تظاهرات حاشدة في الأنبار (من الأرشيف)
بغداد ـ جعفر النصراوي
أعلن زعيم صحوة العراق واحد من أبرز قادة التظاهرات في الأنبار أحمد أبو ريشة، أن المتظاهرين قرروا التراجع عن التوجه إلى بغداد لأداء الصلاة الموحدة في الأعظمية الجمعة المقبل، وبين أن القرار جاء بعد تبليغ رسمي تسلمه من قيادة القوات البرية تؤكد فيه أنها ستمنع أي أحد من المرور الى العاصمة ، في حين أكد
المتحدث باسم المتظاهرين في ساحة اعتصام الرمادي أن قرار التراجع لم يبت فيه بعد، مشددا على أن المتظاهرين سيعلنون موقفهم في بيان يصدر لاحقا.
وقال أبو ريشة في بيان وصل الى "العرب اليوم" نسخه منه "تلقينا الاثنين قرارا من القوات البرية التابعة للقائد العام للقوات المسلحة ، وبعد إيعاز من إيران طبعا، يرفض طلبا سابقا تقدمنا به إلى مكتب القائد العام عبر عمليات الأنبار لتأمين طريق الرمادي – الفلوجة- بغداد يوم الجمعة الموافق 15 -2- 2013 لأداء الزيارة والصلاة الموحدة في بغداد في جامع ابو حنيفة النعمان".
وتابع ابو ريشة في بيانه ، وقد "ردت القوات البرية التابعة لمكتب القائد العام، بأنها ترفض ذلك الأمر ولا تسمح به، كون الظرف الأمني لا يساعد للقيام بمثل هذه النوايا"، وعلق قائلا "هم يعتبرون زيارتنا نوايا وليست شعائر دينية"، مستدركا "جواب الحكومة هذا، نعتبره قرارا طائفيا لمنعنا من ممارسة طقوسنا الدينية اسوة بإخواننا في المحافظات الجنوبية".
ولفت أبو ريشة إلى أن "الحكومة حشدت جيشا مكونا من لواءين لقمعنا، وهي تقول إننا وهابيون، الامر الذي يشير الى انها اعطت التزاما لإيران بأن السنَّةَ في العراق لن تقوم لهم قائمة بعد اليوم، وليس لهم وجود".
وقال ابو ريشة وهو أحد قادة التظاهرات وأبرز الذين دعوا إلى نقل التظاهرات إلى بغداد "ردنا الآن على ما قامت به الحكومة هو تهدئة الامور، لان الحكومة لا تحترم مراجعنا الدينية ومراقدنا المقدسة"، وتابع قائلا "نحن بذلك نسلم امرنا الى الله ونلجأ الى التهدئة، والابقاء على التظاهرات سلمية داخل محافظة الانبار".
وفي السياق نفسه قال المتحدث باسم اللجان التنسيقية للمتظاهرين في ساحة الاعتصام في الرمادي الشيخ سعيد اللافي ل "العرب اليوم" اننا كلجنة تنسيقية للتظاهرات لم يصلنا أي كتاب من قيادة القوات البرية بخصوص رفضها لذهاب أهالي الأنبار إلى الأعظمية في بغداد الجمعة المقبل".
وأضاف اللافي أن "أمر التراجع عن قرار الذهاب إلى بغداد لم يتخذ بعد لكنه وارد لأننا نرى ان الحكومة اتخذت جميع الاجراءات لقمعنا بقوة على أساس طائفي على الرغم من أننا كنا سنحمل المصاحف وسجادات الصلاة فحسب"، مبينا أن "قرارا رسميا بخصوص التراجع عن الذهاب إلى بغداد أو المضي به سيعلن في بيان رسمي لاحقا".
ويأتي قرار تراجع المتظاهرين عن الزحف الى مدينة بغداد وأداء الصلاة الموحدة في منطقة الاعظمية بعد ساعات من اجراءات امنية مشددة اتخذتها الاجهزة الامنية العراقية في نقاط التفتيش المنتشرة على الطرق المؤدية الى العاصمة بغداد، منعت بموجبها سكان محافظات الانبار وصلاح الدين ونينوى من التوجه الى العاصمة.
ومنعت قيادة عمليات الأنبار الاثنين مواطني المحافظة من الذهاب الى العاصمة بغداد، وأمرت سيارات النقل البري في مرأبي الفلوجة والرمادي بالمغادرة، تخوفا من مشاركتهم في تظاهرات الجمعة المقبلة التي تنوي لجان التظاهرات في المحافظات الغربية أقامتها في العاصمة بغداد، كذلك قامت القوات الأمنية في منطقة التاجي التي تمثل بوابة بغداد الشمالية بمنع مواطني محافظة صلاح الدين ونينوى من الدخول إلى العاصمة بغداد
ويأتي منع القوات الأمنية أهالي صلاح الدين ونينوى من الدخول إلى بغداد، بعد اقل من 24 ساعة على إعلان متظاهري ومعتصمي الأنبار، تأكيدهم إقامة الصلاة في جامع أبو حنيفة في بغداد على الرغم من "تهديدات الحكومة"، وفي حين طالبوا مجلس الأمن الدولي بمحاسبتها "لأنها تمارس الإرهاب ضد شعبها"، شددوا على أن ما تقوم به الحكومة بـ"إيعاز من ملالي قم وطهران"، إنما "أدخل السرور في قلوب أبناء السنَّة وشجعهم على الاستشهاد"، مشبهين دخولهم إلى بغداد بـ"فتح مكة".
وشهدت ساحة الاعتصام في مدينة الرمادي، الاثنين، وصول وفد كبير من منظمات المجتمع المدني ضم 35 منظمة وناشطين شاركوا في تظاهرات شباط من العام 2011، واكدت المنظمات دعمها لمطالب المتظاهرين في الانبار ودعت المنظمات الدولية لزيارة ساحة الاعتصام للاطلاع على مطالبهم.
كما زار ساحة الاعتصام في الرمادي وفدا عشائريا من قضاء جلولاء في ديالى برئاسة الشيخ نعمان الدليمي ويتكون من 30 شخصية عشائرية لمؤازرة المعتصمين.
كما أطلق ناشطون وقادة مجتمع مدني من عدة محافظات، مبادرة مدنية لإنهاء الأزمة العراقية الراهنة، خلال زيارتهم لساحة الاعتصام بمدينة سامراء في (10 شباط 2013) تحمل شعار معاً نرتق جراح الوطن".
واعلن متظاهرو الأنبار، في الثامن من شباط 2013، عن بدء "الزحف السلمي" إلى بغداد بعد اسبوع لأداء صلاة الجمعة في جامع أبي حنيفة بالأعظمية، داعين المراجع الشيعية في النجف وكربلاء إلى حضور الصلاة، وفي حين طالبوا الحكومة والأجهزة الأمنية بـ"توفير الحماية" لهم، هددوا بأنهم "سيسحقون رؤوس" مليشيات الدولة في حال التعرض لهم.
يذكر أن التظاهرات والاعتصامات التي تشهدها المحافظات والمناطق ذات الغالبية السنية، منذ الـ21 من كانون الأول ديسمبر الماضي، تحولت من المطالبة بإطلاق المعتقلين وإلغاء قانوني المساءلة والعدالة ومكافحة الإرهاب وتشريع قانون العفو العام، وتعديل مسار العملية السياسية ووقف التهميش والإقصاء، وتحقيق التوازن في مؤسسات الدولة، إلى المطالبة صرحة بإسقاط حكومة المالكي ومحاسبتها وتعديل الدستور، وبدأت ترفع شعارات "حادة" بدءاً من الأول من شباط الحالي عندما رفعت شعار (أرحل) وصولاً إلى ما حدث أمس الجمعة الثامن من الشهر الحالي في (جمعة لا للحاكم المستبد ومحكمته الاتحادية)، وتهديد المتظاهرين في الأنبار بمد احتجاجاتهم إلى العاصمة بغداد الأسبوع المقبل.
وكان عدد من مواطني بغداد تخوفوا من زحف المتظاهرين واكدوا ان "وصولهم من الأنبار إلى بغداد سيؤدي إلى حدوث صدامات بينهم وبين عناصر مليشيات كون التحشيد الذي يتبعه هذا الطرف او ذاك منذ أسابيع قد يجعل أي ضربة كف تتحول إلى مجزرة خصوصا مع احتمال دخول مندسين مع المتظاهرين اكان من القاعدة أو الميليشيات".
اما امين عام كتائب حزب الله في العراق واثق البطاط المتهم بشن عمليات "قتل" طائفية فقد حذر من اظهار أي "مظهر للسلاح"، مؤكدا أنه "لن يشفع أي مخلوق لهم في حالة اعلان الحرب وسنفتح عليهم أبواب الجحيم ولا نقف إلا عند حدود سورية".
من ناحيتها اكدت كتلة الاحرار النيابية، الممثل السياسي لـ"جيش المهدي التابع للتيار الصدري انها "لا تمانع دخول المتظاهرين إلى بغداد"، وقال النائب عن الكتلة امير الكناني إن "حق التظاهر مكفول بغض النظر عن المكان والزمان شرط ان تكون التظاهرات سلمية وغير مصحوبة بأعمال عنف وان يحافظ فيها على الممتلكات العامة والخاصة".
وعلى العكس من ذلك وصف ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي مطالبة عدد من ممثلي المتظاهرين للحكومة بتخصيص موازنة للسنة لزيارة المراقد الدينية في بغداد، بأنها "مشروع سياسي تركي اعد في المطابخ العثمانية".
وفيما يلفت إلى أن زيارات الشيعة للمراقد المقدسة تتحقق بتمويل ذاتي يؤكد عدم السماح بـ"تمرير هكذا مشاريع طائفية لا تصب الا في مصلحة أعداء العراق".
وفي راي محلل بارز هو استاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد إحسان الشمري، فقد حذر بدوره من "خطورة التحشيد الجماهيري تجاه بغداد".
ويقول الشمري إن "تحشيد التظاهرات في بغداد قد يأخذ ابعادًا خطرة لا سيما وأن بعض المشاركين في التظاهرات غير منضبط وبالتالي قد تتكرر الاحداث التي حدثت في الفلوجة سواء في بغداد او في أطرافها من خلال استدراج المتظاهرين أو قوات الأمن إلى الاشتباك فيما بينهم".
ويبين الشمري أن "نقل التظاهرات من الأنبار إلى منطقة يغلب عليها الطابع السني هو لتحريك بغداد ومن ثمة الضغط على الحكومة مستغلين المظلة الديمقراطية"، لكنه يستدرك انه "كان من الأجدر بهم الدعوة إلى نقل التظاهرات إلى مدينة الكاظمية وإقامة صلاة موحدة هناك لكي يثبت المتظاهرون نيتهم الصادقة بأن التظاهرات ليست لها ابعاد طائفية