونحن نعتبره من الدعاة الكبار إلى الله سبحانه وتعالى وما يميزه طريقته في النصح وهاهو يتكلم خارج سورية بأسلوبه الجميل ليقرب بين الناس، ولكن حتى كلامه هذا يسبب أرقاً للنظام ولا يريدون حتى من يتكلم بأسلوب النصيحة فكان خروجه تجنباً للصدام ومنعه مما يقول".
و تابع راجح "إن العلماء لا يملكون أكثر من النصيحة فلا يوجد عندهم أسلحة، ولكن يجب أن تكون نفوسهم عالية فلا يسعون وراء دنيا يصيبونها أو وراء حاكم يتذللون له فينبغي أن تكون لهم كرامتهم وقيمتهم ولكن لا يملكون أكثر من ذلك، فابنك لا تستطيع أن تعمل له أكثر من أن تنهره وتنهاه".
وعن رأيه في العلماء الذين مازالوا في الداخل ممن صمت أو تحدث عما يحصل بأنه فتنة وخروج عن الحاكم، أجاب شيخ شيوخ بلاد الشام: "هذا الأمر يعود إلى طبيعة الإنسان فبعضهم لا يملك الجرأة للحديث أو الكلام، وكل إناء بما فيه يرْشح!، وبالنسبة إلى البوطي فإنه من وجهة نظري آثم في موقفه تجاه الثورة، وعلمه الواسع لم يشفع له بأن يقدر الأمور كما كانت، أما حسّون فإنه منافق ولا يستدل به ولا بعلمه. يجب على العلماء أن يتكلموا ولا يصمتوا فإن من أعظم الجهاد كلمة حق أمام سلطان جائر"، ويجب على الشيخ الذي يكون قادراً على الكلام أن يتكلم ونربط هنا بين الكلام والقدرة فإن لم يكونوا غير قادرين على الكلام فأن يتكلموا بحكمة ونحن لا نريد للناس أن يقتلوا ولكن نريد للظلم أن يرتفع".
وأضاف "إن العلماء الذين يسيرون مع هذا النظام ويؤيدونه ويدعمونه هم على خطأ كبير يبلغ بهم حد الإثم لأنهم سبب في إسالة هذه الدماء ولو وقفوا متكاتفين مع الشيوخ الذين رفضوا فتنة النظام لما وصلنا إلى هذا الحد، وهؤلاء يكونون قد أيدوا الظلم".
وعن رأيه في الشيعة وموضوع التقارب السني الشيعي الذي كان مطروحاً منذ سنوات فقال راجح: "إن الذي يعتقد بأن السيدة عائشة وقعت في الفاحشة وأن سيدنا أبا بكر وعمر هما من الطواغيت ومن كان يعتقد بأن السيدة فاطمة هي أمه لسيدنا محمد، وأن سيدنا علي أبوه لآدم، كل هؤلاء كفرة مخرفون ولا شك بأن من يعتقد بذلك فهم كفرة، وإن كان النصيرية على هذه العقيدة فهم كفرة وحكم كثير من الشيوخ على كفرهم من بينهم ابن تيمة، وكتبه ما زالت ممنوعة في سورية هو والشيخ ابن القيّم".
وأخيراً وجه راجح رسالة إلى من يقول بأن النصر قد تأخر: أقول لهم هل تابوا إلى الله؟ هل أدوا المظالم؟ هل أصبحوا يعيشون حياة إسلامية؟ أم لا يزالون في شهواتهم! اعملوا صالحا مع الله، فتصرفات البعض تدل على القول بأنْ تعال انصرني وأنا أحاربك!.
ويذكر أن راجح الذي يعد شيخ شيوخ قراء بلاد الشام ولد في كفر حور وهي قرية تبعد ما يقرب من 50 كيلومتر من دمشق، واستقال عام 2011 وهو يخطب على منبره في جامع الحسن في حي الميدان. حيث قال «أرسل من هنا إلى وزير الأوقاف والى مدير الأوقاف أنني لا اخطب بعد اليوم حتى تنتهي هذه الأمور».
ومن مواقفه السابقة أنه حرًم بناء الجدار الفولاذي بين مصر وقطاع غزة حيث اعتبر أن بناء الجدار الفولاذي «هو أشدُّ خيانةٍ عرفها التاريخ الإسلامي حتى يومنا هذا، واصفًا ذلك العمل بـالوقاحة وقال الشيخ راجح إنني لا أعلم خيانةً منذ قام الإسلام إلى يومنا هذا أشدَّ من هذه الخيانة التي تُصنَع على بصر العالم وسمعه، والذي يقوم بها من كان يُظَنُّ أن يكون حاميًا للمسلمين وقائمًا بأمرهم، وأن يكون ملجأ الأمة العربية إذا أصابها ضيمٌ أو نزل بها سوء، ثم أن يكون بعد ذلك الغطاء الكثيف لما تعمله إسرائيل ولِمَا تأتي به من قتلٍ للأطفال والنساء والمرضى والعُجَّز والشيوخ، وأن تستحل ذلك بقنابل محرمة عالميًّا وقانونيًّا».