للجيش اللبناني
بيروت ـ جورج شاهين
على وقع رصاص القنص المتقطع الذي رافق زيارة وزير الداخلية مروان شربل إلى طرابلس اليوم السبت قتل مواطن واصيب سبعة أخرون برصاص القنص الذي ساد متقطعا محاور باب التيانة السنية وبعل محسن العلوية في وقت ناشد فيه نواب طرابلس رئيس الجمهورية ايكال الأمن في المدينة عشية اجتماع المجلس
الأعلى للدفاع قبل ظهر الأحد وتزامنًا يستعد ممثلو المجتمع المدني للاعتصام يوم الإثنين المقبل في المدينة، امام السراي في المدينة رفضا لاستمرار القتل في طرابلس.
ومساء الجمعة افيد عن عودة اللواء عباس ابراهيم من سورية بعد لقاءآت عقدها مع المسؤولين السوريين سعيا وراء استعادة جثامين اللبنانيين الذين قتلوا في منطقة تل كلخ السورية دفعة واحدة.
وقالت مصادر مطلعة لـ "العرب اليوم" إن ابراهيم نجح في توفير نقل الجثث دفعة واحدة لكن الآلية المقررة لم تتوضح بعد بانتظار المزيد من المشاورات التي سيجريها ابراهيم ووزير الداخلية مع رئيس الجمهورية، العماد ميشال لسيمان.
وكان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قد تشاور في العلاقات مع الحكومة السورية مع الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني- السوري نصري خوري صباح السبت، في السرايا. وأشار خوري بعد اللقاء ردا على سؤال إلى "أن الرئيس ميقاتي كلّف المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم متابعة موضوع إعادة جثامين اللبنانيين الذين قضوا في تلكلخ"، نافياً "علمه بموعد إعادتهم".
وفي ظل فقدان أية معلومات رسمية عن مصير الجثث أعلن رئيس "لجنة أهالي الشهداء والمفقودين في سورية" الشيخ محمد ابراهيم، بعد اجتماع للجنة السبت، إعطاء الحكومة مهلة يومين لاعادة ضحايا تلكلخ والمفقودين "وفي حال لم يتم الامر سيتم قطع الطرق في طرابلس".
وأفاد بيان للجنة أن اجتماع الأهالي السبت جاء "بعد أن نكثت السلطات السورية بوعدها في تسليم جثامين الشهداء والكشف عن مصير المفقودين والاسرى، وفي ظل تخاذل الدولة في تحمل مسؤولياتها والاهتمام برعاياها"
تزامنا قتل مواطن في بعل محسن واصيب سبعة مواطنين بجروح مختلفة نتيجة استئناف الاشتباكات في عدة محاور في طرابلس، فأصيب كل من حسني الحلبي، حسن فارس ومحمد ابراهيم الاحمد برصاص الاشتباكات ما استدعى نقلهم إلى مستشفيات المدينة، ليرتفع بذلك عدد الجرحى إلى سبعة بعد ان اصيب صباحا هلال الحموي.
وشهدت محاور التبانة والقبة وجبل محسن اشتباكات محدودة بالاسلحة النارية مساء السبت ورافقها اصوات قنابل يدوية متفرقة.
وعقد نواب طرابلس والمنية ـ الضنية، وعكار اجتماعًا، عصر السبت، في منزل النائب سمير الجسر في طرابلس، ضم الوزير احمد كرامي، ممثل وزير المال محمد الصفدي السيد أحمد الصفدي، النواب: سمير الجسر، سامر سعادة، محمد كبارة، خالد الضاهر، قاسم عبد العزيز، كاظم الخير، بدر ونوس ومعين المرعبي.
وبعد التشاور في شأن الأحداث التي عصفت في المدينة منذ 5 أيام أصدروا بيانا جاء فيه: "منذ سنوات وطرابلس تستعمل كصندوق بريد ساخن سواء في السياسة الداخلية أو الإقليمية، الأمر الذي انعكس بشكل سيء جدا على أمن المدينة واستقرارها ونموِها واقتصادها. وبعد زمن اعتقدنا فيه عن حق أن صفحة المآسي التي خلفتها الحرب الأهلية بتجاذباتها الدولية والإقليمية والوطنية قد ولت من خلال ترسيخ السلم الأهلي الذي أتى به اتفاق الطائف. سلم انعكس تعايشا ومساكنة وتزواجا بين أبناء المدينة.
إذا بالأوضاع تنفجر مجددا، ومنذ العام 2007 تحديدا، بخلفيات سياسية صرفة ألبست لبوس المذهبية لطمس حقيقة الخلفية السياسية ولتبرير الإقتتال بين الأخوة، من أبناء المدينة الواحدة من جهة، ولرفع وتيرة حدته من جهة أخرى بما ينعكس سلبا على مجمل الأوضاع في لبنان وعلى الحياة السياسية فيه. وكأنما قدر هذه المدينة بما تشكل من عاصمة ورئة اقتصادية واجتماعية وثقافية لكل الشمال، أن تدفع دائما في زمن الأزمات ثمن الصراعات السياسية من أمنها ونموِها واقتصادها من دون أن يكون لها نصيب من الرخاء في زمن الاستقرار".
وتابع المجتمعون في بيانهم: "منذ بداية هذا العام توالت على المدينة جولات من النزاعات الأمنية بشكل محزن ومخزي في آن. أزهقت فيها عشرات الأرواح وتسببت بجرحِ المئات وخلفت خرابا كبيرا طاول البيوت والمحال وأرخى بثقله على الحياة الاقتصادية والمعيشية. وكنا طوال هذه المدة نحاول كمسؤولين وممثلين عن الأمة العمل على التهدئة والعلاج وايجاد المخارج المناسبة لهذا الواقع المرير. ولقد توصلنا في مطلع شهر أيلول إلى اتفاق توسمنا فيه الخير من أجل احتواء النزاع من خلال آلية ترمي إلى ضبط الوضع ومتابعته، آلية لم نكن لنتوصل اليها لولا الوعي الكبير والحس السياسي الذي أظهره المعنيون من قيادات العمل الشعبي في المناطق المحيطة بجبل محسن، حس سياسي عميق فاهم لخلفية الصراع، عالم بالمقاصد من وراء التفجيرات وعارف بأن الهدف هو جرهم إلى الاقتتال وأنهم لا يرغبون في ذلك على الإطلاق. وترجم هذا الحس بالاتفاق على عدم الرد في حال أي خرق أمني وترك الأمر للجيش ليتولى هو التعامل فورا مع الخروقات الأمنية والعمل على توقيف المخلين بالأمن من خلال المذكرات القضائية ولأي جهة انتموا. وقد رافق الاتفاق سلة من التدابير التي ترمي إلى تغطية استشفاء المصابين والتعويض عن الأضرار وقيام الإدارات بالعمل لإعادة الحياة. والعمل على نشر الجيش بشكل يضيق من امكان الخروقات الأمنية".
واشاروا إلى "إنه وان كانت المتابعات الأولى قد جاءت مرضية، إلا أن الأمر لم يستمر بالشكل المرضي دائما نتيجة خروقات حصلت لم تجرِ معالجتها بالشكل المناسب والفوري والمتفق عليه، ونتيجة البطء من احصاء الأضرار والتعويض عنها وتراخي الإدارات العامة في إعادة الخدمات للمناطق المتضررة. حتى جاءت مأساة الذين استشهدوا ضمن الأراضي السورية مع ما رافق ذلك من نشر صور للجثث في مواقع الشهادة مرفقة بتعليقات تثير الغرائز بقدر ما تثير الاشمئزاز".
واضافوا: "ولأن الأمر لم تجرِ معالجته بالسرعة اللازمة سواء بالأمن الوقائي او بالأمن الإجرائي كما يجري في المناطق اللبنانية الأخرى. ولأن الوضع المأساوي المتكرر قد أدخل الناس في حالة من اليأس لا يحمد عقباها. حالة مصدرها قناعة الناس بتقاعس الدولة من دورها بخاصة في الأمن وضبطه. حالة تروج لإقالة الدولة من دورها الأمني خاصة، لذلك، فان المجتمعين وتحسبا لما آلت اليه الأمور فإنهم يرون ما يلي:
لا بديل عن الدولة لكل الناس ومن دون استثناء، إن الدولة هي المظلة الأمنية الوحيدة لكل الناس، وأن الأمن الذاتي هو وهم وتوطئة لكل اقتتال، إن الأمن لا يتم بالتراضي وإن على الدولة أن تفرض الأمن. وإن السبيل الوحيد لفرض الأمن يكون بالعدالة والحزم وتحت سقف القانون. ولم نقبل بعد اليوم بالتراخي او بالتمييز في معالجة الامور بين منطقة واخرى او بين فريق وآخر. إن تذرع القوى العسكرية والأمنية بتوفير الغطاء السياسي لفرض الأمن من قبل القوى السياسية محلية أو وطنية او الفعاليات الشعبية هو تبرير لكل تقاعس. إن الغطاء السياسي لأي إجراء أمني توفره الحكومة صاحبة القرار السياسي. التي هي المسؤولة وحدها عن الأمن وعن المولجين بفرضه".
وراى المجتمعون أنه "يجب معاملة طرابلس وكل مناطق الأزمات وبخاصة المناطق الحدودية أسوة بسائر المناطق اللبنانية سواء باستعجال المعالجات الأمنية من نشر القوى العسكرية والأمنية على وجه السرعة وتوفير التعزيزات الأمنية اللازمة لذلك، أو عن طريق استعجال بلسمة الجراح والمساعدة في الايواء واصلاح ما تضرر وتأمين الاستشفاء الكامل. فالاستدراك والاستعجال الذي تم لدرء الفتنة في صيدا كان بالامكان توفير مثيله لطرابلس. والسرعة في توفير الايواء وتقديم المساعدات للمتضررين من تفجير الاشرفية يمكن استنساخه لمتضرري طرابلس والمناطق الحدودية. ان المجتمعين يرون من ضمن هذه المسلمات الست أنه لا ضرورة لاتفاق جديد بل كل ما يلزم هو تطبيق الاتفاق المشار إليه على ضوء المسلمات المشار اليها اعلاه ووضع آلية سريعة للمتابعة وللتحقق من الالتزام الكامل به وان تقوم الدولة بكل واجباتها من دون وسيط".
وفي الختام، طالبوا رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء "ابن طرابلس" بـ"التشديد، في اجتماع مجلس الدفاع الأعلى المقرر عقده الأحد، أن يكون اسلوب التعامل في فرض الأمن جديا وحازما بين منطقة جبل محسن والمناطق المحيطة بها وعدم التمييز في التعامل بين منطقة وأخرى".
وزار وفد من الفاعليات والجمعيات الأهلية وهيئات المجتمع المدني في طرابلس محافظ الشمال ناصيف قالوش، في مكتبه في السرايا خلال وجود وزير الداخلية مروان شربل في المدينة، حيث عرض الوفد لأوضاع طرابلس المأساوية جراء استمرار الاشتباكات والحالة المزرية التي وصلت اليها، وتسلم قالوش من الوفد مذكرة مطلبية ليقوم بتسليمها إلى وزير الداخلية والجهات المعنية في الحكومة، جاء فيها "إن الواقع المؤلم الذي تعيشه طرابلس منذ سنوات لم يعد يحتمل بعدما أضافت المشاكل الامنية والإقتتال المتكرر إلى حرمان المدينة المزمن حرمانا وقهرا وظلما يرتكب وللأسف بأيدي قلة قليلة من أبنائها في ظل عجز واضح من السلطات المعنية".
ولفتت المذكرة إلى "ان الأضرار التي تلحق بأهالي الأحياء الشعبية لم تعد تقتصر على الخسائر البشرية والمادية بل تجاوزتها إلى تعطيل أعمال الناس لأكثر من أسبوع وأغلبهم يأكلون مما ينتجون يوميا، وإغلاق المدارس والجامعات وشل الحركة التجارية بشكل نهائي"، مضيفة "إن انتشار السلاح بأيدي المتقاتلين ودعمهم بالذخائر والقذائف الصاروخية يجب أن يجد له علاجا وخصوصا أن الجميع يعرف أن حملة السلاح يعانون من الفقر والعوز فمن أين تأتيهم الأموال لشراء الأسلحة والذخائر".
وتابعت: "إزاء ذلك فإن الجمعيات الأهلية في طرابلس ترى من واجبها أن ترفع الصوت لمطالبة السلطة التنفيذية عبر سعادتكم بالتالي:
أولا: إتخاذ الإجراءات كافة التي تؤدي إلى وقف الإقتتال والفوضى بأسرع وقت ممكن وتكليف الجيش والقوى الأمنية قمع كل المظاهر المسلحة ومنع ادخال السلاح إلى الأحياء، ولو إضطر الأمر إلى إعلان حالة الطوارئ في مدينة طرابلس.
ثانيا: ملاحقة جميع المرتكبين من أي جهة كانوا وتحويلهم إلى القضاء المختص والتسريع في التحقيقات والمحاكمات وكشف الجهات الداعمة والممولة لهم للرأي العام الطرابلسي واللبناني حتى يعرف الجميع حقيقة المستفيدين من قتل الناس وتدمير المنازل والمحال التجارية وشل حركة المدينة.
ثالثا: إعلان طرابلس مدينة منكوبة وتأمين المساعدات الإغاثية والغذائية المتنوعة لأهاليها بكافة أحيائها بدءا من الأحياء الشعبية التي تشهد اقتتالا والتعويض فورا على المتضررين بمن فيهم الذين توقفوا عن العمل قسرا وإطلاق المشاريع التنموية والإعمارية في التبانة وجبل محسن والجوار.
رابعا: إعتماد سياسة الأمن الوقائي عبر تشكيل لجنة حكومية شعبية تشرف على إجراء المصالحات الشاملة بين أبناء التبانة وجبل محسن والجوار، تعتمد في عملها على رفض إستدراج الأزمة السورية إلى الداخل اللبناني مع احتفاظ كل فريق سياسي أو شعبي بحقه في تكوين قناعاته والتعبير عنها بشكل سلمي فلا يجوز أن تقف السلطة عاجزة عن حل مشاكل أبنائها وإقتصار دورها على تقديمات هيئة الإغاثة العليا غير الكافية في أغلب الأحيان".
وختمت المذكرة: "ان هذه المذكرة تتضمن مطالب لا بد من تحقيقها بشكل سريع دون أن ننسى أن لطرابلس في ذمة الدولة اللبنانية حقوقا تعود لسنوات طويلة خلت لا مجال لتضمينها مذكرتنا".
وعلى صعيد المواقف أشار الأمين العام للحزب الديمقراطي اللبناني وليد بركات، في تصريح، إلى أن المعلومات والتسجيلات التي تناقلتها وسائل الإعلام تؤكد إصرار فريق سياسي في لبنان على التدخل بالشؤون السورية الداخلية، من خلال عدم الالتزام بسياسة "النأي بالنفس" التي تعتمدها الحكومة.
وقال: "إن كلام النائب عقاب صقر يؤكد تورطه السافر في الأزمة السورية من خلال مد ما يسمى بالمعارضة السورية المسلحة بالمال والسلاح".وعن الأحداث في طرابلس، حمل تيار المستقبل في الشمال مسؤولية ما يجري، لأنه يملك القدرة والإمكانيات لإيقاف هذه المذبحة.
وعن إقحام "حزب الله" في أي تطور داخلي وخارجي، أكد أنه يهدف إلى الاستقطاب المذهبي وإثارة النعرات، داعيا إلى الكف عن هذه الاتهامات المعروفة أهدافها لدى الرأي العام اللبناني.
وحمل الحكومة "المسؤولية الأكبر إزاء خطورة التطورات الأمنية في طرابلس، وعليها التصرف بسرعة لمعالجة هذه الحالة الشاذة بدل مراعاة واقع الاطراف الموجودة في طرابلس، فهي مسؤولة عن فرض الأمن الذي لا يكون مطلقا بالتراضي، بل يتطلب قرارات سريعة لحجب الدم وقطع الطريق أمام الفتنة التي تهدد بالانتقال إلى بقية المناطق اللبنانية".
وختم: "من الصعب إحراج الرئيس نجيب ميقاتي لإخراجه من الحكومة لأنه مدرك تماما حقيقة ما يجري، ولديه القدرة على مواجهة المخاطر وإيجاد الحلول المناسبة لها والعمل بكل جدية ومسؤولية لمواجهة التحديات التي تحدق بلبنان عموما ومنطقة الشمال خصوصًا" .