واشنطن ـ يوسف مكي تضع وزارة الدفاع الأميركية اللمسات الأخيرة على صفقة سلاح مع إسرائيل، والسعودية، والإمارات العربية المتحدة، لهدف مساعدتهم على مواجهة أي تهديد مستقبلي قد تشكله إيران عليها. وتتضمن الصفقة توريد الولايات المتحدة صواريخ، وطائرات مقاتلة، ومركبات نقل جنود للدول الثلاث، ومن المتوقع أن تُتوج الزيارة التي قام بها وزير الدفاع الأميركي جاك هيغل للمنطقة عامًا من المفاوضات السرية، بين الولايات المتحدة والدول الثلاث، بشأن الصفقة، التي تحتل المركز الثاني بين أكبر صفقات السلاح الأميركية في الشرق الأوسط، بعد صفقة طائرات "F-15"، التي تم الإعلان عن بيعها للمملكة العربية السعودية في 2010، بقيمة 29.5 مليار دولار.
ومع أنها تحتل المركز الثاني من حيث القيمة، إلا أن هذه الصفقة تحتل المركز الأول من حيث الصعوبة، لما لها من طبيعة خاصة جدًا، بسبب التوازن، الذي كان من الضروري إحداثه بين الدول الثلاث، إسرائيل، المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة فيما يتعلق بكمية الأسلحة الموردة لكل دولة من تلك الدول، دون الدخول في خلافات.
وزاد من صعوبة إتمام صفقة التسليح الشرق أوسطية أنه بينما كان الهدف الأساسي منها هو مساعدة إسرائيل على الحفاظ على قدراتها العسكرية، لتكون الأفضل في المنطقة بأكملها، وتمثل قوة الردع الأساسية لإيران، كان من الضروري أيضًا أن تحرص الولايات المتحدة على دعم القدرات العسكرية القتالية لشركائها العرب، حتى لا يتصور البعض أن التوجه الأميركي منحاز إلى أن تقوم إسرائيل بهجوم منفرد على طهران، للقضاء على المنشآت النووية العامة، في إطار البرنامج النووي الإيراني، المثير للجدل على المستوى الدولي.
وفي هذا الشأن صرح عدد من كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية بأن "صفقة السلاح العملاقة، تستهدف دعم القدرات العسكرية لإسرائيل وغيرها من الدول العربية في منطقة الخليج العربي، لجعلها على استعداد دائم لمواجهة أي طوارئ عسكرية، أو تحركات إيرانية مفاجئة"، مضيفة أن "هناك مصادر أخرى للخطر في منطقة الشرق الأوسط، تستوجب دعم حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وعلى رأسهم إسرائيل ودول الخليج، وهي المصادر التي تتمثل في إمكان انفجار الحرب الأهلية الدائرة في سورية، وخروجها عن السيطرة، لتشكل أزمة عسكرية في المنطقة بالكامل، بالإضافة إلى إمكان خروج خطر المليشيات المسلحة في سيناء عن السيطرة، لتنتشر الأنشطة الإرهابية في المنطقة".
وبمقتضى الإتفاق، الذي يقترب الأطراف من توقيعه، يُسمح للدول الموقعة بشراء أسلحة متطورة من شركات أميركية، بينما يُسمح لإسرائيل وحدها بالاستفادة من مساعدات مالية أميركية تصل إلى 3 مليار دولار، في شراء الأسلحة من الشركات الأميركية على مدار العام المالي الجاري.
ومن المقرر، وفقًا للإتفاق، أن تشتري إسرائيل صواريخ مضادة لنظم الرادار، ونظم رادار حديثة للطائرات المقاتلة، بالإضافة إلى عدد من وسائل الدعم الجوي، مثل طائرات الإمداد بالوقود، التي يتم بيعها لدولة أجنبية للمرة الأولى، والتي تقلع وتهبط على طريقة الطائرات الهليكوبتر، بينما تطير بسرعات الطائرات المقاتلة، كما يظهر الجيل الجديد من طائرات الإمداد بالوقود في الجو "KC-135"، بالإضافة إلى ناقلات جنود جوية من طراز "V-22 Osprey"، أما الإمارات العربية المتحدة فمن المقرر أن تشتري بموجب هذا الإتفاق 26 طائرة مقاتلة "F-16"، وهي الصفقة التي من المرجح أن تصل قيمتها إلى خمسة مليار دولار، بينما تشتري المملكة العربية السعودية فئة جديدة من الصواريخ المتطورة، من طراز " 84 F-15s".
ومن المتوقع أن يلقى إتفاق صفقات السلاح مع دول الشرق الأوسط معارضة من جانب مجلس الشيوخ الأميركي، لاسيما من جانب الأعضاء الممثلين لمناطق أظهرت مخاوف حيال إمكان تأثرها بخفض الإنفاق العسكري الأميركي، وفقًا لعمليات الخفض التي تتعرض لها ميزانية "البنتاجون"، كما يتسهدف هؤلاء الأعضاء في مجلس الشيوخ ضمان سير الصفقة وفقًا للسياسة الأميركية، التي تحرص على أن يتوافر لدى إسرائيل الكم المطلوب من الأسلحة، التي تضمن تفوقها العسكري في المنطقة، وهو الاتجاه المؤيد للصقور الإسرائيلية على طول الخط.
من جانبه، أكد مصدر مسؤول في الإدارة الأميركية على أن الإتفاق يتوافق مع السياسة الأميركية الداعمة لحق إسرائيل في أن تتمتع طوال الوقت بالجاهزية للدفاع عن نفسها، ضد أي عدوان في المنطقة، إلا أن الرئيس الأميركي يرى، في الوقت نفسه، أنه لا زال هناك متسع من الوقت للتوصل إلى حل سلمي لأزمة البرنامج النووي مع إيران.